الدستور، وكان يرى أنه فى سبيل تحقيق ذلك يجب أن يتم تعليم الشعب ليسهل تبصيره بحقوقه، ولذا فقد أنشأ محمد فريد مدارس ليلية فى الأحياء الشعبية فى القاهرة لتعليم الفقراء مجاناً، وقام بالتدريس فيها رجال الحزب الوطنى وأنصاره، ثم أخذ يعمم التجربة فى الأقاليم ووضع محمد فريد بذرة حركة النقابات، فأنشئ نقابة للعمال عام 1909 وقام بتوحيد مطالب الدستور وطبع منها عشرات الآلاف من النسخ، ودعا الشعب إلى توقيعها وإرسالها إليه ليقدمها إلى الخديو، ونجحت الحملة وذهب فريد إلى القصر يسلم أول دفعة من التوقيعات، وتلتها دفعات أخرى. ذهب محمد فريد إلى أوروبا، كى يُعد مؤتمراً لبحث المسألة المصرية بباريس، وأنفق عليه من جيبه الخاص كى يدعو إليه كبار معارضى الاستعمار من الساسة والنواب والزعماء، لإيصال قضية المصرية إلى المحافل الدولية. وأثناء تواجده فى أوروبا نصحه أصدقاؤه بعدم العودة، بسبب نية الحكومة بمحاكمته، ولكن ابنته ناشدته أن يعود ويواجه الأزمة كالأبطال ،وبعدما عاد فريد حُكم عليه بالسجن ستة أشهر، ولدى خروجه من السجن كتب يقول: " ى علىَ ستة أشهر فى السجن، ولم أشعر بالضيق إلا عند خروجى، لعلمى أنى خارج إلى سجن أكبر وهو سجن السلطة الذى يحرسه الاحتلال ". استمر محمد فريد فى الدعوة إلى الجلاء والمطالبة بالدستور، حتى ضاقت به الحكومة المصرية الموالية للاحتلال، وبيتت النية لسجنه مجدداً، فغادر فريد البلاد إلى أوروبا سراً فى 27 مارس 1902، وبقى هناك إلى أن وافته المنية وحيداً وفقيراً فى 15 نوفمبر من عام 1919حتى أن أهله بمصر لم يجدوا مالاً كافياً لنقل جثمانه إلى وطنه، فبادر أحد تجار الخشب بالزقازيق وتكفل باستخراج التصاريح اللازمة لاستعادة جثمان فريد من برلين على نفقته الخاصة. ومن الجدير بالذكر أن محمد فريد من مواليد 20 يناير عام 1866 وتوفى عن عمر يناهز 53 سنة. وقد ترك مؤلفات تاريخية مهمة من أشهرها " تاريخ الدولة العليا العثمانية ".وقد عرفت مصر على يديه المظاهرات الشعبية المنظمة.