د. محمد سليم العوا.. مفكر إسلامي وفقيه قانوني مصري وهو المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، ولد في 22 ديسمبر 1942، يتميز فكره بالاعتدال والتركيز على الحوار وليس الصدام بين العالم الإسلامي والغرب. حصل على دكتوراة الفلسفة (في القانون المقارن) من جامعة لندن عام 1972. وله العديد من المقالات في المجلات العلمية والمجلات الدينية والثقافية والصحف السيّارة، وشارك في عشرات المؤتمرات والندوات العلمية القانونية والإسلامية والتربوية في مختلف أنحاء العالم. وشغل منصب وكيل النائب العام المصري وعيّن محاميا بهيئة قضايا الدولة بمصر وعمل أستاذا للقانون والفقه الإسلامي في عدد من الجامعات العربية، وعضو مجمع اللغة العربي بالقاهرة ومجمع الفقه الإسلامي الدولي بمنظمة المؤتمر الإسلامي، نال عدة جوائز علمية ودعوية وخيرية وشغل منصب الأمين العام السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس جمعية مصر للثقافة والحوار.. ويعد أحد أبرز رواد الحوار الوطني المصري، وعضوًا مؤسسًا بالفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي.. وقد أعلن عن ترشحه للانتخابات المصرية لمنصب رئيس الجمهورية المقترح عقدها في ديسمبر 2011 .. حاورناه من اجل ان يشرح لنا الوضع العام والي اين تسير مصر. - ماذا عن المجلس الرئاسي الاستشاري؟ وهل سيتعارض مع ترشيحك للرئاسة؟ وجودي في المجلس الاستشاري لا يتعارض مع ترشحي لرئاسة الجمهوري، لأن دوري في هذا المجلس مع عدد من الشخصيات العامة الهدف منه تقديم العون والفكر لأعضاء المجلس العسكري حتى انتهاء انتخابات مجلسي الشعب والشورى، وعمل أعضاء هذا المجلس التزام تجاه الوطن. - وما رأيك في المرحلة الاولي للانتخابات البرلمانية؟ المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية كانت من أفضل ما شهده العالم في الفترات الأخيرة من ممارسات انتخابية، والدليل الخسائر التي لحقت بالبورصة قبل بدء المرحلة الأولى من الانتخابات وصلت إلى 13 مليار دولار وبعد الانتخابات حققت البورصة عائداً كبيرًا ويعود ذلك إلي نجاحنا في تنظيم الانتخابات حتى الآن وهو ما أثبت للعالم أن مصر تتجه بخطى ثابتة نحو الاستقرار. - ولكن هناك مخاوف في الشارع من وصول الإسلاميين للسلطة؟ الخوف من نجاح الإسلاميين غير مبرر لأن الإسلاميين مصريون وليسوا أعداء للوطن، إضافة لأنه لا مبرر لهذا القلق من أن سيطرة التيار الإسلامي على النسبة الأكبر من مقاعد البرلمان لأن الانتخابات لم تحسم بعد وهناك عدة مراحل أخرى يمكن أن تغير ما هو متوقع بالنسبة لمقاعد البرلمان. - وكيف تتصور شكل السياحة فى برنامجك الانتخابى؟ لا يوجد شىء اسمه "شكل السياحة". النشاط السياحى يجب تطويره بكل ما يمكن، فنحن لدينا 20 نوعاً من السياحة نمارس منها 2 فقط، السياحة الشاطئية والآثار، وأهملنا سياحة المؤتمرات والعلاجية والثقافية والدينية وسياحة الشباب، فكل من يأتون إلينا إما مغامرون أو عجائز، كما أهملنا سياحة المطاعم التى تعد من المجالات الهائلة فى العالم، وأيضا ما يسمى بسياحة السياحة، أى المؤتمرات السياحية التى لم تعقد فى مصر منذ الآف السنين على ما أعتقد. - هناك تخوف من العاملين فى السياحة من مرشحى التيارات الدينية؟ أنا مع التوسع فى النشاط السياحى حتى نستغل كل شبر من أرضنا لإمداد البلد بكل نوع جديد من السياحة يدر دخلا لنا. - وما الأمور التى تقف أنت ضدها فى السياحة؟ ضد الاحتكار السياحى، والبيع ب3 دولارات، وأنا أقدر أبيع ب50 و100 دولار، لأننا لا ندخل منافسات قوية. أيضا أنا ضد قذارة عربات الحنطور التى تملأ المكان السياحى بالذباب، وضد أن تكون المدن السياحية دون طرق ومرافق مناسبة. - وماذا عن ممارسات السياح؟ ممارساتهم تخصهم، ومن قام بعمل يخالف القواعد الأخلاقية والدينية فعلينا أن طبق عليه القانون، ومن فعل ذلك فى حجرته الخاصة فهو حر. - ذكرت من قبل أن السياحة ليست خموراً و"بكينى"؟ طبعا ومازلت أقول ذلك، لأن كل من يتكلم فى هذه المسألة من المتدينين يركز على هذين الأمرين فقط، فهذه ليست هى السياحة ولا يمكن أن نقصر السياحة على البكينى والخمور.. ومسألة منع ذلك يدرسها القانونيون ويحددون ما يجوز وما لا يجوز، وأعتقد أن هذا تصغير لمسألة رئاسة الجمهورية، فنجد مثلا من يقول "هلبس التماثيل طرحة.. هو أنت فاضى تدير مكتبك لو أصبحت رئيسًا". وهذا عيب الإعلام الذى يجر المرشحين إلى الحديث فى هذه الأمور. - وما تقييمك لأداء الإخوان المسلمين السياسى بعد الثورة؟ أداؤهم بعد الثورة هو أداؤهم قبل الثورة، فهم يعملون وفق خطة محددة ويريدون تنفيذها، ولا يتخذون قرارات عشوائية. - وهل ترى أن لديهم بعد الثورة "عجرفة سياسية"؟ العجرفة ليست سلوكا سياسيا، وأنا أتعامل معهم ولا أرى منهم أى عجرفة، ولا أرى اختلافاً فى منهجهم السياسى، فهم يتخذون القرار فيما يعتقدون أنه فى مصلحتهم دون النظر لغيرهم، فهم يعملون لمصلحة الإخوان المسلمين. - وكيف تري انهيار النظام المصري السابق برئاسة المخلوع مبارك بهذه السهولة ؟ ما لم نكن نتوقعه فعلاً هو الانهيار التام فى الجهاز الأمنى وهذا أخطر ما واجهته الثورة ومازالت تواجهه لأن الجهاز الأمنى فقد سيطرته بالكامل على الشارع، وبالتالى حدث الارتباك ولا شك أن النظام ثبتت هشاشته ليس لنا فقط، ولكن لحسنى مبارك ذاته ومن حوله ولجنة السياسات ومن حولها، كانوا يظنون أنهم يعيشون فى نظام فولاذى، وأنهم محميون من جميع الاحتمالات.والحقيقة انهم يعيشون في نظام هش انهار بسرعة. - وهل ترى أن الدستور الجديد الذى سيصنع بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، سيسقط الرئيس الجديد الذى سننتخبه؟ نعم بالطبع، لأنه لو جاء بإجراءات وشروط مغايرة لانتخابات الرئيس لابد أن تتبع، فإذا قال الدستور الجديد شيئا فى قواعد الانتخاب مختلفا عن الطريقة التى جاء بها، فسينتهى عهد الرئيس ما لم ينص على عهد انتقالى، مثلما فعل السادات فى الفترة التى كان يصنع فيها دستور طلب منهم أن يصنعوا له حكماً انتقالياً يضمن له الاستمرار سنوات. - الجمعية التأسيسية التى سيشكلها البرلمان الجديد، الناس لا تعلم الإجراء الذى سيحدث فى هذه الحالة، هل سيكون أعضاء اللجنة من داخل البرلمان أم من خارجه؟ من داخله وخارجه؛ فليس هناك نص يمنع أن يكون عضو اللجنة عضواً برلمانياً، ولا هناك ما يمنع أن يكون من خارج البرلمان.. وأقترح أن تقدم للبرلمان الجديد قوائم قادمة من الجامعات والمجتمع المدنى والمؤسسات الثقافية والفكرية فى المجتمع والمؤسسات الشعبية، قوائم بمئات الاسماء ويتم اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية من بينهم، وهذا يعتبر انتخاباً غير مباشر "على درجتين" مثل نظام مجلس الشيوخ فى الماضى، أو نظام المجمعات الانتخابية. - وكيف ترى شكل الدولة فى الدستور الجديد؟ القطيعة مع النظام السابق انتهت مع رحيل مبارك، لأن النظام السابق كان نظاماً فردياً، يديره شخص واحد، وبسقوط الرجل الواحد سقط النظام كله، أما بقاء الوثيقة الدستورية معلقة، مثلما قالت القوات المسلحة، فهذا لأن البديل أن يصدر إعلان دستورى يكرس السلطات القائمة للقوات المسلحة ورأيهم كان صوابا بأن يعلقوا الوثيقة ويديروا البلد بموجب المبادئ العامة المسلم بها فى جميع الدول المدنية من حيث كفالة الحقوق والحريات، والحفاظ على الحقوق والتحقيق بسلطة قضائية. - شعار الثورة كان "الشعب يريد إسقاط النظام"، ويتمثل هذا النظام فى الشخص والدستور، الذى كان يحكم به والمؤسسات، التى كان يحكم من خلالها، لكن لديك رؤية وهى الإبقاء على الأجهزة والمؤسسات، التى كان يستخدمها النظام حتى ولو كان أداؤها سيئاً؟ أنا أرى أن هدم هذه المؤسسات ضار بالبلد، والمفيد أن نفعل ثلاث خطوات، أن نغير من سياسات هذه المؤسسات، وأن نعيد هيكلتها، وأن نختار رئيساً محترماً، وسأضرب مثلاً بجهاز أمن الدولة فلا أرحب بهدم هذا الجهاز، لأن السيئين هم أقلية بداخله، وأرى أن يصبح هذا الجهاز قائما وان يتخصص فى مكافحة الإرهاب والتجسس والقضايا التى تضر بالأمن الداخلى، والتى لا تحصى ولا تعد، ولا يجب أن يعمل فى الحياة المدنية. - ولكن الناس لديها تخوفات من أن يتوسع هذا الجهاز فى جمع المعلومات من خلال التجسس والتنصت على المواطنين؟ الذى كان معروفاً أنه كان يجمع معلومات دون إذن من جهة قضائية "يسجل ويتنصت" كما يشاء على من يشاء وفى أى وقت، لذلك فيجب فى العهد الجديد بعد تحويله لجهاز معلومات أن يحصل أولا على إذن من النيابة قبل التسجيل، وأن توافق النيابة بناء على تحريات سليمة وأن يكون الموضوع مهماً ويتطلب التنصت والتسجيل، وأن يحق للنيابة رفض إعطاء الإذن. - وماذا عن شكل الدولة بالدستور الجديد؛ فهناك جدل بين الناس حول النظام البرلمانى أو الرئاسى، ووضع الدين ومدنية الدولة وحالة الاستقطاب، التى تحيط بتفسير تلك المدنية.. فكيف ترى المستقبل فى هذه الأجواء؟ أسلم شىء فى مصر أن نتحول لدولة برلمانية، وليس دولة رئاسية وأن يكون الرئيس الجديد رمزاً للبلاد وحكماًً بين السلطات ولا يكون رئيسا تنفيذياً.. أما موضوع الدين فوضعه فى المجتمع متعلق بالأفراد والجماعات الدينية المسلمة والمسيحية، أما وضعه فى الدستور فالمشكلة القائمة بسبب المادة الثانية من الدستور مصطنعة، لأن مضمون المادة الثانية من الدستور تطور من الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية إلى عبارة "الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية والشريعة الإسلامية ومبادئ الشريعة الإسلامة مصدر رئيسى للتشريع" في السابق. والناس كانوا راضين عنها وموافقين عليها إلى أن جاء بعدها الرئيس السادات عندما أراد أن يطيل مدة الرئاسة عدل المادة الثانية من المصدر الرئيسى إلى مصدر رئيسى، وعدل كلمة "مدة" إلى مدد، ليمرر التمديد له بإلهاب الشعور الدينى لدى الناس. ولكن فى الفقه القانونى كلمة "مصدر رئيسى" تساوى "المصدر الرئيسى" ولا تزيد شيئاً بأداة التعريف وتعنيان نفس الشىء، وما حدث أن الدستور منذ تعديل هذه المادة لم يستعن بالشريعة الإسلامية حتى الأن كمصدر. والذين يريدون إلغاء المادة الثانية حاليا يريدون إلغاء مادة لا تضر فى شىء نهائيا، وأنا أعتبر أن طلب إلغاء المادة الثانية من الدستور يثير فتنة بين المسلمين والأقباط، ويثير كذلك فتنة بين المتدينين والعلمانيين، وهذه الفتنة مصر فى غنى عنها، ولا ينبغى أن تقع تحت أى ظرف من الظروف. - هناك مخاوف أن تأتى حكومة ذات هوى إسلامى.. فهل ترى أن تفعيل هذه المادة قد يضر بالأقباط؟ المادة لا تنص على الشريعة الإسلامية نفسها، لكنها تنص على مبادئ الشريعة، وهى العدل والمساواة والحرية وعودة الحق لأصحابه، ولا تتحدث عن الحجاب، ولا الرجم والحدود، وهذه مبادئ عامة لا تضر أحداً. - ولماذا لا يعترف الدستور بأن هناك ديانة أخرى.. بمعنى أن يقول إن الديانات المعترف بها فى مصر هى الدينان الإسلامى والمسيحى؟ ليس لدىّ أى مانع فى أن يتم القول بأن الشريعة الإسلامية هى مصدر رئيسى للتشريع، والديانات المعترف بها هى الدين الإسلامى والمسيحى واليهودية. - هناك مخاوف من تزايد حالة الاعتصامات مما قد ينذر باحتكاكات مع الجيش وانفلات.. هل تعتقد أنه قد يكون هناك مخطط لدفع الأمور لمواجهة مع الجيش؟ - هذا احتمال كبير وتصرف من أصحاب الثورة المضادة، وأنا ضد الاعتصامات الآن، فنحن الآن فى تحول سلمى، ولكنى مع مظاهرات كل يوم جمعة حتى الرابعة عصرا، والهدف من ذلك إبلاغ الصوت، ويجب ألا نشغل الحكومة المؤقتة التى تدير البلاد حاليا بمشاكل ومطالب 30 سنة فساد ماضية، ومن غير المعقول أن تقوم هذه الحكومة بإقالة جميع رؤساء الجامعات ومديرى الشركات والمصانع والبنوك هذا كله يحتاج إلى وقت، والوقت ماضٍ فى مصلحة الثوار وفى مصلحة المطالب الثورية. - لو تحدثنا عن فكرة ملاحقة الفساد كيف نتعامل مع سيولة الاتهامات وحالة الشك وأن يضيع شريف وسط هذا الطوفان خاصة أن أناساً يرون أن جهات التحقيق تعيد فتح ملفات كانت أغلقتها أيام النظام السابق؟ جهات التحقيق تعيد بالفعل فتح هذه الملفات لصالح المواطنين، الموظفون العموميون ومن فى حكمهم، والوزراء ومديرو الهيئات ورؤساء الشركات والمصالح، هم الذين ارتكبوا الفساد السياسى والمالى وهناك فئة تعاونت لإفسادهم من رجال الأعمال ولكن هناك فئة أخرى قامت بعملها بمنتهى النزاهة والشرف ونمّت البلاد ووظفت مئات الآلاف من العمال، تضار الآن بالإجراءات التحفظية التى تصدر بسرعة شديدة لمجرد بلاغ من مجهول وأعرف مجموعة من القضايا ضد أشخاص شرفاء تم التحفظ على أموالهم ومنعهم من السفر هذه قرارات ينبغى أن يعاد النظر فيها لأن هؤلاء الناس لم يسيئوا لأحد. - هناك من يعتقد أنه مثلما كان للسياسة دور فى إغلاق ملفات فى النظام السابق فلها دور الآن فى إنجاز قضايا لترضية الرأى العام الساخن والغاضب؟ الفرق بين التدخل السياسى الآن وبين التدخل السياسى قبل الثورة كبير، فالثانى كان يحدث بالأمر المباشر من خلال الشخص المعنى لرئيس الجمهورية فيصدر تعليمات مباشرة بالتعتيم على قضية بعينها، أما التأثير السياسى الثانى فهو خوف من الرأى العام وهذا الخوف لا يجب أيضاً أن يحرك القاضى فى النيابة العامة وإلا ضلت العدالة طريقها. - بالنسبة للانتخابات الرئاسية واختيار الشخصيات المناسبة.. تحول الوضع إلى الاعتقاد بأن الأنسب من يجيد التحدث أمام الكاميرات؟ هذا الأمر من أخطر ما يمكن وما يجب أن يفعله المواطن أن يضع أمامه قائمة بالحسنات والسيئات للشخصيات المرشحة، وما ترجح كفة حسناته يصوت له. - وماذا عن الأشخاص الذين يصلحون للترشيح لكنهم غير معروفين ولا يتمتعون بنجومية إعلامية كافية؟ هذا دور المواطنين والإعلام معا أن يبحثوا عن المرشحين المحتملين ويعطوهم الفرصة للظهور وإبراز برامجهم وقدراتهم وأفكارهم، وأرفض تأييد رئيس متقاعد بعد ما انتهى من مدته فى وظائف سابقة، يريد أن يقضى فترة معاشه فى موقع رئيس الجمهورية.