قال متخصصون في الأدب العبري إن العثور على خاتم "حزقيا" في القدسالمحتلة لا يعني بالضرورة قدم الوجود اليهودي بفلسطين، وأحقيتهم التاريخية والثقافية في المدينة التي شهدت التواجد العربي منذ الأزمنة السحيقة. كانت وكالة رويترز للأنباء قد نشرت ، خبرًا صحفيًا بعنوان "علماء آثار بالقدس عثروا على "ختم" لأحد الملوك المذكورين في التوراة"، حيث أفردت النسخة العربية لوكالة الأنباء العالمية، عثور أثريين من الجامعة العبرية، على ختم حزقيا في العام 700 قبل الميلاد تقريبا الذي تم وصفه في التوراة بأنه ملك شجاع.. وكرس حزقيا نفسه للقضاء على الوثنية في مملكته. الدكتور فرج قدري الفخراني الباحث في التراث العبري بجامعة قنا قال ل"بوابة الأهرام": إنه لم يكن هناك وجود لليهود كسلطة سياسية في القدس إلا في عهد الأنبياء داود وابنه الملك سليمان، لافتا إلى أن الأختام الملكية لم تكن معروفة قبل هؤلاء". وأشار إلى أن القدس شهدت استيطان أجناس عربية موغلة في القدم وهي أجناس سامية مثل الكنعانيين ويليهم العبرانيون، لافتا إلى أن الوجود اليهودي في القدس قليل وضعيف، حسب وصفه، ولا يماثل هذه الأجناس الموغلة في القدم. ويرى الكاتب الدكتور منير محمود، الباحث في الشئون الإسرائيلية، أنه في علم الحفريات والآثار اكتشاف إحدى الدلائل على شخصية ملك، أو حاكم في مكانٍ ما (خاتم ، سيف ، مشكاة ... إلخ) لا يعني بالضرورة أن المكان الذي تم به الكشف الأثري كان تحت حُكمه أو سيادته. فهناك آلاف التماثيل وقطع الحلي والأختام اكتُشِفت لملوك مصريين من الفراعنة خارج حدود مصر لأسباب عديدة، منها التبادل التجاري مع تلك الدول الخارجية، أو الحملات العسكرية التي كان يقوم بها الفراعنة، بعد طرد الهكسوس طوال فترة الدولة الحديثة ( من عهد أحمس وحتى آخر ملوك الرعامسة في الأسرة العشرين الفرعونية). وأضاف فرج، صاحب دراسات الأسفار اليهودية، أن الأختام الشخصية مختلفة عن الأختام الملكية، لافتا إلى أن حزقيا لم يكن له دور سياسي في القدس بقدر ماكان له دور ديني، مطالبا بوضع خاتم حزقيا على الكربون الأثري والفيزيائي لمعرفته وكشف ماهيته. وأشار إلى أن الوجود اليهودي نشأ في فلسطين على يد الملوك والأنبياء داود وسليمان فقط والميكابيين في القرن الثالث عشر قبل الميلاد واستمر لمدة 300 سنة فقط، لافتا إلى أنها مدة بسيطة ولا تساوي شيئا أمام الأجناس الموغلة في القدم التي أسست فلسطين، وصبغتها بالصبغة الثقافية العربية في مجملها، والتي يضم باطن الأرض الكثير من الآثار لها، غير المكتشفة حتى الآن. ويكشف محمود عن أن وجود خاتم لأحد الملوك المذكورين في التوراة بمنطقة القدس القديمة، لا يمثل أي عنصر مفاجأة لعلماء الآثار لفترةٍ مدونة تاريخيا ومذكورة في جميع الكتب السماوية ( فترة مملكتي يهوذا وإسرائيل وقت الأنبياء (الملوك) داود وسليمان عليهم السلام. وأشار منير إلى أن الإعلام الصهيوني "الموجه" يحاول دائما ربط أي اكتشاف من هذا النوع بفكرة أرض الميعاد وشعب الله المختار، المذكورين في التوراة، وتوظيف هذا الربط بالدولة الإسرائيلية من خلال التركيز على فكرة الجذور التاريخية لليهود في فلسطين وبالذات في القدس؛ لإعطاء مصداقية للمشروع الصهيوني بحق اليهود في العودة واستيطان الأرض. كما أن وجود خاتم للملك حزقيا (حزقياهو) في نطاق منطقة القدس لايمثل دليلا ماديا على مكان هيكل سليمان، الذي يزعم اليهود ذوو الفكر الصهيوني أنه موجود تحت ساحة المسجد الأقصى، ولم يثبت حتى الآن أي دليل أثري لعلماء الحفريات بصحة هذه الادعاءات.