داخل أروقة كتاب "يوم عصيب" الذي بيع منه أكثر من مليون نسخة مؤخراً في ذكرى 11 سبتمبر هذا العام، يصف لنا "مارك أوين" قصة إغتيال زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في مخبئه في أبوت أباد بباكستان، وتعد هذه العملية من أهم العمليات في التاريخ الأمريكي . وذكرت دوائر غربية أن عضو فريق القوات الخاصة التابعة للبحرية الأمريكية والذي ألف الكتاب تلقى تهديدات بدأت بالقتل من جانب أعضاء منظمة القاعدة كما يواجه حاليا احتمال محاكمة جنائية بسبب نشره معلومات حساسة عن الجيش الأمريكي وإن كانت هذه المحاكمة لن تبدأ إلا بعد نشر الكتاب. وأعلن الأميرال "بيل ماكرافين" قائد العمليات الخاصة بالقوات الأمريكية مقاضاة أي شخص يثبت تورطه في كشف معلومات يمكن أن تلحق أضرارا بالجنود الأمريكيين جنائياً، لاسيما أن موقع القاعدة الرسمي أعلن عن تهديدات لكل من اشترك في قتل أسامة بن لادن ووصف مؤلف الكتاب بأنه "الكلب" الذي قتل الشهيد الشيخ "أسامة بن لادن". وأكد الأميرال بيل أنه في مجتمع القوات الخاصة الأمريكية يتحمل المؤلفون التزاما أخلاقيا وواجبا قانونيا لعرض أعمالهم للمراجعة الأمنية قبل نشرها. وكانت شبكة "فوكس نيوز" قد أعلنت عن الاسم الحقيقي لعضو فريق العمليات الخاصة الذي شارك في اغتيال بن لادن والذي ألف مع صحفي كتاب "يوم عصيب" رغم أنه استخدم اسم مارك أوين بدلا من اسمه الحقيقي، مما جعل شبكة القاعدة تذكر اسمه وتنشر صورته علي موقعها الإلكتروني مع تعليقات تدعو إلي الانتقام منه وقتله. وقال مسئولون عسكريون أمريكيون: إن هذا الشخص – مؤلف الكتاب - يتم حاليا التحقيق معه لأنه لم يحصل علي موافقة وزارة الدفاع الأمريكية قبل نشر الكتاب حتي لو لم يكشف تفصيلات سرية بخصوص عملية قتل بن لادن. وكانت وسائل إعلام أمريكية أخرى قد ذكرت أنه عضو بالقوات الخاصة التابعة للبحرية الأمريكية مؤلف الكتاب .. وإذا كان بيل ماكرافين يرى أن الكتب والأفلام المتعلقة بالعمليات الخاصة تصبح أدوات تعليمية مقيدة للجنود إلا أن نشرها يكون تحت قيادة الجيش وأن الأعضاء الحاليين والسابقين في الخدمة يتم محاسبته إذا عرضو سلامة القوات الأمريكية للخطر ؛ لأن هناك فرقا كبيرا بين سرد قصة لأغراض تعليمية أو ترفيهية ورواية قصة تكشف عن أنشطة حساسة لمجرد تحقيق أكبر قدر من الأرباح. وبات الآن مؤلف الكتاب معرضاً لخطر فعلي من المتعاطفين مع القاعدة والساعين للثأر لقتل بن لادن في تنظيم القاعدة لاسيما أن هناك الكثير من الجهادين منتشرون في أنحاء العالم لاسيما أمريكا، وقالت مؤسسة دوتون ناشرة الكتاب إن المؤلف كان من بين أوائل الجنود الذين اجتازوا الطابق الثالث بمخبأ الزعيم بن لادن وكان موجودا عند اغتياله. وبعيداً عن ذلك يصف "أوين" الفترة التي قضاها في القوات الخاصة "سيل" من عام 1998 حتى 2012 بأنها كانت قاسية في التدريبات التي تلقوها، والانتشار على مدى عقد من الزمن، ويقول: نحن لسنا أبطالاً خارقين، إلا أنه يجمع بيننا رابط مشترك يخدم شيئاً أعظم حتى من أرواحنا، إستخدم "أوين" أسماء "وهمية" حفاظاً علي سلامة وأمن الرجال الذين شاركوا في العملية، وعانى كثيراً من عدم كشف أية معلومات يمكن أن تضر بالأمن القومي الأمريكي، أو يمكن أن يستفيد منها الإرهابيون في إلحاق الضرر بالرجال والنساء الأمريكيين الذين يقاتلون في أرجاء العالم. ويستعرض أوين في مقدمة الكتاب جاهزية الفريق عند ركوب طائرتين من نوع "إم إتش-60 بلاك هوك"، كان الفريق مؤلفاً من 23 فرداً من مجموعة التنمية الخاصة الحربية ويشار إليها بشكل مختصر "DEVGRU"، وقد قام أوين معهم بالعديد من العمليات، بعضها قبل عشر سنوات، ويعرف كل فرد منهم بشكل دقيق، كان كل فرد يرتدي 60 رطلاً من المعدات أو ما يعادل تقريباً 28 كغ، وكل غرام اختير بدقة متناهية ولغرض محدد . ويوضح "أوين" بأن الساعات الثمانية والأربعين قبل العملية كانت عصيبة، فقد كانوا يراقبون تعاقب النهار والليل، وكان كل واحد منهم يعيد ترتيب أدواته، ويتفقدها خوفاً من نسيان شيء يلزمه في العملية التاريخية التي سينفذونها، كان أوين في الطائرة وهم يتوجهون نحو الهدف الذي لطالما حلم به كل فرد معه، مستذكراً الضحايا المدنيين الذين فقدوا حياتهم في 11 سبتمبر، وحالة الحرب على الإرهاب من حينها، ويشير إلى حالة الإحباط التي سيطرت عليه قبل عشر سنوات، لأنهم لم يستدعوا فرقته للذهاب إلى أفغانستان، وكان يقول على سبيل الهزل لصديقته في أمريكا: "لن أعود إلى الوطن حتى أقتل بن لادن" . وإنتهي أوين في الفصل العاشر عن بداية إعلامه بالمهمة، حينما أخبروه أن رجلهم أي بن لادن في باكستان، وطُلب منه الحضور مع أفراد من قوات "السيل" إلى وكالة الإستخبارات المركزية لإبلاغهم بتكليفهم بالمهمة وتوضيح تفاصيلها، وحينما توجّه هناك، دخل الي قاعة كبيرة للمؤتمرات كانت غرفة لتخطيط العمليات، كانت خريطة باكستان على الحائط، وتتضمن عن قرب خريطة مدينة أبوت أباد، ولم يكن في الغرفة أحد سوى بعض رجال من وكالة الاستخبارات الذين يعملون بهدوء على المخططات، وكان هناك على القائمة التنظيمية للعملية ثمانية وعشرون اسماً من بينهم مترجم يدعى علياً من وكالة الاستخبارات، وكلباً يطلق عليه كايرو، وفني خدمة رمي المدفعية المتفجرة، وما تبقى من عناصر السيل من ذوي الخبرة، وهؤلاء الذين تم اختيارهم قاموا بمئات العمليات، ولكل واحد منهم أربعة بدائل في حال أصيب أحدهم بأي مكروه، وتم تقسيم الفريق إلى أربعة فرق، وعين أوين قائداً لإحداها وزميله توم أيضاً لأخرى، وتم توزيعهم في مجموعتين، كل مجموعة في طائرة هليكوبتر، حتى دخلوا جميعاً عبر الباب في الطابق الثالث الي مخبأ أسامة بن لادن، حيث أصابته القوات برصاصه في الرأس، وعدة رصاصات في صدره، ليجهز عليه بالكامل .