عقب انقضاء شهر رمضان بدأت البرامج التليفزيونية والقنوات الفضائية والصحف والمجلات في عمل الإستفتاء المعتاد كل عام لمعرفة أفضل مسلسل وأفضل فنان في الدراما الرمضانية، إلا أنه في هذا العام اختلفت المقاييس، ولم يكون لهذه الإستفتاءات مكانا مميزا ؛ بسبب الكم الكبير من الأعمال الدرامية الذي شهدها الماراثون الرمضاني هذا العام . فبعد أن مضي الماراثون الرمضاني طرح سؤال مهم وهو في مصلحة من إنتاج هذا العدد الضخم من الأعمال الدرامية في شهر واحد؟ هل لأن موسم رمضان هو الموسم الأكبر بالنسبة للدراما التليفزيونية يستدعي إنتاج كل هذا الكم؟ أم أن إنتاج هذه المسلسلات هو محاولة فقط للنهوض بالدراما لتتخطى أزمتها التي مرت بها منذ فترة ؟ ومع إختلاف الأسئلة ووجهات النظر حول هذا الموضوع أردنا أن نقيم التجربة بعد إنتهائها، وهل إنتاج كم ضخم من المسلسلات هذا العام عاد على الفن والساحة الدرامية والفنانين والجمهور والمنتجين بالنفع أم بالضرر ؟ . فقد أكد الناقد طارق الشناوي أن ماحدث في شهر رمضان هذا العام هو طفرة في الدراما المصرية وقد استطاعت أن تثبت قدرتها على الإنتاج الدرامي وأنها مازالت بخير وإستطاعت أن تتخطى أزمتها و تقف في وجه منافسيها من الدراما السورية والتركية وغيرها . وعلى الرغم من وجود أكثر من مسلسل جيد يستطيع أن ينافس وأن يرسم صورة جيدة للدراما المصرية وإستطاع أن يحقق نجاحا كبيرا إلا أن هذا الزخم الدرامي الكبير هو من وقف في وجه تلك المسلسلات الجيدة والتي لم تستطيع أن تظهر بوضوح وسط هذا الكم الهائل من المسلسلات والتي تعرض جميعها في وقت واحد . وأوضح "الشناوي " أن من الأفضل أن نهتم فيما بعد بالكيف وليس الكم ففي الماضي كان يتم إنتاج مسلسلان أوثلاثة على الأكثر ولكنهم يحملون داخلهم مضمون جيد ويستطيعون أن يكونوا علامة في تاريخ الدراما المصرية، وهو على عكس مما يحدث الأن حيث يتم إنتاج أعمال كثيرة تفتقد أغلبها للمضمون ولمعايير العمل المتكامل والجيد . وعن مدى تأثير هذا الكم الكبير من المسلسلات على المشاهد؛ أشار "الشناوي" أن المشاهد هو أخر المستفيدين من هذا الزخم الدرامي ؛ خاصة وأنه يجد نفسه أمام الكثير من الأعمال التي تناقش موضوعات متنوعة وقضايا مختلفة مما يوقعه في دائرة الإختيار والتي معها يجد المشاهد نفسه أمام عملان ليس أكثر إما يجد فيهما مضمون جيد وإما أن يجدهما بلا هدف وتذهب مشاهدته دون جدوى . أسباب أخرى ورفض المنتج محمد العدل أن يكون المنتجين وشركات الإنتاج هم السبب الرئيسي وراء عرض هذا الكم الكبير من المسلسلات في رمضان بإعتبارهم المستفيدين من وراء ذلك . وعلى الرغم من أن مسلسلات رمضان تحظى بإهتمام كبير من المشاهدين وهو مايوازيه إهتمام أيضا من جانب المعلنين مما يجعل القنوات والفضائيات تتهاتف على شراء المسلسلات، إلا أنه نجد أمامنا مشكلة كبيرة تتمثل في التسويق حيث أنه يكون أمام هذه القنوات فرص كثيرة وإختيارات عديدة، والعمل الذي يستطيع أن يفرض نفسه هو من سيجد أمامه أكثر من فرصة لتسويقه وعرضه على أكثر من قناة وبالتالي يعوض التكلفة الإنتاجية للمسلسل . ويرى "العدل" أن هذا لا يحدث كثيرا لذلك فإن هذا الكم الكبير من المسلسلات يمكن أن يكون ضارا بالنسبة للمنتجين واللذين يضطرون إلى القبول بأي عرض تسويقي من القنوات والذي لايحقق من وراءه المنتج ربح مناسب يغطي تكلفة العمل، أو يضطرون إلى تأجيل عرض أعمالهم إلى موسم أخر . وعن السبب وراء إنتاج هذا الكم الكبير من المسلسلات التي شهدها في رمضان هذا العام؛ أوضح "العدل" أن فكرة سيطرة الأحداث السياسية على الإعلام بشكل عام كانت وراء تفكير المنتجين والفنانين في محاولة التخفيف عن الشعب المصري وإخراجه من الكبت الذي عاشه ومن التوتر نتيجة الأحداث التي مرت بها مصر مؤخرا، وهو ما جعل المنتجين يعتقدون أن المشاهد في حاجة لمادة درامية ضخمة تخفف عنه حدة الأحداث والأخبار السياسية والي كثرت في الفترة الأخيرة . خرج من السباق بينما أكد الفنان خالد صالح أنه كان يتمنى أن يعرض مسلسله في وقت لاحق مشيرا إلى ِأن المسلسلات التي خرجت من السباق الرمضاني حظت بفرصة أفضل بكثير من تلك التي عرضت في رمضان، خاصة وأن الفرصة أمامها ستكون متاحة لتأخذ نصيبها وحقها في المشاهدة من جانب الجمهور . وعن صعوبة تقييم الأعمال من جانب النقاد والجمهور وسط هذا الزخم الدرامي، أكد "صالح " أن الكم ليس هو الذي يصعب فقط عملية التقييم ؛ وإنما أيضا عدم وجود معايير أساسية يعتمد عليها النقاد في تقييم الأعمال وعدم وجود أسس تقوم بناء عليها الإستفتاءات التي تحدث لمعرفة أراء الجمهور، وعن مسألة الزخم الدرامي فقد إعتادنا عليها منذ فترة وإن كانت زادت هذا العام أكثر من الأعوام الماضية نتيجة توقف الإنتاج الدرامي العام الماضي . وإعترض خالد صالح على فكرة الموسم الأوحد للدراما المتبع في مصر منذ عدة سنوات وإعتماد الإنتاج الدرامي على شهر رمضان فقط في حين أنه من الممكن أن نخلق أكثر من موسم درامي على مدار العام توزع خلاله المسلسلات مما يساعد على تقييم العمل جيدا وكذلك يجد الفنان أعماله تأخذ حقها من المشاهدة لأن هذا هو الشئ الوحيد الذي يعوض الفنان عن الجهد الذي يبذله من أجل إخراج عمل فني متكامل، لذلك فلابد من إعادة النظر في الخريطة الدرامية من جديد وأن نهتم بالكيف ونبعد عن الكم الزائد والزائف والذي يضر الفنان والمشاهد معا .