كانَ قطار العمر مسرعاً مسرعاً جدا لم أعلم أنه سيسرقُ أمِّي مني ، وكم اجتهدتُ أن أسمِّرهُ هناك أمام باب منزلي الجبلي طويلا ، حيث كانت السماءُ سماءً أخرى والهموم الكبيرة تذوبُ ككراتِ ثلج أمام وهج الشمس آن أمِّي تزورني و نبعُ الحبُّ يتدفقُ بين يديها (...)
أمِّي، لاترحلي الآنَ ، انتظريني ، أيَّتها القديسةُ المباركةُ لاتغادري دارنا الحبيبةَ ،امهليني رنوةً من عينيكِ السماويتين و ساعة من وقتكِ الثمينِ ،لأشربَ فنجانَ قهوتي الأخير معكِ ، و أطعمَ من كعكِ يديكِ بعيداً عن همومِ العالمِ الظالمِ و شروره
أضناني (...)
البرتقالةُ الزَّرقاءُ التي تأوَّجتْ شواطئَ طفولتي النديَّةِ،و أنا كفراشةٍ تعشقها الرِّياضُ، وتتنقَّلُ على جناحيها غزالة الصَّباحِ، والتي هشمتها تياراتُ هذا العالم الباردِ و سلبتها ألقها رياحهُ المسمومةُ ، لا أدري كيفَ عادتْ إليَّ اليوم زاهرةً تبتسمُ (...)
تشرَّدَ الَّليلُ في الأزقةِ كبهيمٍ يبحثُ عن قوتهحين نفضت عيناكِ الكرى عن أجفانِ الفجرِ وحاكتْ له ثوباً من ضياءٍ ، قطعان الظلام شردتْ أمام جحافل شروقكِ، لم تجد لها مأوى سوى البراري ، و أما أحزاني فقد سكنت حين بدأت تراتيلكِ السماوية .أمِّي، في (...)
يامرسى الأماني و شقيقَ المطرِ
حررني من عقالِ الشجنِ
صغني طفلةً من ماءٍ و زهرٍ
لتورقَ على ضفافي الصورُ
ياصديقي الأثيلَ
حيرني هواكَ
وأتعبني الشَّوقُ لرؤياكَ
في البعدِ تشربُ قهوتكَ على صدري
وفي القربِ تداعبُ أناملكَ غرةَ الغيوم
كيف تسكنني وتبتعدُ عنِّي (...)
ألوِّحُ لمراكبكَ الحزينةِ تغوصُ أنتَ في الغيابِ
وأضيعُ أنا في البيداءِ
أعطفُ على نفسي ، أحدِّثها عن رؤىً جديدةٍ و أحلامٍ
أخاتلُ سنابلكَ وأقولَ كلُّ شيءٍ على مايرامُ
كنت تخافُ على وردي من النسيمِ إذا عبسَ
و كنتَ كالنهرِ تعاقبُ الغيمَ إذا غفا عن (...)
ياعيدُ، قمري يسرِّحُ غزلانهُ في أرضٍ برِّيةٍ ، والمروجُ تصحو فوق ضلوعي، يردها على ساقيةٍ غائرةٍ ، و على صدري شلالُ العذوبةِ، يتسولُ الكرومَ النائيةَ ،و دنانُ الخمرِ على شفتي ، يرعى غنمهُ في البوادي ، و السَّنابلُ في راحتيَّ ، بغيابهِ أعدُّ الايامُ، (...)