تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي علوم.. مؤشرات كليات طب الأسنان 2024 بالدرجات    مؤشرات تنسيق كلية التربية 2025 في جميع المحافظات (علمي وأدبي)    تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي رياضة.. مؤشرات كليات الهندسة 2024 بالدرجات    عيار 21 الآن بعد الزيادة الجديدة.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 22 يوليو في الصاغة (تفاصيل)    رئيس وزراء الكويت يستقبل كامل الوزير لبحث التعاون الاستثماري وتوسيع الشراكة الاقتصادية    الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025    يضم 135 سفينة.. بريطانيا تفرض عقوبات جديدة على «أسطول الظل» الروسي    «الكوكى» يعدد مكاسب المصرى بعد ودية الصفاقسى.. وحسم مصير «جاد» عقب العودة من تونس    بعد رحيله عن الأهلي.. أول تعليق من كريم نيدفيد على انتقاله لسيراميكا كيلوباترا    «عصر العبودية انتهى».. مجدي عبدالغني يفتح النار على بتروجت بسبب حامد حمدان    وسام أبو على يعتذر لجمهور الأهلى: النادى منحنى أفضل عام ونصف فى حياتى    جدول امتحانات الدور الثاني 2025 في الجيزة ( صفوف النقل والشهادة الإعدادية)    تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: منخفض الهند وقبة حرارية في القاهرة والمحافظات    إصابة 9 أشخاص بحالة إعياء بعد تناولهم وجبة عشاء في فرح ب الدقهلية    جدال سابق يعكر صفو تركيزك.. توقعات برج الحمل اليوم 22 يوليو    تشرب شاي بالياسمين؟.. حكاية أحد أشهر الإفيهات الكوميدية ل عادل إمام    بمشاركة مروان موسى وعفروتو.. أحمد سعد يكشف عن بوسترات «حبيبي ياه ياه»    مصطفى كامل ل"إكسترا نيوز": راغب علامة أكد لي امتثاله لقرار النقابة والحضور لحل المشكلة    التحقيق في وفاة سيدة مسنة إثر سقوطها من الطابق السادس بمستشفى طيبة بإسنا    «مكرونة الزواج».. وصفة بسيطة يطلق عليها «Marry me chicken pasta» (الطريقة والمكونات)    وزير الشباب والرياضة: لا نتدخل في سياسات اتحاد الكرة ونتواصل دائمًا مع محمد صلاح    وزير المجالس النيابية: الرشاوي الانتخابية ممنوعة ومجرمة    البيت الأبيض: ترامب "فوجئ" بالقصف الإسرائيلي لسوريا    مصر ترحب بالبيان الصادر عن 25 دولة حول الوضع بالأراضي الفلسطينية المحتلة    ضبط طفل يقود سيارة ملاكي في الجيزة عقب تداول فيديو الواقعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي    جهود مكثفة لضبط عصابة سرقة ماكينات الري في شبرا النملة وقُرى مجاورة بطنطا    انتشال جثة ونقل مُصاب إثر سقوط سيارة نقل من معدية شرق التفريعة ببورسعيد    النائب العام يزور رئيس هيئة قضايا الدولة لتهنئته بتولّي المنصب الجديد    البحيرة.. ضبط مستودع يبيع 455 أسطوانة غاز في السوق السوداء بكفر الدوار    "تنظيم عمل المؤثرين": توصية رئيسية لدراسة ماجستير للباحث محمود أبو حبيب بجامعة عين شمس    «المالية» تكشف حقيقة إطلاق حزمة حماية اجتماعية جديدة    سقوط سيارة نقل من معدية شرق التفريعة ببورسعيد وجهود لإنقاذ مستقليها    وزير المالية: نستهدف إطلاق وثيقة السياسات الضريبية قبل نهاية 2025    ماذا قال عن بيان الاتحاد الفلسطيني؟.. وسام أبو علي يعتذر لجماهير الأهلي    احتفالية وطنية بمكتبة القاهرة الكبرى تروي مسيرة المجد والاستقلال في عيون أدبائها    نجم الزمالك السابق ينتقد اعتذار وسام أبو علي للأهلي    عمر كمال: استفدنا بشكل كبير من ودية الملعب التونسي.. وجاهزون لتحديات الموسم المقبل    رسميا.. افتتاح وحدة مناظير أورام النساء بمستشفى 15 مايو التخصصي    كريم فؤاد: نسيت الإصابة تماما.. وهذا ما أركز عليه الآن    راغب علامة: منعي من الغناء في مصر قرار قاس.. وواقعة المعجبة عفوية    صور| اتفاقية بين الجامعة الألمانية بالقاهرة وغرفة الصناعة العربية الألمانية لدعم التعليم    الشباب العربى فى العصر الرقمى    ولي عهد الكويت يشيد بحكمة الرئيس السيسي وبالدور المصري الداعم لمختلف القضايا العربية    رئيس هيئة الدواء المصرية يوقّع مذكرة تفاهم مع وكالة تنظيم الأدوية السنغالية    فعالية ثقافية لذوى الهمم بمتحف طنطا    وزير الصحة يتفقد مشروعات تطوير مستشفيي الأورام والتل الكبير بالإسماعيلية    هل أرباح السوشيال ميديا حلال أم حرام؟.. الدكتور أسامة قابيل يجيب    رمضان عبدالمعز: اللسان مفتاح النجاة أو الهلاك يوم القيامة    وزير الخارجية: مصر مستعدة لتطوير تعاونها مع مفوضية الإيكواس في تدريب قوة لمكافحة الإرهاب    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    أول ولادة لطفل شمعي من الدرجة المتوسطة بمستشفى سنورس المركزي بالفيوم    المعارضة ليس لها مكان…انتخابات مجلس شيوخ السيسي "متفصلة بالمقاس" لعصابة العسكر    تفاصيل اختطاف قوة إسرائيلية لمدير المستشفيات الميدانية في غزة    النفط والضرائب والسوق السوداء.. ثلاثية الحوثيين لإدارة اقتصاد الظل    أوكرانيا: مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين في أحدث الهجمات الروسية    الجيش الإسرائيلي يحرق منازل بمخيم نور شمس ويواصل عمليات الهدم في مخيم طولكرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"شجرة الفرصاد" سفر الذاكرة ومعها المخيلة في دروب الزمن
نشر في صوت البلد يوم 20 - 06 - 2016

مازال الطفل الذي تركه الشاعر العماني سيف الرحبي في كتابه “شجرة الفرصاد” عند منحدرات الأودية وسفوح الجبال القاسية يقود أشواق روحه في سفر لا ينتهي باتجاه تلك التخوم، التي تتداخل فيها طفولة الذات مع طفولة المكان، تعبيرا عن دوافع نفسية، لاستعادة تلك البدايات التي أسست لوعيه الأول، وعلاقته بالعالم والأشياء والذات وسط جغرافيا مسكونة بالعزلة والأسرار.
لا يؤرخ الرحبي في كتابه الجديد، الصادر عن منشورات الجمل، لطفولة الذات في اكتشافها الأول للعالم أو المكان العماني، بل يعيد سردية تلك التجربة بوصفها لحظة البداية الأولى، التي يعجز عن استعادتها، ما يجعل الكتابة محاولة للتعويض عن هذا الذنب بلغة سوران التي يصدّر بها عمله الجديد، وتواصلا مع الهاجس الأساس الذي تنشغل به أغلب أعمال الشاعر النثرية والشعرية، على مستوى التجربة، التي تتمحور حول العلاقة الحميمة والعميقة مع المكان، باعتباره خزانا للأفكار والمشاعر والجمال، ينسكن به، وهو ما يمكن الوقوف عليه في أغلب عناوين أعماله، التي تشكل مفتاحا تأويليا يستطيع القارئ من خلاله أن يطل على أفق التجربة.
الحديث عن المكان في أي تجربة هو حديث عن الزمان، إذ لا مكان دون زمان، ولا زمان دون مكان يتعين به. تتجلى هذه العلاقة الجدلية في تجربة الشاعر عبر علاقة الطفولة بالمكان، حيث يشكلان الفضاء الذي يرحل فيه دائما ويحاول أن يجعل من بلاغة حضوره حالة شعرية تفيض بالمعنى والدلالة، على عالم تتداخل فيه حيوات الكائنات على اختلاف أنواعها، في تناغم وجداني وروحي، يدل على وحدة هذا الوجود وروح الكون الواحدة “تتوحد الجماعة والحيوان والنبات في روح كونية واحدة تتوحد وتذوب في غيمة زرقاء شاسعة تنزل حمولات مطرها على جروح الأرض وأوجاعها، تتوحد وتنصهر أكثر مما تفعل في مناسبات الأعياد الدينية والاجتماعية وحين تنزل الأمطار في مثل هذه المناسبات يكون الفرح عارما، يحمل البشر على الطيران في فضاء القرية بدل المشي على الأرض”.
يحمل المكان العماني خصوصيته النابعة من خصوصية الموقع والطبيعة والتاريخ والحياة التي تتآلف مكوناتها الاجتماعية والدينية على الرغم من قسوة الطبيعة والحياة الرعوية التي يعيشها الناس هناك. لذلك يحاول الرحبي أن يستعيد بلغة شعرية مكثفة وموحية هذا التاريخ الموغل في التفاصيل والوقائع والأسماء، حتى تبدو بلاغة اللغة هي التجلي لشعرية المكان وبلاغة حضوره في الذاكرة والوعي الجمعي.
يظل عالم القرية بأسراره وإيقاع حياة ساكنيه الرتيب وتفاصيله اليومية هو محور التجربة وكأنه يعيد اكتشاف حكاياته وقصصه من جديد، باعتبارها جزءا من قصص وحكايات الطفولة التي عاشها، وكانت علامة على وجود عاشه في تلك الأماكن القصية والمعزولة، طبع حياته وحياة جيله بسمات خاصة، تداخلت فيها عوامل الطبيعة، مع ثقافة المجتمع وخصوصية المكان بامتداداته المفتوحة على سواحل البحار والمحيطات، ما جعل سيرة الناس لا تنفصل عن سيرة المكان في جدل العلاقة وتحولاتها.
يذهب الرحبي في سرديته الشعرية المفتوحة على بلاغة حضورها نحو الماضي مفتونا بالتفاصيل الكثيرة، التي يستعيدها سواء ما يخص حياة أبناء جيله وبداية تشكل شعورهم بهويتهم الذكورية، أو ما يخص المجتمع العماني بعاداته وتقاليده وطقوس حياته اليومية، وكأنه بذلك يحاول التعويض بالكتابة عن قدرته على استعادة هذه التجربة، ما يجعل الكتابة تعبيرا عن شعور فادح بالزمن الذي يتسرب من بين أصابع يديه، ومحاولة لتأكيد القيمة الإنسانية المرتبطة بالمكان خاصة عندما يحاول أن يرفعها إلى مستوى الأسطرة “وإذا ركزت قليلا في مرآة الصمت السائل في الأفق، يمكن أن تحدس بالعظايا والزواحف الأخرى التي بدأت تتسلق الجدران المتصدعة، والعواء الجبلي المحتقن كبداية حدث يهم بالانفجار، حدث الحياة البسيطة وقد اقتربت ديكتها التي تبدأ خربشة الأوراق والصيحان التدريجي قبل خيوط الفجر الصادق التي ستبدأ الانتشار”.
رحلة الذاكرة
تنفتح الذاكرة على ماضي المكان بحثا عن ذلك التناغم القائم بين عالم الأشياء والكائنات، على الرغم من حالات الفقر والاشتباك الدموي التي لا تعكر انسجام هذا العالم الرعوي الواسع بامتداداته، وخرافاته التي تفوق فيها على بلدان كثيرة تجاوره، بسبب طبيعة تضاريس المكان المحمل بالرعب والعزلة والغموض. من هنا يبدأ الرحبي رحلته مع الذاكرة في عالم المكان والطفولة اليقظة، وقد تحول إلى موضوع للتأمل والاستنطاق بكل طقوسه وعاداته وعلاقاته التي لم تزل حاضرة في وعي الطفولة الذي يعيد بناء علاقته الدرامية معه، بعد أن درست كل آثاره وسط تحولات المكان والعالم.
في هذه الرحلة في الزمان والمكان يعود الشاعر إلى البدايات الأولى التي أسست لوعي الطفل الذي عبر مجاهل هذه الأرض القصية، وعي سينمو ويتطور ليرسم ملامح شخصيته ويؤثر في خياراته، التي ستطبع حياته وعلاقاته مع العالم في ما بعد “وفي امتداد القيم وثباتها الذي لا تشوبه شائبة تعكر صفوه المتوارث عبر الأحقاب عدا ما يتناثر من أفواه القادمين من (العالي) والذين غالبا ما يكونون من دول الجوار أو المشرق الأفريقي أو الهند في حالة بندر مطرح، وأولئك الذين بدأوا بالاستماع إلى الراديو الذي يبث أخبارا ومعلومات تشبه الصدمات الأولى التي أخذت في خدش وعي فطري مستتب وقار، حيث بدأت تلك الأخبار المبعثرة اللامفهومة في الكثير منها تحرك (البرك الراكدة) أيما ركود”.
مازال الطفل الذي تركه الشاعر العماني سيف الرحبي في كتابه “شجرة الفرصاد” عند منحدرات الأودية وسفوح الجبال القاسية يقود أشواق روحه في سفر لا ينتهي باتجاه تلك التخوم، التي تتداخل فيها طفولة الذات مع طفولة المكان، تعبيرا عن دوافع نفسية، لاستعادة تلك البدايات التي أسست لوعيه الأول، وعلاقته بالعالم والأشياء والذات وسط جغرافيا مسكونة بالعزلة والأسرار.
لا يؤرخ الرحبي في كتابه الجديد، الصادر عن منشورات الجمل، لطفولة الذات في اكتشافها الأول للعالم أو المكان العماني، بل يعيد سردية تلك التجربة بوصفها لحظة البداية الأولى، التي يعجز عن استعادتها، ما يجعل الكتابة محاولة للتعويض عن هذا الذنب بلغة سوران التي يصدّر بها عمله الجديد، وتواصلا مع الهاجس الأساس الذي تنشغل به أغلب أعمال الشاعر النثرية والشعرية، على مستوى التجربة، التي تتمحور حول العلاقة الحميمة والعميقة مع المكان، باعتباره خزانا للأفكار والمشاعر والجمال، ينسكن به، وهو ما يمكن الوقوف عليه في أغلب عناوين أعماله، التي تشكل مفتاحا تأويليا يستطيع القارئ من خلاله أن يطل على أفق التجربة.
الحديث عن المكان في أي تجربة هو حديث عن الزمان، إذ لا مكان دون زمان، ولا زمان دون مكان يتعين به. تتجلى هذه العلاقة الجدلية في تجربة الشاعر عبر علاقة الطفولة بالمكان، حيث يشكلان الفضاء الذي يرحل فيه دائما ويحاول أن يجعل من بلاغة حضوره حالة شعرية تفيض بالمعنى والدلالة، على عالم تتداخل فيه حيوات الكائنات على اختلاف أنواعها، في تناغم وجداني وروحي، يدل على وحدة هذا الوجود وروح الكون الواحدة “تتوحد الجماعة والحيوان والنبات في روح كونية واحدة تتوحد وتذوب في غيمة زرقاء شاسعة تنزل حمولات مطرها على جروح الأرض وأوجاعها، تتوحد وتنصهر أكثر مما تفعل في مناسبات الأعياد الدينية والاجتماعية وحين تنزل الأمطار في مثل هذه المناسبات يكون الفرح عارما، يحمل البشر على الطيران في فضاء القرية بدل المشي على الأرض”.
يحمل المكان العماني خصوصيته النابعة من خصوصية الموقع والطبيعة والتاريخ والحياة التي تتآلف مكوناتها الاجتماعية والدينية على الرغم من قسوة الطبيعة والحياة الرعوية التي يعيشها الناس هناك. لذلك يحاول الرحبي أن يستعيد بلغة شعرية مكثفة وموحية هذا التاريخ الموغل في التفاصيل والوقائع والأسماء، حتى تبدو بلاغة اللغة هي التجلي لشعرية المكان وبلاغة حضوره في الذاكرة والوعي الجمعي.
يظل عالم القرية بأسراره وإيقاع حياة ساكنيه الرتيب وتفاصيله اليومية هو محور التجربة وكأنه يعيد اكتشاف حكاياته وقصصه من جديد، باعتبارها جزءا من قصص وحكايات الطفولة التي عاشها، وكانت علامة على وجود عاشه في تلك الأماكن القصية والمعزولة، طبع حياته وحياة جيله بسمات خاصة، تداخلت فيها عوامل الطبيعة، مع ثقافة المجتمع وخصوصية المكان بامتداداته المفتوحة على سواحل البحار والمحيطات، ما جعل سيرة الناس لا تنفصل عن سيرة المكان في جدل العلاقة وتحولاتها.
يذهب الرحبي في سرديته الشعرية المفتوحة على بلاغة حضورها نحو الماضي مفتونا بالتفاصيل الكثيرة، التي يستعيدها سواء ما يخص حياة أبناء جيله وبداية تشكل شعورهم بهويتهم الذكورية، أو ما يخص المجتمع العماني بعاداته وتقاليده وطقوس حياته اليومية، وكأنه بذلك يحاول التعويض بالكتابة عن قدرته على استعادة هذه التجربة، ما يجعل الكتابة تعبيرا عن شعور فادح بالزمن الذي يتسرب من بين أصابع يديه، ومحاولة لتأكيد القيمة الإنسانية المرتبطة بالمكان خاصة عندما يحاول أن يرفعها إلى مستوى الأسطرة “وإذا ركزت قليلا في مرآة الصمت السائل في الأفق، يمكن أن تحدس بالعظايا والزواحف الأخرى التي بدأت تتسلق الجدران المتصدعة، والعواء الجبلي المحتقن كبداية حدث يهم بالانفجار، حدث الحياة البسيطة وقد اقتربت ديكتها التي تبدأ خربشة الأوراق والصيحان التدريجي قبل خيوط الفجر الصادق التي ستبدأ الانتشار”.
رحلة الذاكرة
تنفتح الذاكرة على ماضي المكان بحثا عن ذلك التناغم القائم بين عالم الأشياء والكائنات، على الرغم من حالات الفقر والاشتباك الدموي التي لا تعكر انسجام هذا العالم الرعوي الواسع بامتداداته، وخرافاته التي تفوق فيها على بلدان كثيرة تجاوره، بسبب طبيعة تضاريس المكان المحمل بالرعب والعزلة والغموض. من هنا يبدأ الرحبي رحلته مع الذاكرة في عالم المكان والطفولة اليقظة، وقد تحول إلى موضوع للتأمل والاستنطاق بكل طقوسه وعاداته وعلاقاته التي لم تزل حاضرة في وعي الطفولة الذي يعيد بناء علاقته الدرامية معه، بعد أن درست كل آثاره وسط تحولات المكان والعالم.
في هذه الرحلة في الزمان والمكان يعود الشاعر إلى البدايات الأولى التي أسست لوعي الطفل الذي عبر مجاهل هذه الأرض القصية، وعي سينمو ويتطور ليرسم ملامح شخصيته ويؤثر في خياراته، التي ستطبع حياته وعلاقاته مع العالم في ما بعد “وفي امتداد القيم وثباتها الذي لا تشوبه شائبة تعكر صفوه المتوارث عبر الأحقاب عدا ما يتناثر من أفواه القادمين من (العالي) والذين غالبا ما يكونون من دول الجوار أو المشرق الأفريقي أو الهند في حالة بندر مطرح، وأولئك الذين بدأوا بالاستماع إلى الراديو الذي يبث أخبارا ومعلومات تشبه الصدمات الأولى التي أخذت في خدش وعي فطري مستتب وقار، حيث بدأت تلك الأخبار المبعثرة اللامفهومة في الكثير منها تحرك (البرك الراكدة) أيما ركود”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.