هل يتنازل الملك خوان كارلوس عن العرش لابنه الأمير فيليب حفاظا علي استمرار الملكية في إسبانيا؟ سؤال يتردد الآن بقوة هناك عقب تعدد الفضائح السياسية والمالية لعدد من أفراد الأسرة المالكة، وبعد الانقسام الذي يسود الشارع حول جدوي الملكية والمطالبة بتحول الدولة إلي النظام الجمهوري. فقد أثار تعثر الملك خوان كارلوس في سيره وسقوطه علي وجهه أثناء زيارته لوزارة الدفاع في بداية هذا الشهر جدلا شديدا حول صحة الملك العامة وفقدانه للتوازن. ويرى مراقبون أن المثير للدهشة أن الملك الذي أصيب بكدمات وجروح في الوجه، لم يلق أي تعاطف من الشعب الذي بدأ في التساؤل عما إذا كانت صحة الملك تسمح له في الاستمرار بمهامه السياسية والعسكرية خاصة أنه أصبح يستخدم العصا في سيره في كثير من الأحيان. وكانت المرة السابقة التي سقط فيها الملك وأصيب بكسر في الحوض والقفص الصدري عام 1981 أثناء مباراة للاسكواش مع البطل العالمي سانتانا قد جذبت إليه تعاطفا شعبياً كبيراً ومساندة تامة. ويعود تناقش شعبية الملك خوان كارلوس والعائلة المالكة بصفة عامة إلي عدة أسباب أهمها تكرر فضائح عدد من أفرادها وعلي رأسهم الملك شخصيا. فقد شهدت السنوات الأخيرة عددا من الفضائح التي نالت من سمعة الملك علي المستوي الأخلاقي والسياسي ما نشر من صور أخبار ععن قصة الحب التي تربط الملك بأميرة ألمانية سابقة وخيانته للملكة صوفيا هذا فضلا عن الأخبار التي تنشر من آن لآخر عن علاقاته النسائية بصفة عامة وعن تعاطيه للخمور بشكل مبالغ فيه، أما أكثر الفضائح التي لحقت به مؤخرا ونالت بشدة من شعبيته فكانت قيام الملك برحلة لصيد الأفيال في بتسوانا في سرية بالغة ودون حتي إخطار رئاسة الوزراء بها مخالفا للبروتوكول المتبع وبلغت تكاليف هذه الرحلة 37 ألف يورو، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية حادة وتطبق فيها سياسات تقشف علي كل المستويات، وكان الملك قد أعلن قبل الكشف عن هذه الرحلة بأيام أنه لا ينام من شدة التفكير في الأزمة الاقتصادية وفي مشكلة البطالة التي تعصف بالبلاد والتي وصلت إلي 52% من الشباب، ولكن يبدو أن الملك الذي كان لا يمكنه النوم من التفكير كان يمكنه السفر في رحلات الصيد. ولولا سقوط الملك من فوق الفيل وتعرضه لكسر مضاعف في الفخذ، وخضوعه عمليات جراحية لم تكن تفاصيل تلك الحلة قد تم الكشف عنها. وقام الملك لأول مرة منذ توليه العرش عام 1975 إلي تقديم اعتذار رسمي وشخصي بنفسه في الإعلام الإسباني، أكد أنه ارتكب خطأ وأنه يأسف لذلك وأن هذا لن يتكرر مجددا. الفضائح طالت أيضا أعضاء مهمين في الأسرة المالكة حول علاقتهم برجال المال والأعمال ومن أشهر هذه الفضائح ما نسب إلي زوج الأميرة كريستينا وهو اورد دانجارين الذي ثبت تورطه في اختلاس أموال منظمة خيرية كان يديرها في الفترة 2004 إلي 2006 تم خلالها جمع 2.3 مليون يورو من التبرعات من أفراد من مؤسسات حكومية، وتم خلال هذه المنظمة تحويل أموال إلي الخارج ويقال أيضا غسيل للأموال، كما يحقق أيضا مع زوجة ابنة الملك في قضايا صفقات تجارية فاسدة في جزر الباليار في إقليم فالنسيا الشرقي، حتي الآن لم تصدر بحق الملك أي أحكام قضائية وإن كانت التحقيقات مستمرة مما دفع الأسرة المالكة إلي إبعاد الأميرة وزوجها عن إسبانيا وانتقالهما للحياة في الولاياتالمتحدة بعيدا عن ملاحقة الإعلام. وأمام كل هذه الفضائح تسعي الأسرة المالكة في إسبانيا إلي تحسين صورتها وزيادة شعبيتها، ورغم أن الدستور الإسباني لا يجبر الملك الإعلان عن راتبه أو مصروفاته أو ذمته المالية، لكن الانتقادات الإعلامية والسياسية العنيفة اضطرته لاستعمال أسلوب أكثر شفافية مع الشعب تجاوبا مع طلباته. وأعلنت العائلة المالكة تفصيليا عن دخلها والذي أظهر حصول الملك خوان كارلوس علي 292.752 ألف يورو كراتب سنوي في عام 2011م. أما الأمير فيليب ولي العهد فيحصل علي نصف هذا المبلغ هذا غير نفقات المهام الشخصية. أما الملكة صوفيا والأميرات فيحصلن علي منح من الدولة بحد أقصي 375 ألف يورو لكنهن لا يحلن علي نفقات المهام الرسمية، كما أن رواتب العائلة الملاكة غير معفاة من الضرائب، وكانت كل الرواتب الكبري في القصر الملكي قد تم خفضها 15% عام 2010 وتم تجميدها عام 2011 ورغم الرفض الشعبي الإسباني لميزانية العائلة المالكة، إلا أنها تعد الأكثر فقرا بين العائلات المالكة الأوروبية، حيث تقدر كل النفقات الملكية التي تتحملها الدولة بثمانية ملايين يورو، سنويا في حين تبلغ نفقات العائلة المالكة البريطانية مثلا 45مليون يورو، والأسرة المالكة الهولندية 39 مليون يورو، وتشير بعض الدراسات السياسية والاجتماعية في إسبانيا إلي أن الكثير من المؤسسات الإسبانية فقدت شعبيتها وحب الجماهير مثلها مثل الشرطة والقضاءوالبرلمان والعائلة المالكة. وتشير استطلاعات الرأي إلي انخفاض شعبية الملك خوان كارلوس خاصة بين الشباب صغير السن الذي لم يعاصر فترات قوة ونفوذ الملك ودوره المهم في الحفاظ علي الديمقراطية في إسبانيا، حيث انخفضت نسبة مؤيدي الملك من 66% عام 1996 إلي 49% العام الماضي، هذا فضلا عن تنامي مؤيدي تحويل إسبانيا إلي النظام الجمهوري، ويؤكد المقربون من العائلة الإسبانية أن الأسرة تدرس الآن بكل جدية تنازل الملك فيآخر فرصة عن العرش للأمير فيليب ولي العهد الذي يحظي علي المستوي الشخصي بحب واحترام الشعب الإسباني لبعده عن الفضائح وتواضعه وجديته في المهام التي توكل إليه، فلم يعرف عنه حتي في فترات شبابه أي فضائح أخلاية، كما أن زواجه من مذيعة التليفزيون السابقة لايتيسا وهي من عامة الشعب زاد من جماهيرته، ويلاحظ أن الملك خوان كارلوس يسند الكثير من المهام الآن إلي ولي العهد، كما أن الأمير فيليب ينوب عن والده في كثير من المهام الرسمية مما جعله أمل الأسرة في استمرار النظام الملكي في إسبانيا.