يسلك الجانب الإثيوبي كافة الطرق من أجل إفشال مفاوضات سد النهضة، خاصة بعد الاقتراح السوداني الأخير بضرورة وجود لجنة وساطة رباعية في المفاوضات، وما قابله من رفض من الجانب الإثيوبي لهذا المقترح الذي باركته مصر، الشريك الثالث لأثيوبيا والسودان. حيث أبلغت أديس أبابا الوفد الكونغولي بشأن موقفها الرافض للوساطة الرباعية وتمسكت بالوساطة الإفريقية. وأعلن وزيرا الخارجية والري الإثيوبيين، اعتزام أديس استكمال ملء سد النهضة في يونيو المقبل، حتى لو لم يتم التوصل لاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد. وذكرت أن عملية الملء ستتم بمقدار 13.5 مليار متر مكعب أي ما يقارب 3 أضعاف حجم الملء الأولي المنفذ العام الماضي بمقدار 4.9 مليار متر مكعب. جاء ذلك خلال الاحتفال بمرور 10 سنوات على تدشين السد. وردًا على التصريحات الإثيوبية؛ قالت الخارجية المصرية، إن إثيوبيا ترغب في فرض الأمر الواقع على دولتي المصب، وهو أمر ترفضه مصر لما يمثله من تهديد لمصالح الشعبين المصري والسوداني ولتأثير مثل هذه الإجراءات الأحادية على الأمن والاستقرار في المنطقة، وإنه من المؤسف أن المسئولين الإثيوبيين يستخدمون لغة السيادة في أحاديثهم عن استغلال موارد نهر عابر للحدود. وأضافت الخارجية، إن الأنهار الدولية هي ملكية مشتركة للدول المشاطئة لها، ولا يجوز بسط السيادة عليها أو السعي لاحتكارها، بل يتعين أن توظف هذه الموارد الطبيعية لخدمة شعوب الدول التي تتقاسمها على أساس قواعد القانون الدولي وأهمها مبادئ التعاون والإنصاف وعدم الإضرار. كما أشار البيان إلى أن هذه التصريحات الإثيوبية قد صدرت في الوقت الذي تبذل فيه الكونغو- رئيسة الإتحاد الإفريقي- مجهودات مقدرة لإعادة إطلاق مسار المفاوضات والتوصل لاتفاق قبل موسم الفيضان المقبل، وهو ما يعكس غياب الإرادة السياسية لدى الجانب الإثيوبي للتفاوض من أجل التوصل لتسوية لأزمة سد النهضة. وأضاف البيان أن مصر والسودان قد أكدتا على أهمية الانخراط النشط للمجتمع الدولي في مفاوضات تقودها وتُسَيرُها الكونغو من خلال رباعية دولية تضم الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي والأممالمتحدة، وذلك لضمان فاعلية العملية التفاوضية ولدفع الدول الثلاث ومعاونتها على التوصل لاتفاق على سد النهضة خلال الأشهر المقبلة. وأعلنت وزارة الخارجية السودانية، أن إثيوبيا تنوي ومُصرة على إلحاق الضرر بالسودان من خلال الملء الثاني لسد النهضة ، وهي متعنتة على الرغم من علمها بأن الملء الثاني يهدد حياة الملايين من السودانيين وله عواقب وخيمة. ودعت الخارجية السودانية، في بيان لها السلطات في إثيوبيا إلى مراعاة الاتفاقيات الدولية من أجل الوصول لاتفاق ملزم بشأن ملء سد النهضة، مشددة على ضرورة موافقة إثيوبيا على الآلية الرباعية التي تضم الاتحاد الإفريقي، وأنه لا يوجد سبب لممانعة ورفض ذلك. وأكدت وزيرة خارجية السودان، الدكتورة مريم الصادق المهدى، أن قرار ملء سد النهضة، إذا جاء أحادياً سيزيد من تعقيد الأمور، ومن شأنه تهديد حياة 20 مليون مواطن يسكنون على ضفاف النيل، مشيرة إلى أن المبادرة الرباعية قُصد منها دعم وتسهيل مهمة الاتحاد الإفريقي تحت رئاسة الكونغو الديمقراطية.موضحةً استعداد بلادها لتقبل أي مبادرة من شأنها معالجة القضايا دون الإضرار بأي طرف. ومن جهته، أدان عادل بن عبد الرحمن العسومي، رئيس البرلمان العربي، التصريحات الأخيرة التي أدلى بها وزير المياه والري والطاقة في أثيوبيا، والتي عكست إصرار أثيوبيا على تنفيذ الملء الثاني لسد النهضة دون التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، مؤكداً رفضه التام لهذا التعنت غير المبرر في الموقف الأثيوبي، لما سيترتب عليه من أضرار جسيمة ستلحق بكل من مصر والسودان، اللتين تعتمدان على نهر النيل بشكل شبه كامل في توفير احتياجاتهما المائية. وطالب رئيس البرلمان العربي أثيوبيا بالابتعاد التام عن سياسة فرض الأمر الواقع أو القيام بإجراءات أحادية الجانب، لما يمثله ذلك من انتهاك صارخ وصريح للالتزامات والاتفاقيات الدولية الموقعة بين الدول الثلاث، ولكافة القواعد والقوانين الدولية التي تنظم استخدام الأنهار الدولية، ومنها نهر النيل. كما أكد «العسومي» دعم البرلمان العربي الكامل لموقف جمهورية مصر العربية وجمهورية السودان بشأن ضرورة انخراط المجتمع الدولي في مفاوضات سد النهضة من خلال الآلية الرباعية التي اقترحتها الدولتان، والتي تضم الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدةالأمريكية، وذلك لبدء جولة جديدة من المفاوضات يتم خلالها التوصل إلى اتفاق عادل وملزم لملء وتشغيل سد النهضة، على نحو يحقق مصالح جميع الأطراف.