كتاب "الفنان سيد عبدالرسول" هو محاولة لدراسة مبسطة عن العناصر الفنية في أعمال الفنان التشكيلي المصري الراحل سيد عبدالرسول (1917 – 1995)، ولم يغفل الكتاب بالطبع أن يتعرض لسيرة حياة الكاتب في طفولته وشبابه، وكيف أثرت نشأته على تكوينه الشخصي ورؤيته الفنية؟ يتضمن الكتاب مقدمتين، الأولى بقلم الفنان التشكيلي عز الدين نجيب عن سيد عبدالرسول، والمقدمة الثانية بقلم المؤلف عن صاحب السيرة. وفي مقدمة عز الدين نجيب عن عبدالرسول، يصف نجيب صاحب السيرة بأنه فنان شامل كمصور وحفّار وخزّاف ومعلم، وأنه رمى بظله على الحركة الفنية المصرية ما يقرب من ستة عقود بين الثلاثينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وتخرجت على يده أجيال من الفنانين تشربت منه فهماً عميقاً للتراث المصري بعصوره الفرعونية والقبطية والإسلامية. • نجم الستينيات أما مؤلف الكتاب فقد وصف سيد عبدالرسول بأنه "نجم الستينيات"، استمد نجوميته من دوره في إثراء حركة الفن التشكيلي في مصر وتعليم أجيال من الفنانين التشكيليين المصريين، ومن رؤيته الخاصة وأعماله الفنية التي عبر فيها بصدق عن ملامح أصيلة من ملامح المجتمع الذي يعيش فيه. ويصف المؤلف سيد عبدالرسول بأنه فنان تشكيلي يتميز إبداعه بالقدرة النافذة على رؤية العناصر الأساسية البصرية للأمة ككل وإعادة صياغتها على نحو مدهش، ودفع هذه العناصر المنتخبة بعناية إلى فضاء يعكس الواقع على نحو بصري معاصر. ويشير المؤلف إلى أن عبدالرسول هو أول فناني تشكيلي مصري يحصل على وسام العلوم والفنون من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وكان سيد عبدالرسول أيضاً هو أول فنان تشكيلي مصري يحصل على جائزة الدولة التشجيعية من الحكومة المصرية في عام 1958. • عروسة المولد واللافت في سيرة التشكيلي سيد عبدالرسول، أنه أول فنان تشكيلي مصري يقوم برسم عروسة المولد في لوحاته، حيث نجح في إعادة رسم الرموز البصرية الشعبية مع الحفاظ على كيانها الأساسي بشكل لافت. كما يلفت المؤلف إلى ما ميز سيد عبدالرسول كفنان تشكيلي مصري أصيل من أنه استطاع بشكل كامل أن يتحرر من التعلق أو الانبهار بالمدارس الفنية الغربية، لصالح فن نبع من النسيج الاجتماعي المحلي في البيئة المصرية والبيئة العربية التي ينتمي لها بحكم جذوره كابن لعائلة قادمة من الصحراء الغربية المصرية، حيث جعل من الحصان أيقونة جمالية، كما احتفى بالقوام الممشوق لحاملات الجرار والأواني والسلال، ورسم بخطوط من ذهب وفضة المراكب الشراعية والصيادين بمشهد خروجهم للصيد في نيل مصر أو شواطئها. • الثورة المصرية وإلى ملامح من حياة صاحب السيرة، يشير المؤلف إلى أن سيد عبدالرسول وُلد في عام 1919 في ظل صيحات أعظم ثورة للشعب المصري ضد الاحتلال البريطاني تطلب الاستقلال، وهي الثورة التي كانت بمثابة الانطلاق الحقيقي للقومية في مصر، مما أعطى لعبدالرسول فرصة لأن يعي فترة من أنضج الفترات السياسية والوطنية في تاريخ مصر. ويشير المؤلف أيضا إلى أن ميلاد عبدالرسول، الذي ينتمي لأسرة قادمة من الواحات في الصحراء الغربية المصرية، جاء في "الحارة الجوانية" بحي الجمالية المصري الشهير بالقاهرة الفاطمية، وهو نفس الحي الذي استلهم منه أديب نوبل المصري نجيب محفوظ معظم شخصيات رواياته، واعتبر المؤلف أن البيئة التي وُلد وعاش فيها الفنان، أعطته فرصة كبيرة لاكتساب ثراء بصري منذ طفولته، وهو يراقب مواكب الطرق الصوفية وملامح البيئة الشعبية التي ولد وتربى فيها. ويقول المؤلف عن سيد عبدالرسول: إنه في طفولته بحارة الجوانية بحي الجمالية المصري العريق، اتخذ من جدرانها مسرحاً لرسومه في أي وقت وهو صبي، للدرجة التي جعلته يمشي في الحارة ملتفتاً للرسوم التي رسمها على الجدران. كما يشير المؤلف إلى أن صاحب السيرة لم يكتف بالتصوير الذي برع فيه فقط، بل اتجه إلى الخزف لكن بنفس منهج التصوير، حيث نجح في أن يجسد من وحي الأشكال الشعبية والتراثية رؤية فنية خاصة به، حيث جمع ببراعة بين ما يمتلكه من قيم تراثية وبين روح العصر وتقنياته وإيقاعه. وبعد أن يستكمل المؤلف الإشارة لمحطات في حياة عبدالرسول، يشير إلى أنه انفرد بين غيره من الفنانين التشكيليين المصريين في نفس جيله وأجيال أخرى بأن له أسلوباً بنائياً يخضع فيه عناصر لوحاته إلى تصميم على نحو دقيق ومحكم كأنه معماري يخطط لبناء مدينة جديدة، حيث كان الفنان يضع كل ما لديه على المسطح الأبيض داخل إطار يحيط بموضوع اللوحة ككل، ويلونه باللون الغامق، إمعاناً في كسر الإيهام بالمنظور الذي يتبنى تجسيم الأشياء كما هي في الواقع، كما يشير المؤلف إلى أن أسلوب سيد عبدالرسول البنائي يعد امتدادا لفكرة البناء في مشروعه البصري ككل في اعتماده على لا مركزية اللوحة، وتعدد المراكز داخل اللوحة الواحدة. • شهادات فنية يضم الكتاب 14 فصلا بالإضافة إلى ملحق بالصور، وملحق بشهادات معاصرين لسيد عبدالرسول، من أبرزهم الشهادة التي قدّمها المفكر المصري الراحل عبدالوهاب المسيري الذي وصف إبداعات عبدالرسول بأنها مذهلة، وتحمل قيماً جمالية تكشف عن هدوء الفنان وتوازنه الفني. كما يورد المؤلف في شهادة الفنان التشكيلي المصري حسن فؤاد عن سيد عبدالرسول: "وضع سيد عبدالرسول يده أخيرا على المدرسة المصرية التي يبحث عنها، فهو يختار موضوعاته من الحياة الشعبية، ويصوغها في تكوينات مسطحة استلهمها من الفن الفرعوني والقبطي تحيطها الزخارف والرموز المتوارثة وأنغامه اللونية رصينة هادئة". يذكر أن كتاب "الفنان سيد عبدالرسول" للكاتب سيد هويدي صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويقع في نحو 96 صفحة من الحجم المتوسط.