«التعليم العالي» تعلن نتيجة التحويلات.. وقريبا إرسال كشوف المقبولين للجامعات والمعاهد    ارتفاع أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم 20 أغسطس 2025    اكتمال الحجز فى عمرة المولد النبوى بنقابة الصحفيين.. وفتح باب التسجيل لعمرة رجب    نجوم كرة القدم يشيعون جنازة والد محمد الشناوي    الإعدام شنقا لعامل والمؤبد ل2 آخرين والمشدد 15 سنة لطالب قتلوا شخصا بالقناطر    الداخلية تضبط سائق أتوبيس نقل خاص متعاطى مخدرات    وكيل تعليم الغربية: خطة لنشر الوعي بنظام البكالوريا المصرية ومقارنته بالثانوية العامة    تسيير القطار السادس لتسهيل العودة الطوعية للأشقاء السودانيين    مهرجان الجونة يكشف عن أول 12 فيلم تتنافس في دورته الثامنة (تفاصيل)    إبراهيم الفرن يشارك فى لجنة تحكيم مهرجان مسرح الرحالة الدولى بالأردن    وزير الصحة يتفقد مركز صحة أسرة «الريحان» بالشروق.. ويستجيب لشكاوى مواطنين بزيارة مركز ال«70»    طب قصر العيني يطلق برنامجًا صيفيًا لتدريب 1200 طالب بالسنوات الإكلينيكية    "أريد تحقيق البطولات".. وسام أبو علي يكشف سبب انتقاله ل كولومبوس الأمريكي    الاحتفال بعروسة وحصان.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 فلكيًا وحكم الاحتفال به    وزيرة التنمية المحلية و4 محافظين يشهدون توقيع بروتوكولات للتنمية الاقتصادية    البورصة المصرية تخسر 28 مليار جنيه بتراجع جماعي للمؤشرات    تصاعد العمليات العسكرية في قطاع غزة وسط تحضيرات لعملية واسعة ( تحليل أخباري )    نائب رئيس حزب المؤتمر: تعنت إسرائيل ضد المبادرة المصرية القطرية يكشف نواياها    تمهيدا لاحتلال غزة.. إسرائيل تستدعي 60 ألف جندي احتياط    البرديسي: السياسة الإسرائيلية تتعمد المماطلة في الرد على مقترح هدنة غزة    محافظ الإسماعيلية يوجه التضامن بإعداد تقرير عن احتياجات دار الرحمة والحضانة الإيوائية (صور)    بعد وفاة طفل بسبب تناول الإندومي.. "البوابة نيوز" ترصد الأضرار الصحية للأطعمة السريعة.. و"طبيبة" تؤكد عدم صلاحيته كوجبة أساسية    خلال اتصال هاتفى تلقاه من ماكرون.. الرئيس السيسى يؤكد موقف مصر الثابت والرافض لأية محاولات لتهجير الشعب الفلسطينى أو المساس بحقوقه المشروعة.. ويرحب مجددًا بقرار فرنسا عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية    كنوز| 101 شمعة لفيلسوف الأدب الأشهر فى شارع صاحبة الجلالة    استراحة السوبر السعودي - القادسية (1)-(4) أهلي جدة.. نهاية الشوط الأول    كرة نسائية – سحب قرعة الدوري.. تعرف على مباريات الجولة الأولى    أغلب الألمان يؤيدون الحظر الجزئي على تصدير الأسلحة لإسرائيل    محافظ الإسماعيلية يتفقد عددًا من القطاعات الخدمية في جولة مفاجئة | صور    حملة موسعة على منشآت الرعاية الأولية في المنوفية    «دوري مو».. محمد صلاح يدفع جماهير ليفربول لطلب عاجل بشأن البريميرليج    تحرير 7 محاضر لمحلات جزارة ودواجن بمدينة مرسى مطروح    الأوقاف:681 ندوة علمية للتأكيد على ضرورة صون الجوارح عما يغضب الله    إزالة 19 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في المنيا    ما حكم إخبار بما في الخاطب من عيوب؟    رئيس جامعة القاهرة: تطوير وصيانة المدن الجامعية أولوية قصوى للطلاب    علي جمعة يكشف عن 3 محاور لمسؤولية الفرد الشرعية في المجتمع    "كلنا بندعيلك من قلوبنا".. ريهام عبدالحكيم توجه رسالة دعم لأنغام    بعد نجاح «قرار شخصي».. حمزة نمرة يستعد لطرح ألبوم ثاني في 2025    «سي إن إن» تبرز جهود مصر الإغاثية التى تبذلها لدعم الأشقاء في غزة    حالة الطقس في الإمارات.. تقلبات جوية وسحب ركامية وأمطار رعدية    القبض على طرفي مشاجرة بسبب خلافات الجيرة بالسلام    كيف يكون بر الوالدين بعد وفاتهما؟.. الإفتاء تجيب    "خطر على الصحة".. العثور على كم كبير من الحشرات داخل مطعم بدمنهور    وزير الإسكان يستعرض جهود التنمية السياحية في ترشيد الإنفاق    تفاصيل جراحة مروان حمدي مهاجم الإسماعيلي وموعد عودته للمشاركة    الليلة.. إيهاب توفيق يلتقي جمهوره في حفل غنائي بمهرجان القلعة    عمر طاهر على شاشة التليفزيون المصري قريبا    الزمالك: منفحتون على التفاوض وحل أزمة أرض النادي في 6 أكتوبر    محافظ القاهرة يقرر النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بالثانوي العام    توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين اقتصادية قناة السويس وحكومة طوكيو في مجال الهيدروجين الأخضر    وزير الدفاع يلتقي مقاتلي المنطقة الشمالية.. ويطالب بالاستعداد القتالي الدائم والتدريب الجاد    صباحك أوروبي.. صلاح يتوج بجائزة لاعب العام.. استبعاد فينيسيوس.. ورغبة إيزاك    الاحتلال الإسرائيلي يقتل نجم كرة السلة الفلسطينى محمد شعلان أثناء محاولته الحصول على المساعدات    رئيس الوزراء: أدعو الطلاب اليابانيين للدراسة في مصر    رعاية القلوب    ترامب: رئيس البنك المركزي يضر بقطاع الإسكان وعليه خفض أسعار الفائدة    مصدر أمني ينفي تداول مكالمة إباحية لشخص يدعي أنه مساعد وزير الداخلية    مصطفى قمر يهنئ عمرو دياب بألبومه الجديد: هعملك أغنية مخصوص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أمريكا في الخيال البوتيني.. المسبب الأساسي لكل ويلات العالم
نشر في صوت البلد يوم 01 - 01 - 2014

تصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قائمة الشخصيات الأكثر تأثيرا في العالم، وهذا ليس غريبا، لكن الغريب هو أن الاستفتاء أجرته مجلة "فوربس" الأمريكية، في قرار لا يخلو من توجهات وأبعاد سياسية. يحدد المحلل السياسي الروسي، غليب بافلوفسكي، ملامح الصورة التي مثلت جواز سفر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السلطة بعد فترة الانهيار التي أعقبت فترة يلتسين على الشكل التالي: شاهدنا بروز الشخصية المحببة من الشعب، الرجل الشاب والرياضي المتمتع بصحة جيدة وصاحب التاريخ العسكري، والذي كان جزءا من الجيش ومن وكالة الاستخبارات السوفيتية، باختصار هو الجاسوس الاستثنائي "البطل".
ارتضى الرئيس الروسي بوتين الإقامة في هذا التوصيف ولم يغادره قط، فهو يضم البعدين اللذين يجمع المراقبون على اتصافه بهما وهما الغموض المستقى من عمله المخابراتي السابق والنموذج المثالي للرجل القوي والمثير والصياد عاري الصدر وصاحب العضلات البارزة.
هذا الجاسوس البطل سعى إلى بناء روسيا تحيا في ظلال صورة البطولة المرتبطة بالجاسوسية. ونجح في استعمال السحر الغامض لها في تكوين نخبة سياسية فاعلة من أعضاء ال"كي جي بي" السابقين وصلت نسبتهم إلى 25 بالمئة في فترة ولايته الأولى لترتفع إلى 42 بالمئة في فترة ولايته الثانية كما تؤكد الباحثة أولغا كريشتا نوفسكا.
يصر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن يعلن دوما أنه (ليس لدى أمريكا أي شيء تعلمنا إياه ) جل البروباغندا الدعائية التي استخدمها بوتين منذ وصوله إلى سدة الحكم تقوم على فكرة واحدة هي مهاجمة الولايات المتحدة الأمريكية. وتبدو اللغة التي يستعملها في هذا السياق ذات دلالات لافتة، فهي قطعية ونهائية وليست نقاشية أو جدلية.
أمريكا في التصور البوتيني هي المسبب الأساسي لكل الويلات والشرور في العالم، فهو يعلن إثر مشاركته في المؤتمر الأمني الدولي في ميونيخ "سر البلاء هو أحادية القطبية والتفرد الأميركي بقرار العالم وهذه الأحادية هي مزعزعة للاستقرار في العالم".
ويضيف "عالم السيد الأوحد مدمر ليس فقط لأولئك الذين يوجدون في إطار هذا النظام بل وللسيد نفسه، لأنه يقوضه. هذا الأمر غير مقبول للعالم المعاصر، بل وغير ممكن أبدا وغير قابل للعمل لعدم وجود أساس أخلاقي أدبي له في الحضارة المعاصرة، ولاستحالة وجوده". يرفض بوتين عالم السيد الأوحد ويعتبر أنه يدمر نفسه ومن معه، ثم يعبّر في انعطافة نفسية حادة وغير مضبوطة الإيقاع عن رغبته في إلغاء الموضوع المزعج بشكل تام حين يعلن عن استحالة وجوده.
أمريكا غير موجودة إذا وهي إن وجدت حقا فهي تحيا حالة وجود خيالي وغير فعلي. أمريكا ليست سوى كذبة واختلاق وأوهام وخرافات. وأحادية سيطرتها على العالم لا يمكن أن تعني غير ذلك. أمريكا تحيا حالة انتحار دائمة وهي تأخذ في سيرورة انتحارها العالم معها. إنها التكثيف النهائي والتام للشر والخراب.
لم يجد بوتين نفسه معنيا بالإجابة عن سؤال أساسي يفتحه كلامه حول أمريكا ويتعلق بمحاولة تفسير هذا الإغواء الكوني الذي تمارسه أمريكا على العالم بأسره والذي يحيا زمنا أميركيا بامتياز في المجالات الأكثر شيوعا وعالمية، تتعلق بفن صناعة وتوجيه المزاج العالمي ليس في السياسة فقط ولكن في الموضة واللباس والطعام وطريقة الحياة.
أمريكا هي غواية العالم والصانعة لمنطق العيش المعاصر ولكنها مستحيلة الوجود. نفي أمريكا في الخيال البوتيني يعني نفيا للعالم المشكّل أميركيا. ما الذي يبقى إذا ما دام العالم كله أميركيا؟ هذا الإعدام الذي يمارسه بوتين في خياله ضد أمريكا إنما يخفي غراما شديدا بها يصل إلى حد الافتتان، لأن البنية التي يرسم من خلالها بوتين صورته تتبع في كل تفاصيلها سياقاً مفاهيمياً أميركيا.
وسينظر العديد من الزعماء بعين الحسد إلى مستوى شعبية بوتين لكنها كانت الأدنى بالنسبة إليه في المسح الشهري لليفادا منذ يونيو – حزيران 2000 بعد شهر من بدء أولى فتراته الرئاسية الثلاث.
ويحاول بوتين موازاة تلك السيطرة الأمريكية غير المرئية على العالم عبر شبكة الإنترنت بصورة الإله الخفي الغامض الذي يعرف كل شيء، والتي تجد تكثيفها في التصاق الصورة الصانعة لشعبيته بالتكوين المخابراتي الجاسوسي.
الجاسوس يحاول منافسة غوغل إذا. ليس هذا الربط بين صورة الإله الخفي وبين غوغل غريبا، فغوغل تتعامل الآن بوصفها نوعا من إله خفي وشامل وكوني، ويكمن سر قوته في انتشاره العام والذي صار بمثابة الخبز اليومي للعالم وواحدا من أكثر عناصره ألفة ووضوحا على مستوى الاستعمال، ولكنه بقي خفيا على مستوى الأصل والمصدر والسيرورة.
بوتين الجاسوس يحاول أن يكون غوغلا حيا منتشرا محبوبا ورياضيا ومثيرا وغامضا. غوغل يعرف كل شيء والجاسوس البطل كذلك، ولكنه يبتسم بغموض ولا يلقي بمعرفته بشكل مجاني كما يفعل غوغل الأحمق. يصر بوتين على أن يعلن دوما أنه "ليس لدى أمريكا أي شيء تعلمنا إياه". ربما يكون هذا الكلام صحيحا إلى حد كبير، لأن أمريكا صانعة منطق العالم المعاصر ولا يمكن استقبال حضورها الشامل عبر منطق التماثل والتثاقف والتبادل بل بالتبني والتقمص.
لا يعني ذلك أننا نقول إن أمريكا هي صانعة كل الأفكار في العالم بالطبع، ولكنها المسيطرة على آليات التفكير، وتاليا فإن بوتين يكون صادقا في حديثه. لا تستطيع أمريكا أن تعلمه شيئا لأنه لابد أن يتقمصها لكي يكون في قلب العالم المعاصر وفي تكويناته وعقله ومنطقه. بوتين في هذا السياق لا يستطيع النجاة من فعل الأمركة.
عوقب باراك أوباما بإزاحته إلى المركز الثاني على قائمة فوربس لأقوى رجال العالم، ليس لأن السياسة الروسية قد تفوقت على السياسة الأمريكية بل لأنه لم يكن أميركيا كما يجب .. مجلة فوربس الأمريكية توجت بوتين بوصفه الرجل الأقوى في العالم مؤخرا؟ هل هذا يعني أنه قد نجح في تدمير إحكام الأحادية الأمريكية المسيطرة على العالم، وزحزحتها عن موقعها بشهادة واحدة من أبرز المجلات الأمريكية، بحيث يبدو هذا التتويج كوثيقة استسلام وإعلان هزيمة موقعة من العدو نفسه... هل يمكن تخيل أن مجلة فوربس قد اتبعت معايير أخرى غير المعايير الأمريكية. كيف بدا بوتين الرجل الأقوى في العالم "فوربسيا"؟ بدا ناجحا وجذابا ومثيرا وصاحب سلطة وثريا بشكل فاحش. هذه المواصفات مستلة من أي كتاب وتعكس أية منظومة ثقافية؟ إنها صورة الحلم الأميركي في أقصى تجلياته، وقد عوقب الرئيس الأميركي باراك أوباما بإزاحته إلى المركز الثاني، ليس لأن السياسة الروسية قد تفوقت على السياسة الأمريكية بل لأنه لم يكن أميركيا كما يجب.
لا ينفك بوتين يكرر أن" الأميركيين يكذبون في كل شيء" ولكن مشكلته معهم لا تكمن هنا على الإطلاق، بل في أن كذبهم يغوي العالم لا بل يشكله، في حين أنه لم يجِد صناعة كذبة كونية مثل الكذبة الأمريكية التي تسمى الديمقراطية على سبيل المثال، بل إن أثقل كذباته لا تعدو تصوير بشار الأسد كرئيس شرعي لسوريا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.