استطاعت سلسلة أفلام "هاري بوتر" أن تعيد سينما هوليوود إلي فكرة الفانتازيا؛ من خلال إعادة اللعب في منطقة الخارق للطبيعة بأسلوب مبتكر، وحبكة فنية أكثر احترافاً، لتتناسب مع القرن الواحد والعشرين. منذ زمن، ليس بعيدًا، أذكر أن سوبر مان كان هو البطل الخارق، الرجل الذي له شخصيتان ويقوم بأعمال خارقة للطبيعة؛ يطير في الفضاء، ويقضي علي كل الأشرار عبر شعاع عينيه الثاقبتين. لم يكن فيما يقوم به سوبر مان سحر، بل كان يأتي بكل ما هو خارق للطبيعة، كما لم تكن هناك عوالم سفلية وسحرة أشرار، وحيوانات عجيبة ومسوخ ناطقة، وصولجان سحري، وحجر إحياء الموتي، بل كانت هناك حروب مع كائنات قادمة من الفضاء تريد إيقاع الأذي بالبشر علي كوكب الأرض، ويكون سوبر مان المنقذ، يخلع زي العمل الرسمي في مكان سري لا يراه فيه أحد، ليخرج من تحت سترته لباس سوبر مان وعباءته الحمراء التي ترفرف في الفضاء الطلق؛ ليطير ويقوم بالخوارق. عبر سلسلة أفلام "هاري بوتر"، عادت سينما هوليوود إلي فكرة الفانتازيا، من خلال إعادة اللعب في منطقة الخارق للطبيعة بأسلوب مبتكر، وحبكة فنية أكثر احترافاً، بما يتناسب مع القرن الواحد والعشرين، واذا كان كلاهما - أي هاري بوتر وسوبر مان - لا يوجد ما يجمع بينهما علي مستوي تقنيات العرض، أو فيما يتعلق بالمضمون، لكن كلاهما تتشكل حياته من أمور خارقة للطبيعة، ربما من هنا كان استحضار سوبر مان مع هاري بوتر؛ لأن سوبر مان في وقته كان من أكثر الشخصيات التليفزيونية الخارقة التي جذبت الجماهير. لكن لم يتمكن عمل سينمائي من عدة أجزاء، أن يجذب اهتمام المشاهدين كما فعلت سلسلة "هاري بوتر"، وكما يبدو فإن السحر الذي تبثه الروائية البريطانية الشهيرة "جي. كي رولينج"، عبر صفحات كتبها، يتسلل أيضا إلي شاشة السينما عند عرض أفلام السلسلة؛ لذا يقبل علي مشاهدتها الصغار والكبار؛ إذ تُعد سلسلة أفلام "هاري بوتر" الأكثر امتيازا علي الإطلاق في هوليوود منذ عرض الجزء الأول وحتي الجزء السابع. وسوف تُختتم السلسلة في يوليو 2011 بإطلاق الجزء الثاني من "هاري بوتر والأقداس المهلكة". فيلم "هاري بوتر والأقداس المهلكة" الذي عُرض منذ أسابيع قليلة، استطاع تحقيق نجاح كبير علي غرار الأجزاء السابقة، واحتفظ بالصدارة في شباك تذاكر دور العرض الأمريكية وبلغت مبيعات تذاكر الفيلم - السابع في سلسلة أفلام هاري بوتر - 50 مليون دولار خلال عطلة نهاية الأسبوع. وقام بدور البطولة - كما في سائر أفلام السلسة - الشاب دانيال رادكليف، كما لعبت إيما واتسون دور هرميوني جرانجر، وروبرت جرينت بدور رون ويسلي، ولعل متابعي سلسلة بوتر التي بدأت في العام 2001، أي منذ ما يقارب العشرة أعوام، يرتبطون مع البطل هاري بنوع من التقارب الوجداني في تدرج سنواته العمرية؛ حيث تابعوه منذ الجزء الأول وهو طفل يدخل مدرسة السحر، ويتعلم الخطوات الأولي في عالم الخوارق؛ لذا فإن الميزة الأساسية هي متابعة الجمهور لهاري وهو يكبر، ويتحول من الطفولة إلي المراهقة؛ حيث تتغير الخدع، ويتبدل الأشرار من حوله؛ ليصيروا أكثر شرا وقسوة، كما لو أن عالم هاري يصير أكثر واقعية في قسوته وشره، ويصير علي هاري امتلاك قدرات أكبر لمقاومة الشر. في هذا الجزء من هاري بوتر، تلعب الرموز دلالتها أكثر من الأجزاء السابقة، هاري هنا يصبح البطل المخلص، وفكرة المخلص لها جذورها في الفكر الأوروبي، كما أن المشاهد المصورة تكون غالبيتها في الطبيعة، بشكل مغاير عن الأجزاء السابقة التي قامت علي الجرافيك. وهناك أيضا فكرة "النقاء العرقي"؛ حيث يتم في هذا الجزء ملاحقة الساحر المهجن الذي لا ينحدر من أب وأم سحرة. وهناك أيضا استخدام مدلول الرقم 7 في الفيلم، وهذا الرقم له دلالة في عالم السحر، كما أن هذا الرقم يشكل أجزاء السلسلة الروائية لهاري بوتر، لكن تظل الملاحظة المهمة في هذا الجزء، هي صعوبة تلقي الأحداث علي من لم يشاهد الأجزاء السابقة من العمل؛ لأنه سيتوه بين الشخصيات، نظرًا للتفاصيل الكثيرة المرتبطة بأجزاء سابقة؛ أي أن هذا الجزء يزيد من التأكيد علي فكرة الترابط الملحمي في هاري بوتر، ليكون هاري بطلاً مشبوكاً بتفاصيل كثيرة، يختلف عن سوبر مان الذي ينتهي عمله البطولي مع نهاية الحلقة.