كشفت دراسة حديثة وصول عدد السكان في مصر الي 119٬7 مليون نسمة عام 2030 والذي بلغ 93٬8 مليون نسمة وبحلول عام 2050 من المتوقع ان يصل سكان مصر الي 153.4 مليون نسمة وهو ما يعادل 163.6٪ من اجمالي السكان عام 2015، ثم يتوالي الارتفاع ليصل عدد السكان بنهاية القرن الحادي والعشرين الي 198٬7 مليون نسمة او مايعادل اكثر من ضعف سكان مصر عام 2015 »211٬9٪».. وأكدت الدراسة التي أعدها المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ان معدل المواليد قد انخفض من 50٬6 في الالف خلال الفترة 1950 - 1955 الي 25٬2 في الالف خلال الفترة 2005 - 2010، قبل ان يعاود الارتفاع مرة اخري خلال الفترة من 2010 - 2015 ليصل الي 28٬5 في الالف وهي الفترة التي واكبت الحراك السياسي الذي بدأ في 25 يناير عام 2011، بررت الدراسة ذلك بتأثر الخدمات الخاصة بالصحة الإنجابية وتنظيم الاسرة بسبب عدم الاستقرار السياسي وانتشار القيم المناهضة لتمكين المرأة ولقيمة الاسرة الصغيرة. كما كشفت الدراسة عن انخفاض معدل الخصوبة من 6٬62 مولود لكل امرأة في سن الإنجاب الي 2٬98 مولود خلال الفترة 2005 -2010 قبل ان يعاود الارتفاع ليصل الي 3٬38 مولود خلال فترة الحراك السياسي 2010 - 2015 قبل ان يعاود في الانخفاض مرة اخري طبقا لتقديرات الاممالمتحدة خلال الفترة القادمة، كما انخفض معدل الوفيات من 25٬4 في الالف خلال الفترة 1950 - 1955 الي 6٬8 في الالف بنهاية الألفية الثانية 1955 - 2000 ثم استمر الانخفاض ليصل معدل الوفيات 6٫2 في الالف خلال الفترة 2010 - 2015، ومن المتوقع ان يستمر هذا الانخفاض متأثرا بالتركيب العمري حتي الفترة 2025 - 2030. وقالت الدراسة ان معدلات الخصوبة المرتفعة التي شهدتها العقود السابقة أدت الي ارتفاع نسبة السكان في الفئات العمرية الفتية اقل من 15 عاما مما أدي الي اتساع قاعدة الهرم السكاني والي ارتفاع معدلات الإعالة العمرية والذي أدي بدوره الي العديد من الانعكاسات السلبية علي مستوي الأداء الاقتصادي، وعلي الرغم من انخفاض معدل الإعالة العمرية من 82٬9 في الألف عام 1980 إلي 61٬8 عام 2015 الا ان هذا المعدل مازال مرتفعا جدا، ويعكس تأخرا في عملية التحول الديموغرافي، خصوصا اذا ما قورن ببلدان شرق اسيا علي سبيل المثال اندونيسيا 49٬2 وسنغافورة 37٬3 وتايلاند 40٬0، وكذلك مقارنا ببلدان عربية مثل تونس 45٬6 ولبنان 47٬3، وعلي الرغم من انخفاض نسبة صغار السن اقل من 15 سنة خلال العقود الثلاثة الماضية من 40٬9٪ عام 1980 الي 33٬1٪ عام 2015 الا ان درجة الانخفاض لم تكن بالقدر الذي يمكن ان يحقق نقلة كبيرة في التركيب العمري للسكان لصالح جهود التنمية، في المقابل نلاحظ ثباتا نسبيا في الفئة العمرية المنتجة التي تتراوح مابين 15 الي 64 سنة، فقد ارتفعت من 58٬3٪ عام 1950 الي 61٬8٪ عام 2015، ومن المتوقع ان ترتفع هذه النسبة ارتفاعا طفيفا لتصل الي 64٪ عام 2030، ثم يتوالي الثبات تقريبا حتي نهاية القرن، حيث من المتوقع ان تصل الي 61٬3٪، بنهاية القرن الحادي والعشرين، ويمثل هذا التركيب العمري فرصة سانحة لاستغلال الطاقة البشرية الهائلة في دفع عجلة الانتاج والتنمية اذا ما احسن توجيهها. وطالبت الدراسة بالعودة للنهج التنويري الحداثي الذي ساد مصر في ستينيات القرن الماضي في ظل هجمة الفكر الديني المتطرف الشرسة والعودة لبحث قضايا فقهية ومجتمعية كنا نحسب انها حسمت من عشرات السنين مثل الاختلاط وعمل المرأة وتعدد الزوجات وختان الإناث وسن الزواج للمرأة ولباسها، وكذلك تنظيم الاسرة واستخدام الوسائل وقيمة الطفل في الاسرة وغيرها من القضايا المرتبطة بالاسرة، واضافت الدراسة انه في ظل تلك الهجمة الشرسة لا يمكن لبرامج تنظيم الاسرة ان تنجح، اذ لابد ان نعود للنهج التنويري في الستينيات مع الأخذ في الاعتبار المستجدات الحديثة في العالم وثورة الاتصالات والمعلومات والعمل علي ترسيخ القيم المصرية الأصيلة والارتقاء بمكانة المرأة لتتحول من وعاء للمتعة وإنجاب الأطفال الي مواطن كامل المواطنة من خلال الاهتمام بالتعليم والثقافة ومشاركة المرأة الكاملة وغير المنقوصة في كافة مناحي الحياة. وفي ختام هذه الدراسة تم طرح سؤال هل لدينا مشكلة؟.. والاجابة نعم، فبرامج التوعية بأخطار الزيادة السكانية بدأت منذ الستينيات، وتلقت مصر ملايين الجنيهات من الهيئات الدولية لدعم تلك البرامج، وقد نجحت هذه البرامج في خفض نسبة الخصوبة من 5 أطفال لكل أنثي في الثمانيات الي 3 أطفال عام 2010، ولكن يلاحظ ان معدل الخصوبة خلال العقدين الاخيرين ظل ثابتا عند مستوي 3 أطفال لكل أنثي مما يشير الي اننا وصلنا للحد الأقصي الممكن في ظل الوضع الاجتماعي والاقتصادي الحالي، وطالبت الدراسة بعدم توقف الجهود الحالية، خاصة المرتبطة بتقديم خدمات الصحة الإنجابية وتوفير وسائل تنظيم الاسرة وعلاج العقم كجزء من خدمات الرعاية الصحية وخدمات الأمومة والطفولة وتمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، لكن لا يجب ان نعول علي تلك الجهود كثيرا في خفض معدلات الزيادة السكانية، لأن هذه الجهود تظل ضعيفة جدا ما لم نسع إلي اتخاذ خطوات نحو التغيير الهيكلي في بنية المجتمع، او بمعني ادق ما لم نسع إلي زيادة وتيرة ذلك التغير الهيكلي في بنية المجتمع.