باتت الإضرابات والاعتصامات التي باتت بمثابة سمة من سمات الشارع المصري يري خبراء السياسة أنها تدل علي زيادة مطالب الشعب في ظل ضعف رسمي لتلبيتها، خاصة مع تصاعد المطالب السياسية التي ترفعها القوي الوطنية للمطالبة بالتغيير في النظام السياسي العام، إلا أن هذا الضغط للتغيير السياسي يتم التعامل معه بمنتهي القسوة من جانب قوات الأمن، وعلي الرغم من أنه التعامل نفسه مع المطالب الفئوية، إلا أنها سرعان ما تستجيب لهذه المطالب، ولكن تكرار هذه الاحتجاجات ورفع شعارات عدم التنازل عن الحقوق التي ينادون بها حتي إذا ماتوا في سبيلها أصبح ينذر بثورة شعبية تكون دموية في الأغلب. ومؤخراً تجمع الآلاف من موظفي مراكز معلومات التنمية المحلية أمام مقر رئاسة مجلس الوزراء؛ احتجاجًا علي عدم تنفيذ القرار الصادر بدفع رواتبهم، وكذلك توزيعهم علي وزارتي الصحة والسكان للعمل كرواد ورائدات ريفيات، إلا أن قوات الأمن تعاملت معهم بمنتهي الشدة، إضافة إلي وجود عدد من مدرعات الشرطة وعربات المطافئ التي تستخدمها الشرطة لتفريق المتظاهرين. أما موظفو شركة "بتروتريد"، فإنهم معتصمون احتجاجًا علي خصم أكثر من 150 جنيهًا من رواتبهم دون إبداء أي أسباب وهو ما دفع 800 موظف بالشركة للاعتصام رافعين لافتة "بتروتريد تستغيث بالرئيس مبارك".. مرددين: وسط شائعات تفيد عزم العاملين بالذهاب إلي المؤتمرات الانتخابية لوزير البترول سامح فهمي بمدينة نصر لعرض مشاكلهم عليه داخل المؤتمرات الانتخابية. فيما اعتصم كذلك 120 عاملا بالشركة الوطنية للمواسير بالمنطقة الصناعية الخامسة بمدينة بدر احتجاجًا علي تخفيض نسبة الحافز عن شهر سبتمبر إلي 30% بما يعادل 9 أيام، فامتنعوا عن قبض الحافز وبدأوا اعتصامهم الأخير. ولا يعد الأمر غريبًا علي الحالة العامة لمصر؛ حيث أخذت الاحتجاجات تتصاعد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، حيث رصد مركز "أولاد الأرض" أن عام 2009 فقط قد شهد 191 اعتصامًا و130 إضرابًا و81 تظاهرة و61 وقفة احتجاجية و29 تجمهرًا. وأكد عمرو ربيع هاشم الخبير السياسي بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، أن الإضرابات والاعتصامات مجرد مطالب فئوية لن يتمكن الشعب خلالها قيادة ثورة شعبية حقيقية.. مرجعًا ذلك إلي المعاناة التي يعيشها المواطن من أزمة "لقمة العيش" وسعيه الدائم للحصول علي "لقمة العيش"، إضافة إلي عدم توافر الشروط المتعلقة بتطبيق العصيان والإضراب في الشعب المصري، وبالتالي ستأتي ثورة عارمة دون أهداف أو تخطيط وتحديدًا في ظل ضعف تأثير الأحزاب السياسية والقوي السياسية المختلفة بمصر. فيما اعتبر عبد الغفار شكر القيادي بحزب التجمع، أن الإضرابات والاعتصامات إنما هي بسبب غياب ضعف دور القوي السياسية في تنشيط المطالب الشعبية ومراعاتها، مما أدي إلي انحصار المطالب لتصبح مجرد مطالبات فئوية.. داعيا القوي السياسية إلي حركة جماهيرية واسعة من الممكن أن تكون هي النواة الأولي للثورة.. مشيرًا إلي أن القيادة السياسية هي الوحيدة القادرة علي قيادة ثورة الشعب؛ لأنه بدونهم ستكون عبارة عن تحرك شعبي غير مدروس قد ينتج عنه مصادمات عنيفة يصعب السيطرة عليها. وقال جمال أسعد عضو مجلس الشعب الأسبق: إن زيادة الإضرابات الفئوية جاءت نتيجة تعبير الشعب المصري عن حالة الغضب الداخلية التي يعيشها كل مواطن لحصوله علي "لقمة العيش" في ظل انتشار الفساد والجرائم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وبالتالي يخضع النظام الحالي لتنفيذ مطالبهم، بينما المظاهرات السياسية ذات مطالب سياسية مثل الرقابة علي الانتخابات وتحقيق الديمقراطية مرتبطة بسياسات النظام والحزب الحاكم، وبالتالي فلن يتم تنفيذها من قبل السلطة الحالية.. محذرًا كذلك من خطورة التحرك الشعبي منفردًا، لأنه قد يتسبب في حدوث حالة من الفوضي التي تؤدي إلي تعقيد الأزمة وليس حلها، حيث إن الانفجار الشعبي سينتج عنه حتمًا مزيد من التصادم مع النظام الذي يسعي بشتي الطرق للحفاظ علي مكانه ليس إلا، دون النظر إلي حال الشعب وقد تصل هذه المصادمات العنيفة إلي حد الغرق في مواجهات دموية.