ما زال تراشق الألفاظ موجودًا وبقوة بين جماعة الإخوان المسلمين ومسئولي دولة الإمارات العربية، حيث اتهم د. محمود حسين الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين، أن الجماعة لديها تأكيدات على وجود "مؤامرة" للانقلاب على حكم الرئيس محمد مرسي من بعض قيادات جبهة الإنقاذ الوطني بقيادة "حمدين صباحي، وعمرو موسى، ومحمد البرادعي" والتنسيق مع المرشح الرئاسي السابق الفريق أحمد شفيق، وقائد شرطة دبي "ضاحي خلفان"، ومحمد دحلان القيادي بحركة فتح الفلسطينية، وجميعهم خططوا لخطف الرئيس وإعلان هروبه إلى دولة قطر، لإحداث فراغ سياسي داخل البلاد، وأوضح خبراء سياسيون مصريون أن قيادات الإخوان تسعى لتشويه صورة المعارضة، وأصبح لديهم هاجس على وجود "مؤامرة" وللأسف صدقوا كذبتهم لإشغال المواطنين عن فشل الرئيس في إدارة البلاد، كما ينُم ذلك عن افتقادهم التوازن السياسي مع بعض الدول العربية، والتي قد تتسبب هذه الاتهامات في قطيعة سياسية واقتصادية بين مصر والإمارات. وقال السفير عبد الرؤوف الريدي رئيس المجلس المصري للشئون الخارجية: إن هاجس جماعة الإخوان المسلمين على وجود "مؤامرة" تحاك ضد رئيسهم بعد أن كانت كذبة أصبحت واقعًا في خيالهم "المريض سياسيًا"، ولذلك أنصح المسئولين بوزارة الخارجية عدم الالتفات لمثل هذه الأكاذيب التي يرددها أعضاء مكتب الإرشاد، والتي ستؤثر بالسلب على العلاقات المصرية الإمارتية، موضحًا أن مصر عليها تقدير الموقف جيدًا ولا تتدخل في هذه "التفاهات" التي لا تخرج عن كونها آراءً شخصية. وانتقد د. عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية للعلاقات الدولية الأسبق، رموز المعارضة وخاصةً قادة "جبهة الإنقاذ"، واتهمهم بالسعي للإطاحة بالرئيس محمد مرسي وتشكيل مجلس رئاسي مدني يضم الثلاثي "صباحي، وموسى، والبرادعي"، مؤكدًا على وجود "مؤامرة" يصنعها رموز المعارضة بالتعاون مع المرشح الرئاسي الخاسر "أحمد شفيق" وبعض قادة دبي للإطاحة بالحكم الإخواني في البلاد وإقصاء التيار الإسلامي من الحياة السياسية وعودتهم مرة أخرى إلى المعتقلات، مشيرًا إلى أن جماعة الإخوان المسلمين كشفت المخطط الدولي، ولكنها تحتفظ بتفاصيل المؤامرة لحين اكتمال خيوطها الداخلية والخارجية، كما أن مظاهرة "قصر الاتحادية" من جانب القوى الليبرالية كانت بداية إسقاط الرئيس، ولكن محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي منعت الفضائيات من إذاعة خبر الاستيلاء على السلطة وتشكيل مجلس رئاسي مدني. وأضاف د. جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، أن الرئيس عليه أن يخرج أمام الرأي العام ليوضح "التسجيلات الصوتية" وأبعاد "المؤامرة" التي يرددها منذ عدة أشهر مع جماعته، ووقتها سيدعمه الشعب ضد المخربين الذين يريدون الانقضاض على الشرعية الانتخابية، واصفًا ما يحدث بين الإخوان والإمارات بأنها صراعات كلامية من شخصيات غير مسئولة وغير مدركة لطبيعة العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، بالإضافة إلى أن الإمارات تحولت إلى "محطة" لرموز النظام السابق التي كانت ترتبط معهم بعلاقات واسعة، أصبحت لا تجد مانعًا من الهجوم على "الإخوان" لأنها كانت تريد عدم محاكمة الرئيس السابق "حسني مبارك"، بالإضافة إلى أنها أصبحت إحدى محطات تهريب الأموال المصرية من خلال استقبالها لبعض رموز نظام مبارك مثل "رشيد محمد رشيد" وزير التجارة والصناعة السابق، والفريق "أحمد شفيق" آخر رئيس وزراء في عهد مبارك، مما يساعد على المدى الطويل في توتر العلاقات بين البلدين إذا لم يتم اتخاذ خطوات لتهدئة الأوضاع السياسية بين البلدين وتنقية الأجواء الخلافية. ومن جانبه أكد رفعت السعيد رئيس حزب التجمع اليساري، أن قيادات الجماعة لا تتردد في الإساءة للمعارضين بطريقتها الخاصة بالتخوين والعمالة، مطالبًا الحكومة بالتحرك الفوري لوقف هذا التراشق حفاظًا على هيبة النظام الحاكم الذي ينتمي للإخوان المسلمين، موضحًا بأن العلاقة بين مصر والإمارات أصبحت "فاترة" منذ تولي الرئيس محمد مرسي وتتعامل معه بحذر ؛ لأنها غير متأكدة من نوايا الإخوان الدفينة حول منطقة الخليج، ولذلك على الرئيس أن يثبت لجميع دول الخليج أنه لا يتحدث باسم جماعة الإخوان، وأنه منفصل في قراراته وسياساته الخارجية عن سياسة مكتب الإرشاد، كما عليه أن يتخذ قراراته وفقًا لمصلحة مصر العليا في إطار العمل العربي المشترك، بدلًا من الانحياز والانتصار لجماعته التي تعتبر نفسها المتحدث الوحيد باسم الدولة المصرية، والتي ستخسر كثيرًا في حال قطع علاقتها مع الإمارات اقتصاديًا، بخلاف التأثير السلبي على الجالية المصرية بالإمارات، مشيرًا إلى أن دخول القاهرة في علاقات سياسية، واقتصادية، وتجارية، مع "طهران" سيقود في المقابل إلى توتر في علاقات القاهرة بمعظم العواصم الخليجية وستكون النتيجة تراجعًا في العلاقات المصرية الخليجية. وأكد د. أحمد أبو بركة المتحدث الإعلامي لحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، أن الإخوان لا يتحدثون عن أوهام أو خزعبلات، ولكن بالفعل توجد مؤامرة على الرئيس مرسي أحبطت بعد توجه الإسلاميين إلى قصر الاتحادية، كما أن المعارضة التي تستقوى بالخارج قامت بالتحريض ودفع الأموال لتنفيذ عمليات حرق وتدمير ممنهجة لمقرات حزب الحرية والعدالة بالمحافظات، واستهدف مكتب الإرشاد، وتجميد الاستفتاء، والمطالبة برحيل الرئيس، والقيام بتغطيات إعلامية تبرز سقوط شرعية مرسي وهروبه إلى خارج البلاد، مؤكدًا بأن التيار الإسلامي سيعمل على حماية الشرعية مهما كلفه الأمر من تضحيات. بينما يرى د. حمدي عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات للعلوم الإدارية والاقتصادية السابق، أن التصريحات السياسية تطل بظلالها على الوضع الاقتصادي نتيجة تخوف المستثمرين من التصعيد السياسي بين البلدين بسبب "الحرب الكلامية" الدائرة بين مسئولي الإمارات وإخوان مصر، موضحًا بأن الإمارات أصبحت تتخوف من دول ثورات الربيع العربي تخوفًا من انتقال عدوى تلك الثورات إلى أراضيها، وهذا ما جعلها توقف تأشيرات العمل ومنعت استقدام أي عمالة من مصر، بجانب شكاوى المصريين المقيمين هناك حول تعقيد إجراءات الإقامة وتجديدها، مؤكدًا بأن العلاقات بين البلدين عميقة وسيتم احتواء الموقف السياسي بشكل سريع، خاصةً وأن تقرير البنك المركزي المصري يؤكد بأن تعاملات مصر الخارجية مع الإمارات حققت أعلى نسبة نمو في تعاملات مصر مع الدول العربية بنسبة 24% تلتها السعودية ثم الكويت، مشيرًا إلى أنه لابد على النظام الإخواني الحاكم أن يعلن موقفه تجاه دولة الإمارات تجنبًا للانهيار الاقتصادي بين البلدين، الأمر الذي قد يدفع المستثمرين لتجميد استثماراتهم.