يرى مراقبون وسياسيون أن فكرة محاسبة قيادات الجيش مستبعدة تماماً؛ لان الشعب المصرى لن يسمح بأن ينقسم الجيش حول محاسبة قياداته، وبالتالى سيكون هناك موقف شبه عدائى بين الشعب المصرى وقواته المسلحة الدرع الحامى للوطن؛ وأوضح البعض بأنه كلما اقترب موعد تسليم السلطة يشعر قيادات المجلس العسكرى بالقلق خوفا من المحاسبة والمساءلة القانونية خلال إدارة العسكرى للمرحلة الانتقالية وحدوث بعض التجاوزات ضد المتظاهرين فى ماسبيرو ومجلس الوزراء وشارع محمد محمود والشيخ ريحان؛ وأن الجيش قبل أن يسلم البلاد لسلطة مدنية منتحبة سيطمئن على وضعه فى الدستور القادم من خلال مراقبة ميزانية الجيش وسيعلن للأغلبية البرلمانية ولجنة وضع الدستور بانه لن يتنازل عن استقلالية الفوات المسلحة فى الدستور القادم ولن يسمح أن تتدخل بعض التيارات السياسية أو الإسلامية فى تعديل وضع الجيش أو تتحكم فى ادارة شئونه؛ وتخوف بعض المراقبين من أن الجيش اذا لم يحصل على هذه الطمأنينة الدستورية فإنه لن يسلم السلطة بسهولة وسيبقى الوضع كما هو عليه ولن يستطيع أى تيار سياسى أن يزيح الجيش من السلطة. ويقول د.عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة: بأن الشعب المصرى لابد أن يرد الجميل للمجلس العسكرى الذى لولاه لما نجحت ثورة يناير وكان من السهل عليه أن يستجيب لأوامر مبارك ويقتل المتظاهرين ولكن الجيش بقياداته رفضوا هذه الأوامر وانضموا لمطالب الشعب والثوار وجنبوا البلاد شرور الاحتكاك والاشتباك مع الجيش وكان من السهل جداً على قيادات الجيش أن يفضوا اعتصام التحرير فى نصف ساعة بالرغم ن انهم كانوا يحمون شرعية مبارك ولكنهم أدركوا أن الشرعية تأتى من الشعب لذلك ساندوا الشعب المصرى فى ثورته؛ مضيفاً بأن مساءلة أعضاء المجلس العسكرى فى البرلمان المصرى غير واردة من جانب حزب الأغلبية - يقصد الإخوان- لأننا سنرد الجميل للجيش لنجنب الشعب والجيش الصراعات التى قد تحدث بين الجانبين؛ وعلى العسكرى أن يعمل بكل ما يستطيع لعلاج مصابى الثورة وتعويض أسر الشهداء. واستنكر د. جمال زهران استاذ العلوم السياسية، فكرة الخروج الآمن للمجلس العسكرى لأن ذلك معناه اهدار دماء الشهداء وضياعها هباءً ولم يعد ينفع "الطبطبة" من جانب التيار الإخوانى الذى استفاد من ملاصقته لأعضاء العسكرى وكأنها "صفقة" بمعنى أن يسمح العسكرى للإخوان ان يحصدوا الأغلبية ويصعدوا لسدة الحكم مقابل رفض استجواب المشير وقيادات المجلس العسكرى تحت قبة البرلمان ومن بعدها أمام النائب العام؛ موضحاً بأنه بعد خروج العسكرى من الحياة السياسية سيتقدم الحقوقيون والنشطاء ببلاغات ضد قياداته للنائب العام ليعرف الجميع من اعطى الأوامر بقتل المتظاهرين كما حدث مع مبارك؛ رافضاً التفريط فى حقوق الشهداء الذين قٌتلوا فى أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء. وأضاف علاء عبد المنعم مساعد رئيس حزب الوفد والبرلمانى السابق: بأن الإنجاز الوحيد الذى نستطيع أن نتذكره دائماً للمجلس العسكرى هو رفضه أوامر مبارك بإطلاق النار على المتظاهرين ووقوف الجيش مع الثوار لإنجاح الثورة يجعلنا نتغاضى عن سلبيات القرارات السياسية واستخدام العنف ضد المتظاهرين؛ مشيراً إلي أن الجيش لن يتخلى عن السلطة بكل سهولة حتى بعد قدوم رئيس مدنى وسيظل هو المتحكم فى القرارات السيادية وسيصبح "الطرف الخفى " بين أجهزة الدولة لحماية وضعه فى الدستور والبعد عن مراقبة ميزانية الجيش. وأشار د. جمال حشمت القيادى الإخوانى، إلي أن اقتراب موعد تقديم السلطة يربك قيادات المجلس العسكرى خوفاً من الملاحقة القانونية ولكن القوى السياسية لابد ان تراعى وضع الجيش وقياداته وان يكونوا بعيدين عن المساءلة القانونية لأنهم هم السبب الرئيسى فيما نحن فيه الآن ولولا انحياز المجلس العسكرى للثورة لأصبحت مصر مفككة حتى الآن وأصبحنا مثل ليبيا أو اليمن او سوريا؛ مؤكداً أنه من الجائز بعد الانتخابات البرلمانية أن يتقدم الإخوان بمبادرة تجمع القوى السياسية بشأن طرح وثيقة توافقية بين الجيش والشعب للتوافق على كيفية الخروج الآمن لقيادات العسكرى تجنباً للمساءلة وعلينا ان نستعد لنبنى مصر من جديد. ويقول سامح عاشور نقيب المحامين: إن القوى السياسية كان يجب عليها عدم التحدث فى مثل هذه الأمور لأنها تشكل ضغطاً عصبياً على قيادات المجلس العسكرى؛ موضحاً بأن مخاوف العسكري من مساءلته على أزمات المرحلة الانتقالية والقتل والسحل فى أحداث مجلس الوزراء وماسبيرو وغيرها أمور طبيعية لأنه لا يوجد أحد فى مصر بعد ثورة يناير فوق القانون واذا أخطأ المشير أو أى أحد من قيادات العسكرى فلابد من مساءلتهم وهذا لا يعتبر تعدياً على كرامة قيادات المجلس العسكري؛ موضحاً بأن القوى السياسية اذا تمادت فى الوضع ورأت أن المجلس العسكرى يتبقى له أيام معدودة ولوحت بكارت المحاسبة والمحاكمة فمن الممكن أن يقوم الجيش بتمديد الفترة الانتقالية ويستمر فى السلطة ولن يستطيع أحد أن يزيحه عن المشهد السياسى. ويؤكد د. وحيد عبد المجيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية السابق، بأن العسكرى غير متخوف من المحاسبة او المساءلة لوجود صفقة بين الإخوان والعسكرى على الدفع بالإخوان للسلطة مقابل عدم محاسبة قيادات الجيش؛ موضحاً بأن الشىء الوحيد الذى يتخوف منه العسكرى هو وضع الجيش فى الدستور القادم بشأن مراقبة ميزانية الجيش وعمولة الأسلحة والمصانع العملاقة المملوكة للقوات المسلحة والتى يصر أعضاء البرلمان القادم على تقنين هذا الوضع وتعديله بكل شفافية وهذا لن يسمح به العسكرى أن يراقب المدنيين شئون القوات المسلحة أو يتدخلوا فى عملهم لذلك يريد الجيش أن يبقى بعيداً عن الصراعات السياسية والمالية ويريد أن يكون مستقلاً بنفسه في إدارة شئونه العسكرية والمالية؛ لذلك سيكون الصراع القادم بين البرلمان والجيش حول وضع القوات المسلحة فى الدستور ولكن المجلس العسكري قبل تسليم السلطة سيخبر الأغلبية البرلمانية ولجنة وضع الدستور بأنه لن يتنازل عن استقلالية القوات المسلحة وعدم تدخل أي مدني في شئون الجيش المصري.