يمر المشهد السياسي بحالة من الصراع المحتدم والانقسام السياسي بين كافة الأحزاب والقوى السياسية بفصيلها الإسلامي والليبرالي بعد أن أعلنت الأحزاب الليبرالية استعدادها منذ أسبوعين لحملة تحت مسمى "تمرد" السلمية التي تهدف لسحب الثقة من الرئيس محمد مرسي وإسقاطه من أجل إعلان انتخابات رئاسية جديدة.. ووصلت الحملة لجمع ثلاثة ملايين توقيع حتى الآن منذ انطلاقها في كل المحافظات حتى الآن ؛ والمؤمل وصولها لجمع خمسة عشر مليون توقيع قبل منتصف يونيو الجاري. في حين خرج التيار الإسلامي بحملة مضادة تحت مسمى حملة "تجرد" وذلك من خلال تنظيم جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية لها لمواجهة حملة المعارضة.. بينما شارك أحزاب التيار السلفي في هذا الصراع ولكن بحملة وسطية تحت اسم "مؤيد" لجمع توقيعات تأييد لرئيس الجمهورية، ليصبح بذلك المشهد أكثر تعقيدًا وتأزمًا. د. سعد الدين إبراهيم رئيس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، أكد أن غياب الدولة في الوقت الراهن يشكل خطرًا على الدولة والمجتمع والمؤسسات بشكل عام خاصة بعد تآكل شرعية الرئيس وجماعته الإخوانية، الأمر الذي أدى إلى إشعال القلق والخوف بين الطبقات المتوسطة والفقيرة على حد سواء، بما فيها الأقباط والشباب والمرأة باعتبارهم أقليات أهدرت حقوقهم في ظل حكم التيار الإسلامي دون مشاركة عادلة لباقي الأحزاب المدنية والليبرالية.. خاصة بعد انتشار العنف الممنهج من قبل أنصار الإسلاميين للمعارضين من تهديدات وحصار لمؤسسات الدولة خاصة الإعلامية كنوع من الترهيب الذي يستخدمه مؤسسة الرئاسة لقمع الأفواه، إضافة لحصار المؤسسات القضائية رغم حالات الانتهاك والتعدي التي يتم توجيهها للقضاء المصري والقضاة على أيدي الرئيس وأنصاره بصورة تهدد أمن الدولة وهيبتها أمام العالم. وأضاف سعد الدين، أن الاستعجال بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وبرلمانية لمجلس النواب يعدان أمرين مهمين لعودة الاستقرار للدولة وهيبتها والحفاظ عليها من الهجوم الذي يهدد الوطن من الداخل والخارج؛ على أيدي النظام الحاكم الذي ساعد على زيادة حدة التوتر في الشارع المصري. واتفقت معه مارجيت عازر سكرتير عام حزب الوفد، أن الشعب المصري يعيش الآن حالة من غياب للدولة نتيجة سياسة الإقصاء التي تقدم عليها جماعة الإخوان المسلمين من تهديد للمعارضة من خلال البلاغات والاتهامات التي يتم توجيهها ضد رموز المعارضة خاصة معارضة جبهة الإنقاذ الوطني التي باتت تؤرق الجماعة ومؤسسة الرئاسة، التي تستخدم قانون الغاب منذ صعودها لسدة الحكم وقيامها باستبدال حزب الحرية والعدالة بالحزب الوطني السابق، دون تغيير في السياسات التي يتبعها في الإدارة، التي تتيح لهم أخونة جميع مؤسسات الدولة وآخرهم المحاولات الجادة التي تسعى الجماعة لتحقيقها لأخونة القضاء المصري تحت دعوى حملات التطهير المضللة، في ظل التدخل السافر لمجلس الشورى الفاقد للشرعية ومحاولته التعدي على مهام السلطة القضائية من خلال الإصرار على مناقشة قانون السلطة القضائية الذي ينذر بكارثة كبرى في حال تمريره. وأوضح حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، بأن جميع التوقيعات التي قامت حملة "تمرد" بجمعها لإسقاط الرئيس مرسي ليس لها أثر قانوني أمام المحاكم، وإنما يقع أثرها في قدرة الأحزاب السياسية على حشد المواطنين للتعبير عن موقفهم على سبيل المظاهرات الديمقراطية التي تتم في الدول المتقدمة، من خلال حملة التوقيعات من أجل التعبير السلمي عن الرأي دون تأثير أو ضغوط خارجية يتم ممارستها عليهم، مؤكدًا أن هذه الخطوة تفرض على الرئيس الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة بشكل عاجل ودون تردد، خاصة بعد خروج أحزاب التيار الإسلام السياسي بحملتيه "تجرد" أو "أؤيد" والمتوقع اندلاع الصراع والخلاف بينهم من جانب، وبين أنصار حملة "تمرد" التي تنذر باندلاع حرب أهلية في ظل هذا الانقسام والعنف في الشارع ، إذ لم يتدخل الرئيس لوقف هذه المذابح خاصة بعد تهديدات هذه التحركات باستخدام العنف والسلاح والتهديد من قبل تيار الإسلام السياسي الذي ينتمي إليه ضد معارضيهم؛ لافتًا إلى أن الفرصة في استمراره كرئيس لا تزال سانحة أمامه إذا قام بهذا العمل الذي يعكس مدى تحسين أداء مؤسسة الرئاسة. وقال د. جمال زهران أستاذ العلوم السياسية: إن الإخوان المسلمين أدخلت البلاد حالة من العنف والفوضى منذ توليها إدارة حكم البلاد بالعنف والإقصاء والتهديد التي يتم توجيهه للمعارضة طوال فترة إدارته للحكم، والتي أسفرت عن دخول الدولة لحافة الهاوية أمام برنامج الأخونة الذي يرهب المعارضة من الأحزاب والشعب المصري وعلى رأسه المعارضون لحكم الإخوان. وطالب المستشار أحمد الفضالي رئيس حزب السلام الديمقراطي، القوى السياسية بالتصدي لمخطط الإخوان والممارسات التي ينتهجها النظام الحاكم بشتى الطرق.. التي تقف حائلًا دون نجاح المخطط الإخواني في إسقاط الدولة وضياع هيبتها التي أصبحت تحت أقدام الجماعة وعلى رأس هذه المؤسسات التي تم الاعتداء عليها المحكمة الدستورية العليا، وكذلك مدينة الإنتاج الإعلامي وإغلاق القنوات الإعلامية التي تنتقد النظام وجماعته، لافتًا إلى أن الرئيس مرسي يعد المسئول الأول عن المستوى المتدني الذي وصلت إليه الدولة بداية من أداء اليمين الدستوري أمام المحكمة الدستورية وميدان التحرير للحفاظ على دولة القانون وحماية الشعب، وهو ما يخالف الوضع الراهن من انتشار للبلطجة والعنف الممنهج على جميع المؤسسات الأمر الذي يعكس سوء النوايا التي بداخل الرئيس وجماعته في استخدام الحكم وليس القانون. وبدوره أشار أمين عام الحزب الناصري أحمد حسن، إلى الأثر السياسي لحملة التوقيعات التي تتبعها حملة تمرد ضد الرئيس وجماعته، وإن كان ليس لها أثر قانوني، ولكن الحملات المضادة لحملة تمرد، والتي يوجهها تيار الإسلام السياسي تحت مسمى حملة تجرد ومؤيد ستؤدي لمزيد من الانقسام بين طوائف الشعب المصري تصل إلى حرب أهلية ذات نتائج خطيرة على الشعب الذي خرج للتنديد بحكم الإخوان الذي يحاول الاستئثار بالسلطة دون مشاركة باقي الأحزاب، إلى أن أظهروا ممارساتهم الخاطئة تجاه الشعب والذي اكتشفها في وقت قصير حتى تحول ضدهم. تعبير عن السخط وحول مدى قانونية هذه الحملة أكد المستشار مصطفى الكومي رئيس محكمة جنايات القاهرة، أن جميع الحملات التي خرجت في مواجهة بعضها البعض سواء حملة تمرد، في مواجهة تجرد وبينهم حملة مؤيد الوسطية والتي يتزعمها التيار السلفي مرفوضة قانونيًا، وأن جميع التوقيعات التي يتم جمعها لا يوجد لها أساس قانوني أو تشريعي ولا دستوري أيضًا، وإنما هي تعبير عن السخط اتجاه أداء مؤسسة الرئاسة والضغط من أجل إجبار الرئيس على إعلان انتخابات رئاسية مبكرة، وإن كانت لن تأتي ثمارًا ترغبها تلك الحملات أمام إصرار مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين على موقفهم بأن مرشحهم منتخب بانتخابات حرة نزيهة، وبالتالي لن يتركوا السلطة التي طالما حاولوا الصعود إليها حتى تحققت تلك النبوءة التي تزيد من تمسكهم بالسلطة، أمام مزيد من الانقسام والصراع بالشارع المصري. في حين أشارت المستشارة تهاني الجبالي ، أن مصداقية ونزاهة حملة تجرد السياسية تبعدها بكثر عن حقيقة إذا كانت هذه الحملة قانونية من عدم؛ وذلك لأن خروجها مرهون بحالة الرضا الشعبي والجماهيري عن أداء الرئيس مرسي وجماعته خلال فترة وجوده بالحكم، وما ترتب عليها من أحداث سياسية واجتماعية واقتصادية أيضًا متدهورة دون جدوى من قبل مؤسسة الرئاسة الأمر الذي يتطلب وقفة كبيرة من أجل تصحيح المسار وإن كان ذلك يتطلب إعادة انتخابات الرئاسة من جديد أمام هذه الحملة التي تعد ثورة ثانية. وأوضحت أن موقف تمرد بالنسبة لموقف الرئيس مرسي تعد قانونية 100%، أمام عدم قانونية مرسي الفاقد للشرعية الدستورية والقانونية في آن واحد منذ إصداره للإعلان الدستوري وهو أول من انتهك القانون والدستور.