عند الحديث عن الجنة والنار كما ظهرتا في السينما المصرية، نجد أنها كانت تزخر بأفلام يغلب عليها الخيال، وقد يكون التناول في إطار من الجدية.. وفي أحيان أخري قد لا يخلو الأمر من فكاهة وكوميدياً، ولكن في معظم الأحوال نجد الفانتازيا سيدة الموقف، وفي تجربة فيلم "حلم عزيز" بطولة أحمد عز وشريف منير الذى يعرض حالياً فى دور السينمات المختلفة، كان مفهوم الجنة والنار حاضراً بشكل مختلف وأكثر إبهاراً باستخدام ديكورات وجرافيك رسما صورة سينمائية مختلفة لهذا العالم الذي لم يره أحد بالفعل. بالطبع لم يكن مفهوم الجنة والنار هو الهدف من "حلم عزيز" وإنما جزء منه وفي إطار حدوتة سينمائية لطيفة علي مستوي الشكل والمضمون لم تخل من بعض نقاط الضعف التي لولاها لكان "حلم عزيز" عمل سينائي أكثر تميزاً، الفيلم بطولة أحمد عز، مي كساب، شريف منير، محمد عادل إمام، وميريت وإخراج عمرو عرفه. يبدأ الفيلم بحفل زفاف شقيقة رجل الأعمال الثري عزيز الذي نكتشف مع بداية الأحداث أنه شخصية متسلطة ومخادعة فهو لا يتواني عن خيانة زوجته حتي في حفل زفاف شقيقته. وفي مصنعة مع العمال يتعامل بفظاظة ولا يستجيب لمطالبهم برفع الرواتب بل يهددهم بالمعاش المبكر والتسريح من العمل إذا لم يرضوا بقليلهم. وتكون نقطة التحول في حياته عندما يزوره والده المتوفي في الحلم، وتتكرر الزيارة مع تكرار الحلم ويلجأ للمنجمين والشيوخ لمعرفة تفسيره، وفي النهاية يصبح لديه يقين بأنه سيموت لا محالة خلال فترة وجيزة، ولذلك عليه إصلاح ما أفسده في حياته وإعادة الحقوق التي سلبها لأصحابها حتي يموت وهو نظيف وتائب إلي الله. وربما تكون الفكرة والسيناريو الذي كتبه السيناريست نادر صلاح الدين ليست جديدة تماما علي السينما، وإنما التفاصيل والشكل الفني هما المختلفان، فإذا نظرنا إلي الأفلام القديمة الأبيض والأسود سنجد نماذج لأفلام مشابهة مثل "سفير جهنم" و "موعد مع إبليس" وغيرهما من الأفلام التي طرحت فكرة الشيطان والخير والشر والجنة والنار، ولكن بطبيعة الحال وبإختلاف التقنية السينمائية كانت هناك مساحة أكبر للمخرج عمرو عرفة لتقديم صورة سينمائية مختلفة وجيدة إلي حد كبير بالنظر لكوننا أمام فيلم مصري يلجأ للفانتازيا لتقديم فكرته. هناك عناصر فنية جيدة في "حلم عزيز" منها التصوير لوائل درويش، وكذلك تميز ديكور محمد أمين في المشاهد الخاصة بالحلم والتي قدمت صورة للجنة والنار. ولكن علي مستوي المضمون والمعالجة الفنية كانت هنك بعض نقاط الضعف كما ذكرت، ولنأخذ مثلا من تحولات شخصية البطل عزيز الذي بدأ بالفعل في إصلاح ما أفسده ورد حقوق اغتصبها من آخرين ولكنه فجأة يتحول مرة أخري بحياته القديمة ونزواته النسائية بدون سبب منطقي، وأيضاً لا نعرف موقف سكرتيرته التي تقوم بدورها مي كساب فهي تؤيده في كل أعماله وتصرفاته غير القانونية ومع ذلك نراها تنفعل بشدة وتغضب عندما يحيد عن توبته ويعود كما كان. من ناحية أخري ورغم تميز المشاهد التي جمعت بين الابن ووالده المتوفي في الحلم إلا أنه كانت هناك بعض المشاهد التي جاءت كما لو كانت مزايدة علي فكرة الفيلم نفسها، ومنها مشاهد المصارعة بين الابن والأب، وكذلك الاهتمام المبالغ فيه بشخصية الرجل الذي ظلمه عزيز وعوضه بملايين الجنيهات ليتحول من صوفي لشخص منحل أخلاقيا، كما كانت علاقة هذا الرجل بزوج شقيقة عزيز غير مبررة من الأساس. أيضاً كان هناك بعض التطويل في النهاية وشعرت بأنني أمام فيلم عربي قديم حيث نشاهد حفل سبوع ابن شقيقة عزيز، بينما نشاهد شخصيات صالحها وعوضها البطل عن ظلمه لها في هذا الحفل وهي نهاية تقليدية تشبه نهايات الأفلام القديمة. أما الأداء التمثيلي فقد قدم أحمد عز شخصية عزيز بخفة ظل حقيقية، وكذلك قدم شريف منير دور الأب باتزان وبساطة، ولا أعرف لماذا شعرت بافتعال في أداء مي كساب في معظم مشاهدها، وحتي ملابسها وكذلك الوجه الجديد رانيا منصور في دور شقيقة عزيز جاء أداؤها مفعتلاً أيضاً ومبالغا فيه، في حين ذكرني أداء محمد عادل إمام بوالده في فيلم "البحث عن فضيحة"، وكان هناك ظهور خاص ومميز لأحمد رزق ومنة شلبي. ويمكن على ذلك اعتبار "حلم عزيز" شكلاً سينمائياً مختلفاً عن السائد رغم الملاحظات السابقة التي لا تقلل من كونه فيلما خفيفاً وكوميدياً أيضاً، قدم المخرج عمرو عرفة من خلاله فانتازيا سينمائية مميزة.