رغم الموافقة البرلمانية من حيث المبدأ علي قانون "محاكمة الوزراء" والذي اثار موجات من ردود الفعل المتباينة ماطلت لجان الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب خلال دوراته الماضية حول دستورية هذا القانون ومدي وجود فراغ تشريعي فيه لينتهي به الحال في "ثلاجة القوانين" ليبقي حبيس إدراجها وبالرغم من محاولات بعض النواب للخروج به إلي النور لم نر وزيرا تحت محاكمته اثناء فترة خدمته كما حدث اثناء حكم الرئيس الراحل انور السادات مع د. عبد الحميد حسن وزير الشباب ومحيي الدين الغريب وزير المالية والذي حصل علي حكم البراءة من محكمة النقض. "صوت البلد" تعيد فتح ملف مشروع قانون محاكمة الوزراء اثناء توليهم السلطة في ضوء الاحداث الاخيرة المطروحة علي الساحة. ازمات متتالية تعاقبت علي المواطن المصري علي خلفية تنصل الوزراء من أخطائهم، رغم سلسلة الحوادث الدامية التي راح ضحيتها الآلاف من المصريين ولم يحاكم أي وزير - باستثناء الحالات المذكورة ، بداية من حادثة شهيرة لقطار الصعيد مروا بأزمة امتحانات الثانوية العامة إلي أزمة الخبز إلي فضيحة هايدلينا إلي كارثة العبّارة السلام 98 لم يحاسب وزير ولم يقل رئيس حكومة، فقط هناك ضحية ولا يوجد جاني.. علي من تقع إذن المسئولية؟ ومن يتحمل تبعات ما حدث من أخطاء أو سياسات فاشلة؟! يؤكد النائب المستقل علاء عبد المنعم أن الشعب هو الذي يتحمل نتائج أخطاء رئيس الوزراء أو الوزراء والمسئولين وتبقي الحكومة بعيدة عن أي مساءلة ومحمية بأغلبية الحزب الوطني داخل البرلمان. وما يؤكد ذلك تقرير العبّارة السلام 98 الذي يؤكد المسئولية الكاملة للحكومة عن هذه الكارثة بالأسماء والوظائف وفي النهاية من تحمل المسئولية؟ المصريون الذين غرقوا في قاع البحر وأهاليهم الذين لم يعرفوا أين حق أبنائهم، وبفعل الأغلبية الميكانيكية تم تمرير التقرير وهذا يؤكد أنه لا أحد في مصر يتحمل تبعات أخطائه. أما عن الحادث الإرهابي الذي وقع في الدير البحري والذي أقيل علي أثره وزير الداخلية آنذاك حسن الألفي ومقارنته بحوادث تفجيرات الحسين ووسط البلد وطابا وآخرها تفجيرات القديسين وكلها في عهد حبيب العادلي يقول علاء عبد المنعم: إن حادث الاقصر وقع نتيجة خلل أمني واضح وتقصير في ضبط العملية الأمنية وتمت إقالة حسن الألفي، لأن رئيس الجمهورية هو الذي حسم الأمر ،مؤكداً : لو أن حسن الألفي هو وزير الداخلية الحالي والمحاسبة مقتصرة علي المجلس فسيخرج تقرير من المجلس يؤكد أنه أفضل وزير تولي المنصب وهذا وفق ما اذاعته سيناريوهات كل الحوادث التي اضرمت في مصر. أما فيما يتعلق بوزير النقل الأسبق إبراهيم الدميري الذي تمت إقالته عقب احتراق قطار الصعيد يقول: إن احتراق قطار الصعيد كان قضية رأي عام وكان لابد من اتخاذ إجراء لتهدئة الشعب، والرئيس مبارك أقاله من منصبه وأذيع أنه استقال ،موضحا: أنه من السخرية أن تكون الإقالة أو الاستقالة هي النتيجة العادلة لتحمل الوزير لأخطائه، وكان من الضروري أن يقدم أي وزير مخطئ للمحاكمة لا أن نتركه يجلس في بيته ليستمتع بثروته، وهذا ما حدث مع محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان الأسبق وحسن الألفي، وأيضا إبراهيم الدميري ومحمد منصور وزير النقل الاسبق ايضا في حكومة نظيف لكن الحكومة لا تزال تعطل مشروع قانون محاسبة الوزراء..ويضيف: هذا القانون موجود الآن ليتم التعامل به مع وزير التعليم السابق أيضا يسري الجمل، فيما يتعلق بقضية تسريب امتحانات الثانوية العامة التي لو حدثت في أي دولة في العالم لتمت محاكمة الوزير ،لكن الأمر مر مثل غيره وتحمل الطلبة وأولياء الأور المسئولية وهم الذين دفعوا ثمن أخطاء الوزيروأخطاء الحكومة. (مسئولية تضامنية) من جانبه يقول قدري أبو ضوية وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب: إنه من المفترض أن يتحمل الوزير نتيجة أخطائه، وبما أن رئيس مجلس الوزراء هو الذي يقود الحكومة فهو أيضا مسئول عن مثل هذه الأخطاء ، مضيفاً : عندنا رئيس مجلس للوزراء وليس رئيساً للوزراء وبما أن المسئولية تضامنية فإن رئيس مجلس الوزراء مسئول عن أخطاء المرءوسين له ، لافتاً إلي أنه من الأشياء التي يجدر ذكرها أن تحمل الوزير لتبعات سياساته يتوقف علي قوة الوزير من عدمها فهناك وزراء لهم من القوة والنفوذ ما يجعل رئيس الوزراء لا يستطيع الاقتراب منهم ويتجنب الصدام معهم وهذا يؤكد أن هناك وزراء فوق حجم الوزارة في الحكومة الحالية والحكومات السابقة.. وعلي الجانب الآخر قد نجد وزراء يتحملون بمفردهم نتائج أخطائهم. أما النائب البرلماني المستقل كمال أحمد فيقول: إن أخطاء الوزراء والمسئولين تتطلب المحاسبة الجنائية، وهي التي يتولاها النائب العام وهناك المحاسبة السياسية وهي التي يتولاها البرلمان.. لكن ربما لأننا في العالم الثالث فإن الأمر يختلف، حيث إن الوزير يحتمي في الأغلبية التي يتمتع بها الحزب الحاكم، يضاف لذلك أن النظام الحاكم يعتبر الوزير جزءاً منه ولا يجوز الاقتراب منه أو مساءلته خاصة وهو في الوزارة ،مشيراً إلي أن مصر بها رئيس مجلس وزراء وليس رئيس وزراء لأنه يتولي الرئاسة فقط عند انعقاد مجلس الوزراء ولا يمكنه أن يقيل أو يحاسب أيا من الوزراء .. ومع هذا فإن الوصف الدقيق لرئيس مجلس الوزراء في مصر بأنه الصدارة التي تتحمل كل أخطاء الآخرين من الوزراء و المسئولين، والغريب أن الحكومة لا تريد الاعتراف بخطأ وزرائها بدليل أنها لم تقل أيا منهم والذي يخطئ منهم ويجب إقالته يتم تغييره في أحد التعديلات الوزارية. أما د. شوقي السيد عضو مجلس الشوري فيقول: إن المسئولية الوزارية تضامنية وأنه عندما يخطئ وزير ما فإن مجلس الوزراء يتحمل المسئولية معه فضلا عن مسئولية الوزير الذي يسأل بشكل شخصي ومن حق الرأي العام أيضا أن يسائل مجلس الوزراء عن هذا الخطأ ، وهذا يعني أن المسئولية تضامنية لأن مجلس الوزراء يشارك في وضع السياسة العامة، أما إذا كان الخطأ شخصيا وجسيما فإن مجلس الوزراء يجب أن يتولي مساءلة هذا الوزير ومن الممكن أن يقيله وهذا لا يعفي مجلس الوزراء من المسئولية ..هذا من الناحية الدستورية وهي المسئولية التي تعلو كل المسئوليات لأنها تأتي وفقا لأحكام الدستور. وبالنسبة لما يحدث علي أرض الواقع يقول شوقي السيد: ما يحدث أن مجلس الوزراء يدافع عن الوزير سواء كان ظالما أو مظلوما ويحاول تبرير الأخطاء لتهدئة الرأي العام ويعتبر النظام نفسه في حالة عراك مع الشعب، كما يعتبر أن مساءلة أحد الوزراء عن أخطائه بمثابة الهزيمة التي يرفض حدوثها بشتي السبل .. وحول ما إذا كان الوزراء في مصر يتحملون نتيجة أخطائهم يؤكد انه: لا يوجد وزير في مصر بيشيل شيلته ، والدليل قضية مصنع "أجريوم" في دمياط وقضية تسريب أسئلة الثانوية العامة وعمليات الغش الجماعي فرغم ثبوت الأخطاء لم نجد اعترافا من الحكومة أو الوزراء بالخطأ أو المسئولية. والواقع أن الشعب هو الذي يتحمل المسئولية.. مشيرا الي انه في فترة حكومة د. كمال الجنزوري رفعت الحكومة شعار "مصالحة الشعب" وهذا يعني الاعتراف بالخطأ ومع ذلك لم يتم الصلح .. أما بالنسبة لرئيس مجلس الوزراء فهو أيضا لا يتحمل أخطاء الوزراء، لأنه لو حدث ذلك يعني أنه مخطئ ومادام لم يقدم للمساءلة أو المحاكمة فهو لم يتحمل المسئولية ولم يقل أو يستقيل.