منى أحمد تكتب: سيناء.. أرض التضحيات    الأقصر .. قطع المياه عن بعض المناطق في إسنا غدا    التموين: استوردنا شحنات من السكر لحقيق الاكتفاء الذاتي وضبط الأسعار في الأسواق|فيديو    منسق حملة مقاطعة الأسماك: لا مبرر لزيادة الأسعار.. والانخفاض وصل إلى 60%    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف شرق رفح الفلسطينية    ما أهمية بيت حانون وما دلالة استمرار عمليات جيش الاحتلال فيها؟.. فيديو    رغم الخسارة| العين الإماراتي يتأهل لنهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال    صلاح يفاجئ الجميع بطلب غير متوقع قبل الرحيل عن ليفربول.. هل يتحقق؟    غلق شوارع حيوية في مدينة نصر.. اعرف البديل    "تنشيط السياحة" توضح أسباب إلغاء حفل "كاني ويست" في منطقة الأهرامات    هبة من الله.. المناطق السياحية في سيناء «عالمية بامتياز»    وزيرة الثقافة ومحافظ شمال سيناء يشهدان احتفالية تحرير أرض الفيروز بقصر ثقافة العريش    نائب سفير ألمانيا بالقاهرة يؤكد اهتمام بلاده بدعم السياحة في أسوان    كفر الشيخ الخامسة على مستوى الجمهورية في تقييم القوافل العلاجية ضمن حياة كريمة    "سياحة النواب" تصدر روشتة علاجية للقضاء على سماسرة الحج والعمرة    "مفيش أهم منها"|أحمد موسى يطالب بحضور 70 ألف مشجع مباراة بوركينا فاسو..فيديو    مدرب جيرونا يقترب من قيادة «عملاق إنجلترا»    غياب نجم ليفربول لمدة أسبوعين بسبب الإصابة    «الزعيم الصغنن».. محمد إمام يستقبل مولودا جديدا    أمين الفتوى: "اللى يزوغ من الشغل" لا بركة فى ماله    دعوة أربعين غريبًا مستجابة.. تعرف على حقيقة المقولة المنتشرة بين الناس    اتصالات النواب: تشكيل لجان مع المحليات لتحسين كفاءة الخدمات    جامعة المنوفية توقع بروتوكول تعاون مع الهيئة القومية للاعتماد والرقابة الصحية    عادات خاطئة في الموجة الحارة.. احذرها لتجنب مخاطرها    وداعًا حر الصيف..طريقة عمل آيس كريم البرتقال سهل وسريع بأبسط المقادير    شاب يقتل والده بسبب إدمانه للمخدرات.. وقرار من النيابة    الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضيه    دياب يكشف عن شخصيته بفيلم السرب»    مقتل وإصابة 8 مواطنين في غارة إسرائيلية على منزل ببلدة حانين جنوب لبنان    «قضايا الدولة» تشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية    «بروميتيون تاير إيجيبت» راعٍ جديد للنادي الأهلي لمدة ثلاث سنوات    يد – الزمالك يفوز على الأبيار الجزائري ويتأهل لنصف نهائي كأس الكؤوس    عمال سوريا: 25 شركة خرجت من سوق العمل بسبب الإرهاب والدمار    أبو عبيدة: الرد الإيراني على إسرائيل وضع قواعد جديدة ورسخ معادلات مهمة    «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا بمنطقة المهندسين في الجيزة    إنفوجراف.. مراحل استرداد سيناء    بائع خضار يقتل زميله بسبب الخلاف على مكان البيع في سوق شبين القناطر    القومي للكبد: الفيروسات المعوية متحورة وتصيب أكثر من مليار نسمة عالميا سنويا (فيديو)    تحت تهديد السلاح.. استمرار حبس عاطلين لاستدراج شخص وسرقة سيارته في أكتوبر    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    عضو ب«التحالف الوطني»: 167 قاطرة محملة بأكثر 2985 طن مساعدات لدعم الفلسطينيين    السياحة: زيادة أعداد السائحين الصينيين في 2023 بنسبة 254% مقارنة ب2022    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال التطوير بإدارات الديوان العام    غدا.. اجتماع مشترك بين نقابة الصحفيين والمهن التمثيلية    مجلس الوزراء: الأحد والإثنين 5 و6 مايو إجازة رسمية بمناسبة عيدي العمال وشم النسيم    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    مواصفات أسئلة الفيزياء والكيمياء والأحياء للثانوية العامة 2024    محافظ قنا يستقبل 14 مواطنا من ذوي الهمم لتسليمهم أطراف صناعية    رسميا .. 4 أيام إجازة للموظفين| تعرف عليها    افتتاح الملتقى العلمي الثاني حول العلوم التطبيقية الحديثة ودورها في التنمية    عربية النواب: اكتشاف مقابر جماعية بغزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولى    بدأ جولته بلقاء محافظ شمال سيناء.. وزير الرياضة: الدولة مهتمة بالاستثمار في الشباب    أسعار الأسمنت اليوم الثلاثاء 23 - 4 - 2024 في الأسواق    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الصحة": نحاول استغلال "الهبة الديموجرافية" لتحقيق نهضة تنموية
نشر في صوت البلد يوم 11 - 07 - 2020

قال الدكتور طارق توفيق، نائب وزير الصحة والسكان لشئون السكان، إن مصر تمر بمرحلة تحول ديموجرافي تاريخي يحمل " فرصة سكانية " أو " هبة ديموجرافية " تصاحبها تأثيرات مختلفة على الحالة الاقتصادية والاجتماعية، جاء ذلك في بيان صادر عن المجلس القومي للسكان، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للسكان، الذي يُحتفل به عالميا 11 يوليو من كل عام.
وأكد توفيق أن " الهبة الديموجرافية " رغم أنها هذا تمثل تحديًا أمام الدولة المصرية في توفير خدمات تعليمية وصحية ومسكن مناسب وفرص عمل لهذه الكتلة الكبيرة من النشء والشباب في المستقبل، إلا أن الدولة اعتبرتها منحة وهبة ديمواجرافية، فعملت على استغلال هذه الفرصة واتجهت إلى الاستثمار في بناء المواطن، وتعظيم الاستفادة من هذه الطاقات البشرية الهائلة وتوجييهم نحو العمل والإنتاج والمشاركة الفعالة في بناء الوطن ليكون لهذه " الهبة الديموجرافية " دورًا كبيرًا في تحقيق نهضة تنموية حقيقية.
وأوضح" الهبة الديموجرافية " تعرف بأنها المرحلة التي يبلغ فيها مجتمع ما الذروة في حجم السكان في سن العمل " الفئة العمرية من 15 -64 سنة "، مقابل أدنى نسبة للسكان المعالين " الأطفال والمسنين " وهي مرحلة تدوم فترة معينة. واصفًا المجتمع المصري بأنه مجتمعاً فتياً، حيث تمثل الفئة العمرية الأقل من 30 سنة ما يقرب من 61% من إجمالي السكان، كما يقع حوالي 27% من السكان ضمن الفئة العمرية بين 15 إلى 29 سنة.
وبالنظر إلى الهرم السكاني حسب تعداد 2017، يتضح أن نسبة السكان في قوة العمل " سن 15 – 64 " تمثل حوالي 62% بمعنى أنننا نعيش في مجتمع فتي وشاب وبلغت فئة السكان من سن " 0 – 14 " حوالي 34 % من إجمالي السكان، والفئة العمرية من 15 – 35 حوالي 35 % وهذا يعني ضرورة تكثيف الجهود والاستعداد للنافذة الديموجرافية والتي تتطلب توفير عدد أكبر من الاستثمارات حتى تتم الاستفادة من هذه الهبه الديوجرافية.
وأشار إلى أن تحقيق الهبة الديموجرافية، يتم من خلال 3 آليات رئيسية يؤثر من خلالها التحول الديموجرافي على إتاحة ما يعرف ب " بالنافذة الديموجرافية "، فالتحول الديموجرافي يؤثر في نسبة السكان في سن العمل، وفي معدلات الإدخار، وكذلك مستوى تراكم رأس المال البشري، فمع تراجع معدل الإنجاب تنخفض نسبة الأطفال، وتتزايد نسبة السكان في سن العمل وترتفع نسبة مشاركة الإناث في الحياة الاقتصادية نتيجة لانخفاض أعباءها العائلية وارتفاع مستوى تعليمها، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض معدل الإعالة العمرية والذي ينعكس في خفض معدل الإعالة.
وتتمثل الآلية الثانية من آليات تأثير التحول الديموجرافي على النمو الاقتصادي في ارتفاع معدل الادخار القومي، فمع تزايد نسبة السكان في سن العمل وارتفاع معدل مشاركتهم في الحياة الاقتصادية ترتفع مستويات الأجور، ويتزامن هذا الارتفاع مع انخفاض معدل الاستهلاك، نظراً لما تتميز به هذه الفئة العمرية من انخفاض الميل للاستهلاك وارتفاع الميل للادخار، مقارنة بالفئات العمرية الأخرى، الأمر الذي ساعد في النهاية على ارتفاع معدلات الإدخار والاستثمار ومن ثم النمو الاقتصادي، ومع استمرار التزايد في معدلات النمو الاقتصادي تتحسن الأحوال الصحية والتعليمية والمعيشية لغالبية السكان، الأمر الذي ينعكس على سلوكهم الإنجابي بما يسرع من الانخفاض في معدلات الخصوبة.
أما الآلية الثالثة، فتتمثل في الاستثمار في مجالات التنمية البشرية المختلفة وعلى رأسها التعليم لما له من عائد اقتصادي واجتماعي مرتفع لا يقل بحال من الأحوال عن العائد المتحقق من رأس المال المادي، فمع تزايد الوعي بأهمية التعليم والرعاية الصحية وتراجع معدلات الإنجاب، تتزايد النسبة التي تخصصها الأسر المختلفة من دخولها للاستثمار في تعليم أبنائهم وهو ما سينعكس بالضرورة على معدلات الإنتاجية والأجور والادخار والاستثمار وعلى مستويات الثقافة والتحضر.
وأشار نائب وزير الصحة إلى عدد من السياسات التي من الضرورة الأخذ بها ؛ لكي يتم الاستفادة العظمى من الهبة الديموجرافية وتحقيق سوق عمل مرن يستوعب هذه الهبة الديموجرافية ويخدم الطلب في الداخل والخارج.أول تلك السياسات؛ السياسات الصحية، ينبغي أن تركز على كل من الخدمات الصحية الوقائية والأساسية من خلال توفير خدمات الصحة الإنجابية التي تساعد الآباء على تكوين أسر أصغر حجمًا، فالاستثمار في تحسين خدمات الصحة الإنجابية يمكنه أن يسرع بالوصول إلى الهبة الديموجرافية.
ثانيها سياسات التعليم، فهي تلعب دورًا أساسيًّا في توفير فرص عمل أفضل، ويعد محو الأمية ورفع معدلات القراءة والكتابة من أهم الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك، كما يجب ربط البرامج التدريبية المختلفة باحتياجات سوق العمل، ومن ثم تبرز أهمية التنسيق بين السياسات التعليمية والتدريبية لإكساب الشباب هذه المهارات، فالاستثمارات في قطاع التعليم تحتاج إلى مراجعة حتى يصبح المعيار هو الكيف والجودة وليس الكم، فالخريجين في مختلف المراحل يعانون من نقص شديد في المهارات التي يحتاجها سوق العمل، لذلك فإننا في حاجة إلى إجراء العديد من التدخلال المطلوبة في مجال التعليم ؛ مثل النظام المزدوج وهو ربط المدرسة بسوق العمل من خلال تقسيم التدريب المهني بين التدريب العام في المدرسة والتدريب المتخصص في الشركة أو المؤسسة بعد ذلك، وهذا النظام المزدوج من أنجح الأنظمة التعليمية التي تمكن الطالب من الانتقال بسهولة من المدرسة إلى سوق العمل والتغلب على مشكلة التعليم النظري أو الأنظمة التدريبية البالية. مستشهداً في ذلك بالنموذج الألماني للتعليم المزدوج فهو يعد من أنجح الأمثلة، حيث تبلغ نسبة بطالة الشباب إلى بطالة الكبار واحد إلى واحد على عكس الكثير من الدول التي تصل فيها معدلات البطالة بين الشباب من ضعف إلى 5 أضعاف معدل البطالة بين الكبار.
ومن هنا تزداد أهمية مشاركة أصحاب العمل والشركات واتحادات العمال في وضع المناهج للمتدربين حتى يتحقق التناغم بين المناهج التعليمية واحتياجات سوق العمل.أما التدخل الثاني؛ فهو التدريب ما قبل التوظيف من خلال برامج تدريبية لتحقيق مرونة أكبر للعمالة حتى تكون أقدر على التجاوب مع التغيرات التكنولوجية.
وثالث هذه السياسات هي تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمرأة من خلال توفير مزيد من فرص العمل والقضاء على أي ممارسات تمييزية لغير صالح النساء في العمل أو التوظيف، وذلك بهدف زيادة قوة العمل المتاحة وزيادة مساهمتهن في قوة العمل.
وحيث أن الهبة الديموغرافية تنطوي على زيادة كبيرة في حجم قوة العمل والمدخرات، ينبغي اتخاذ مجموعة من السياسات الأخرى حتى لا تتحول الزيادة في قوة العمل إلى عبء متفاقم متمثلًا في ارتفاع معدلات البطالة بما لها من انعكاسات سلبية اقتصادية واجتماعية وسياسية، وتتمثل أهم السياسات المطلوبة لتحقيق هذا الهدف، سياسة توسيع سوق العمل وزيادة مرونته لتوفير فرص عمل كافية بهدف استغلال هذه الفرصة، ووضع توليفة متكاملة من السياسات بعضها لتحقيق زيادة فرص العمل للداخلين في سوق العمل وبعضها لملائمة مهارات أفراد القوة العاملة لمتطلبات سوق العمل.
بالإضافة إلى سياسات العرض والطلب لخلق سوق مرن يستجيب لاحتياجات الأسواق الداخلية والخارجية من خلال زيادة قدرة القطاع الزراعي على امتصاص العمالة وتشجيع المشروعات الصغيرة، وقد نجحت العديد من الدول مثل الصين والهند واندونيسيا في زيادة التشغيل وخلق مزيد من فرص العمل عن طريق التركيز على تنمية الصناعات التصديرية الصغيرة ونشرها في المناطق الريفية.
وكذلك تنمية قطاع التشييد " الأشغال العامة " لما يتسم به من ارتفاع في مرونة التشغيل والناتج، وكذلك تنمية القطاع الخاص للعمل على زيادة مساهمته في التشغيل وخفض معدلات تحول العمالة، وتنمية القطاع غير الرسمي لنصيبه الكبير من امتصاص العمالة وخاصة الشباب، وأخيرًا توفير التمويل اللازم لبرامج التشغيل، وتنمية المهارات وهذا لا يتم من خلال الدولة فقط، ولكن لابد للقطاع الخاص أن يكون له دور هام في التدريب من خلال مساهمة أصحاب العمل في تمويل الدورات التدريبية وتوفير دورات تدريبية في القطاع الخاص.
وحيث أن فترة الهبة الديموجرافية تتاح لفترة محدودة من الزمن تنتهي بوصول الزيادة الكبيرة في الفئة العمرية الصغيرة التي تحققت في المرحلة الثانية ودخلت سوق العمل في المرحلة الثالثة إلى سن التقاعد في المرحلة الرابعة وهي مرحلة " المجتمع المسن " والتي ينبغي أن يتم الاستعداد الاقتصادي لها من خلال بعض السياسات مثل إصلاح نظام المعاشات، وتوفير الخدمات الصحية والاجتماعية التي يحتاجها كبار السن وزيادة الموارد المخصصة لقطاع الصحة، لأن إنفاق الفرد المسن على الصحة يكون أعلى من المتوسط العام لإنفاق الفرد على الصحة.
وقال الدكتور طارق توفيق نائب وزير الصحة والسكان لشئون السكان، إن هناك العديد من الدراسات التي اعتمدت على تحليل اتجاه العلاقة بين الزيادة السكانية والنمو الاقتصادي تشير إلى أن انخفاض مستويات الإنجاب يؤدي إلى انخفاض معدل الإعالة العمرية " أي وجود عدد أقل من الأطفال المعالين مقارنة بعدد السكان في سن العمل " الأمر الذي يمكن المجتمع من تحويل قدر أكبر من موارده من الإنفاق الاستهلاكي إلى الإنفاق الاستثماري، بما يؤدي إلى تحفيز النمو الاقتصادي.
قال الدكتور طارق توفيق، نائب وزير الصحة والسكان لشئون السكان، إن مصر تمر بمرحلة تحول ديموجرافي تاريخي يحمل " فرصة سكانية " أو " هبة ديموجرافية " تصاحبها تأثيرات مختلفة على الحالة الاقتصادية والاجتماعية، جاء ذلك في بيان صادر عن المجلس القومي للسكان، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للسكان، الذي يُحتفل به عالميا 11 يوليو من كل عام.
وأكد توفيق أن " الهبة الديموجرافية " رغم أنها هذا تمثل تحديًا أمام الدولة المصرية في توفير خدمات تعليمية وصحية ومسكن مناسب وفرص عمل لهذه الكتلة الكبيرة من النشء والشباب في المستقبل، إلا أن الدولة اعتبرتها منحة وهبة ديمواجرافية، فعملت على استغلال هذه الفرصة واتجهت إلى الاستثمار في بناء المواطن، وتعظيم الاستفادة من هذه الطاقات البشرية الهائلة وتوجييهم نحو العمل والإنتاج والمشاركة الفعالة في بناء الوطن ليكون لهذه " الهبة الديموجرافية " دورًا كبيرًا في تحقيق نهضة تنموية حقيقية.
وأوضح" الهبة الديموجرافية " تعرف بأنها المرحلة التي يبلغ فيها مجتمع ما الذروة في حجم السكان في سن العمل " الفئة العمرية من 15 -64 سنة "، مقابل أدنى نسبة للسكان المعالين " الأطفال والمسنين " وهي مرحلة تدوم فترة معينة. واصفًا المجتمع المصري بأنه مجتمعاً فتياً، حيث تمثل الفئة العمرية الأقل من 30 سنة ما يقرب من 61% من إجمالي السكان، كما يقع حوالي 27% من السكان ضمن الفئة العمرية بين 15 إلى 29 سنة.
وبالنظر إلى الهرم السكاني حسب تعداد 2017، يتضح أن نسبة السكان في قوة العمل " سن 15 – 64 " تمثل حوالي 62% بمعنى أنننا نعيش في مجتمع فتي وشاب وبلغت فئة السكان من سن " 0 – 14 " حوالي 34 % من إجمالي السكان، والفئة العمرية من 15 – 35 حوالي 35 % وهذا يعني ضرورة تكثيف الجهود والاستعداد للنافذة الديموجرافية والتي تتطلب توفير عدد أكبر من الاستثمارات حتى تتم الاستفادة من هذه الهبه الديوجرافية.
وأشار إلى أن تحقيق الهبة الديموجرافية، يتم من خلال 3 آليات رئيسية يؤثر من خلالها التحول الديموجرافي على إتاحة ما يعرف ب " بالنافذة الديموجرافية "، فالتحول الديموجرافي يؤثر في نسبة السكان في سن العمل، وفي معدلات الإدخار، وكذلك مستوى تراكم رأس المال البشري، فمع تراجع معدل الإنجاب تنخفض نسبة الأطفال، وتتزايد نسبة السكان في سن العمل وترتفع نسبة مشاركة الإناث في الحياة الاقتصادية نتيجة لانخفاض أعباءها العائلية وارتفاع مستوى تعليمها، الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض معدل الإعالة العمرية والذي ينعكس في خفض معدل الإعالة.
وتتمثل الآلية الثانية من آليات تأثير التحول الديموجرافي على النمو الاقتصادي في ارتفاع معدل الادخار القومي، فمع تزايد نسبة السكان في سن العمل وارتفاع معدل مشاركتهم في الحياة الاقتصادية ترتفع مستويات الأجور، ويتزامن هذا الارتفاع مع انخفاض معدل الاستهلاك، نظراً لما تتميز به هذه الفئة العمرية من انخفاض الميل للاستهلاك وارتفاع الميل للادخار، مقارنة بالفئات العمرية الأخرى، الأمر الذي ساعد في النهاية على ارتفاع معدلات الإدخار والاستثمار ومن ثم النمو الاقتصادي، ومع استمرار التزايد في معدلات النمو الاقتصادي تتحسن الأحوال الصحية والتعليمية والمعيشية لغالبية السكان، الأمر الذي ينعكس على سلوكهم الإنجابي بما يسرع من الانخفاض في معدلات الخصوبة.
أما الآلية الثالثة، فتتمثل في الاستثمار في مجالات التنمية البشرية المختلفة وعلى رأسها التعليم لما له من عائد اقتصادي واجتماعي مرتفع لا يقل بحال من الأحوال عن العائد المتحقق من رأس المال المادي، فمع تزايد الوعي بأهمية التعليم والرعاية الصحية وتراجع معدلات الإنجاب، تتزايد النسبة التي تخصصها الأسر المختلفة من دخولها للاستثمار في تعليم أبنائهم وهو ما سينعكس بالضرورة على معدلات الإنتاجية والأجور والادخار والاستثمار وعلى مستويات الثقافة والتحضر.
وأشار نائب وزير الصحة إلى عدد من السياسات التي من الضرورة الأخذ بها ؛ لكي يتم الاستفادة العظمى من الهبة الديموجرافية وتحقيق سوق عمل مرن يستوعب هذه الهبة الديموجرافية ويخدم الطلب في الداخل والخارج.أول تلك السياسات؛ السياسات الصحية، ينبغي أن تركز على كل من الخدمات الصحية الوقائية والأساسية من خلال توفير خدمات الصحة الإنجابية التي تساعد الآباء على تكوين أسر أصغر حجمًا، فالاستثمار في تحسين خدمات الصحة الإنجابية يمكنه أن يسرع بالوصول إلى الهبة الديموجرافية.
ثانيها سياسات التعليم، فهي تلعب دورًا أساسيًّا في توفير فرص عمل أفضل، ويعد محو الأمية ورفع معدلات القراءة والكتابة من أهم الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك، كما يجب ربط البرامج التدريبية المختلفة باحتياجات سوق العمل، ومن ثم تبرز أهمية التنسيق بين السياسات التعليمية والتدريبية لإكساب الشباب هذه المهارات، فالاستثمارات في قطاع التعليم تحتاج إلى مراجعة حتى يصبح المعيار هو الكيف والجودة وليس الكم، فالخريجين في مختلف المراحل يعانون من نقص شديد في المهارات التي يحتاجها سوق العمل، لذلك فإننا في حاجة إلى إجراء العديد من التدخلال المطلوبة في مجال التعليم ؛ مثل النظام المزدوج وهو ربط المدرسة بسوق العمل من خلال تقسيم التدريب المهني بين التدريب العام في المدرسة والتدريب المتخصص في الشركة أو المؤسسة بعد ذلك، وهذا النظام المزدوج من أنجح الأنظمة التعليمية التي تمكن الطالب من الانتقال بسهولة من المدرسة إلى سوق العمل والتغلب على مشكلة التعليم النظري أو الأنظمة التدريبية البالية. مستشهداً في ذلك بالنموذج الألماني للتعليم المزدوج فهو يعد من أنجح الأمثلة، حيث تبلغ نسبة بطالة الشباب إلى بطالة الكبار واحد إلى واحد على عكس الكثير من الدول التي تصل فيها معدلات البطالة بين الشباب من ضعف إلى 5 أضعاف معدل البطالة بين الكبار.
ومن هنا تزداد أهمية مشاركة أصحاب العمل والشركات واتحادات العمال في وضع المناهج للمتدربين حتى يتحقق التناغم بين المناهج التعليمية واحتياجات سوق العمل.أما التدخل الثاني؛ فهو التدريب ما قبل التوظيف من خلال برامج تدريبية لتحقيق مرونة أكبر للعمالة حتى تكون أقدر على التجاوب مع التغيرات التكنولوجية.
وثالث هذه السياسات هي تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمرأة من خلال توفير مزيد من فرص العمل والقضاء على أي ممارسات تمييزية لغير صالح النساء في العمل أو التوظيف، وذلك بهدف زيادة قوة العمل المتاحة وزيادة مساهمتهن في قوة العمل.
وحيث أن الهبة الديموغرافية تنطوي على زيادة كبيرة في حجم قوة العمل والمدخرات، ينبغي اتخاذ مجموعة من السياسات الأخرى حتى لا تتحول الزيادة في قوة العمل إلى عبء متفاقم متمثلًا في ارتفاع معدلات البطالة بما لها من انعكاسات سلبية اقتصادية واجتماعية وسياسية، وتتمثل أهم السياسات المطلوبة لتحقيق هذا الهدف، سياسة توسيع سوق العمل وزيادة مرونته لتوفير فرص عمل كافية بهدف استغلال هذه الفرصة، ووضع توليفة متكاملة من السياسات بعضها لتحقيق زيادة فرص العمل للداخلين في سوق العمل وبعضها لملائمة مهارات أفراد القوة العاملة لمتطلبات سوق العمل.
بالإضافة إلى سياسات العرض والطلب لخلق سوق مرن يستجيب لاحتياجات الأسواق الداخلية والخارجية من خلال زيادة قدرة القطاع الزراعي على امتصاص العمالة وتشجيع المشروعات الصغيرة، وقد نجحت العديد من الدول مثل الصين والهند واندونيسيا في زيادة التشغيل وخلق مزيد من فرص العمل عن طريق التركيز على تنمية الصناعات التصديرية الصغيرة ونشرها في المناطق الريفية.
وكذلك تنمية قطاع التشييد " الأشغال العامة " لما يتسم به من ارتفاع في مرونة التشغيل والناتج، وكذلك تنمية القطاع الخاص للعمل على زيادة مساهمته في التشغيل وخفض معدلات تحول العمالة، وتنمية القطاع غير الرسمي لنصيبه الكبير من امتصاص العمالة وخاصة الشباب، وأخيرًا توفير التمويل اللازم لبرامج التشغيل، وتنمية المهارات وهذا لا يتم من خلال الدولة فقط، ولكن لابد للقطاع الخاص أن يكون له دور هام في التدريب من خلال مساهمة أصحاب العمل في تمويل الدورات التدريبية وتوفير دورات تدريبية في القطاع الخاص.
وحيث أن فترة الهبة الديموجرافية تتاح لفترة محدودة من الزمن تنتهي بوصول الزيادة الكبيرة في الفئة العمرية الصغيرة التي تحققت في المرحلة الثانية ودخلت سوق العمل في المرحلة الثالثة إلى سن التقاعد في المرحلة الرابعة وهي مرحلة " المجتمع المسن " والتي ينبغي أن يتم الاستعداد الاقتصادي لها من خلال بعض السياسات مثل إصلاح نظام المعاشات، وتوفير الخدمات الصحية والاجتماعية التي يحتاجها كبار السن وزيادة الموارد المخصصة لقطاع الصحة، لأن إنفاق الفرد المسن على الصحة يكون أعلى من المتوسط العام لإنفاق الفرد على الصحة.
وقال الدكتور طارق توفيق نائب وزير الصحة والسكان لشئون السكان، إن هناك العديد من الدراسات التي اعتمدت على تحليل اتجاه العلاقة بين الزيادة السكانية والنمو الاقتصادي تشير إلى أن انخفاض مستويات الإنجاب يؤدي إلى انخفاض معدل الإعالة العمرية " أي وجود عدد أقل من الأطفال المعالين مقارنة بعدد السكان في سن العمل " الأمر الذي يمكن المجتمع من تحويل قدر أكبر من موارده من الإنفاق الاستهلاكي إلى الإنفاق الاستثماري، بما يؤدي إلى تحفيز النمو الاقتصادي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.