أسعار الخضراوات والفاكهة بداية تعاملات اليوم السبت    أسعار الفراخ البيضاء في الأسواق المحلية    المبعوث الأمريكي: إسرائيل وسوريا تتوصلان لوقف إطلاق النار    فاينانشيال تايمز: ترامب يصعد ضغوطه ويخطط لفرض 20% رسوما على بضائع الاتحاد الأوروبي    حي الساحل: العقار النهار متهالك وصادر له قرار ترميم    انطلاق صيف الأوبرا.. فتحي سلامة ومحمود التهامي البوابة السحرية لعالم الروحانيات الصوفية    محمد رمضان ينتهي من تصوير إعلان جديد بالساحل الشمالي.. (تفاصيل)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 19-7-2025 في محافظة قنا    رئيس هيئة البترول يتفقد منطقة أسيوط لمتابعة جاهزية المشروعات    «الأرصاد» تحذر: طقس اليوم شديد الحرارة على معظم الأنحاء    «حقوق القاهرة» تنظم دورة قانونية متخصصة حول الاستثمار العقاري    أحمد عبد الدايم: مصر تنطق بصوت أفريقيا وتسعى لتعزيز تكاملها الاقتصادى    هيجسيث يؤكد تدمير المواقع النووية الثلاثة في إيران بضربات أمريكية    مجزرة إسرائيلية جديدة.. 30 شهيدا و70 مصابا من منتظري المساعدات برفح    الزمالك يوضح حقيقة انقطاع فتوح عن معسكر الفريق    غيط: الإسماعيلي مهدد بخصم 9 نقاط من رصيده ثم الهبوط.. ويحتاج ل 1.8 مليون دولار    بالفيديو.. موعد نتيجة الثانوية العامة 2025 وبشرى سارة للطلاب    الطقس اليوم السبت 19-7-2025.. انخفاض طفيف بدرجات الحرارة وارتفاع بالرطوبة    تعرف على الحالة المرورية بالطرق السريعة بالقليوبية| اليوم    متخصصة فى الذكاء الاصطناعى.. شروط التقدم لمدرسة أبدا الوطنية للتكنولوجيا    غدًا.. أخر موعد لتنازل المرشحين بانتخابات مجلس الشيوخ عن الترشح    تحديث سعر الدولار اليوم بمستهل تعاملات السبت 19 يوليو 2025    هيو جاكمان يظهر في الجزء الجديد من فيلم Deadpool    مين عملها أحسن؟ حديث طريف بين حسين فهمي وياسر جلال عن شخصية "شهريار" (فيديو)    أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 19 يوليو    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقي الرئيس الإقليمي لشركة جانسن بمصر والأردن والسودان وليبيا وأثيوبيا    وزارة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 5 ملايين خدمة طبية مجانية × 3 أيام    نائب وزير المالية للبوابة نيوز: دمج المراجعتين الخامسة والسادسة من البرنامج المصرى مع "النقد الدولي"غير مقلق    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. السبت 19 يوليو 2025    بعد التوقف الدولي.. حسام حسن ينتظر استئناف تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم    زينة.. عام سينمائي غير مسبوق    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    الحرف التراثية ودورها في الحفاظ على الهوية المصرية ضمن فعاليات ثقافية بسوهاج    أول ظهور ل رزان مغربي بعد حادث سقوط السقف عليها.. ورسالة مؤثرة من مدير أعمالها    «شعب لا يُشترى ولا يُزيّف».. معلق فلسطيني يدعم موقف الأهلي ضد وسام أبوعلي    عيار 21 يترقب مفاجآت.. أسعار الذهب والسبائك اليوم في الصاغة وتوقعات بارتفاعات كبيرة    ترامب يتوقع إنهاء حرب غزة ويعلن تدمير القدرات النووية الإيرانية    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    مصدر أمني يكشف حقيقة سرقة الأسوار الحديدية من أعلى «الدائري» بالجيزة    رئيس حكومة لبنان: نعمل على حماية بلدنا من الانجرار لأي مغامرة جديدة    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    "صديق رونالدو".. النصر يعلن تعيين خوسيه سيميدو رئيسا تنفيذيا لشركة الكرة    ستوري نجوم كرة القدم.. ناصر منسي يتذكر هدفه الحاسم بالأهلي.. وظهور صفقة الزمالك الجديدة    مطران نقادة يلقي عظة روحية في العيد الثالث للابس الروح (فيدىو)    تطورات جديدة في واقعة "بائع العسلية" بالمحلة، حجز والد الطفل لهذا السبب    بشكل مفاجئ، الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم يحذف البيان الخاص بوسام أبو علي    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    مصرع طفلة غرقًا في مصرف زراعي بقرية بني صالح في الفيوم    «زي النهارده».. وفاة اللواء عمر سليمان 19 يوليو 2012    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    تعاني من الأرق؟ هذه التمارين قد تكون مفتاح نومك الهادئ    وزير الخارجية اللبنانى لنظيره الأيرلندي: نطلب دعم بلدكم لتجديد "اليونيفيل"    "القومي للمرأة" يستقبل وفدًا من اتحاد "بشبابها" التابع لوزارة الشباب والرياضة    اليوم.. الاستماع لمرافعة النيابة في قضية «مجموعات العمل النوعي»    5 طرق فعالة للتغلب على الكسل واستعادة نشاطك اليومي    عبد السند يمامة عن استشهاده بآية قرآنية: قصدت من «وفدا» الدعاء.. وهذا سبب هجوم الإخوان ضدي    هل مساعدة الزوجة لزوجها ماليا تعتبر صدقة؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زهور كرام: أين التراكم في علاقة الرواية بالفضاء الإلكتروني؟
نشر في صوت البلد يوم 11 - 05 - 2016

أثنت الكاتبة والناقدة المغربية د. زهور كرام على مؤسسة بحر الثقافة وملتقاها الثقافي بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته ال 26 في ندوتها التي شهدها الملتقي "الرواية والفضاء الإلكتروني" على التفكير بطرح موضوع الأدب عامة والقصة والرواية خاصة في الفضاء الالكتروني، حيث اعتبرت التفكير في حد ذاته استراتيجية ذهنية وفكرية، واعتبرت أن موضوع علاقة الروايات بالفضاء الالكتروني ذي طبيعة خاصة وله خصوصية عن باقي القضايا المعرفية والفكرية والأدبية الأخرى التي يتم تناولها بالنقاش.
وقالت "هذه الخصوصية ليس تمييزا معرفيا لعلاقة الأدب بالتكنولوجيا بقدر أن هذا التمييز تمييزا منهجيا ليس إلا، بمعنى أننا عندما نتحدث عن علاقة الأدب بالفضاء التكنولوجي قد نبدأ بالحديث عن هذه العلاقة التي قد تبدو عادية جدا لكن بالنهاية نجد أنفسنا نفكر في موقعنا نحن ذوات عربية ومجتمعات عربية وأفراد في الزمن التكنولوجي، ومن ثم الحديث عن هذه العلاقة يرمي بنا إلى التفكير في موقعنا من الانخراط في الزمن التكنولوجي، وهل هو انخراط وظيفي من شأنه أن ينتج لنا حالة ثقافية تعبر عن طبيعة انخراطنا في زمن التحولات التكنولوجية بشكل عام".
وتساءلت "هل هذه العلاقة سمحت لنا بإنتاج تمثلات تشبهنا في علاقتنا بالتطورات التكنولوجية؟ لأن الأدب في النهاية ينتج وعيا بزمن التحولات؟ هل الأدب الذي ننتجه عبر الوسيط الالكتروني تمكن من إنتاج وعي بزمن التحولات التي تعيشها المجتمعات العربية شريطة أن هذه التحولات ذات علاقة بموقع الفرد العربي والمجتمعات العربية والدول العربية في زمن التكنولوجيا؟ وبالتالي يصبح الأدب الآن هو واجهة تشخيصية عن مجمل هذه التمثلات".
وقالت "إن الموضوع مهم جدا لأنه لا يعني التفكير فقط في العلاقة بين الأدب والتكنولوجيا ولكن تساؤل هل بالفعل نحن كعرب وصلنا الآن إلى مستوى أن ننتج أدبا رمزيا يشبه موقعنا في زمن التحولات حتى نستطيع أن نتمثل وضعنا فيه، هل بالفعل نحن منتجين وأن هذه العلاقة علاقة وظيفية أم هي علاقة استهلاكية واستخدامية ليس إلا؟ لذلك فالموضوع مهم جدا استراتيجيا وحضاريا ويمس وضعيات متعددة تبدأ من الأدب في علاقته بالتكنولوجيا لتذهب بنا بعيدا حيث موقعنا في الزمن التكنولوجي".
واستطرت متسائلة "ماذا نعني بعلاقة الأدب بالفضاء التكنولوجي؟ وكيف يتجلى لنا هذا الأدب؟ وهل بالفعل نحن ننتج أدبا له علاقة بالوسيط التكنولوجي؟ ثم كيف هو هذا الأدب هل هو أدب لديه القدرة أن ينتج الحالة الثقافية الراهنة العربية؟".
ورأت زهور كرام أن أدب الفضاء الإلكتروني أصبح الآن مصطلحا علميا كون الواقع يفرضه، "نحن نقول في إطار البحث العلمي كلما كانت هناك قضايا فكرية أصبح التداول حولها يثير كثيرا من اللغز، علينا أن نعيد هذا التداول إلى التدقيق المفهومي حتى نتبين طبيعته، واللغز ليس في تسمية هذا الأدب الذي يتم إنتاجه عبر الوسيط التكنولوجي ولكن اللغز عبر مجموعة من المفردات التي قد تعين هذه العلاقة لأننا نلتقي بما يسمى بالتفاعلي والترابطي والرقمي إلى غير ذلك".
وأضافت هل نحن في الثقافة العربية ننتج هذه العلاقة؟ هل لدينا منتوج؟ هل لدينا إنتاجات حتى نتبين طبيعة هذه العلاقة؟ وأشارت إلى مجموعة من هذه المظاهر أولا الرواية التكنولوجية: وهي ليست الرواية الرقمية أو الرواية الترابطية، ولكنها باختصار شديد هي الرواية الواقعية والتي يتم تحقيقها عبر صيغة الوسيط التكنولوجي لكي يتم تحميلها من جديد، وربما أن القارئ يعيد طباعتها إذا لم يتم التوصل إليها عن طريق المكتبات القريبة منه، هذا النوع هو المنجز العربي اليوم، هو الذي يحقق إمكانية مهمة أمام القراء لكي يتعرفوا على جديد الروايات في كل المنطقة، مثلا كل الروايات المغربية يمكن الآن تحميلها من خلال مواقع الكترونية دون الذهاب إلى المعارض أو شرائها، وهذا النوع حل لنا مشكلة توزيع الروايات في العالم العربي، نحن نعلم أن أكبر مشكلة في الثقافة العربية هي تسويق الكتاب وتوزيعه ولذلك الصيغة الالكترونية أو التكنولوجية ساهمت في فك الحصار عن الكتاب العربي والرواية العربية، وباستطاعة القراء أن يقوموا بتحميل ما يريدون من روايات انطلاقا من المواقع الاجتماعية. وأكيد هذه الصيغة سوف تعمل على تغيير الرواية المحققة ورقيا لكن سوف تغير القارئ الذي سوف يغير حركية القراءة من الأفقية عملية التصفح إلى العمودية.
النوع الثاني الرواية التفاعلية وهي ليست الرواية الترابطية أو الرقمية وإنما الرواية التي تكون بمبادرة من المؤلف، وقد ظهر من هذا النوع عدد قليل جدا من الروايات العربية وعلى رأسها رواية الكاتب المغربي عبدالواحد استيتو "على بعد ملمتر واحد فقط "، كيف كتب هذه الرواية؟ فتح صفحة على الفيسبوك وبدأ يكتب وبدأ القراء يتفاعلون، طريقة تفاعل القراء هي التي جعلت لهذه الرواية حياة، ربما هذه الرواية لم تكن لتتحقق نصا لولا وجود طبيعة هذا التفاعل، لذلك كما يقول صاحب الرواية إنه كان يكتب فصلا في يومين، هذا الإيقاع السريع، نحن نعلم في الزمن التكنولوجي أن للزمن قيمة كبرى، هذا الإيقاع في كتابة فصول الرواية بشكل يومي أو أسبوعي دليل على أن التفاعل قوي وإيجابي، وبالتالي وظيفي وهو ما جعل النص ينمو ويكبر ويأخذ صفة الرواية.
وسوف نلاحظ أن الروائي كلما كان يكتب فصلا يقول لقراء صفحته ما رأيكم في لغة هذا الفصل؟ ما رأيكم في الشخصيات؟ وكيف تجدون طبيعة هذه الشخصيات؟ والقراء يتفاعلون مع تساؤلاته وأحداث وشخصيات النص ويقترحون تعديلات أو إضافات ويمنحون النص مساره الطبيعي، ولو لم يكن التفاعل بهذا المستوى ربما كنا بصدد رواية أخرى بخلاف هذه الرواية "على بعد ملمتر واحد فقط"، بعدها نشرها المؤلف ورقيا. وهي الآن تباع في السوق ورقيا، وهكذا كنا ننطلق من الصيغة الأولى الورقية، والآن ننطلق من الصيغة التفاعلية التكنولوجية إلى الصيغة الورقية.
نعيش الآن هاتين التجربتين والملاحظ فيهما أننا لم نتوفر بعد من هذا النوع الثاني رواية أو روايتين في حين نجد نماذج كثيرة في التجربة الفرنسية حتى أنه يسمى بالتأليف الجماعي، وسوف نلاحظ بالنهاية أن المسألة ليست عبثية أو مجانية لكن تدخل في إطار المنطق العالمي للزمن التكنولوجي الذي نتحدث فيه عن مفهوم الشراكة، والشراكة لم تعد فقط في التدوير السياسي أو الاقتصادي ولكن الشراكة أصبحت في التمثلات الرمزية التي نعني بها الأدب.
النوع الثالث هو النوع الناضج والمتميز وهي الرواية الرقمية التي ظهرت في التجربة العربية قبل التجربة التكنولوجية والتجربة الفاعلية، ربما قبل الوعي بضرورة تحميل الروايات وقبل كتابة رواية متفاعلة مع القراء، وقد بدأ هذا النوع مع الروائي الأردني محمد سناجله، وهنا نتحدث عن نموذجين النموذج الترابطي الصرف الذي لم ينخرط بشكل كبير في الوسائط المالتميديا والرقمية ونجده في نموذج "محطات.. سيرة افتراضية لكائن من ذاك الزمان" للكاتب المغربي محمد أشويكه والذي اعتمد على تقنية الرابط، كل من يدخل على موقع الكاتب سوف يلاحظ بأن وضعه نصه بتقنية الرابط، وثم هناك نموذج محمد سناجله خاصة عمليه الرقميين الأولين "شات" و"صقيع"، حيث تمثل الميديا والفيديو والصوت والمشهد والحركة. ثم التجربة الأخيرة لسناجلة "ظلال العاشق - التاريخ السري لكموش" التي يطور فيها استعمل الوسيط الرقمي مع الفلاش ميكرو ميديا والفيديو والحركة والأصوات.
وأوضحت زهور كرام "الملاحظ في كل هذه التجليات في علاقة الأدب أو الرواية بالفضاء التكنولوجي، أن المشهد العربي لم يحقق تراكما مهما حتى نستطيع أن نرى هذه النماذج بطريقة معرفية ثقافية فكرية، فعندما يكون هناك نص واحد في هذه التجربة فنحن لا نرى النص بشكل جيد، ولكي نراه لا بد من وجود نصوص أخرى، لذلك عندما بث محمد سناجله نصه الجديد بداية عام 2016 لم يكن هناك تفاعل كبير أو قراءات ومتابعات كثيرة، ربما لأن النص معقد ويحتاج إلى ثقافة رقمية ومسافة من النص حتى يمكن الاقتراب منه بإمكانية جديدة.
إن القراءة تحتاج إلى تعددية في النص لأننا لا نرى النص إلا من خلال النص الآخر، لا يمكن أن نرى النص عندما لا يكون أمامنا إلا نص واحد، إذن نحن نحتاج إلى التراكم وإلى التعدد لكي نستطيع التقدم نحو هذا النص الذي هو جديد في تجربته حتى نراه، لذلك مشكلة هذه التجارب الذي تنتج في إطار الثقافة العربية ليس هناك تفاعل مهم حولها، وعندما أتحدث عن التفاعل لا أتحدث الانطباعي في المواقع والوسائط الالكترونية ولكن عن التفاعل المعرفي الذي من شأنه إنتاج خطاب معرفي كي ندرك طبيعة هذه العلاقة بين الأدب والتكنولوجيا.
أثنت الكاتبة والناقدة المغربية د. زهور كرام على مؤسسة بحر الثقافة وملتقاها الثقافي بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته ال 26 في ندوتها التي شهدها الملتقي "الرواية والفضاء الإلكتروني" على التفكير بطرح موضوع الأدب عامة والقصة والرواية خاصة في الفضاء الالكتروني، حيث اعتبرت التفكير في حد ذاته استراتيجية ذهنية وفكرية، واعتبرت أن موضوع علاقة الروايات بالفضاء الالكتروني ذي طبيعة خاصة وله خصوصية عن باقي القضايا المعرفية والفكرية والأدبية الأخرى التي يتم تناولها بالنقاش.
وقالت "هذه الخصوصية ليس تمييزا معرفيا لعلاقة الأدب بالتكنولوجيا بقدر أن هذا التمييز تمييزا منهجيا ليس إلا، بمعنى أننا عندما نتحدث عن علاقة الأدب بالفضاء التكنولوجي قد نبدأ بالحديث عن هذه العلاقة التي قد تبدو عادية جدا لكن بالنهاية نجد أنفسنا نفكر في موقعنا نحن ذوات عربية ومجتمعات عربية وأفراد في الزمن التكنولوجي، ومن ثم الحديث عن هذه العلاقة يرمي بنا إلى التفكير في موقعنا من الانخراط في الزمن التكنولوجي، وهل هو انخراط وظيفي من شأنه أن ينتج لنا حالة ثقافية تعبر عن طبيعة انخراطنا في زمن التحولات التكنولوجية بشكل عام".
وتساءلت "هل هذه العلاقة سمحت لنا بإنتاج تمثلات تشبهنا في علاقتنا بالتطورات التكنولوجية؟ لأن الأدب في النهاية ينتج وعيا بزمن التحولات؟ هل الأدب الذي ننتجه عبر الوسيط الالكتروني تمكن من إنتاج وعي بزمن التحولات التي تعيشها المجتمعات العربية شريطة أن هذه التحولات ذات علاقة بموقع الفرد العربي والمجتمعات العربية والدول العربية في زمن التكنولوجيا؟ وبالتالي يصبح الأدب الآن هو واجهة تشخيصية عن مجمل هذه التمثلات".
وقالت "إن الموضوع مهم جدا لأنه لا يعني التفكير فقط في العلاقة بين الأدب والتكنولوجيا ولكن تساؤل هل بالفعل نحن كعرب وصلنا الآن إلى مستوى أن ننتج أدبا رمزيا يشبه موقعنا في زمن التحولات حتى نستطيع أن نتمثل وضعنا فيه، هل بالفعل نحن منتجين وأن هذه العلاقة علاقة وظيفية أم هي علاقة استهلاكية واستخدامية ليس إلا؟ لذلك فالموضوع مهم جدا استراتيجيا وحضاريا ويمس وضعيات متعددة تبدأ من الأدب في علاقته بالتكنولوجيا لتذهب بنا بعيدا حيث موقعنا في الزمن التكنولوجي".
واستطرت متسائلة "ماذا نعني بعلاقة الأدب بالفضاء التكنولوجي؟ وكيف يتجلى لنا هذا الأدب؟ وهل بالفعل نحن ننتج أدبا له علاقة بالوسيط التكنولوجي؟ ثم كيف هو هذا الأدب هل هو أدب لديه القدرة أن ينتج الحالة الثقافية الراهنة العربية؟".
ورأت زهور كرام أن أدب الفضاء الإلكتروني أصبح الآن مصطلحا علميا كون الواقع يفرضه، "نحن نقول في إطار البحث العلمي كلما كانت هناك قضايا فكرية أصبح التداول حولها يثير كثيرا من اللغز، علينا أن نعيد هذا التداول إلى التدقيق المفهومي حتى نتبين طبيعته، واللغز ليس في تسمية هذا الأدب الذي يتم إنتاجه عبر الوسيط التكنولوجي ولكن اللغز عبر مجموعة من المفردات التي قد تعين هذه العلاقة لأننا نلتقي بما يسمى بالتفاعلي والترابطي والرقمي إلى غير ذلك".
وأضافت هل نحن في الثقافة العربية ننتج هذه العلاقة؟ هل لدينا منتوج؟ هل لدينا إنتاجات حتى نتبين طبيعة هذه العلاقة؟ وأشارت إلى مجموعة من هذه المظاهر أولا الرواية التكنولوجية: وهي ليست الرواية الرقمية أو الرواية الترابطية، ولكنها باختصار شديد هي الرواية الواقعية والتي يتم تحقيقها عبر صيغة الوسيط التكنولوجي لكي يتم تحميلها من جديد، وربما أن القارئ يعيد طباعتها إذا لم يتم التوصل إليها عن طريق المكتبات القريبة منه، هذا النوع هو المنجز العربي اليوم، هو الذي يحقق إمكانية مهمة أمام القراء لكي يتعرفوا على جديد الروايات في كل المنطقة، مثلا كل الروايات المغربية يمكن الآن تحميلها من خلال مواقع الكترونية دون الذهاب إلى المعارض أو شرائها، وهذا النوع حل لنا مشكلة توزيع الروايات في العالم العربي، نحن نعلم أن أكبر مشكلة في الثقافة العربية هي تسويق الكتاب وتوزيعه ولذلك الصيغة الالكترونية أو التكنولوجية ساهمت في فك الحصار عن الكتاب العربي والرواية العربية، وباستطاعة القراء أن يقوموا بتحميل ما يريدون من روايات انطلاقا من المواقع الاجتماعية. وأكيد هذه الصيغة سوف تعمل على تغيير الرواية المحققة ورقيا لكن سوف تغير القارئ الذي سوف يغير حركية القراءة من الأفقية عملية التصفح إلى العمودية.
النوع الثاني الرواية التفاعلية وهي ليست الرواية الترابطية أو الرقمية وإنما الرواية التي تكون بمبادرة من المؤلف، وقد ظهر من هذا النوع عدد قليل جدا من الروايات العربية وعلى رأسها رواية الكاتب المغربي عبدالواحد استيتو "على بعد ملمتر واحد فقط "، كيف كتب هذه الرواية؟ فتح صفحة على الفيسبوك وبدأ يكتب وبدأ القراء يتفاعلون، طريقة تفاعل القراء هي التي جعلت لهذه الرواية حياة، ربما هذه الرواية لم تكن لتتحقق نصا لولا وجود طبيعة هذا التفاعل، لذلك كما يقول صاحب الرواية إنه كان يكتب فصلا في يومين، هذا الإيقاع السريع، نحن نعلم في الزمن التكنولوجي أن للزمن قيمة كبرى، هذا الإيقاع في كتابة فصول الرواية بشكل يومي أو أسبوعي دليل على أن التفاعل قوي وإيجابي، وبالتالي وظيفي وهو ما جعل النص ينمو ويكبر ويأخذ صفة الرواية.
وسوف نلاحظ أن الروائي كلما كان يكتب فصلا يقول لقراء صفحته ما رأيكم في لغة هذا الفصل؟ ما رأيكم في الشخصيات؟ وكيف تجدون طبيعة هذه الشخصيات؟ والقراء يتفاعلون مع تساؤلاته وأحداث وشخصيات النص ويقترحون تعديلات أو إضافات ويمنحون النص مساره الطبيعي، ولو لم يكن التفاعل بهذا المستوى ربما كنا بصدد رواية أخرى بخلاف هذه الرواية "على بعد ملمتر واحد فقط"، بعدها نشرها المؤلف ورقيا. وهي الآن تباع في السوق ورقيا، وهكذا كنا ننطلق من الصيغة الأولى الورقية، والآن ننطلق من الصيغة التفاعلية التكنولوجية إلى الصيغة الورقية.
نعيش الآن هاتين التجربتين والملاحظ فيهما أننا لم نتوفر بعد من هذا النوع الثاني رواية أو روايتين في حين نجد نماذج كثيرة في التجربة الفرنسية حتى أنه يسمى بالتأليف الجماعي، وسوف نلاحظ بالنهاية أن المسألة ليست عبثية أو مجانية لكن تدخل في إطار المنطق العالمي للزمن التكنولوجي الذي نتحدث فيه عن مفهوم الشراكة، والشراكة لم تعد فقط في التدوير السياسي أو الاقتصادي ولكن الشراكة أصبحت في التمثلات الرمزية التي نعني بها الأدب.
النوع الثالث هو النوع الناضج والمتميز وهي الرواية الرقمية التي ظهرت في التجربة العربية قبل التجربة التكنولوجية والتجربة الفاعلية، ربما قبل الوعي بضرورة تحميل الروايات وقبل كتابة رواية متفاعلة مع القراء، وقد بدأ هذا النوع مع الروائي الأردني محمد سناجله، وهنا نتحدث عن نموذجين النموذج الترابطي الصرف الذي لم ينخرط بشكل كبير في الوسائط المالتميديا والرقمية ونجده في نموذج "محطات.. سيرة افتراضية لكائن من ذاك الزمان" للكاتب المغربي محمد أشويكه والذي اعتمد على تقنية الرابط، كل من يدخل على موقع الكاتب سوف يلاحظ بأن وضعه نصه بتقنية الرابط، وثم هناك نموذج محمد سناجله خاصة عمليه الرقميين الأولين "شات" و"صقيع"، حيث تمثل الميديا والفيديو والصوت والمشهد والحركة. ثم التجربة الأخيرة لسناجلة "ظلال العاشق - التاريخ السري لكموش" التي يطور فيها استعمل الوسيط الرقمي مع الفلاش ميكرو ميديا والفيديو والحركة والأصوات.
وأوضحت زهور كرام "الملاحظ في كل هذه التجليات في علاقة الأدب أو الرواية بالفضاء التكنولوجي، أن المشهد العربي لم يحقق تراكما مهما حتى نستطيع أن نرى هذه النماذج بطريقة معرفية ثقافية فكرية، فعندما يكون هناك نص واحد في هذه التجربة فنحن لا نرى النص بشكل جيد، ولكي نراه لا بد من وجود نصوص أخرى، لذلك عندما بث محمد سناجله نصه الجديد بداية عام 2016 لم يكن هناك تفاعل كبير أو قراءات ومتابعات كثيرة، ربما لأن النص معقد ويحتاج إلى ثقافة رقمية ومسافة من النص حتى يمكن الاقتراب منه بإمكانية جديدة.
إن القراءة تحتاج إلى تعددية في النص لأننا لا نرى النص إلا من خلال النص الآخر، لا يمكن أن نرى النص عندما لا يكون أمامنا إلا نص واحد، إذن نحن نحتاج إلى التراكم وإلى التعدد لكي نستطيع التقدم نحو هذا النص الذي هو جديد في تجربته حتى نراه، لذلك مشكلة هذه التجارب الذي تنتج في إطار الثقافة العربية ليس هناك تفاعل مهم حولها، وعندما أتحدث عن التفاعل لا أتحدث الانطباعي في المواقع والوسائط الالكترونية ولكن عن التفاعل المعرفي الذي من شأنه إنتاج خطاب معرفي كي ندرك طبيعة هذه العلاقة بين الأدب والتكنولوجيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.