"الثلاثاء القادم". الجلسة الاولي لبرلمان الثورة "اول برلمان منتخب بلا تزوير أو ضغوط" منذ أكثر من ثلاثين عاما، انظار العالم كلها تتجه الي مجلس الشعب لتري كيف سيعبر البرلمان الجديد بمصر من عالم الديكتاتورية والحزب الاوحد الي عالم الديمقراطية وتعدد الاحزاب. برلمان ينعقد لاول مرة بدون الحزب الوطني الديمقراطي.. برلمان يغيب عنه العديد من الوجوه التي اعتدنا عليها؛ امثال: فتحي سرور وزكريا عزمي ورجب هلال حميدة وآمال عثمان وغيرهم من الفلول.. آمال كثيرة يعقدها المصريون علي البرلمان الجديد رغم تشكيلته المحيرة، الا انه قادر علي عبور البلاد من محنتها الحالية إلي ما فيه الخير للمصريين؛ شريطة أن تتكاتف الجهود من اجل ذلك، وأن يتناسي الجميع الخلافات الانتخابية ونضع مصر بين أعيننا. فالأمر جد خطير، والاوضاع تحتاج الي مزيد من التأني؛ فبقراءة سريعة في برلمان الثورة. نؤكد ان كل القوي التي خاضت الانتخابات فشلت في الحصول علي الاغلبية المطلقة فيها، حتي حزب الحرية والعدالة وتحالفه الذي حصل علي 46.5 % من المقاعد، وهو لا يعني حصولهم علي الاغلبية المطلقة. وظلوا يبحثون عن تحالف مع بعض القوي من اجل ضمان الاغلبية وكان الوفد هو الاقرب للتحالف معهم حتي كتابة هذه السطور، الا ان الخلافات فقط كانت السبب وراء تقسيم كعكة البرلمان واللجان في المجلس؛ حيث يسعي كل حزب بما فيهم الاحزاب الموجودة اصلا مع الحرية والعدالة في التحالف الديمقراطي الي الحصول علي ميزة من الامتيازات برئاسة لجنة او وكالة اخري حتي يشعروا بأن التحاف جاء لهم بفائدة كبري. وعلي اية حال ولأسرار كثيرة جدا والصدامات المتوقعة في البرلمان لاحصر لها والصدامات بين البرلمان والحكومة أمر متوقع في ظل محاولات حزب الحرية والعدالة الظهور علي السطح والفوز بأكبر قدر من المكاسب والسعي إلي تشكيل الحكومة الجديدة من اجل السيطرة الكاملة علي كل شيء. فقد اكدت المصادر انه منذ انتهاء الانتخابات البرلمانية والاجتماعات السرية والعلنية لا تنقطع داخل مقر حزب الحرية والعدالة وكذلك في مكتب الارشاد والذي اصبح هو المهيمن علي كل شيء عكس التصريحات التي اطلقوها مؤكدين ان حزب الحرية والعدالة لا يخضع لاية تعليمان من مكتب الارشاد، الا ان اجتماع مجلس شوري الاخوان المسلمين كشف غير ذلك؛ حيث فوض الحزب ومكتب الارشاد بأدارة المحلة كاملة؛ وهو ما يؤكد ان المرجعية الاولي في كل شيء هو مكتب الارشاد، وان الحزب مجرد برفان سياسي فقط لا يملك من امره شيئًا وابرز دليل علي ذلك انهم فشلوا في اختيار قيادات البرلمان وهيئة مكتب البرلمان قبل انعقاد جلسة مكتب الارشاد، والذي رفض ان يأخذ باقتراحاتهم وان د. محمد مرسي عقد جلسه خاصة من المرشد العام لعرض تصوره، الا انه من الواضح ان التعليمات صدرت له بالانتظار حتي تصله ورقة بها الاسماء المرشحة لرئاسة البرلمان والوكلاء ورؤساء اللجان وكل كبيرة وصغيرة. الأمر الثاني: أن البرلمان سيعقد اولي جلساته قبل الذكري السنوية الاولي لثورة يناير بيومين فقط وسط الدعوات الكثيرة المطالبة بأن يكون 25 ثورة جديدة ضد المجلس العسكري والدعوة الي اسقاط النظام وكذلك دعوات باقتحام سجن طرة والانتقام من رموز النظام السابق وقتلة الثوار واشياء كثيرة جدا لا حصر لها وهناك تساؤلات كثيرة هل ستنجح جلسة البرلمان في امتصاص غضب الثوار، وان تتحول الذكري من ثورة الي احتفالية؟!! الامر به لغط كثير والكل يخشي من المفاجآت غير السارة خاصة أن المجلس العكري حذر من مغبة هذا اليوم وأكد علي ان هناك مخططات كثيرة الهدف منها اثارة الفتنة في البلاد بين الثوار والمجلس العسكري. ناهيك عن دعوة 6 أبريل إلي أن تكون اولي المطالب في الذكري الاولي للثورة حل المجلس الاستشاري برئاسة منصور حسن، ورحيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وتسليم السلطة للمدنيين. قائمة المطالب التي أعلنها الثوار، والحركات الثورية والسياسية، وفي مقدمتها حركة 6 ابريل، والتي قررت رفعها يوم احتفالات عيد ثورة يناير. قال عنها رموز في هذه الحركات ان المجلس الاستشاري لا يمثل الا الدولة دون الثوار، ولا يؤخذ بتوصياته، وأنه ما جاء إلا لتسكين الثوار وقد بدأت حركة شباب 6 ابريل في المسيرات اليومية بكل الأحياء في القاهرة والمحافظات للدعوة ليوم 25 يناير، وتوزيع مئات الآلاف من المنشورات للخروج يوم 25 يناير من أجل استكمال مطالب الثورة، وتكثيف حملات الملصقات وأثناء تجمع المسيرات في منطقة حلوان رفض الأهالي تمريرهم من بين الشوارع بحجة ان هذه المسيرات تضم بلطجية، وأنهم يسعون الى اشاعة الفوضى في المنطقة لسرقة المنازل، واتفقت حركة 6 ابريل والقوى الثورية على ان شعار يوم 25 يناير 2012 هو سرعة تسليم السلطة من المجلس العسكري للمدنيين، حيث فشل المجلس العسكري في ادارة البلاد خلال هذا العام، سواء على المستوى السياسي، أو الاقتصادي، وانقلب المجلس العسكري على مطالب الثورة ولم ينفذ أياً منها والكل يعول علي الجلسة الاولي لمجلس الشعب الكثير من الامال لامتصاص الغضب الجماهيري الكبير قبل اندلاع ثورة اخري الا ان الكارثة الحقيقية التي تواجه مجلس الشعب الحالي هي غياب شباب الثورة عن تشكيلته خاصة بعدما تجاهلتهم الاحزاب وفشلوا هم في النجاح كمستقلين. فرغم نجاح الثورة المصرية، التي قادها الشباب، وأجبرت الرئيس مبارك على التنحي في الحادي عشر من فبراير الماضي ظل الميدان رمزا لهؤلاء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الحرية، وتحولت العلاقة من الانتقال من البرلمان إلى الميدان لإسقاط النظام المستبد، إلى الانتقال من الميدان إلى البرلمان لبناء دولة الحرية والكرامة، ولكن شباب الثورة الذين ضحوا بالغالي والنفيس ونجحوا في ثورتهم فشلوا بامتياز في اجتياز مراحل الانتخابات الثلاث، وعلى الرغم من أنهم أسقطوا نظاما عتيدا ظل متمسكا بتلابيب الحكم لأكثر من ثلاثين عاما، فإنهم فشلوا في تجاوز هذه الخطوات القليلة للعبور إلى البرلمان عبر صناديق الانتخابات، حيث كشفت نتائج الانتخابات بمراحلها الثلاث وعلى مدى أكثر من ثلاثة أشهر هذا التراجع الكبير. وهو الامر الذي يؤكد ان فكر من بداخل البرلمان يختلف كثيرا عن فكر من في الميدان لان صناديق الانتخابات فشلت في ترجمة مطالب الميدان وجاءت بعدد كبير لا علاقة له بالميدان او الثورة؛ لذلك فالامر يزداد صعوبة ناهيك عن اعلان البرادعي عدم الترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة، وهو الامر الذي سيزيد الميدان اشتعالا يوم 25 يناير لان البرادعي اكد ان فشل المجلس العسكري في ادارة امور البلاد هو السبب الرئيسي في قراره وهو الامر الذي ينذر بمزيد من النيران في العيد الاول للثورة. وعلي الجانب الاخر، فإن البرلمان الجديد مطلوب منه اصلاح ما افسده زمن مبارك واعوانه والكل يريد ان يري الجديد فيه، وهناك ملفات مهمة جدا تعتبر احد اهم اولويات البرلمان الجديد منها الملف الاقتصادي وانقاذ مصر من الانهيار والملف الامني واستعادة الامن والامان في الشارع وهما الملفان ذوات الاهمية المطلقة ناهيك عن ملف الانتهاء من المحاكمات الخاصة برموز النظام السابق والمتهمين بقتل الثوار وافساد الحياة السياسية وهو الملف الذي سيستحوذ علي اهمية خاصة ربما يتم الحديث عنه في الجلسة الاولي للمجلس لامتصاص غضب اهالي الشهداء والمصابين. وعلي اية حال فإن الزيارة الاخيرة التي اجراها د. محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة الي د. كمال الجنزوري تؤكد ان هناك مفاهيم كثيرة ونقاطًا تم وضعها علي الحروف بشأن المرحلة الانتقالية. وقد اكد د. مرسي أنه عرض على رئيس الوزراء، رؤية الحزب للأجندة التشريعية التي أعدها للمناقشة خلال الدورة البرلمانية التي تفتتح أعمالها في 23 الشهر الحالي. ومن جانبه، نفى د. سعد الكتاتني أمين عام حزب الحرية والعدالة، الذي شارك في اللقاء أن يكون الحديث مع الجنزوري قد تطرق إلى استمرار حكومة الإنقاذ الوطني، أو تشكيل حكومة جديدة، موضحا أن هذا الأمر سابق لأوانه. ورغم تصريحات سابقة لقيادات بحزب الحرية والعدالة قالت فيها إنها سوف تدعم حكومة الجنزوري خلال المرحلة الانتقالية، التي تنتهي منتصف العام الحالي بتسليم السلطة لرئيس منتخب، وفق الجدول الزمني الذي طرحه المجلس العسكري، فإن المصادر تؤكد أن الهدف الرئيسي من الزيارة كان الاتفاق علي عدم الحديث نهائيا بشأن الحكومة وان يتم الانتظار الي ما بعد انتهاء المرحلة الانتقالية تجنبا الدخول في اية تصادمات مع المجلس العسكري في هذا التوقيت.