فإن الواقع غدا يتطلب تحركات فاعلة وجادة في اتجاه إعادة المياه إلي مجاريها والحق إلي أصحابه. أكد د. علي الدين هلال أمين عام بالحزب الوطني أن أزمة مصر مع دول حوض النيل ليست جديدة أو حديثة العهد لكنها تمت لأكثر من "40" عاما مؤكدا في الوقت نفسه أن السدود التي تقيمها بعض دول الحوض ليست بغرض تخزين المياه لكنها من أجل توليد الكهرباء، ناصحاً وزارة الخارجية المصرية بألا تنظر إلي إفريقيا باعتبارها منطقة درجة ثانية أو ثالثة بل هي منطقة أمن قومي وهو الأمر الذي يحمل الحكومة المصرية مسئولية حسن اختيار العاملين في المكاتب الدبلوماسية المتخصصة في إفريقيا خصوصا وأن لديهم نظرة عدائية للإسلام والعرب وفي الوقت نفسه علي وسائل الإعلام المصرية أن تتعامل مع الأديان الإفريقية والعادات والطباع الإفريقية بالشكل الذي يرضيهم . أما روبير اسكندر سفير مصر السابق في أثيوبيا فأكد أنه لابد علي مصر أن تتعامل مع هذا الملف الهام والخطير من خلال التواجد المكثف في دول حوض النيل وعدم ترك المجال مفتوحا للأيدي الأجنبية لأن ملف مياه النيل هو قضية أمن قومي بل وفي منتهي الخطورة، مضيفا أن العلاقات المصرية في إفريقيا ليست في أحسن حالاتها بل أن مصر أدارت ظهرها لإفريقيا في عهد الرئيس الراحل أنور السادات وزاد هذا الاهمال بصورة كبيرة بعد خروج د.بطرس غالي من وزارة الدولة للشئون الإفريقية وكان من المفترض أن يكون هناك اهتمام أكبر وبشكل مؤسسي يشعر الأفارقة بذلك وبشكل يخدم مصالح مصر في الدول الإفريقية . من جانبه أكد د. مأمون فندي أستاذ العلوم السياسية بجامعة كيب تاون الأمريكية أن كلام المعارضة عن أفريقيا لا يقل عن كلام الحكومة لأن حديثنا عن أزمة المياه غير مفهوم عالميا خصوصا أن هناك صراعا صينيا أمريكيا أوروبيا وتحديدا فرنسا في السعي وراء المياه والبترول في هذه الدول فأوروبا تتدخل في إفريقيا في شكل الفرانكفورنية والصين تتخدل كمنافس وبديل لروسيا في حين أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تحاول بناء قوة إفريقية . وأضاف فندي أنه لابد علينا أن نتجه إلي الحلول الناعمة وكذلك التعاون مع اللاعبين الدوليين الدول الكبري ذات التأثير في دول حوض النيل مثل أمريكا والصين وأوروبا وأيضا الحوار الكندي السعودي والحوار الألماني والذي يتفق مع اتجاهات البنك الدولي في عملية بيع المياه في المنطقة العربية، منوهاً إلي أن لدينا في مصر حوارين الأول هو حوار السياسة بحيث يسيس كل ما تقوله الحكومة وهو الذي يترتب عليه أن المعلومات المطروحة في هذا الحوار ناقصة وضرب مثالا حيا علي ذلك بصفقات اللحوم التي نستوردها من أثيوبيا ويوجد علينها معركة محلية تؤدي إلي عدم استيراد هذه اللحوم لتحقيق مصالح شخصية وتضر بالأمن القومي المصري. وأوضح فندي أن الحكومة المصرية يجب أن تتعامل مع هذا الحوار حول أفريقيا بحيث تكون اللعبة الإفريقية باستغلال علاقاتها بالسعودية وصندوق التنمية الكويتي والتي لها ضغط علي هذه الدول وأن تطرح هذه القضايا والحوادث في مؤتمرات أخري مثل مؤتمر التغيرات المناخية في إفريقيا . وكذلك المؤتمر الثالث لمنتدي وزراء الطاقة الأفارقة لبحث سبل توفير الطاقة بإفريقيا والذي ستضيفه مصر في نهاية الشهر الجاري . أما عادل المليجي سفير مصر السابق لدي أوغندا فناشد جميع وسائل الإعلام عدم نشر أي تصريحات حول أزمة حوض النيل لأن كثيرا من المعلومات غير صحيحة ومغلوطة في حين أن هذه القضية هي صلب الأمن القومي ومن الأفضل أن يتم مناقشة هذه القضايا في الغرف المغلقة بعيدا عن الرأي العام ووسائل الإعلام . من جانبه قال د. مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب إن مصر فشلت في إدارة ملف مياه النيل نظرا لترك المشروع لشوية موظفين في وزارة الري والموارد المائية لكن الآن هناك تحركات قيادية علي أعلي مستوي من أجل تدارك الأزم، مضيفا أن دول حوض النيل تنظر إلي مصر باعتبارها أمريكا فعندما كنا نستورد القمح من أثيوبيا كانوا لا يفتحون ملف حوض النيل ومشددا علي أن ملف المياه هو ملف تنموي وهام جدا لأنه يهدد كل المصريين .. في النهاية علمت من مصادرنا الخاصة أن سبب اعتذار السفير الأوغندي عن عدم حضور الندوة سياسي حيث اتصل بمسئولي الندوة قبل بدئها بساعات مبررا ذلك بأن بلاده لا تجد ردا مقنعا تقدمه لوسائل الإعلام المصرية خصوصا بعد توقيع الاتفاقية الاطارئية الأسبوع الماضي في مدينة عنيب . كما خشي السفير من هجوم وسائل الإعلام المصرية عليه بعد توقيع بلاده مؤكدا أن توقيع الاتفاقية لا يعني أن الأمور وصلت إلي طريق مسدود لكن المفاوضات مازالت مستمرة وهو لا يعني أننا أصبحنا أعداء وأنه لن يكون هناك عقبة أمام استمرار التعاون كما يجري حاليا الاعداد للجنة مشتركة بين مصر وأوغندا.