تواجه لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، خلال الآونة الأخيرة العديد من الانتقادات، أبرزها: اتهامها بالانحياز لشعراء معينين وتجاهل عدد كبير من المبدعين الآخرين خاصة المعارضين منهم للسلطة، إلى جانب عدم اعترافها بشعراء قصيدة النثر، واتهامات أخرى بضعف إقبال الجمهور على أنشطتها الخالية عادة من النجوم، وأخيرا وبعد افتتاح "بيت الشعر" ترددت الأقاويل بأن أمناءه جعلوه صورة من لجنة الشعر فشهد ركودا على غير المتوقع منه كمركز ثقافي مستقل! وفي هذا الصدد، يري الكاتب محمد سلماوي رئيس اتحاد كتاب العرب، أن لجنة الشعر حكومية، شأن كل لجان المجلس الأعلى للثقافة التي تشكل بقرارات رسمية، وبالتالي فهي تمثل من يشكلها، ولا تمثل الشعراء أو المبدعين الذين لم ينتخبوها، وهذا لا ينفي أنها تضم عددا من الشعراء الذين يكن لهم الوسط تقديرا لتاريخهم المميز. أما عما ينقص اللجنة، في نظر سلماوي، فقال: ينقصها كل شيء لتصبح لجنة للشعر، نظرًا لأن تمويلها لو كان يأتي من القطاع الخاص أو المستثمرين ربما كان الوسط سيعول عليها بخلاف وضعها الحالي.. وأضاف: من يرد إقامة أنشطة ثقافية حقيقية فلابد أن يفسح المجال لكل التيارات والأجيال ولا يستخدم فكر المصادرة لمن لا يروقه. ويوضح: اتحاد الكتاب يفسح المجال للجميع، ويبدو ذلك في مهرجان رمضان الثقافي الذي يقدم في مجال الشعر أمسيات تحظى باهتمام الجمهور، إضافة للملتقى الإبداعي السنوي.. ويصف من يسعى لعضوية لجنة الشعر بالمجلس بأنه مهتم فقط بمصلحته الشخصية أو الاستظلال بظل الجهات الحكومية الرسمية. وفيما يتعلق بالبيان الذي أصدره خلال الفترة الماضية عدد قليل من شعراء النثر يطالبون بالإطاحة باللجنة، يستطرد سلماوي: إنهم آسفون فقط لعدم دعوتهم لأنشطة اللجنة، وليست المسألة عندهم في تجاهل قصيدة النثر، كما أن كل الأنشطة التي تقدمها اللجنة لا تتمتع بالمصداقية الكافية ولا تمثل الرأي العام الثقافي والأدبي. وعن الاعتراف بقصيدة النثر من عدمه من قبل اللجنة، فقد أكد الشاعر عبد اللطيف عبد الحليم (أبو همام) أنه كان من الأولى أن يظل موقفًا شخصيا للشعراء أعضاء اللجنة، وألا يجعلوه توجها يظهر في الأنشطة المقامة، ولكن من جهة أخرى فإن من يتقاتل من شعراء النثر على دخول اللجنة فلن يفيد المبدعين في هذا المجال شيئا لأنه لم يهدف من البداية لخدمة قضية معينة. وبسؤاله عن أهداف لجنة الشعر؟.. أفاد بأنها اقتصرت على عدد من الأمسيات المتجهة نحو الشعر العمودي الكلاسيكي، بينما نصيب قصيدة النثر كان أمسية واحدة.. مشيرا إلى أن الموقف المتعنت من قصيدة النثر يعد شكلًا من الرجعية؛ نظرًا إلي أن التطور سنة الحياة، وانتقد أبو همام تشجيع حجازي كذلك لكل ما يفعله وزير الثقافة والعكس. فيما ألمح الناقد الأدبي أسامة عرابي إلى أن أعضاء اللجنة القدامى وعلى رأسهم مقررها، شعراء كبار وهم يرحبون بالاختلاف ويستمعون للآراء المعارضة لنهج اللجنة، إلا أنه في الوقت ذاته يرى أن عدم اعتراف أي شاعر بقصيدة النثر ليس مبرراً للهجوم عليها داخل اللجان العامة، لأن في ذلك مصادرة لحق هؤلاء الشعراء في التواجد والتمثيل ونيل الجوائز. وأضاف أن عددا قليلا من أعضاء لجنة الشعر هم فقط الذين يرفضون تماما وجود قصيدة النثر مع الاعتراف بحق شعرائها في التواجد ولكن ليس على نطاق واسع. أما عن الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي رئيس لجنة الشعر، فيؤكد علاء عبد الهادى مقرر مؤتمر النقد الدولى الخامس، أن لحجازي موقفا من قصيدة النثر، إلا أنه لا يجعل هذا الموقف ينسحب على مجمل عمل اللجنة التي يرأسها. وأكد أن لجنة الشعر لا تملك أبدا مصادرة حق الشعراء في التواجد وحريتهم الإبداعية المطلقة، كما أنها لا تملك صنع أو تلميع شاعر لا يحمل إبداعه سمات الموهبة الحقة والأصالة والتوهج.. لافتًا إلى أن لجنة الشعر لا تهيمن على الساحة الإبداعية؛ فقصيدة النثر تجد الدوريات الصحفية ودور النشر الرسمية وغير الرسمية التي تتفاعل معها وتتحقق فيها. وعما يتعلق ببيت الشعر، أكد د. محمد عليوة، أستاذ الأدب المقارن - جامعة القاهرة، أن الاتهامات بحقه فيها تعجل؛ فهو لم يمض على نشاطه سوى أربعة أشهر، ومن المقرر أن يكون نشاطه أسبوعيا، الأمر الذي سيفتح المجال لاستيعاب كثير من الشعراء على تنوع تجاربهم. وأضاف: إن تركيبة مجلس أمنائه مختلفة عن لجنة الشعر، وعلي الشعراء الذهاب للبيت حتى لو لم يكن لهم فقرات يلقون خلالها أشعارهم؛ إذ الهدف من البيت أن يكون ملكا للشعراء يجمعهم ويتحاورون فيه .