في إحدى القاعات التاريخية لمدينة خينت البلجيكية التي كانت مركزا لتجمُّع الجنود المحاربين، توافد حشد كبير، قارب ال500 مشاهد لمواكبة العرض الذي نظّمته مجموعة من المتطوعين في المدينة لعازفين سوريين من الشباب الذين وصلوا حديثا إلى القارة الأوروبية. القصة بدأت حين تواصل جون فاندال مع عازف العود السوري الحلبي طارق السيد يحيى، طالبا منه إحياء ليلة موسيقية في خينت، لتتولد بعدها فكرة إعادة تجميع أعضاء الفرقة الموسيقية الذين تشردوا في المنافي القسرية بعد خروجهم من سوريا. خالد الحافظ مغن وضارب على الدف، طارق السيد يحيى عازف على العود، تمام رمضان عازف على الناي، يوسف ناصيف عازف على آلة القانون، هذه الفرقة السورية هي التي أحيت ليلة استثنائية في “سينت باف آبي” في مدينة خينت البلجيكية، فصدحت موسيقى الموشحات الأندلسية والحلبية معانقة تاريخ المكان، راوية للحاضرين رهافة الحس العربي وجمال الموسيقى النابعة من هناك عبر حركة الأوتار وصوت الناي. قبل الأمسية التقينا مع جون فاندال المتطوع في “سينت باف آبي” الذي تحدث عن الدافع وراء تنظيم هذه الأمسية، حيث يرى القائمون على الحفل أنه بسبب الأحداث الدامية في سوريا كان لزاما التفكير في شيء ما، هذه الفكرة تطورت على هيئة صورة حفل موسيقي لشباب سوريين موجودين في دول أوروبية عديدة تمت إعادة لمّ شملهم من جديد لأجل الأمسية. جون فاندال لا يعتقد أن الموسيقى تساعد في إيصال صورة ما يحدث هناك، لكنها ضرورية جدا لبيان صورة الضحايا، هؤلاء ضحية للحرب الغادرة، يحاولون التعبير عن أنفسهم من خلال الموسيقى، الموسيقى التي تصل إلى الروح مباشرة، هي الصورة التي يحملها العازفون اليوم عن سوريا، الفكرة هنا تكمن في التلقي، صورة المتلقي المنفتح على الأشكال المختلفة للموسيقى، فكل شيء مختلف شيء جديد. قدّم العازفون مقاطع من الموشحات الأندلسية والحلبية في إطار ما يُعرف بموسيقى الوجد، تلك المعزوفات التي يعود تاريخها إلى ما يقارب ألف عام ماضية، أظهرها الشباب السوريون بصورة الحاضر العبثي الذي نعيشه من خلال مقاطع مغنّاة لقصائد باللغة العربية الفصحى وباللهجة الدارجة الحلبية، مُعتمدين أحيانا على صورة الموشح وأطوارا على كسر شكل القصائد التقليدية بتعدد القوافي والأوزان في قالب قاربوا فيه مزج الفصحى بالعامية المحكية في بعض الارتكازات. الصورة التي انعكست في عيون الحاضرين ضمن القاعة التاريخية في خينت كانت تحمل الكثير من المعاني، رغم أن الغناء الصوفي الذي تم تقديمه كان غارقا بالصور الشرقية، ذلك المشهد يرسم تفاصيل الحكاية للقصة الناقصة والمكتملة في ذات الوقت، بأن الإنسان مُكتمل بالآخر. ذلك الاندماج التام مع تقسيمات العود والقانون والناي من الحاضرين، دفعني إلى سؤال أطياف من الجمهور عن مدى فهمهم لما يقال مع العزف، فكانت الإجابات متفقة على أن الجميع في حالة وجد، تلك الحالة الموجودة أيضا في الثقافة الفلامانية البلجيكية. وعن الأمسية الموسيقية يقول العازف طارق السيد يحيى إن انطباعه لا يختلف اليوم عن انطباعه في مشاركاته السابقة داخل سوريا وخارجها، هذا الشعور يتقاطع فيه جميع أعضاء الفرقة الذين يتخذون من الموسيقى عملا ورسالة شخصية وإنسانية في آن واحد. فتقديم الموسيقى الكلاسيكية الحلبية بروح الشباب في هذه المرحلة المظلمة من تاريخ المشرق، كما يصفها طارق، هو مهمة عظيمة، لما تحمله من محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الروح في بلاد تغرق في ركام الدمار. وعن المتلقي الأوروبي يقول ضيفنا إنه يتمتع بثقافة عالية وإطّلاع متنور وانفتاح ورغبة في اكتشاف الكثير من الثقافات، والمتلقي الذي يجلس بإرادته أكثر من ساعة يستمع لعزف على آلات شرقية لم تدخل إلى أذنه الموسيقية بفعل التعوّد، هو متلق ذكي وعارف ويسعى للتعرف على الآخر بالصورة التي يراها أمامه. في إحدى القاعات التاريخية لمدينة خينت البلجيكية التي كانت مركزا لتجمُّع الجنود المحاربين، توافد حشد كبير، قارب ال500 مشاهد لمواكبة العرض الذي نظّمته مجموعة من المتطوعين في المدينة لعازفين سوريين من الشباب الذين وصلوا حديثا إلى القارة الأوروبية. القصة بدأت حين تواصل جون فاندال مع عازف العود السوري الحلبي طارق السيد يحيى، طالبا منه إحياء ليلة موسيقية في خينت، لتتولد بعدها فكرة إعادة تجميع أعضاء الفرقة الموسيقية الذين تشردوا في المنافي القسرية بعد خروجهم من سوريا. خالد الحافظ مغن وضارب على الدف، طارق السيد يحيى عازف على العود، تمام رمضان عازف على الناي، يوسف ناصيف عازف على آلة القانون، هذه الفرقة السورية هي التي أحيت ليلة استثنائية في “سينت باف آبي” في مدينة خينت البلجيكية، فصدحت موسيقى الموشحات الأندلسية والحلبية معانقة تاريخ المكان، راوية للحاضرين رهافة الحس العربي وجمال الموسيقى النابعة من هناك عبر حركة الأوتار وصوت الناي. قبل الأمسية التقينا مع جون فاندال المتطوع في “سينت باف آبي” الذي تحدث عن الدافع وراء تنظيم هذه الأمسية، حيث يرى القائمون على الحفل أنه بسبب الأحداث الدامية في سوريا كان لزاما التفكير في شيء ما، هذه الفكرة تطورت على هيئة صورة حفل موسيقي لشباب سوريين موجودين في دول أوروبية عديدة تمت إعادة لمّ شملهم من جديد لأجل الأمسية. جون فاندال لا يعتقد أن الموسيقى تساعد في إيصال صورة ما يحدث هناك، لكنها ضرورية جدا لبيان صورة الضحايا، هؤلاء ضحية للحرب الغادرة، يحاولون التعبير عن أنفسهم من خلال الموسيقى، الموسيقى التي تصل إلى الروح مباشرة، هي الصورة التي يحملها العازفون اليوم عن سوريا، الفكرة هنا تكمن في التلقي، صورة المتلقي المنفتح على الأشكال المختلفة للموسيقى، فكل شيء مختلف شيء جديد. قدّم العازفون مقاطع من الموشحات الأندلسية والحلبية في إطار ما يُعرف بموسيقى الوجد، تلك المعزوفات التي يعود تاريخها إلى ما يقارب ألف عام ماضية، أظهرها الشباب السوريون بصورة الحاضر العبثي الذي نعيشه من خلال مقاطع مغنّاة لقصائد باللغة العربية الفصحى وباللهجة الدارجة الحلبية، مُعتمدين أحيانا على صورة الموشح وأطوارا على كسر شكل القصائد التقليدية بتعدد القوافي والأوزان في قالب قاربوا فيه مزج الفصحى بالعامية المحكية في بعض الارتكازات. الصورة التي انعكست في عيون الحاضرين ضمن القاعة التاريخية في خينت كانت تحمل الكثير من المعاني، رغم أن الغناء الصوفي الذي تم تقديمه كان غارقا بالصور الشرقية، ذلك المشهد يرسم تفاصيل الحكاية للقصة الناقصة والمكتملة في ذات الوقت، بأن الإنسان مُكتمل بالآخر. ذلك الاندماج التام مع تقسيمات العود والقانون والناي من الحاضرين، دفعني إلى سؤال أطياف من الجمهور عن مدى فهمهم لما يقال مع العزف، فكانت الإجابات متفقة على أن الجميع في حالة وجد، تلك الحالة الموجودة أيضا في الثقافة الفلامانية البلجيكية. وعن الأمسية الموسيقية يقول العازف طارق السيد يحيى إن انطباعه لا يختلف اليوم عن انطباعه في مشاركاته السابقة داخل سوريا وخارجها، هذا الشعور يتقاطع فيه جميع أعضاء الفرقة الذين يتخذون من الموسيقى عملا ورسالة شخصية وإنسانية في آن واحد. فتقديم الموسيقى الكلاسيكية الحلبية بروح الشباب في هذه المرحلة المظلمة من تاريخ المشرق، كما يصفها طارق، هو مهمة عظيمة، لما تحمله من محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الروح في بلاد تغرق في ركام الدمار. وعن المتلقي الأوروبي يقول ضيفنا إنه يتمتع بثقافة عالية وإطّلاع متنور وانفتاح ورغبة في اكتشاف الكثير من الثقافات، والمتلقي الذي يجلس بإرادته أكثر من ساعة يستمع لعزف على آلات شرقية لم تدخل إلى أذنه الموسيقية بفعل التعوّد، هو متلق ذكي وعارف ويسعى للتعرف على الآخر بالصورة التي يراها أمامه.