فتح باب التقدم لاختبارات الدبلومات والمعاهد الفنية لدخول كلية الحقوق والرابط الرسمي    نادية مصطفى لفيتو: احنا مش متطرفين ومصطفى كامل بيخاف على البلد (فيديو)    «زي النهارده» فى ‌‌30‌‌ يوليو ‌‌2011.. وفاة أول وزيرة مصرية    رغم إعلان حل الأزمة، استمرار انقطاع الكهرباء عن بعض مدن الجيزة لليوم الخامس على التوالي    ترامب يحذر من تسونامي في هاواي وألاسكا ويدعو الأمريكيين إلى الحيطة    وزير الخارجية يلتقي السيناتور ليندسى جراهام بمجلس الشيوخ الأمريكي    الاتحاد الإفريقي يصدم "الدعم السريع" بعد تشكيل حكومة موازية بالسودان ويوجه رسالة للمجتمع الدولي    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء والقنوات الناقلة، أبرزها ليفربول ضد يوكوهاما    ثروت سويلم: لن يتكرر إلغاء الهبوط في الدوري المصري.. وخصم 6 نقاط فوري للمنسحبين    انهيار جزئي لعقار مكون من 7 طوابق في الدقي    من "ترند" الألبومات إلى "ترند" التكت، أسعار تذاكر حفل عمرو دياب بالعلمين مقارنة بتامر حسني    طريقة عمل الأرز باللبن، تحلية سريعة التحضير ولذيذة    البنك العربى الإفريقى يقود إصدار سندات توريق ب 4.7 مليار جنيه ل«تساهيل»    جدول مباريات بيراميدز في الدوري المصري الممتاز الموسم الجديد 2025-2026    "البترول" تتلقى إخطارًا باندلاع حريق في غرفة ماكينات مركب الحاويات PUMBA    عبداللطيف حجازي يكتب: الرهان المزدوج.. اتجاهات أردوغان لهندسة المشهد التركي عبر الأكراد والمعارضة    حظك اليوم الأربعاء 30 يوليو وتوقعات الأبراج    السيد أمين شلبي يقدم «كبسولة فكرية» في الأدب والسياسة    ليلى علوي تسترجع ذكريات «حب البنات» بصور من الكواليس: «كل الحب»    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 1447-2026    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين الحكومي والخاص    ترفع الرغبة الجنسية وتعزز المناعة.. 8 أطعمة ترفع هرمون الذكورة بشكل طبيعي    لا تتبع الوزارة.. البترول: السيطرة على حريق سفينة حاويات قرب منصة جنوب شرق الحمد    وزير الثقافة: جوائز الدولة هذا العام ضمت نخبة عظيمة.. ونقدم برنامجا متكاملا بمهرجان العلمين    4 أرغفة ب دينار.. تسعيرة الخبز الجديدة تغضب أصحاب المخابز في ليبيا    تنسيق الثانوية 2025.. ماذا تعرف عن دراسة "الأوتوترونكس" بجامعة حلوان التكنولوجية؟    تنسيق الجامعات 2025| كل ما تريد معرفته عن بكالوريوس إدارة وتشغيل الفنادق "ماريوت"    إبراهيم ربيع: «مرتزقة الإخوان» يفبركون الفيديوهات لنشر الفوضى    وفاة طالب أثناء أداء امتحانات الدور الثاني بكلية التجارة بجامعة الفيوم    القانون يحدد شروط لوضع الإعلانات.. تعرف عليها    متابعة تطورات حركة جماعة الإخوان الإرهابية مع الإعلامية آلاء شتا.. فيديو    الدقيقة بتفرق في إنقاذ حياة .. أعراض السكتة الدماغية    تنسيق الجامعات 2025 .. تفاصيل برامج كلية التجارة جامعة عين شمس (مصروفات)    يسمح ب«تقسيط المصروفات».. حكاية معهد السياحة والفنادق بعد قضية تزوير رمضان صبحي    إخماد حريق في محول كهرباء في «أبو النمرس» بالجيزة    منافسة غنائية مثيرة في استاد الإسكندرية بين ريهام عبد الحكيم ونجوم الموسيقى العربية.. صور    إنجاز غير مسبوق.. إجراء 52 عملية جراحية في يوم واحد بمستشفى نجع حمادي    أسامة نبيه يضم 33 لاعبا فى معسكر منتخب الشباب تحت 20 سنة    مصرع عامل اختل توازنه وسقط من أعلى سطح المنزل في شبين القناطر    أحمد فؤاد سليم: عشت مواجهة الخطر في الاستنزاف وأكتوبر.. وفخور بتجربتي ب "المستقبل المشرق"    الجنايني يتحدث عن مفاوضات عبد القادر.. وعرض نيوم "الكوبري" وصدمة الجفالي    ناشط فلسطيني: دور مصر مشرف وإسرائيل تتحمل انتشار المجاعة في غزة.. فيديو    رئيس مدينة الحسنة يعقد اجتماعا تنسيقيا تمهيدا للاستعداد لانتخابات الشيوخ 2025    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد تصريحات وزارة المالية (تفاصيل)    عاجل- ترمب: زوجتي ميلانيا شاهدت الصور المروعة من غزة والوضع هناك قاس ويجب إدخال المساعدات    عمرو الجناينى: تفاجأت باعتزال شيكابالا.. ولم أتفاوض مع أحمد عبد القادر    «الجو هيقلب» .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : أمطار وانخفاض «مفاجئ»    جدول امتحانات الثانوية العامة دور ثاني 2025 (اعرف التفاصيل)    ترامب: الهند ستواجه تعريفة جمركية تتراوح بين 20% و25% على الأرجح    عيار 21 الآن يسجل رقمًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 30 يوليو بعد الانخفاض بالصاغة    محمد السادس: المغرب مستعد لحوار صريح ومسؤول مع الجزائر    سبب غياب كريم فؤاد عن ودية الأهلي وإنبي وموعد عودته    الجنايني عن شروط عبدالله السعيد للتجديد مع الزمالك: "سيب اللي يفتي يفتي"    معلقة داخل الشقة.. جثة لمسن مشنوق تثير الذعر بين الجيران ببورسعيد    هل يُحاسب الطفل على الحسنات والسيئات قبل البلوغ؟.. واعظة تجيب    أمين الفتوى: الشبكة جزء من المهر يرد في هذه الحالة    ما الذي يُفِيدُه حديث النبي: (أفضل الأعمال الصلاة على وقتها)؟.. الإفتاء توضح    أمين الفتوى: مخالفات المرور الجسيمة إثم شرعي وليست مجرد تجاوز قانوني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دار الإفتاء ترد على من يحرمون الاحتفال بالمولد النبوى
نشر في صوت البلد يوم 28 - 11 - 2016

أوضحت دار الإفتاء فى فتوى مفصلة لبيان الحكم الشرعى والرد على من يحرم الاحتفال، وكذلك حلوى المولد، وردا على من يحرم الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف.
وقالت دار الإفتاء إن المولد النبوى الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشرى جميعه؛ فلقد عبر القرآن الكريم عن وجود النبى صلى الله عليه وآله وسلم بأنه رحمة للعالمين، وهذه الرحمة لم تكن محدودة؛ فهى تشمل تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية، كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الزمان؛ بل تمتد على امتداد التاريخ بأسره ﴿وآخرين منهم لما يلحقوا بهم﴾.
وأضافت ردا على سؤال ما حكم الاحتفال بالمولد النبوى وموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين؟، والاحتفال بذكرى مولد سيد الكونين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبى الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبى صلى الله عليه وآله وسلم ومحبة النبى صلى الله عليه وآله وسلم أصل من أصول الإيمان.
وصح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»، وقال ابن رجب: محبة النبى صلى الله عليه وآله وسلم من أصول الإيمان، وهى مقارنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها الله بها، وتوعد من قدم عليهما محبة شيء من الأمور المحببة طبعا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك، فقال تعالى: ﴿قل أن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره﴾.
ولما قال عمر للنبى صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله، لأنت أحب إلى من كل شىء إلا من نفسى، قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «لا والذى نفسى بيده؛ حتى أكون أحب إليك من نفسك»، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلى من نفسى، فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «الآن يا عمر» رواه البخارى.
والاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلم هو الاحتفاء به، والاحتفاء به صلى الله عليه وآله وسلم أمر مقطوع بمشروعيته؛ لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى، فقد علم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه، فعرف الوجود بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكون كله فى سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحجته.
وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن، والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح فى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين ابن الجوزى وابن كثير، والحافظ ابن دحية الأندلسى، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطى رحمهم الله تعالى.
ونص جماهير العلماء سلفا وخلفا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، بل ألف فى استحباب ذلك جماعة من العلماء والفقهاء، بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل؛ بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف.
إذ المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوى هو تجمع الناس على الذكر، والإنشاد فى مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم وإطعام الطعام صدقة لله، إعلانا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإعلانا لفرحنا بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.
ويدخل فى ذلك ما اعتاده الناس من شراء الحلوى والتهادى بها فى المولد الشريف؛ فإن التهادى أمر مطلوب فى ذاته، لم يقم دليل على المنع منه أو إباحته فى وقت دون وقت، فإذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخرى كإدخال السرور على أهل البيت وصلة الأرحام فإنه يصبح مستحبا مندوبا إليه، فإذا كان ذلك تعبيرا عن الفرح بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان أشد مشروعية وندبا واستحبابا؛ لأن للوسائل أحكام المقاصد، والقول بتحريمه أو المنع منه حينئذ ضرب من التنطع المذموم.
ومما يلتبس على بعضهم دعوى خلو القرون الأولى الفاضلة من أمثال هذه الاحتفالات، ولو سلم هذا -لعمر الحق- فإنه لا يكون مسوغا لمنعها؛ لأنه لا يشك عاقل فى فرحهم رضى الله تعالى عنهم به صلى الله عليه وآله وسلم ولكن للفرح أساليب شتى فى التعبير عنه وإظهاره، ولاحرج فى الأساليب والمسالك؛ لأنها ليست عبادة فى ذاتها، فالفرح به صلى الله عليه وآله وسلم عبادة وأى عبادة، والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيلة مباحة، لكل فيها وجهة هو موليها.
وقد ورد فى السنة النبوية ما يدل على احتفال الصحابة الكرام بالنبى صلى الله عليه وآله وسلم مع إقراره لذلك وإذنه فيه؛ فعن بريدة الأسلمى رضى الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله، إنى كنت نذرت أن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن كنت نذرت فاضربى، وإلا فلا» رواه الإمام أحمد والترمذى وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
فإذا كان الضرب بالدف إعلانا للفرح بقدوم النبى صلى الله عليه وآله وسلم من الغزو أمرا مشروعا أقره النبى صلى الله عليه وآله وسلم وأمر بالوفاء بنذره، فإن إعلان الفرح بقدومه صلى الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا بالدف أو غيره من مظاهر الفرح المباحة فى نفسها أكثر مشروعية وأعظم استحبابا.
وإذا كان الله تعالى يخفف عن أبى لهب وهو من هو كفرا وعنادا ومحاربة لله ورسوله بفرحه بمولد خير البشر بأن يجعله يشرب من نقرة من كفه كل يوم إثنين فى النار؛ لأنه أعتق مولاته ثويبة لما بشرته بميلاده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم،كما جاء فى صحيح البخارى، فما بالكم بجزاء الرب لفرح المؤمنين بميلاده وسطوع نوره على الكون.
وقد سن لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه الشريفة جنس الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف، فقد صح أنه كان يصوم يوم الإثنين ويقول: «ذلك يوم ولدت فيه» رواه مسلم من حديث أبى قتادة رضى الله عنه، فهو شكر منه عليه الصلاة والسلام على منة الله تعالى عليه وعلى الأمة بذاته الشريفة، فالأولى بالأمة الائتساء به صلى الله عليه وآله وسلم بشكر الله تعالى على منته ومنحته المصطفوية بكل أنواع الشكر، ومنها الإطعام والمديح والاجتماع للذكر والصيام والقيام وغير ذلك، وكل ماعون ينضح بما فيه.
وقد نقل الصالحى فى ديوانه الحافل فى السيرة النبوية "سبل الهدى والرشاد فى هدى خير العباد" عن بعض صالحى زمانه: "أنه رأى النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى منامه، فشكى إليه أن بعض من ينتسب إلى العلم يقول ببدعية الاحتفال بالمولد الشريف، فقال له النبى صلى الله عليه وآله وسلم: من فرح بنا فرحنا به.
وكذلك الحكم فى الاحتفال بموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين وإحياء ذكراهم بأنواع القرب المختلفة؛ فإن ذلك أمر مرغب فيه شرعا؛ لما فى ذلك من التأسى بهم والسير على طريقهم، وقد ورد الأمر الشرعى بتذكر الأنبياء والصالحين فقال تعالى: ﴿واذكر فى الكتاب إبراهيم﴾، ﴿واذكر فى الكتاب موسى﴾، وهذا الأمر لا يختص بالأنبياء، بل يدخل فيه الصالحون أيضا؛ حيث يقول تعالى: ﴿واذكر فى الكتاب مريم﴾،؛ إذ من المقرر عند المحققين أن مريم عليها السلام صديقة لا نبية، كما ورد الأمر الشرعى أيضا بالتذكير بأيام الله تعالى فى قوله سبحانه: ﴿وذكرهم بأيام الله﴾، ومن أيام الله تعالى أيام الميلاد وأيام النصر؛ ولذلك كان النبى صلى الله عليه وآله وسلم يصوم يوم الإثنين من كل أسبوع شكرا لله تعالى على نعمة إيجاده واحتفالا بيوم ميلاده كما سبق فى حديث أبى قتادة الأنصارى فى صحيح مسلم، كما كان يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه شكرا لله تعالى وفرحا واحتفالا بنجاة سيدنا موسى عليه السلام.
وكرم الله تعالى يوم الولادة فى كتابه وعلى لسان أنبيائه فقال سبحانه: ﴿وسلام عليه يوم ولد﴾، وقال جل شأنه على لسان السيد المسيح عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم: ﴿والسلام على يوم ولدت﴾، وذلك أن يوم الميلاد حصلت فيه نعمة الإيجاد، وهى سبب لحصول كل نعمة تنال الإنسان بعد ذلك، فكان تذكره والتذكير به بابا لشكر نعم الله تعالى على الناس؛ فلا بأس من تحديد أيام معينة يحتفل فيها بذكرى أولياء الله الصالحين، ولا يقدح فى هذه المشروعية ما قد يحدث فى بعض هذه المواسم من أمور محرمة؛ بل تقام هذه المناسبات مع إنكار ما قد يكتنفها من منكرات، وينبه أصحابها إلى مخالفة هذه المنكرات للمقصد الأساس الذى أقيمت من أجله هذه المناسبات الشريفة.
أوضحت دار الإفتاء فى فتوى مفصلة لبيان الحكم الشرعى والرد على من يحرم الاحتفال، وكذلك حلوى المولد، وردا على من يحرم الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف.
وقالت دار الإفتاء إن المولد النبوى الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشرى جميعه؛ فلقد عبر القرآن الكريم عن وجود النبى صلى الله عليه وآله وسلم بأنه رحمة للعالمين، وهذه الرحمة لم تكن محدودة؛ فهى تشمل تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية، كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الزمان؛ بل تمتد على امتداد التاريخ بأسره ﴿وآخرين منهم لما يلحقوا بهم﴾.
وأضافت ردا على سؤال ما حكم الاحتفال بالمولد النبوى وموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين؟، والاحتفال بذكرى مولد سيد الكونين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبى الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبى صلى الله عليه وآله وسلم ومحبة النبى صلى الله عليه وآله وسلم أصل من أصول الإيمان.
وصح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين»، وقال ابن رجب: محبة النبى صلى الله عليه وآله وسلم من أصول الإيمان، وهى مقارنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها الله بها، وتوعد من قدم عليهما محبة شيء من الأمور المحببة طبعا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك، فقال تعالى: ﴿قل أن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله فتربصوا حتى يأتى الله بأمره﴾.
ولما قال عمر للنبى صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله، لأنت أحب إلى من كل شىء إلا من نفسى، قال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «لا والذى نفسى بيده؛ حتى أكون أحب إليك من نفسك»، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلى من نفسى، فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «الآن يا عمر» رواه البخارى.
والاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلم هو الاحتفاء به، والاحتفاء به صلى الله عليه وآله وسلم أمر مقطوع بمشروعيته؛ لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى، فقد علم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه، فعرف الوجود بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكون كله فى سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحجته.
وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن، والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح فى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين ابن الجوزى وابن كثير، والحافظ ابن دحية الأندلسى، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطى رحمهم الله تعالى.
ونص جماهير العلماء سلفا وخلفا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، بل ألف فى استحباب ذلك جماعة من العلماء والفقهاء، بينوا بالأدلة الصحيحة استحباب هذا العمل؛ بحيث لا يبقى لمن له عقل وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف.
إذ المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوى هو تجمع الناس على الذكر، والإنشاد فى مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم وإطعام الطعام صدقة لله، إعلانا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإعلانا لفرحنا بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.
ويدخل فى ذلك ما اعتاده الناس من شراء الحلوى والتهادى بها فى المولد الشريف؛ فإن التهادى أمر مطلوب فى ذاته، لم يقم دليل على المنع منه أو إباحته فى وقت دون وقت، فإذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخرى كإدخال السرور على أهل البيت وصلة الأرحام فإنه يصبح مستحبا مندوبا إليه، فإذا كان ذلك تعبيرا عن الفرح بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان أشد مشروعية وندبا واستحبابا؛ لأن للوسائل أحكام المقاصد، والقول بتحريمه أو المنع منه حينئذ ضرب من التنطع المذموم.
ومما يلتبس على بعضهم دعوى خلو القرون الأولى الفاضلة من أمثال هذه الاحتفالات، ولو سلم هذا -لعمر الحق- فإنه لا يكون مسوغا لمنعها؛ لأنه لا يشك عاقل فى فرحهم رضى الله تعالى عنهم به صلى الله عليه وآله وسلم ولكن للفرح أساليب شتى فى التعبير عنه وإظهاره، ولاحرج فى الأساليب والمسالك؛ لأنها ليست عبادة فى ذاتها، فالفرح به صلى الله عليه وآله وسلم عبادة وأى عبادة، والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيلة مباحة، لكل فيها وجهة هو موليها.
وقد ورد فى السنة النبوية ما يدل على احتفال الصحابة الكرام بالنبى صلى الله عليه وآله وسلم مع إقراره لذلك وإذنه فيه؛ فعن بريدة الأسلمى رضى الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فى بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت: يا رسول الله، إنى كنت نذرت أن ردك الله سالما أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن كنت نذرت فاضربى، وإلا فلا» رواه الإمام أحمد والترمذى وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
فإذا كان الضرب بالدف إعلانا للفرح بقدوم النبى صلى الله عليه وآله وسلم من الغزو أمرا مشروعا أقره النبى صلى الله عليه وآله وسلم وأمر بالوفاء بنذره، فإن إعلان الفرح بقدومه صلى الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا بالدف أو غيره من مظاهر الفرح المباحة فى نفسها أكثر مشروعية وأعظم استحبابا.
وإذا كان الله تعالى يخفف عن أبى لهب وهو من هو كفرا وعنادا ومحاربة لله ورسوله بفرحه بمولد خير البشر بأن يجعله يشرب من نقرة من كفه كل يوم إثنين فى النار؛ لأنه أعتق مولاته ثويبة لما بشرته بميلاده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم،كما جاء فى صحيح البخارى، فما بالكم بجزاء الرب لفرح المؤمنين بميلاده وسطوع نوره على الكون.
وقد سن لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه الشريفة جنس الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف، فقد صح أنه كان يصوم يوم الإثنين ويقول: «ذلك يوم ولدت فيه» رواه مسلم من حديث أبى قتادة رضى الله عنه، فهو شكر منه عليه الصلاة والسلام على منة الله تعالى عليه وعلى الأمة بذاته الشريفة، فالأولى بالأمة الائتساء به صلى الله عليه وآله وسلم بشكر الله تعالى على منته ومنحته المصطفوية بكل أنواع الشكر، ومنها الإطعام والمديح والاجتماع للذكر والصيام والقيام وغير ذلك، وكل ماعون ينضح بما فيه.
وقد نقل الصالحى فى ديوانه الحافل فى السيرة النبوية "سبل الهدى والرشاد فى هدى خير العباد" عن بعض صالحى زمانه: "أنه رأى النبى صلى الله عليه وآله وسلم فى منامه، فشكى إليه أن بعض من ينتسب إلى العلم يقول ببدعية الاحتفال بالمولد الشريف، فقال له النبى صلى الله عليه وآله وسلم: من فرح بنا فرحنا به.
وكذلك الحكم فى الاحتفال بموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين وإحياء ذكراهم بأنواع القرب المختلفة؛ فإن ذلك أمر مرغب فيه شرعا؛ لما فى ذلك من التأسى بهم والسير على طريقهم، وقد ورد الأمر الشرعى بتذكر الأنبياء والصالحين فقال تعالى: ﴿واذكر فى الكتاب إبراهيم﴾، ﴿واذكر فى الكتاب موسى﴾، وهذا الأمر لا يختص بالأنبياء، بل يدخل فيه الصالحون أيضا؛ حيث يقول تعالى: ﴿واذكر فى الكتاب مريم﴾،؛ إذ من المقرر عند المحققين أن مريم عليها السلام صديقة لا نبية، كما ورد الأمر الشرعى أيضا بالتذكير بأيام الله تعالى فى قوله سبحانه: ﴿وذكرهم بأيام الله﴾، ومن أيام الله تعالى أيام الميلاد وأيام النصر؛ ولذلك كان النبى صلى الله عليه وآله وسلم يصوم يوم الإثنين من كل أسبوع شكرا لله تعالى على نعمة إيجاده واحتفالا بيوم ميلاده كما سبق فى حديث أبى قتادة الأنصارى فى صحيح مسلم، كما كان يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه شكرا لله تعالى وفرحا واحتفالا بنجاة سيدنا موسى عليه السلام.
وكرم الله تعالى يوم الولادة فى كتابه وعلى لسان أنبيائه فقال سبحانه: ﴿وسلام عليه يوم ولد﴾، وقال جل شأنه على لسان السيد المسيح عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم: ﴿والسلام على يوم ولدت﴾، وذلك أن يوم الميلاد حصلت فيه نعمة الإيجاد، وهى سبب لحصول كل نعمة تنال الإنسان بعد ذلك، فكان تذكره والتذكير به بابا لشكر نعم الله تعالى على الناس؛ فلا بأس من تحديد أيام معينة يحتفل فيها بذكرى أولياء الله الصالحين، ولا يقدح فى هذه المشروعية ما قد يحدث فى بعض هذه المواسم من أمور محرمة؛ بل تقام هذه المناسبات مع إنكار ما قد يكتنفها من منكرات، وينبه أصحابها إلى مخالفة هذه المنكرات للمقصد الأساس الذى أقيمت من أجله هذه المناسبات الشريفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.