رسميا.. جامعة الأزهر 2025 تفتتح أول كلية للبنات في مطروح وتعلن عن تخصصات جديدة    رسميا بعد الهبوط الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 23 أغسطس 2025    تشيلسي يكتسح وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي الممتاز    محمد الشناوي خارج مباراة الأهلي وغزل المحلة.. هاني رمزي يكشف السبب    رسميا.. مدرسة صناعة الطائرات تعلن قوائم القبول للعام الدراسي الجديد 2025/ 2026    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    ابنة سيد مكاوي عن شيرين عبدالوهاب: فقدت تعاطفي بسبب عدم مسؤوليتها    إسرائيل تشن هجومًا على مخازن تابعة لحزب الله في لبنان    مراسل من دير البلح: المنطقة باتت مستباحة بالكامل تحت نيران الاحتلال    وزير الدفاع الإيراني: صواريخ جديدة برؤوس حربية متطورة لم تُستخدم في حرب ال12 يومًا    استقالة وزير الخارجية الهولندي بسبب موقف بلاده من إسرائيل    تشيلسي يدمر وست هام بخماسية في الدوري الإنجليزي.. فيديو    الحوثيون يعلنون تنفيذ 3 عمليات ضد أهداف في تل أبيب    تنسيق الشهادات المعادلة 2025، قواعد قبول طلاب الثانوية السعودية بالجامعات المصرية    وزير الري يشارك في جلسة "القدرة على الصمود في مواجهة التغير المناخي بقطاع المياه"    أمم إفريقيا للمحليين - المليوي يقود المغرب إلى نصف النهائي.. ومدغشقر تقصي كينيا    فالنسيا من قمم المجد إلى هاوية النسيان.. حين تقودك الإدارة إلى اللعنة    تقرير: ليس فينيسيوس فقط.. أنشيلوتي يستبعد رودريجو من قائمة البرازيل    محمود وفا حكما لمباراة الاتحاد والبنك الأهلى والسيد للإسماعيلى والطلائع    ارتفاع الكندوز 39 جنيها، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    سليم غنيم يحافظ على الصدارة للعام الثاني في سباقات الحمام الزاجل الدولية    اليوم، دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا    في لحظات.. شقة تتحول إلى ساحة من اللهب والدخان    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    قطع المياه عن بعض المناطق بأكتوبر الجديدة لمدة 6 ساعات    خطة عاجلة لتحديث مرافق المنطقة الصناعية بأبو رواش وتطوير بنيتها التحتية    تحت عنوان كامل العدد، مدحت صالح يفتتح حفله على مسرح المحكي ب "زي ما هي حبها"    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    خيرى حسن ينضم إلى برنامج صباح الخير يا مصر بفقرة أسبوعية على شاشة ماسبيرو    ميرهان حسين جريئة وليلى علوي بإطلالة شبابية.. لقطات نجوم الفن في 24 ساعة    حدث بالفن| أول تعليق من شيرين عبد الوهاب بعد أنباء عودتها ل حسام حبيب وفنان يرفض مصافحة معجبة ونجوم الفن في سهرة صيفية خاصة    المنوفية تقدم أكثر من 2.6 مليون خدمة طبية ضمن حملة 100 يوم صحة    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    كتر ضحك وقلل قهوة.. طرق للتخلص من زيادة هرمون التوتر «الكورتيزول»    نجاح عملية جراحية دقيقة لاستئصال ورم ليفي بمستشفى القصاصين فى الإسماعيلية    مقتل عنصر من الأمن السورى فى هجوم انتحارى نفذه "داعش" بدير الزور    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. الدفاع الروسية: سيطرنا على 9 بلدات فى أوكرانيا خلال أسبوع .. وزيرة خارجية سلوفينيا: المجاعة مرحلة جديدة من الجحيم فى غزة.. إسرائيل عطلت 60 محطة تحلية مياه فى غزة    نتيجة تنسيق رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي الأزهر الشريف 2025 خلال ساعات.. «رابط مباشر»    أخبار × 24 ساعة.. موعد انطلاق العام الدراسى الجديد بالمدارس الدولية والرسمية    قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا    ظهور مفاجئ ل «منخفض الهند».. تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: القاهرة تُسجل 40 مئوية    القضاء على بؤرة إجرامية خطرة بأشمون خلال تبادل النار مع قوات الشرطة    ضبط 1954 مخالفة ورفع كفاءة طريق «أم جعفر – الحلافي» ورصف شارع الجيش بكفر الشيخ    الزمالك يواصل استعداداته لمواجهة فاركو بتدريبات استشفائية وفنية    محمد طاهر: الكرة من أفضل أدوات التسويق ورعاية للزمالك لدعم الأندية الشعبية    منها الإقلاع عن التدخين.. 10 نصائح للحفاظ على صحة عينيك مع تقدمك فى العمر (تعرف عليها)    خدعوك فقالوا: «الرزق مال»    هل يجوز شرعًا معاقبة تارك صلاة الجمعة بالسجن؟.. أحمد كريمة يجيب    هل إفشاء السر بدون قصد خيانة أمانة وما حكمه؟ أمين الفتوى يجيب    خطيب الجامع الأزهر: أعداء الأمة يحاولون تزييف التاريخ ونشر اليأس    شنوان.. القرية التي جعلت من القلقاس جواز سفر إلى العالم| صور    محافظ مطروح ورئيس جامعة الأزهر يفتتحان كلية البنات الأزهرية بالمحافظة    رئيس جهاز القرى السياحية يلتقي البابا تواضروس الثاني بالعلمين (صور)    إمام مسجد بكفر الشيخ: لابد أن نقتدى بالرسول بلغة الحوار والتفكير المنضبط.. فيديو    رابطة الصحفيين أبناء الدقهلية تؤكد انحيازها التام لحرية الإعلام    مصلحة الضرائب تنفي وجود خلاف بين الحكومة وشركات البترول حول ضريبة القيمة المضافة    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاتب العراقي حسن بلاسم ومجموعة قصصية صادمة
نشر في صوت البلد يوم 08 - 11 - 2015

لا مجال للتحذلق أمام نصوص الكاتب العراقي حسن بلاسم، القسوة التي تتجاوز تخيّلنا عن الموت وأساليبه تجعل قراءة مجموعة بلاسم أقرب إلى من يسقط في حفرة جدرانها من سكاكين، فكلّما ازددنا سقوطاً وتورطاً في عوالم العراق والمنافي الأوروبيّة التي يتحدث عنها بلاسم، ازدادت شدّة الوجع، في (مَعرض الجثث) الصادرة هذا العام باللغة العربيّة عن دار المتوسط-إيطاليا، نتعرّض لداء سلّ نسعل مع نهايته أحشاءنا كلها خارجاً، لتبقى الحكايات التي نقرأها تراوح بين الواقع الخيال، مع إيمان أنها بعيدة، هناك، لن تحصل لنا.
كجزّار محترف، بضربة واحدة، يسلخ حسن بلاسم قارئه عن واقعه الحالي، ليَدخل الأخير في دوامة من الأشلاء والمنافي والهلوسات، بين العراق ودول أوروبا، لنرى شخصياتٍ تفقد عقولها في عراٍق محكوم بالموت والاقتتال الطائفي والسياسي. موت للجميع، يوزّع بخفةٍ بين شخصيات بلاسم، فهي إما نجت منه أو بانتظاره، وأحياناً نراه لا يهبط بثقله بأكمله بل يشتغل ببطء في تعذيب ضحيته، مخادعا كالشاب الذي اغتصبه مجموعة من الشبان إثر مزحة معه بأن يضع يديه في برميل مليء بالجص، أو يحل فجأة، دون إنذار، كأن يقع انفجار وتتلبس روح شرطي ميت روح صحفي يصمم الكلمات المتقاطعة ليقاسم الشرطي الصحفي جسده وآلامه ولذاته.
شخصيات عجائبية
الواقع الذي تعيشه الشخصيات لا يسمح لها بأن تكون اعتياديّة، هلوسات وأساطير شعبية تحكمها، كيف يفسر أحدهم القتل العشوائي والجثث الملقاة في كل مكان كقطع من الفن المعاصر سوى أنها من نتاج دماغ شديد الذكاء والعته لقاتل مأجور في سبيل تحويل العراق إلى “معرض جثث”.
عوالم الغياب الغرائبية التي يعرّفنا عليها بلاسم هي نتاج حروب وقهر تصيب أساس الوجود الإنساني لا الأفكار ولا النظريات والفلسفات بل الجسد، فوجوده الخفيف أمام رياح الرحيل تجعله أكثر هشاشة أمام الخيال السردي، ليطفو بين الحديد وإسمنت المنفى
أما المنفى، حيث الهويات الجديدة، والاعتراف بوجع بالذاكرة أمام المحاكم الأوروبية لتتغير أسماء المنفيين والهاربين، ليصبحوا آخرين، فلا يُستغرب ممّن عاش لا-نظام المجتمعات العربية أن يتحول إلى سكّير أو مقامر بلا هدف في أوروبا لشدة البيروقراطية فيها، أو أن يجد نفسه مهووساً بجسده العاري، لينتهي به الأمر في حمام منزله حبيساً، وفي الخارج ينتظره ذئب يريد التهامه.
الهوّة الدقيقة بين الواقع القاسي والخيال اللامعقول تجعل حتى الشخصيات نفسها تشكك فيما يحصل معها، فبلاسم يلجأ إلى تقنيات الكتابة المرتبطة بالذاكرة والحكاية الشعبية ليرسم شخصياته وعوالمها، وأحياناً يستخدم صيغ الاعترافات أو النصوص الرسميّة، لتكون التقنية هي التي تكسب الخيال منطقيّته، تدفعنا في ذات الوقت، للإيمان العميق بأن ما نقراه ليس خيالا، فالموت وضجيج الدماء الذي شهده العراق لن نسمع عنه في الصحف أو الأخبار، بل في قصص قصيرة تحاول التقاط ألوان من انفجار انتحاري في مقهى لحكاية قصته، والتي يتورط فيها الكاتب أحياناً لتحاكمه الشخصيات نفسها بوصفه حتى نفسه (الكاتب) لا يصدق ما تقوله أو يشكك بها.
الموت المجاني
ما نقرأه في معرض الجثث ليس سيناريو فيلم رعب، فالموت والتعذيب الجسدي والرؤوس المقطوعة التي تتدحرج بين صفحات الرواية هي واقع نلامسه ونراه من حولنا، لكن نرفض حضوره، ليأتي بلاسم بسخرية سوداء كبصقة على كتف الموت لم ينتبه لها أثناء جزّه للرؤوس، ليخبرنا كم من البسيط أن تكون ضحية، كم من السهل أن تضيع يدك، أو قدمك، أو حتى رأسك، ثم تُنسى فوراً، كخبر في جريدة ما، حضور الموت وعلاقته مع الجسد في معرض الجثث هو فاتحة للخيال، في البداية عليك أن تختبر الموت، بعدها، تدّعي أنك حيّ.
عوالم الغياب الغرائبية التي يعرّفنا عليها بلاسم هي نتاج حروب وقهر تصيب أساس الوجود الإنساني لا الأفكار ولا النظريات والفلسفات بل الجسد، فوجوده الخفيف أمام رياح الرحيل تجعله أكثر هشاشة أمام الخيال السردي، ليطفو بين الحديد وإسمنت المنفى كلعبة قماشية بيد طفل أرعن.
حسن بلاسم يسلخ قارئه عن واقعه الحالي
هوس الحكاية
شخصيات بلاسم مهووسة بالحكاية، بالسرد، كتّاب فاشلون، شعراء مبتذلون، ثرثرة واعترافات على ألسنة الجميع، حتى لو فشلت بأن تنتج نصاً أدبياً، نراها تسعى لتتحول إلى حكاية شعبية، ومع غياب قيمة الجسد تبقى الحكاية هي معيار شدة الوجود، فالحكايات تبقى حتى ولو زال أصحابها، وقصص الهلوسات والمسوخ التي تتحول إليها الشخصيات تستحق الرّوي، فقط لأنها تحوي بقايا من هذا الجسد/الإنسان، ضحية الموت والرعب والمنفى وهويات الغياب والمدن المنمّقة في أوروبا التي تغتال الحساسية تجاه العالم والجسد نفسه.
الوطن والمنفى
في قصص بلاسم يحضر فضاءان، العراق/الوطن، وأوروبا المنفى، وما بينهما من رحلات وهجرات وطرق تهريب غير شرعيّة، تختبر حدود الإنسان في مواجهة الجغرافية الطبيعية والسياسية، لتكون فضاءات المنافي فضاءات اللاموت، ساحات لاختبار حدود الوعي بين الهلوسة واستعادة الذاكرة التي تحضر بشدة أحياناً ليكون الفُصام، أو تتسل ببطء كمخدر يعلو بصاحبه حدّ الجنون.
حسن بلاسم رحل عن العراق لاجئاً عام 2004 إلى فنلندا، وإلى جانب الكتابة فبلاسم مخرج سينمائي، كما حصل كتابه “المسيح العراقي” على جائزة الأندبندنت البريطانية للأدب الأجنبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.