لم يدر بخلد يوسف إدريس "أمير القصة العربية"، ذات يوم أن تأتي بعض الآراء مطالبة بتغيير بعض عباراته التي تحمل رؤاه الدينية، في سبيل إرضاء بعض التوجهات الدينية المتشددة".. هذا ما أكده الباحث مجدي العفيفي الحاصل علي درجة الماجستير مؤخرًا من كلية الآداب بجامعة القاهرة - عن رسالته "البناء الفني في القصة القصيرة عند يوسف إدريس 1954 1971" - مما حدا به للمطالبة بمطابقة الطبعات الأولي لأعمال إدريس بالطبعات الحالية بشكل أكثر دقة، وذكر من تلك الأعمال: "قصص بيت من لحم"، و"أكبر الكبائر"، و"وما خفي كان أعظم". وفي رسالته أكد علي ضرورة المطالبة بوقف طباعة أعمال الكاتب الراحل المتداولة خلال الآونة الحالية، لما تتضمنه من تشويه لجماليات نصوصه تاريخيا، لاسيما وبعض النصوص تحمل تغييرا في بنائها بالحذف.. وفي هذا الصدد يقول الباحث: علي امتداد حوالي أربعين عاما كتب إدريس عشر مجموعات قصصية وسبع مسرحيات وست روايات وثلاثة عشر كتابا من المقالات.. وقد اعتمدت علي مائة نص منشورة بالصحف والدوريات في محاولة لكشف العديد من الأخطاء الواردة بها. وقد تراءي للباحث أن الطبعات الحديثة للأعمال الكاملة لم تهتم بذكر تواريخ نشر كل مجموعة وطباعتها لأول مرة، كما تجاهلت ذكر عدد الطبعات السابقة وتواريخ النشر وأماكنه.. ومن الأخطاء الأخري التي يوردها العفيفي أن مجموعة البطل التي نشرت لأول مرة في يناير 1957 قدمت إعلانا ترويجيا عن مجموعة كتب كانت قد نشرتها دار الفكر في نهاية المجموعة تحت عنوان "دراسات سوفيتية"، وحين أعيدت طباعة المجموعة عام 2008 نشر الإعلان علي أنه نص ليوسف إدريس! لافتًا إلي اختلاط الأنواع الأدبية في البطاقة التعريفية بيوسف إدريس، حيث إن الرواية تذكر علي أنها مجموعة قصصية، والمجموعة تذكر علي أنها كتاب مقالات، وكتاب المقالات يذكر علي أنه مسرحية وهكذا يحدث الخلط الذي يسيء إلي تاريخ "أمير القصة العربية".. إضافة إلي أن بطاقة المؤلفات الكاملة غير موثقة بتاريخ، مما يؤدي إلي عدم التثبت، وكذا إطلاق الأحكام علي المستوي الإبداعي بشكل يتضارب مع الحقيقة الفنية التي تحتاج إلي الحقائق التاريخية. وفي هذا الصدد وما أثارته تلك الرسالة من دق ناقوس الانتباه لإبداعات الراحل يوسف إدريس، استصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، إذنًا من أسرة الكاتب الراحل لإصدار طبعة مدققة محكمة يشرف عليها متخصصون في أعمال إدريس. وعن وقف تداول الأعمال الكاملة، كما يطالب الباحث، يؤكد الناقد د. جابر عصفور، رئيس المركز القومي للترجمة أنه لا أحد يملك هذا الحق؛ لأن هذه الأعمال فعليا وقانونا ملك للناشرين الذين حصلوا علي حق الملكية من الورثة، ولا يملك أحد وقف نشر هذه الأعمال ولا شرائها. ويقول د. مدحت الجيار رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب - جامعة الزقازيق: إذا كانت أعمال إدريس التي صدرت في وقت ما يمكن أن يكون الاستعجال قد أوقعها في أخطاء كثيرة، فيجب أن تراجع عند إعادة طباعتها وأن يضاف إليها بعد وفاته ما لم يطبع من قبل، ولكن حتي لا نسبب أضرارا مادية لدور النشر، فيمكن الانتظار حتي نفاد الطبعات، ثم نضع موعدًا محددًا نلتزم فيه جميعا بتحرق النسخ التي تحمل الأخطاء نهائيا حتي لا يقع عليها جيل من الأجيال فيصدق أنها ليوسف إدريس. ويقترح د. إبراهيم عبد المجيد ضوة عضو مجمع اللغة العربية، أن تتم مراجعة الأعمال الكاملة لأي كاتب كل عشر سنوات، علي أن تعدم النسخ المليئة بالأخطاء وتعدل كل التشوهات التي حدثت.. لافتًا إلي أولوية أن يحدث هذا مع أعمال إدريس لما يشكله من قيمة كبيرة لمصر، فالأخطاء التي غيرت في بناء قصص إدريس بالحذف هي في الأساس أخطاء مطبعية لا يقصد بها تشويه قامة الكاتب الراحل. يأتي هذا في الوقت الذي رفضت فيه د. نسمة يوسف إدريس التعليق علي الأمر برمته.. مؤكدة أنها لم تصادف أي أخطاء في الأعمال المنشورة لوالدها، نظرًا إلي أن هذه الأعمال تطبع في أكبر دور نشر في الشرق الأوسط وفي حالة وجود أخطاء، فإن الأمر ليس في أيدينا ولو كان إدريس حيا لما استطاع فعل شيء لأننا قمنا ببيع حقوق النشر.