مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحيي ذكرى وفاة العالم الكبير الشيخ مصطفى المراغي    سعر الدولار اليوم السبت 23-8-2025 في البنوك    قفزة في سعر الذهب اليوم.. وعيار 21 يقفز 40 جنيهًا ويسجل 4580 للجرام    وزير الزراعة يترأس اجتماع مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى    القاهرة الإخبارية: طيران الاحتلال يقصف المناطق الشرقية لمدينة غزة    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    مواعيد مباريات اليوم.. مان سيتي أمام توتنهام وليفانتي مع برشلونة    مستشفى الأهلى.. 6 لاعبين خارج الخدمة فى مباراة غزل المحلة بسبب الإصابة    فتح باب التسجيل فى الجمعية العمومية العادية للإسماعيلى    الطقس اليوم.. ارتفاع طفيف ومؤقت فى درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 38 درجة    طلاب الثانوية العامة للدور الثاني يؤدون امتحان الأحياء والاحصاء والرياضيات    أحمد جمال وفتحى سلامة ومحمود التهامى يختتمون حفلات مهرجان القلعة اليوم    ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا    ما أسباب استجابة الدعاء؟.. واعظة بالأزهر تجيب    جامعة القاهرة تطلق قافلة تنموية شاملة بالحوامدية بالتعاون مع التحالف الوطنى    بالأسماء.. إصابة 5 أشخاص في تصادم سيارتين بصحراوي قنا    السجن المشدد 15 سنة لسباك قتل جاره في الجمالية    حبس سائق بتهمة الاستيلاء على سيارة محملة بحقائب وأموال بالسلام    طلقات تحذيرية على الحدود بين الكوريتين ترفع حدة التوتر    استئناف مباريات الجولة الأولى بدوري المحترفين    شيرين عبد الوهاب تكشف حقيقة عودتها لحسام حبيب    تحقيق استقصائى يكتبه حافظ الشاعر عن : بين "الحصة" والبطالة.. تخبط وزارة التعليم المصرية في ملف تعيين المعلمين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : إلى أين!?    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    حملة «100 يوم صحة» تقدّم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يومًا    لحماية صحتك.. شروط يجب اتباعها عند شراء منتجات الألبان    3 وفيات ومصاب في حادث تصادم مروّع على طريق أسيوط الزراعي    أسعار الفراخ اليوم السبت 23-8-2025 فى أسواق محافظة المنوفية    الطماطم ب7 جنيهات والليمون ب15.. أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    استشهاد 19 فلسطينيا إثر قصف إسرائيل خيام النازحين بخان يونس ومخيم المغازي    الأمم المتحدة: نصف مليون شخص بغزة محاصرون فى مجاعة    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    وزارة الخارجية الروسية تكشف عدد المواطنين الروس المتبقين في غزة    تعرف على أسعار السكر والزيت واللحوم بالمجمعات الإستهلاكية    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    مهاجر التيك توك «الأفغاني» يقدم نصائح لقتل الزوجات وتجنب العقوبة    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 23 أغسطس 2025    هل يحق لمكتسبي الجنسية المصرية مباشرة الحقوق السياسية؟ القانون يجيب    سيف الإسلام القذافي يعلن دعمه لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا    إنقاذ حياة مريض بعمل شق حنجري بمستشفى الجامعي بالمنوفية    ملف يلا كورة.. خطة انتخابات الأهلي.. رسائل الزمالك.. واعتماد لجنة الحكام    كأس السوبر السعودي.. هونج كونج ترغب في استضافة النسخة المقبلة    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    بعثة منتخب مصر للناشئين تؤدي مناسك العمرة عقب مواجهة السعودية    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفتي أستراليا مهنئاً بأعياد الميلاد: الأنبياء أوصوا بالسلام
نشر في صوت البلد يوم 25 - 12 - 2016

تقدم العالم المصري الأزهري الدكتور إبراهيم أبو محمد المفتى العام للقارة الأسترالية، بأطيب التهاني للأخوة المسيحيين في كل مكان بمناسبة عيد الميلاد المجيد، وقال في بيان أصدره بهذه المناسبة: كل عام والفرحة أكثر والحزن أقل، كل عام والحب أكبر والكراهية أقل، كل عام والتسامح أوسع والتعصب أقل.
وقال فى بيان صحفى: لو تخيلنا أن الرسل العظام موسي والمسيح عيسى بن مريم ومحمد رسول الله (عليهم من الله السلام) بعثوا من جديد والتقوا في عاصمة من عواصم حضارتنا، فماذا سيفعلون؟ وما الذى سيقوله أحدهم للآخر؟ وأي شأن سيبحثون؟.
مجرد خيال لنفس متعبة أعياها فهم البشر، مجرد خيال لطفل برئ شردته الحروب قبل أن يدرك معنى الأطماع ومعنى الخطايا ومعنى الوحشية ومعنى الإرهاب الذى تديره جماعات وتستثمره وتستثمر فيه دول وأنظمة تملأ الدنيا بحديث عن حقوق الإنسان وتصدع رؤوس البشر بكلام طويل عن الحرية والديموقراطية وحق الشعوب في التحرر .
مجرد خيال لطفل برئ لم يعرف حتى الآن معنى الأمن في دنيا بها دول تتزعم مجتمع دولي صنع للأمن مجلسا وصنع في مقابله أكثر من 20 طنا من المتفجرات لكل إنسان على الأرض. مجرد خيال لطفل أو طفلة بريئة كانت تخربش بريشتها على حائط غرفتها، وترسم على صفحة دفترها مستقبلا لها حين تكبر وتكون عروسا، ثم تكبر وتكون أما لطفل، مجرد خيال لطفلة في عيد الميلاد تنتظر سانت كلوز ليمنحها هدية كل عام، ويضع قبلة حب على وجنتيها.
مجرد خيال طاهر لم يتنجس بحيل الكبار وخداعهم، ولم يعرف من الدنيا غير وجه واحد هو الصدق والصراحة والوضوح، ولم تتلوث فطرته بازدواجية المعايير التي اخترعتها الإنسانية في عصر حضارة التزييف والتحريف واغتصاب الحقوق التي تقول شيئا وتقصد نقيضه، وتتحدث عن السلام وهي تقصد الحرب، وتزين مجالسها بحديث المحبة وهي تنشر الكراهية، وتشيد بقيم التسامح وهي تقسم الناس بين سادة وعبيد، وأغنياء وفقراء، وشمال وجنوب.
وأضاف أبو محمد، أن الرسل جاءوا بالسلام، فالمجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة، قالها السيد المسيح عليه السلام من قبل، وكررها وأضاف إليها سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليهما معا، حين قال: لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتي تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم.
وأشار أن الحكمة دائما تحتاج أذنا صاغية، وأبناء حضارتنا في آذانهم وقر السيطرة والتمدد وبسط النفوذ والحصول على البترول، ولو كان الثمن آلاف الضحايا، في آذانهم وقر الرغبة المجنونة في صناعة أدوات الموت والقتل والتدمير وغرور القوة وكبرياء التعصب. في آذانهم صوت الوحش حين تسيطر عليه غرائز اقتناص الفريسة، والشرب من دمائها ولو كانت مسالمة وخلفها أيتام.
وأكد أبو محمد، أن المجد لله في الأعالي هذا حق لا ينازع فيه عاقل، غير أن هناك من البشر المهازيل من يريد أن ينازع الله في المجد، ومن يريد أن يسلبه سلطانه في الأرض والسموات، هناك من البشر من عميت أبصارهم وتضخم غرورهم وتوسعت بحجم الأفق أطماعهم، فلا يؤمنون إلا بنمطق القوة، ولا يعترفون بقوة المنطق. يفرضون على الآخرين بقوة السلاح سياستهم ورأيهم ورؤيتهم.
المجد لك یا مظهر النور، المجد لله في العلى، وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرة.. يا مظهر النور عمَّت حياتنا ظلمات الخطايا بفعل تجار الحروب وغيرهم من الفاشلين الذين فقدوا ضمائرهم.. يا مظهر النور انطفأ سراج الدنيا بفعل جور الإنسان وظلم الإنسان للإنسان.. يا مظهر النور طال ظلام الليل وغاب الفجر وتساقطت على البشر ألوان المصائب فأدرك الفقراء والمساكين والذين شردوا من ديارهم، وفقدوا أبناءهم وآباءهم. يا مظهر النور خيب مجلس الأمن أمال الضعفاء في تحقيق الأمن، وضيعت الأمم المتحدة حقوق الضعفاء في العيش بكرامة.. المجد لله في الأعالي، هذا حق، لكن في الأسفل مَن يقهر الإنسانية ويذلها ويستبيح دماءها على الأرض ومن يسكرون بدم الإنسان ولا يتطهرون.
وقال: أيها المسيح العظيم، ويأيها الرسول الكريم محمد لقد أوصيتمونا ومعكم كل الأنبياء العظام أن يكون على الأرض سلام، وفي الناس المسرة، ولكن الآن على الأرض سيوف مجنونة، وقنابل فراغية، وغازات سامة، وأسلحة دمار شامل... تهدد الدنيا بإرهاب وحشي تمارسه جماعات وتنظيمات، وتمارسه دول دأبت علي الشرور والفتنة وإشعال الحروب، تقتات على دماء الآخرين فتصنع الإرهاب وتدعي أنها تحاربه، فليس على الأرض سلام، وإن كنا نتمناه ونرجوه!!. على الأرض حروب أشعل فتيلها جشع الكبار أصحاب مصانع السلاح الذين يتعشقون الخراب ويتفننون في تكنولوجيا الموت، حتي أكلوا خبز الصغار وجوعوهم، ليس علي الأرض سلام، ولكن على الأرض إرهاب للجماعات وإرهاب للدول، فانظر بعين عدالتك إلى المعذبين في الأرض يا من له المجد في السموات.
وأكد الدكتور إبراهيم أبو محمد أن المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وفي الناس المسرة، ألفاظ جميلة يرددها ويترنم بها المومنون في المعابد، لكنها أمنيات حطمتها دهاليز السياسة وقتلها جشع الكبار وظلمهم، وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة، أمنيات للأبرياء والأطهار عجزت أنظمة البشر بسوء أخلاقهم وسواد قلوبهم وسوء نواياهم عن تحقيقها أو حتي تحقيق بعضها، حتى أضحت البشرية اليوم على شفا حفرة من نيران حرب عالمية ثالثة تغتال الحياة علي الأرض وتغتال السلام.. في الناس المسرة، يا لها من أمنيات تستطيبها آذان الفقراء والضعفاء ومَن شردوا مِن ديارهم وسالت على الأرض دماؤهم وانسابت دموع من تبقى منهم على قيد الحياة وهو يصارع الموت في البحر، بحثا عن مأوى وسط بقايا حضارة لم تستبق للإنسانية شيئا بعدما سلبت منها كل شيء بغير ذنب.
وتساءل: هل فعلا في الناس المسرة ؟ ومن هم الناس يا ترى الذين بقيت لهم المسرة بعدما عم الخوف والفزع والقلق، وطالت يد الإرهاب كل شيء، إرهاب المنظمات والجماعات وإرهاب الكبار أيضا. وأي أرض تلك التي تنعم بالسلام كما نردد في ترانيم الميلاد؟
يا نور النور ومرسل النور مع كل الأنبياء بما فيهم المسيح ومحمد، أتباعهم في الدنيا قلبوا كل الموازين، وحطموا كل قيم العدالة وخرقوا كل قوانين المحبة، فسادت بينهم الكراهية وانتشر بينهم التعصب وغابت قوانين البشر لتحل مكانها فوضى الغابات.
أيها الرسل المحبون للبشر، أتباعكم ضلوا الطريق وخانوا الأمانة ونقضوا كل عهود الخير وسيطر عليهم الشيطان فأنساهم سبل المحبة، وتذكروا فقط كيف يبدعون في القتل والترويع وإشاعة الفزع والرعب حتى بين الطفولة البريئة، فحطمت منها الأجساد وسلبت منها البراءة، ودمرت ما تبقي لها من أمل وحطمت ما تبقى لها من مأوى وشردتها في البرد القارس وتحت الجليد.
وأضاف: معا يقف العظماء موسى والمسيح ومحمد، يعانق كل منهم الآخر، ويبسط كل منهم يده وقلبه للشاردين من الأتباع معاتبين، أوصيناكم بالمحبة فلماذا تتفننون في الكراهية، وأوصيناكم بالعدل والقسطاس المستقيم، فلماذا تفرضون على الخلق المظالم؟ أوصيناكم بالمساواة بين الناس، فلماذا يتعصب بعضكم ضد البعض؟ ألم نقل لكم إن على الأرض سلاما؟ فلماذا على الأرض ذئاب وحراب وعذاب؟ فإذا بصوت من أعماق البرية يقول: يا أيها الرسل العظام أتباعكم قد غيروا وبدلوا وانتشر فيهم نفاق ابن سلول وأتباع ابن العلقمي كما انتشرت خيانات السامري ويهوذا وكذب الفريسين ونفاق القراء، وزاد الشر شرا باستبداد الطغاة والدكتاتوريات والجبابرة. وتركوا أنياب إبليس تغرس سهامها في لحوم اليتامي والأرامل. وبينما يسود الآفاق بمظالم البشر إذا بينبوع الأمل ينطلق من جديد مذكرا بتعاليم الرسل الكرام موسى والمسيح ومحمد ليفتح من جديد كل أبواب الخير والمحبة والسلام، وليعالج اعوجاج البشر ويحمل عنهم بالتوبة ثقل خطاياهم، ينطلق ينبوع الأمل مناديا أتباع موسي والمسيح وأتباع محمد معا أيها الأتباع المثقلون بالخطايا والآثام، هبوا قد لاح فجر التوبة، فسارعوا واخرجوا من ظلمات أنفسكم، وأهوائكم، وكفوا عن العبث بالناس. عودوا إلى ترانيم المحبة وتذكروا وصايانا في التسامح والمحبة.
وقال مفتي أستراليا: أيُّها الأحبّاء، فليحبّ بعضنا بعضًا لأنّ المحبّة من الله، وكلّ مُحبّ قريب من الله وعارف بالله، مَن لا يحبّ لا يعرف الله؛ لأنّ الله محبّة. وإذا قال أحدٌ: إنّي أحبّ الله وهو يبغض أخاه كان كاذبا، لأنّ الذي لا يحبّ أخاه وهو يراه، لا يستطيع أن يحبّ الله وهو لا يراه” هكذا جاءتكم وصايا (1يوحنّا 4/7-20). في رسالته الأولي، وبلغتكم نفس الرسالة بمعناها ومضمونها حين وجهها رَسُولُ اللَّهِ محمد صلى الله عليه وسلم لأتباعه: حين قال: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكم). هكذا بلغتكم الوصايا والتعاليم فلماذا تتعثرون وتسقطون؟.
وطالب مفتي أستراليا الناس بقوله: أخرجوا من أزماتكم واعلموا أن الله زودنا بقوة العقل وهي أقوي من قوة السلاح، وأن قوة الأخلاق هي التي تحمي الحضارات وتنتصر في النهاية على موجات الشر والتعصب والكراهية؛ لأن قوة الأخلاق هي الأقوى، واعلموا أيها الأتباع أن مفتاح تغيير العقول والمجتمعات والناس، إنما تبدأ بالمحبة، لأنها هي اقصر الطرق لاستجابة الوجدان الإنساني وفتح العقول، وأن خدمة الآخرين هي أقصر الطرق وأسرعها لأسر قلوبهم ونيل محبتهم، اخرجوا من ظلماتكم ولا تسمحوا لأحد أن يستدرج عقولكم للاغتيال بعدما استدرجوها للتخدير والتغييب والحسرة، فكانت كوارث المظالم والجرائم والمعتقلات والحروب، وتذكروا دائما أن مجد لله في الأعالي لا يغفل عمل الظالمين، وثقوا أن الحق سينتصر، ويتحقق على الأرض السلام، وفي الناس المسرة. كل عام والفرحة أكثر والحزن أقل، كل عام والحب أكبر والكراهية أقل، كل عام والتسامح أوسع والتعصب أقل، كل عام والجميع بخير وسعادة.
تقدم العالم المصري الأزهري الدكتور إبراهيم أبو محمد المفتى العام للقارة الأسترالية، بأطيب التهاني للأخوة المسيحيين في كل مكان بمناسبة عيد الميلاد المجيد، وقال في بيان أصدره بهذه المناسبة: كل عام والفرحة أكثر والحزن أقل، كل عام والحب أكبر والكراهية أقل، كل عام والتسامح أوسع والتعصب أقل.
وقال فى بيان صحفى: لو تخيلنا أن الرسل العظام موسي والمسيح عيسى بن مريم ومحمد رسول الله (عليهم من الله السلام) بعثوا من جديد والتقوا في عاصمة من عواصم حضارتنا، فماذا سيفعلون؟ وما الذى سيقوله أحدهم للآخر؟ وأي شأن سيبحثون؟.
مجرد خيال لنفس متعبة أعياها فهم البشر، مجرد خيال لطفل برئ شردته الحروب قبل أن يدرك معنى الأطماع ومعنى الخطايا ومعنى الوحشية ومعنى الإرهاب الذى تديره جماعات وتستثمره وتستثمر فيه دول وأنظمة تملأ الدنيا بحديث عن حقوق الإنسان وتصدع رؤوس البشر بكلام طويل عن الحرية والديموقراطية وحق الشعوب في التحرر .
مجرد خيال لطفل برئ لم يعرف حتى الآن معنى الأمن في دنيا بها دول تتزعم مجتمع دولي صنع للأمن مجلسا وصنع في مقابله أكثر من 20 طنا من المتفجرات لكل إنسان على الأرض. مجرد خيال لطفل أو طفلة بريئة كانت تخربش بريشتها على حائط غرفتها، وترسم على صفحة دفترها مستقبلا لها حين تكبر وتكون عروسا، ثم تكبر وتكون أما لطفل، مجرد خيال لطفلة في عيد الميلاد تنتظر سانت كلوز ليمنحها هدية كل عام، ويضع قبلة حب على وجنتيها.
مجرد خيال طاهر لم يتنجس بحيل الكبار وخداعهم، ولم يعرف من الدنيا غير وجه واحد هو الصدق والصراحة والوضوح، ولم تتلوث فطرته بازدواجية المعايير التي اخترعتها الإنسانية في عصر حضارة التزييف والتحريف واغتصاب الحقوق التي تقول شيئا وتقصد نقيضه، وتتحدث عن السلام وهي تقصد الحرب، وتزين مجالسها بحديث المحبة وهي تنشر الكراهية، وتشيد بقيم التسامح وهي تقسم الناس بين سادة وعبيد، وأغنياء وفقراء، وشمال وجنوب.
وأضاف أبو محمد، أن الرسل جاءوا بالسلام، فالمجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة، قالها السيد المسيح عليه السلام من قبل، وكررها وأضاف إليها سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليهما معا، حين قال: لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتي تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم.
وأشار أن الحكمة دائما تحتاج أذنا صاغية، وأبناء حضارتنا في آذانهم وقر السيطرة والتمدد وبسط النفوذ والحصول على البترول، ولو كان الثمن آلاف الضحايا، في آذانهم وقر الرغبة المجنونة في صناعة أدوات الموت والقتل والتدمير وغرور القوة وكبرياء التعصب. في آذانهم صوت الوحش حين تسيطر عليه غرائز اقتناص الفريسة، والشرب من دمائها ولو كانت مسالمة وخلفها أيتام.
وأكد أبو محمد، أن المجد لله في الأعالي هذا حق لا ينازع فيه عاقل، غير أن هناك من البشر المهازيل من يريد أن ينازع الله في المجد، ومن يريد أن يسلبه سلطانه في الأرض والسموات، هناك من البشر من عميت أبصارهم وتضخم غرورهم وتوسعت بحجم الأفق أطماعهم، فلا يؤمنون إلا بنمطق القوة، ولا يعترفون بقوة المنطق. يفرضون على الآخرين بقوة السلاح سياستهم ورأيهم ورؤيتهم.
المجد لك یا مظهر النور، المجد لله في العلى، وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرة.. يا مظهر النور عمَّت حياتنا ظلمات الخطايا بفعل تجار الحروب وغيرهم من الفاشلين الذين فقدوا ضمائرهم.. يا مظهر النور انطفأ سراج الدنيا بفعل جور الإنسان وظلم الإنسان للإنسان.. يا مظهر النور طال ظلام الليل وغاب الفجر وتساقطت على البشر ألوان المصائب فأدرك الفقراء والمساكين والذين شردوا من ديارهم، وفقدوا أبناءهم وآباءهم. يا مظهر النور خيب مجلس الأمن أمال الضعفاء في تحقيق الأمن، وضيعت الأمم المتحدة حقوق الضعفاء في العيش بكرامة.. المجد لله في الأعالي، هذا حق، لكن في الأسفل مَن يقهر الإنسانية ويذلها ويستبيح دماءها على الأرض ومن يسكرون بدم الإنسان ولا يتطهرون.
وقال: أيها المسيح العظيم، ويأيها الرسول الكريم محمد لقد أوصيتمونا ومعكم كل الأنبياء العظام أن يكون على الأرض سلام، وفي الناس المسرة، ولكن الآن على الأرض سيوف مجنونة، وقنابل فراغية، وغازات سامة، وأسلحة دمار شامل... تهدد الدنيا بإرهاب وحشي تمارسه جماعات وتنظيمات، وتمارسه دول دأبت علي الشرور والفتنة وإشعال الحروب، تقتات على دماء الآخرين فتصنع الإرهاب وتدعي أنها تحاربه، فليس على الأرض سلام، وإن كنا نتمناه ونرجوه!!. على الأرض حروب أشعل فتيلها جشع الكبار أصحاب مصانع السلاح الذين يتعشقون الخراب ويتفننون في تكنولوجيا الموت، حتي أكلوا خبز الصغار وجوعوهم، ليس علي الأرض سلام، ولكن على الأرض إرهاب للجماعات وإرهاب للدول، فانظر بعين عدالتك إلى المعذبين في الأرض يا من له المجد في السموات.
وأكد الدكتور إبراهيم أبو محمد أن المجد لله في الأعالي وعلي الأرض السلام وفي الناس المسرة، ألفاظ جميلة يرددها ويترنم بها المومنون في المعابد، لكنها أمنيات حطمتها دهاليز السياسة وقتلها جشع الكبار وظلمهم، وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة، أمنيات للأبرياء والأطهار عجزت أنظمة البشر بسوء أخلاقهم وسواد قلوبهم وسوء نواياهم عن تحقيقها أو حتي تحقيق بعضها، حتى أضحت البشرية اليوم على شفا حفرة من نيران حرب عالمية ثالثة تغتال الحياة علي الأرض وتغتال السلام.. في الناس المسرة، يا لها من أمنيات تستطيبها آذان الفقراء والضعفاء ومَن شردوا مِن ديارهم وسالت على الأرض دماؤهم وانسابت دموع من تبقى منهم على قيد الحياة وهو يصارع الموت في البحر، بحثا عن مأوى وسط بقايا حضارة لم تستبق للإنسانية شيئا بعدما سلبت منها كل شيء بغير ذنب.
وتساءل: هل فعلا في الناس المسرة ؟ ومن هم الناس يا ترى الذين بقيت لهم المسرة بعدما عم الخوف والفزع والقلق، وطالت يد الإرهاب كل شيء، إرهاب المنظمات والجماعات وإرهاب الكبار أيضا. وأي أرض تلك التي تنعم بالسلام كما نردد في ترانيم الميلاد؟
يا نور النور ومرسل النور مع كل الأنبياء بما فيهم المسيح ومحمد، أتباعهم في الدنيا قلبوا كل الموازين، وحطموا كل قيم العدالة وخرقوا كل قوانين المحبة، فسادت بينهم الكراهية وانتشر بينهم التعصب وغابت قوانين البشر لتحل مكانها فوضى الغابات.
أيها الرسل المحبون للبشر، أتباعكم ضلوا الطريق وخانوا الأمانة ونقضوا كل عهود الخير وسيطر عليهم الشيطان فأنساهم سبل المحبة، وتذكروا فقط كيف يبدعون في القتل والترويع وإشاعة الفزع والرعب حتى بين الطفولة البريئة، فحطمت منها الأجساد وسلبت منها البراءة، ودمرت ما تبقي لها من أمل وحطمت ما تبقى لها من مأوى وشردتها في البرد القارس وتحت الجليد.
وأضاف: معا يقف العظماء موسى والمسيح ومحمد، يعانق كل منهم الآخر، ويبسط كل منهم يده وقلبه للشاردين من الأتباع معاتبين، أوصيناكم بالمحبة فلماذا تتفننون في الكراهية، وأوصيناكم بالعدل والقسطاس المستقيم، فلماذا تفرضون على الخلق المظالم؟ أوصيناكم بالمساواة بين الناس، فلماذا يتعصب بعضكم ضد البعض؟ ألم نقل لكم إن على الأرض سلاما؟ فلماذا على الأرض ذئاب وحراب وعذاب؟ فإذا بصوت من أعماق البرية يقول: يا أيها الرسل العظام أتباعكم قد غيروا وبدلوا وانتشر فيهم نفاق ابن سلول وأتباع ابن العلقمي كما انتشرت خيانات السامري ويهوذا وكذب الفريسين ونفاق القراء، وزاد الشر شرا باستبداد الطغاة والدكتاتوريات والجبابرة. وتركوا أنياب إبليس تغرس سهامها في لحوم اليتامي والأرامل. وبينما يسود الآفاق بمظالم البشر إذا بينبوع الأمل ينطلق من جديد مذكرا بتعاليم الرسل الكرام موسى والمسيح ومحمد ليفتح من جديد كل أبواب الخير والمحبة والسلام، وليعالج اعوجاج البشر ويحمل عنهم بالتوبة ثقل خطاياهم، ينطلق ينبوع الأمل مناديا أتباع موسي والمسيح وأتباع محمد معا أيها الأتباع المثقلون بالخطايا والآثام، هبوا قد لاح فجر التوبة، فسارعوا واخرجوا من ظلمات أنفسكم، وأهوائكم، وكفوا عن العبث بالناس. عودوا إلى ترانيم المحبة وتذكروا وصايانا في التسامح والمحبة.
وقال مفتي أستراليا: أيُّها الأحبّاء، فليحبّ بعضنا بعضًا لأنّ المحبّة من الله، وكلّ مُحبّ قريب من الله وعارف بالله، مَن لا يحبّ لا يعرف الله؛ لأنّ الله محبّة. وإذا قال أحدٌ: إنّي أحبّ الله وهو يبغض أخاه كان كاذبا، لأنّ الذي لا يحبّ أخاه وهو يراه، لا يستطيع أن يحبّ الله وهو لا يراه” هكذا جاءتكم وصايا (1يوحنّا 4/7-20). في رسالته الأولي، وبلغتكم نفس الرسالة بمعناها ومضمونها حين وجهها رَسُولُ اللَّهِ محمد صلى الله عليه وسلم لأتباعه: حين قال: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلامَ بَيْنَكم). هكذا بلغتكم الوصايا والتعاليم فلماذا تتعثرون وتسقطون؟.
وطالب مفتي أستراليا الناس بقوله: أخرجوا من أزماتكم واعلموا أن الله زودنا بقوة العقل وهي أقوي من قوة السلاح، وأن قوة الأخلاق هي التي تحمي الحضارات وتنتصر في النهاية على موجات الشر والتعصب والكراهية؛ لأن قوة الأخلاق هي الأقوى، واعلموا أيها الأتباع أن مفتاح تغيير العقول والمجتمعات والناس، إنما تبدأ بالمحبة، لأنها هي اقصر الطرق لاستجابة الوجدان الإنساني وفتح العقول، وأن خدمة الآخرين هي أقصر الطرق وأسرعها لأسر قلوبهم ونيل محبتهم، اخرجوا من ظلماتكم ولا تسمحوا لأحد أن يستدرج عقولكم للاغتيال بعدما استدرجوها للتخدير والتغييب والحسرة، فكانت كوارث المظالم والجرائم والمعتقلات والحروب، وتذكروا دائما أن مجد لله في الأعالي لا يغفل عمل الظالمين، وثقوا أن الحق سينتصر، ويتحقق على الأرض السلام، وفي الناس المسرة. كل عام والفرحة أكثر والحزن أقل، كل عام والحب أكبر والكراهية أقل، كل عام والتسامح أوسع والتعصب أقل، كل عام والجميع بخير وسعادة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.