كما هي عادته، كان يلوّح بعصا قصيرة سوداء، وكأنه يتوعد أحدا ما، وهذا ما يعطيه شيئا من الهيبة.وهو يقف في مدخل المخفر، فوق درجته التي تؤدي إلى المصطبة، بين نباتات البوص الوارفة الأوراق، ما أن شاهده يتجه صوب الإسفلت، حتى أشار له بطرف العصا مع لهجة (...)
يقرفص قبالة المخفر المحاط بالبوص، وبالدفلى بزهرها الناري، ويشيح بنظره عن رئيس المخفر الذي ينصب قامته فوق درجة إسمنتيه في المدخل تؤدي لفسحة فيها كراس متناثرة قشية بأرجل خشبية قصيرة، ولغرفته مفتوحة الباب تطل مباشرة على الشارع، مثبّت على مدخلها لوحة (...)
نهضت مع آذان الفجر. تثاءبت كثيرا، ثم أصغيت للمؤذن وهو يقيم الصلاة. بيتي غير بعيد عن المسجد الأقصى. نظرت من النافذة وتأملت حجارة الأقصى بينما كان الضوء ينيرها مع تبدد خيوط العتمة.
رحم الله والدي. تأملت صورته المعلقة على الجدار بعقاله المائل، وكوفيته (...)
انقدت طائعا لرغبة كنعان في اقتناء عصافير صغيرة ملونة. أوقفت السيّارة لصق الرصيف أمام محل( طيور وحيوانات أليفة). فتح كنعان باب السيّارة المحاذي للرصيف بسرعة، واندفع باتجاه واجهة المحل، وأخذ يتأمل الطيور المختلفة الألوان والأحجام.
وراء الزجاج، تحت (...)
تيقنت أن مرضته هذه المرّة هي مرضة الموت، وهي وإن تشبثت بالأمل بشفائه، وحرصت على تقديم الأدوية له في أوقاتها علّها تسعفه، فقد باتت تشعر بالخوف من الوحدة وهي تراه شبه ميت، بالكاد يهمس بكلمات متقطعة بصوت واهن يشي بوهن جسده.
أخبرها الطبيب وهو يفرك يديه (...)
لم أندفع مع المندفعين. مشيت متريثا متأملاً متصفحا الوجوه، متسائلاً: على من الدور اليوم؟ من سيقع شهيدا، أو شهيدة، جريحا، أو جريحة؟.
بت حريصا على الانضمام للحشود، والسير في زحامها، وتنفس هواء تتنفسه، وإرسال نظرات بعيدة تخترق الأسلاك وتشمل الجنود الذين (...)
حططت على صخرة في قمة جبل أجرد تطل على فراغ أرضه متجهمة قاحلة مربدة تبعث على الانقباض.. هيئ لي أنني جئت من بعيد بعيد، وأن هناك من يطاردني منذ زمن بعيد، وأنني آخر من بقي، أو أنني تهت عن قومي بعد مطاردة وحشية فرّقت بيننا جميعا واجتاحت حياتنا بغتة ودون (...)
( إلى سميرة عزّام، صاحبة قصّة الفلسطيني)
أخذ يفرك راحتيه ببعضهما بسرعة، كما هو دأبه عندما يعبر عن سروره، والسعادة تفيض على وجهه، وحركات جسده:
- ستحضر ابنتي من (براغ) اليوم..فهيا إلى المطار، يلاّ، دعنا نستفد من سيارتك، ونشعر البنت التي ستزورني لأوّل (...)