إعادة صياغة الإطار والمضمون المغاير للحركة الاقتصادية منذ تولي مجلس وزراء إصلاحي جديد للسلطة وراء تلك الطفرة التي يشهدها تاريخ مصر الاقتصادي، وبالفعل كانت استكمالاً لوقوفنا علي الأطلال.. واستكمالاً لمسيرة الإصلاح الاقتصادي خصوصًا بعد أن أصبحت كلمة الإصلاح مطلبًا ضروريًا لا يختلف علي ضرورته أحد في ظل ذلك الواقع المليء بالمشكلات والمتفاقم الاختلالات والذي تعجز فيه الأيدي عن توفير حتي الضروريات.. ولا تتحقق فيه الانجازات إلا باصلاح الإصلاح الاقتصادي ذاته، واصلاح تشريعاته السياسية لملاءمة هذه الأوقات العصيبة، وانتشاله من الغرق! ولتمكين تلك المسيرة فعليًا من تحقيق أهدافها التنموية لتحسين مناخ الاستثمار في البنية الاقتصادية فلا بديل أمامها سوي استثارة الروح الاقتصادية القومية بمزيد من المساندة الملموسة التي لابد فعلاً أن تتسم بصدق المحك.. لدعم تلك التجمعات التجارية ومراكز الأعمال، فضلاً عن ذلك الدعم الخاص الذي مازال منتظرًا من هؤلاء الذين انتخبهم الشعب أملاً في الوفاء بالوعود وأملاً في مساندة كل منهم لاقتصاد دائرته، لأن مقتضاه سيكون حتمًا اقتصادًا مصريًا قويًا يطمح دون أدني شك شعب باكمله فيه. ولإزالة كل العقبات التي تعوق النمو الاقتصادي لتكتمل الايديولوجية الاقتصادية الابداعية، والتي تضمن تحقيق مزيد من الانجازات الملموسة، كتلك التي تحققت اقتصاديًا ويدركها المهتمون بعالم المال والاعمال، لادراكهم ذلك الارتفاع المذهل المطرد في كل المؤشرات الاقتصادية لتسجل اقفالاً صعوديًا قياسيًا لها مقارنة بالعام الاقتصادي الماضي، بداية من ارتفاع معدل النمو الاقتصادي ذاته والوصول به في نهاية العام الحالي إلي 9% من قيمة الناتج المحلي الذي مازال يرتفع أيضًا ليصل في نهاية العام الجاري إلي 615 مليار جنيه، ولأول مرة في تاريخ مصر الاقتصادي يتزايد صافي احتياط النقد الأجنبي من 4.15 مليار دولار إلي 9.21 مليار دولار، ومرورًا أيضًا بارتفاع مؤشر ميزان المعاملات التجارية والتحويلات ليحقق فائضًا بلغ مليارًا و 64 مليون دولار وبنسبة زيادة قدرها 65% عن نفس الفترة من العام المالي الماضي، حيث كان الفائض 646 مليون دولار فقط، وبالتالي طبعًا تتزايد الاستثمارات المحلية لتصل إلي 29.5 مليار جنيه وينخفض الدين الخارجي بمقدار 923 مليون دولار ليصبح 28.9 مليار دولار، مع استمرارية انخفاض مؤشر التضخم من 16.7 إلي 3.1 في نهاية العام الحالي، فضلاً عن تلك الزيادة الهائلة في نسبة تأسيس الشركات والتي بلغت 226% مقارنة بالعام الماضي مع انخفاض الزمن اللازم للتأسيس من 34 يومًا إلي 72 ساعة فقط.. ليشهد الاقتصاديون فعليًا بتلك المسيرة وبمنهجيتها تغيرًا متميزًا في مختلف القطاعات الاقتصادية ونموًا رائعًا بلغ 8.2 مثلاً في قناة السويس خلال الربع الرابع من العام المالي الماضي وبلغ أيضًا 17% في قطاع السياحة رغم كل الأحداث غير المواتية والتي حتمًا أثرت تأثيرًا سلبيًا للغاية علي عائد السياحة.. ولولا تلك الأحداث العصيبة والأزمة القوية والتي نعيشها لأول مرة بهذه الشراسة وبهذا العنف وبكل تلك أعمال السرقة والنهب والبلطجة في ظل غياب رجال الأمن لكان الاقتصاد والبورصة المصرية وكل المؤشرات الاقتصادية لكل الشركات ولكل المؤسسات المالية العامة والخاصة كانت ستواصل ارتفاعها الذي بدأته بعد الأزمة المالية العالمية، ولكن لن يبقي الوضع علي ما هو عليه. أما عن ما التهم نقود ومدخرات وممتلكات أناس كانت أقصي أحلامهم توفير حياة كريمة إن لم تكن أقل من الكريمة لهم ولأسرهم، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، بل أغرقت السفن نفسها إن صح التعبير وبالطبع أدركتم أني أقصد ما يسمي ببورصة الأوراق المالية والمعروف عنها مرآة الاقتصاد وطالما تحدثنا عن تطور الاقتصاد ونموه فلابد أن البورصة لابد حتمًا أن تتأثر بنفس التأثير والعكس بالعكس، فالعلاقة بين الاقتصاد والبورصة علاقة طردية بحتة ونلمس ذلك فعليًا علي مدار الربع الأول والربع الثاني والربع الثالث والرابع أيضًا من نهاية كل عام مالي منقض حسب أحداث كل فترة، ونلاحظ ذلك الترابط الوثيق بينهما، وحتي البورصة المصرية والتي تعد أسوأ ما في هذا الاقتصاد الجميل المبهر إلي أنها شهدت ثاني أكبر هبوط لها منذ الثلاثاء الأسود الموافق 7 أكتوبر 2008 حيث بلغت خسائر الأسهم 40.25 مليار جنيه من قيمتها في آخر جلسات التداول وبإجمالي 70 مليار جنيه وعلي مدار جلستين فقط مدفوعة بعمليات واسعة النطاق للمستثمرين العرب والأجانب والتي شملت جميع الأسهم المدرجة في السوق. وتهاوي مؤشر البورصة الرئيسي EGX30 بنحو 10.25% مدفوعة من تلك العمليات البيعية مسجلاً مستوي 5646.5 نقطة بانخفاض 664 نقطة من قيمته بعد تراجع 181 سهمًا دفعة واحدة مقابل ارتفاع ثلاث ورقات مالية لثلاث شركات فقط.. ولكن من المؤشرات الجيدة التي تدل علي بادرة أمل وارتفاع منتظر في الأيام المقبلة هو دخول تلك القوة الشرائية وتلك السيولة قبل إغلاق الجلسة، كما أن أكثر أعضاء مجالس إدارات شركات السمسرة والتداول في الأوراق المالية أقروا أن الأسهم بدأت تشهد عمليات شراء قوية في الثلث الأخير من جلسة التداول من قبل مؤسسات مالية ومتعاملين بالسوق استغلالاً منهم بلا شك للهبوط القياسي الذي سجلته الأسهم في آخر تداولاتها ويشير هؤلاء الأعضاء أيضًا إلي أن الأسهم القيادية نجحت في استعادة جزء من خسائرها، مما أدي إلي تهدئة المستثمرين الأفراد وكذلك صغار المستثمرين، مما أدي إلي توقف البيع الشرائي غير المبرر والذي له كل التأثير السلبي علي المستثمر والمضارب والشركة وسهمها والاقتصاد ككل، وذلك بدأ منذ عمليات البيع العشوائي منذ أسبوع. ومع استمرار البنك المركزي المصري علي إبقاء سعر الفائدة دون تغيير.. وللمرة الحادية عشر علي التوالي منذ 17 سبتمبر 2009 وذلك للنهوض بالبورصة وجذب مزيد من الاستثمارات والتدفقات الرأسمالية إليها ليصبح سعر عائد الإيداع 8.25 % وللإقراض 9.75% والإبقاء علي سعر الائتمان والخصم عن مستوي 8.5%. كما يواصل الدولار ارتفاعه بالتبعية ليرتفع في شركات الصرافة بنحو 2.4 قرش ليصل إلي 5.8450 جنيه للشراء و5.87 جنيه للبيع وذلك مقابل 5.8210 جنيه للشراء و 5.8475 جنيه للبيع. وأكد مسئولو شركات الصرافة أنه مما لا شك فيه أن الزيادة الكبري في ارتفاع سعر الدولار تعود لتزايد الطلب عليه نتيجة لهبوط البورصة واتجاه المستثمرين الأجانب تحديدًا لتحويل جزء من محافظهم الاستثمارية إلي دولارات بدلاً من الأسهم لحين تحسن أوضاع البورصة أو جميع البورصات العربية والعالمية بتعبير أدق، لأنها كلها وكأنها بورصة واحدة، وبورصة كل دولة وكأنها من الأسهم، وبالفعل لزم ارتفاع الدولار ارتفاع باقي العملات الأخري كاليورو ليقفز 6 قروش ويقترب من 8 جنيهات مسجلاً 7.99 جنيه للشراء و8.14جنيه للبيع، كما ارتفع الجنيه الاسترليني ليسجل 9.28 جنيه للشراء و9.41 للبيع، كما زاد الفرنك السويسري بمقدار 3 قروش ليصل إلي 6.14 جنيه للشراء و 6.28 للبيع. وأضاف المسئولون بالشركات أن متوسط التعاملات في اليوم الأخير للتداول ارتفع بنحو 15 % عما قبل ذلك لتصل إلي 6 ملايين جنيه نتيجة بالطبع زيادة الطلب علي الدولار، بينما جاءت التعاملات هادئة علي نشاط الطلب علي الدولار وهادئة أيضًا علي العملات الأوروبية بسبب ترقب حائزيها لمزيد من الارتفاعات خلال الأيام القادمة، وأوضح أن المائة ين اليابانية سجلت 89.6 جنيه والدولار الاسترليني 47.5 جنيه، وبلغ سعر الدولار الكندي 18.5 جنيه مصري، وفي خطوة غير مسبوقة قرر المصرف العربي الدولي شراء ما قيمته 50 مليون دولار من السندات الدولارية المصدرة من الحكومة المصرية، وذلك بعد مراجعة الدراسات التي أعدتها المؤسسات الدولية عن مستقبل الاقتصاد المصري والذي أكد بالفعل قوته وقدرته علي مواصلة التحسن والصمود أمام الهزات المالية العربية والعالمية علي حد سواء.