هو واحد من كبار الزعماء الوطنيين، وقد ترأس الحزب الوطنى بعد وفاة مصطفى كامل. وأنفق ثروته بالكامل فى سبيل القضية المصرية وإبان الاحتلال البريطانى لمصر كان المطلب الأساسى للمصريين وبالطبع لمحمد فريد أيضا هو الجلاء والدستور، وكان يرى أنه فى سبيل تحقيق ذلك يجب أن يتم تعليم الشعب ليسهل على النخبة تبصيره بحقوقه، ولذا فقد أنشأ محمد فريد مدارس ليلية فى الأحياء الشعبية فى القاهرة لتعليم الفقراء مجاناً، وقام بالتدريس فيها رجال الحزب الوطنى وأنصاره، ثم أخذ يعمم التجربة فى الأقاليم محمد فريد أيضا ووضع بذرة حركة النقابات، فأنشأ أول نقابة للعمال سنة 1909، كما عرفت مصر على يديه المظاهرات الشعبية المنظمة، وضع فريد صيغة موحدة للمطالبة بالدستور، طبع منها عشرات الآلاف من النسخ، ودعا الشعب إلى توقيعها وإرسالها إليه ليقدمها إلى الخديو، ونجحت الحملة وذهب فريد إلى القصر يسلم أول دفعة من التوقيعات، وكانت 45 ألف توقيع وتلتها دفعات أخرى ذهب محمد فريد إلى أوروبا، كى يُعد مؤتمراً لبحث المسألة المصرية بباريس، وأنفق عليه من جيبه الخاص كى يدعو إليه كبار معارضى الاستعمار من الساسة والنواب والزعماء، لإيصال قضية المصرية إلى المحافل الدولية. وفيما هو فى أوروبا نصحه أصدقاؤه بعدم العودة، بسبب نية الحكومة محاكمته، ولكن ابنته (فريدة) ناشدته أن يعود ويواجه الأزمة كالأبطال وكتبت له تقول : «لنفرض أنهم يحكمون عليك بمثل ما حكموا به على الشيخ عبدالعزيز جاويش، فذلك أشرف من أن يقال بأنكم هربتم... باسم الوطنية والحرية، أتوسل إليكم أن تعودوا» فلما عاد فريد حكم عليه بالسجن ستة أشهر، ولدى خروجه من السجن كتب يقول: «مضى علىَّ ستة أشهر فى السجن، ولم أشعر أبداً بالضيق إلا عند خروجى، لعلمى أنى خارج إلى سجن آخر وهو سجن الأمة المصرية، الذى تحده سلطة الفرد.. ويحرسه الاحتلال!..» استمر محمد فريد فى الدعوة إلى الجلاء والمطالبة بالدستور، حتى ضاقت به الحكومة المصرية الموالية للاحتلال، وبيتت النية لسجنه مجدداً، فغادر فريد البلاد إلى أوروبا سراً فى 27 مارس 1902، وبقى هناك إلى أن وافته المنية وحيداً وفقيراً (فى مثل هذا اليوم 15 نوفمبر من عام 1919 ) حتى إن أهله بمصر لم يجدوا مالاً كافياً لنقل جثمانه إلى وطنه، فبادر أحد تجار الخشب بالزقازيق واسمه الحاج خليل عفيفى وتكفل باستخراج التصاريح اللازمة لاستعادة جثمان فريد من برلين على نفقته الخاصة، ويذكر أن فريد من مواليد عام 1866 أى أنه توفى وله من العمر 53 سنة.