التشغيل الرسمي قريبا.. تفاصيل تطوير خط سكك حديد "الفردان - بئر العبد"    أحمد موسى: زيارة الرئيس السيسي لمركز قيادة الدولة الإستراتيجي «رسالة مهمة»    النفط يسجل مكاسب أسبوعية وسط مخاوف الإمدادات بالشرق الأوسط    رصف الطرق الحيوية بمدينة البلينا جنوب سوهاج    «الفرصة الأخيرة اليوم».. طريقة حساب فاتورة الغاز لشهر «أبريل 2024»    انطلاق مسيرة ضخمة تضامنا مع غزة من أمام مبنى البرلمان البريطاني    إدخال 4000 شاحنة مساعدات لغزة من معبر رفح منذ أول أبريل    الزمالك يفوز على طلائع الجيش ويتأهل لنهائي كأس مصر للطائرة رجال    لمكافحة الفساد.. ختام فعاليات ورش عمل سفراء ضد الفساد بجنوب سيناء    مسعود يتابع الاختبار الشفوي لطلبة التمريض بالشرقية    أسستها السويسرية إيفلين بوريه، قصة مدرسة الفخار بقرية تونس في الفيوم (فيديو)    وسط حشد جماهيري كبير.. أحمد سعد يشعل أجواء حفله بولاية هيوستن الأمريكية|صور    مدبولى يشارك فى المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض نيابة عن الرئيس السيسى    حزب "المصريين" يُكرم هيئة الإسعاف في البحر الأحمر لجهودهم الاستثنائية    تعرف على أفضل 10 مطربين عرب بالقرن ال 21 .. أبرزهم الهضبة ونانسي والفلسطيني محمد عساف (صور وتفاصيل)    توقعات عبير فؤاد لمباراة الزمالك ودريمز.. مفاجأة ل«زيزو» وتحذير ل«فتوح»    رمضان عبد المعز: على المسلم الانشغال بأمر الآخرة وليس بالدنيا فقط    وكيل صحة الشرقية يتابع عمل اللجان بمستشفى صدر الزقازيق لاعتمادها بالتأمين الصحي    استهداف إسرائيلي لمحيط مستشفى ميس الجبل بجنوب لبنان    طارق يحيى مازحا: سيد عبد الحفيظ كان بيخبي الكور    المصريون يسيطرون على جوائز بطولة الجونة الدولية للاسكواش البلاتينية للرجال والسيدات 2024 PSA    سؤال برلماني عن أسباب عدم إنهاء الحكومة خطة تخفيف الأحمال    حكم الاحتفال بعيد شم النسيم.. الدكتور أحمد كريمة يوضح (فيديو)    بالفيديو .. بسبب حلقة العرافة.. انهيار ميار البيبلاوي بسبب داعية إسلامي شهير اتهمها بالزنا "تفاصيل"    ناهد السباعي: عالجنا السحر في «محارب» كما جاء في القرآن (فيديو)    بعد جريمة طفل شبرا الخيمة.. خبير بأمن معلومات يحذر من ال"دارك ويب"    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز أداء الحج دون الحصول على تصريح    الرضيعة الضحية .. تفاصيل جديدة في جريمة مدينة نصر    مصر ترفع رصيدها إلى 6 ميداليات بالبطولة الإفريقية للجودو بنهاية اليوم الثالث    رئيس الوزراء الفرنسي: أقلية نشطة وراء حصار معهد العلوم السياسية في باريس    إنجازات الصحة| 402 مشروع قومي بالصعيد.. و8 مشروعات بشمال سيناء    خطة لحوكمة منظومة التصالح على مخالفات البناء لمنع التلاعب    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة جراء سوء الأحوال الجوية    التحالف الوطني للعمل الأهلي.. جهود كبيرة لن ينساها التاريخ من أجل تدفق المساعدات إلى غزة    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    قطاع الأمن الاقتصادي يواصل حملات ضبط المخالفات والظواهر السلبية المؤثرة على مرافق مترو الأنفاق والسكة الحديد    وزير التعليم ومحافظ الغربية يفتتحان معرضًا لمنتجات طلاب المدارس الفنية    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    أبو الغيط من بغداد: جريمة الإبادة في غزة ألقت عبئا ثقيلا لا يمكن تحمله    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عناوين مفرغة
نشر في صوت البلد يوم 16 - 02 - 2016

من الأسئلة التي لا تتكرر كثيرا في آلية فن الكتابة، ولكن هناك من يسألها، في بعض الأحيان: إمكانية كتابة عناوين مسبقة ومحاولة ملئها بالنصوص، فيما بعد، أي عكس كتابة نصوص مملوءة بالفن، ومحاولة تسميتها بعد ذلك؟
لقد سئلت شخصيا هذا السؤال، مرات عدة، في أمسيات حوارية، ولم أستطع الإجابة عليه في وقته، لأن هاجسي لم يكن صناعة العناوين المفرغة بأي حال من الأحوال، وإنما كتابة العناوين التي أراها موحية، بعد أن تنتهي النصوص، أو ربما في منتصف كتابتها، وفي أحيان نادرة، بعد الصفحات الأولى من النص الذي يكون غالبا، مكتملا داخل الذهن منذ زمن.
كان أحد أقاربي البعيدين، يهوى صناعة الأشياء منذ صغره، الأشياء البسيطة والهامشية، كأن يصنع طائرة من الورق المقوى، أو عربة صغيرة من تجميع أسلاك الكهرباء بعد تعريتها، أو نايا من القصب، أو حتى أقفاصا من جريد النخل. إنها هواية لا بأس بها، ويمكن أن تكون مربحة أيضا، حين تصنع أقفاص الدجاج، أو أقفاصا صغيرة توضع فيها الخضروات والفواكه. الذي حدث أن قريبي هذا، أرسل لي مرة، بعد أن كبر كلانا، أكثر من عشرة عناوين لروايات ومجموعات شعرية، قال إنه ابتكرها، وسيقوم بتعبئتها بالنصوص، وعليّ أن أكتب له مقدمة لواحد أو اثنين من عناوينه، قبل أن أرى النصوص.
سألته: ولكن كيف أكتب عن شيء لم أقرأه؟ أو بالأصح لم يكتب حتى، ولا أعرف عنك أنك تتعاطى الأدب؟ رد بأنه الآن يتعاطى أي شيء، بما في ذلك الأدب، وحالما يحصل على مقدمتي، سيبدأ في كتابة نصه، ويتوقع أن يكون نصا مجنونا. كان حلما غريبا بكل تأكيد، وطرحا يدعو للضحك، فالذي يود الكتابة، يكتب ويكتب، يسقط نصه ويقوم، لكنه يكتب، يستخدم الرداءة والجمال معا، اللغة المكسرة والمستقيمة، لكنه يكتب، بلا توقف ليرى النص في النهاية، نخلة باسقة، وبنيانا صلدا يلفت الأنظار، وهناك العشرات يتطلعون إليه، ويقيلون تحت ظله، وقد عرفت كتابا حولوا الصحراء الممعنة في القحط، إلى مرتع للجمال، حين فرضوا عليها احتضان نصوص، كانت في غاية الروعة، وكلنا يعرف رواية: «السماء الواقية» للأمريكي بول بولز التي تدور أحداثها في الصحراء الغربية، وتمتلك حسا عجائبيا أخاذا، كان ثمة سياح متناغمون، وبدو يغنون ويرقصون رغم القحط،، وامرأة جميلة تفقد حب زوجها، وتفقده، وتظل الصحراء بما بذر فيها من تربة حكي كثيفة، هي المتكأ.
نصوص الليبي إبراهيم الكوني، بدءا من «نزيف الحجر»، إلى «المجوس وخريف الدرويش»، ومعظم ما كتب، دليل آخر على تعبئة الصحراء، فهي عند هذا الموهوب، والهادئ حين يتحدث، والطيب حين تصبح صديقه، ليست ذلك التيه الممتد بلا نهاية، بل هي الأم التي تحضن، والأب الذي يمنح الدفء والحنان، والعنزات التي تدر اللبن، هناك خلف كل حجر راكد، حكاية، ووراء كل كثيب أو تل رملي، معضلة بحاجة إلى حل. وهؤلاء الرجال الملثمون، خلقوا ليكونوا أصحاب حل للطلاسم العصية.
لقد قرأت كثيرا للكوني بغرض الإلمام بعالمه، ورغم أن العالم هو العالم نفسه، إلا أنك تراه في كل نص جديد، بوجه جديد، وثياب جديدة، وسمعة جديدة، إما طيبة أو شريرة. كنت قرأت رواية «سلطانات الرمل»، للكاتبة السورية: لينا هويان الحسن، البدوية التي ابتدأت بالصحراء، حين بدأت سكة كتابة الرواية، وكان من الطبيعي أن أعجب بنصها القوي، حول نساء الصحراء وفرسانها، وتلك الأشياء المعرفية التي أضافتها لي كقارئ بعيد عن ذلك الجو. بعض العادات، بعض الممارسات الجيدة، وغير الجيدة، لكنها تمارس، والحكايات الجانبية عن عالم الخرز الملون والبرقع والخلاخيل، وأذكر أن قلت لها، إنني انبهرت بنصها ذلك، وستكتب بجمال في أي فكرة تحاولها، وكان ما حدث أن كتبت روايات عدة بعد ذلك، فيها مدن ونساء حضريات وإغواءات، ونالت شهرتها في سكة الكتابة.
راجعت العناوين المفرغة من النصوص التي أرسلها قريبي، وجدت فيها عناوين غير مألوفة:
جمال ترعاني.
حسناء اسمها الوسادة.
دكة العيون..
بدأت أفكر في الجمال التي يمكن أن ترعى شخصا، أعني راويا للحكاية، ورغم سعة خيالي، لم أستطع تخيل نص مكتوب بهذا المعنى، ومهما وضعت الجمال في هيئة رعاة، فلا تستطيع توظيف بشر، يأكلون البرسيم، وأوراق الأشجار، ويبركون، ويقومون، والجمال تحمل عصا الراعي.
ألغيت هذا العنوان.
فكرت في الحسناء التي اسمها الوسادة، مؤكد هذا عنوان رمزي، ويقصد به أن شخصا أعزب ينام وهو يحتضن وسادة، بزعم أنها حسناء، انتشيت بتفكيري، ولكن لم ترق لي الفكرة، فهي مطروقة ومستهلكة على الصعيد النظري والعملي، وكل العزاب تقريبا، يحتضنون الوسائد، ويحلمون معها.
بالنسبة لدكة العيون، العنوان الثالث، ربما يكون عنوانا لمجموعة شعرية، ولطالما سمعنا بعناوين لمجموعات شعرية، غريبة جدا وغير مألوفة، لكنها تتسق مع جنون الكتابة الشعرية الحالية، ومع رداءة الكثير منها، وعنوان مثل: «قمر يتحدث اللغة الصينية»، أو «أمي جارة لسلحفاة ميتة»، أو «قل لي تاريخ ميلاد القطة السيامية»، كلها باتت عناوين موجودة، ولا تدعو للعجب عند كثير من الناس.
كتبت لقريبي: من فضلك إملأ لي عنوان «حسناء اسمها الوسادة»، برواية لأكتب لك تقديما، فقد فهمت المغزى.
كتبت له ما فهمته، فرد بأنني لم أفهم، فالعنوان يعني، أن هناك فتاة حسناء في الحي الذي سيسكن فيه راوي القصة، اسمها الوسادة. بالطبع كان ذلك عبثا كبيرا، وعبئا كبيرا على صلة القرابة.
أغلقت ملف العناوين المفرغة، وكل ملفات مشابهة صادفتني.
من الأسئلة التي لا تتكرر كثيرا في آلية فن الكتابة، ولكن هناك من يسألها، في بعض الأحيان: إمكانية كتابة عناوين مسبقة ومحاولة ملئها بالنصوص، فيما بعد، أي عكس كتابة نصوص مملوءة بالفن، ومحاولة تسميتها بعد ذلك؟
لقد سئلت شخصيا هذا السؤال، مرات عدة، في أمسيات حوارية، ولم أستطع الإجابة عليه في وقته، لأن هاجسي لم يكن صناعة العناوين المفرغة بأي حال من الأحوال، وإنما كتابة العناوين التي أراها موحية، بعد أن تنتهي النصوص، أو ربما في منتصف كتابتها، وفي أحيان نادرة، بعد الصفحات الأولى من النص الذي يكون غالبا، مكتملا داخل الذهن منذ زمن.
كان أحد أقاربي البعيدين، يهوى صناعة الأشياء منذ صغره، الأشياء البسيطة والهامشية، كأن يصنع طائرة من الورق المقوى، أو عربة صغيرة من تجميع أسلاك الكهرباء بعد تعريتها، أو نايا من القصب، أو حتى أقفاصا من جريد النخل. إنها هواية لا بأس بها، ويمكن أن تكون مربحة أيضا، حين تصنع أقفاص الدجاج، أو أقفاصا صغيرة توضع فيها الخضروات والفواكه. الذي حدث أن قريبي هذا، أرسل لي مرة، بعد أن كبر كلانا، أكثر من عشرة عناوين لروايات ومجموعات شعرية، قال إنه ابتكرها، وسيقوم بتعبئتها بالنصوص، وعليّ أن أكتب له مقدمة لواحد أو اثنين من عناوينه، قبل أن أرى النصوص.
سألته: ولكن كيف أكتب عن شيء لم أقرأه؟ أو بالأصح لم يكتب حتى، ولا أعرف عنك أنك تتعاطى الأدب؟ رد بأنه الآن يتعاطى أي شيء، بما في ذلك الأدب، وحالما يحصل على مقدمتي، سيبدأ في كتابة نصه، ويتوقع أن يكون نصا مجنونا. كان حلما غريبا بكل تأكيد، وطرحا يدعو للضحك، فالذي يود الكتابة، يكتب ويكتب، يسقط نصه ويقوم، لكنه يكتب، يستخدم الرداءة والجمال معا، اللغة المكسرة والمستقيمة، لكنه يكتب، بلا توقف ليرى النص في النهاية، نخلة باسقة، وبنيانا صلدا يلفت الأنظار، وهناك العشرات يتطلعون إليه، ويقيلون تحت ظله، وقد عرفت كتابا حولوا الصحراء الممعنة في القحط، إلى مرتع للجمال، حين فرضوا عليها احتضان نصوص، كانت في غاية الروعة، وكلنا يعرف رواية: «السماء الواقية» للأمريكي بول بولز التي تدور أحداثها في الصحراء الغربية، وتمتلك حسا عجائبيا أخاذا، كان ثمة سياح متناغمون، وبدو يغنون ويرقصون رغم القحط،، وامرأة جميلة تفقد حب زوجها، وتفقده، وتظل الصحراء بما بذر فيها من تربة حكي كثيفة، هي المتكأ.
نصوص الليبي إبراهيم الكوني، بدءا من «نزيف الحجر»، إلى «المجوس وخريف الدرويش»، ومعظم ما كتب، دليل آخر على تعبئة الصحراء، فهي عند هذا الموهوب، والهادئ حين يتحدث، والطيب حين تصبح صديقه، ليست ذلك التيه الممتد بلا نهاية، بل هي الأم التي تحضن، والأب الذي يمنح الدفء والحنان، والعنزات التي تدر اللبن، هناك خلف كل حجر راكد، حكاية، ووراء كل كثيب أو تل رملي، معضلة بحاجة إلى حل. وهؤلاء الرجال الملثمون، خلقوا ليكونوا أصحاب حل للطلاسم العصية.
لقد قرأت كثيرا للكوني بغرض الإلمام بعالمه، ورغم أن العالم هو العالم نفسه، إلا أنك تراه في كل نص جديد، بوجه جديد، وثياب جديدة، وسمعة جديدة، إما طيبة أو شريرة. كنت قرأت رواية «سلطانات الرمل»، للكاتبة السورية: لينا هويان الحسن، البدوية التي ابتدأت بالصحراء، حين بدأت سكة كتابة الرواية، وكان من الطبيعي أن أعجب بنصها القوي، حول نساء الصحراء وفرسانها، وتلك الأشياء المعرفية التي أضافتها لي كقارئ بعيد عن ذلك الجو. بعض العادات، بعض الممارسات الجيدة، وغير الجيدة، لكنها تمارس، والحكايات الجانبية عن عالم الخرز الملون والبرقع والخلاخيل، وأذكر أن قلت لها، إنني انبهرت بنصها ذلك، وستكتب بجمال في أي فكرة تحاولها، وكان ما حدث أن كتبت روايات عدة بعد ذلك، فيها مدن ونساء حضريات وإغواءات، ونالت شهرتها في سكة الكتابة.
راجعت العناوين المفرغة من النصوص التي أرسلها قريبي، وجدت فيها عناوين غير مألوفة:
جمال ترعاني.
حسناء اسمها الوسادة.
دكة العيون..
بدأت أفكر في الجمال التي يمكن أن ترعى شخصا، أعني راويا للحكاية، ورغم سعة خيالي، لم أستطع تخيل نص مكتوب بهذا المعنى، ومهما وضعت الجمال في هيئة رعاة، فلا تستطيع توظيف بشر، يأكلون البرسيم، وأوراق الأشجار، ويبركون، ويقومون، والجمال تحمل عصا الراعي.
ألغيت هذا العنوان.
فكرت في الحسناء التي اسمها الوسادة، مؤكد هذا عنوان رمزي، ويقصد به أن شخصا أعزب ينام وهو يحتضن وسادة، بزعم أنها حسناء، انتشيت بتفكيري، ولكن لم ترق لي الفكرة، فهي مطروقة ومستهلكة على الصعيد النظري والعملي، وكل العزاب تقريبا، يحتضنون الوسائد، ويحلمون معها.
بالنسبة لدكة العيون، العنوان الثالث، ربما يكون عنوانا لمجموعة شعرية، ولطالما سمعنا بعناوين لمجموعات شعرية، غريبة جدا وغير مألوفة، لكنها تتسق مع جنون الكتابة الشعرية الحالية، ومع رداءة الكثير منها، وعنوان مثل: «قمر يتحدث اللغة الصينية»، أو «أمي جارة لسلحفاة ميتة»، أو «قل لي تاريخ ميلاد القطة السيامية»، كلها باتت عناوين موجودة، ولا تدعو للعجب عند كثير من الناس.
كتبت لقريبي: من فضلك إملأ لي عنوان «حسناء اسمها الوسادة»، برواية لأكتب لك تقديما، فقد فهمت المغزى.
كتبت له ما فهمته، فرد بأنني لم أفهم، فالعنوان يعني، أن هناك فتاة حسناء في الحي الذي سيسكن فيه راوي القصة، اسمها الوسادة. بالطبع كان ذلك عبثا كبيرا، وعبئا كبيرا على صلة القرابة.
أغلقت ملف العناوين المفرغة، وكل ملفات مشابهة صادفتني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.