تماما كما لكل منا صديق كاتم للأسرار، لكل بيت غرفة شاهدة على قصص المنزل اسمها فى سوريا سقيفة وفى مصر سندرة وفى فلسطين سدة. فى هذا المكان حياة موازية، أتخيل أحيانا أسرة تعيش فى تلك المساحة، أو ربما شاهدت يوما فيلما عن عائلة تكتشف أن أشباح من سبقها من (...)
مع حلول النصف الثانى من شهر آب / أغسطس، يبدأ العد التنازلى فى البيوت التى فيها أولاد وبنات وجدول دراسى. فرغم موجة الحر الشديدة والتى لا تنذر أبدا بقرب انتهاء موسم الصيف، إلا أن ثمة إعلانا غير مكتوب أن منتصف الشهر الثامن يعنى انسيابا لا مفر منه نحو (...)
أتابع منذ شهر نقاشات حول المصيف والشاطئ وكيف تغير مفهوم الإجازة الصيفية فى مصر عبر السنوات وعبر الطبقات الاجتماعية. وكشخص ارتبط بمصر فى السنوات الأخيرة، فأنا ما زلت دخيلة على عدد من الثوابت وما زلت أحاول أن أفهم أسباب الخلاف، على خلفية أفكار تكونت (...)
العودة، أو ذلك الطريق الملتوى المتعرج الذى أسلكه كل اليوم وأنا أبحث عن مكان أسميه «البيت». أختلف مع زوجى حول تصورنا، بالمعنى البصرى، لمستقبلنا. أنا أرى نفسى بوضوح فى مدينة عربية لى فيها أصدقاء ومعارف أقابلهم كل يوم. أدعو صديقاتى للجلوس معى على شرفة (...)
هناك عشر سنوات سحرية تبدأ فيها مرحلة عمرية ينخفض خلالها مستوى القلق والشك ليحل محلهما نوع من الرضا والثقة بأن الخبرة والحدس قد يكونان أفضل معيارين لقراراتنا. هى سنوات أظن أننا نحصد خلالها بعض ما استثمرناه من مجهود، وبعض ما استثمرناه من عواطف وعلاقات (...)
من العبارات التى أجد من الصعب ترجمتها هى جبر الخواطر. فيها مزيج من الاعتراف ببعض الذل إن تم الرفض، وفيها تطلع إلى كرم من سيجبر الخاطر، فيها عشم وهى أيضا كلمة لا أجد لها مرادفا فى اللغات الغربية.
• • •
اللغات تتطور مع تطور المجتمعات، والمجتمعات تتطور (...)
رحلت الدكتورة عفاف محفوظ بعد حياة غنية بالأحداث عاشت معظمها بين مدن ثلاث صاخبة: القاهرة وباريس ونيويورك. تلك المحللة النفسية وأستاذة القانون والناشطة الحقوقية والنسوية التى جلست فى سنواتها الأخيرة قبالة المحيط حيث نصحها الطبيب أن تسكن فى محاولة منها (...)
أتابع منذ أسبوعين نقاشات على شبكات التواصل الاجتماعى فى بلاد مختلفة أقل ما توصف بأنها عنصرية وتميز على أساس اللون أو الدين أو الطبقة الاجتماعية. تتفاوت اللغة المستخدمة بين عنصرية مباشرة تتهم الناس بأصولهم أو عرقهم وبين تعليقات تتخفى وراء الحرص على (...)
هناك سحر فى فترة يتزامن فيها الربيع بالأعياد مجتمعة، وكأنها هدنة تلون العالم بالأصفر والوردى والفستقى بدل الأسود والأحمر، هناك نوع من التباطؤ وكأن للكرة الأرضية يدين ترفعهما فوقها وهى تتثاءب. فى أحد أجمل بيوت شعر محمود درويش يتردد إبريل، شهر القيامة (...)
ككل سنة، انشغل كثير من مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعى بالتعليق على المسلسلات التى تعرضها التلفزيونات والمنصات العربية فى شهر رمضان. هناك من يحلل المضمون، كالقصة والإخراج والخط الدرامى والسيناريو، وهناك أيضا من يعلق على أداء الممثلين وأزيائهم وقصات (...)
في الفيلم السوداني شديد الجمال "ستموت في العشرين"، تمضي الأم سنوات طفلها الذي يصبح مراهقا وشابا وهي تنتظر بقلق وترقب أن تتحقق نبوءة أنه سيموت حين يدخل عامه العشرين. يفرد الفيلم أمام المشاهد قلب أم يحمل وجعا ينقط كما من قطارة يوما بعد يوم. ترسم خط (...)
كتاب «من الخوف إلى الحرية» للكاتب المصرى خالد منصور صدر هذا الأسبوع عن دار الكتب خان فى مصر ليروى سيرة المحللة النفسية والمثقفة المصرية النسوية عفاف محفوظ منذ سنواتها الأولى فى مدرسة للراهبات فى المنيا فى صعيد مصر فى أربعينيات القرن العشرين، ثم (...)
كان عاما مليئا بالمراجعة والتأمل، مليئا بالعودة إلى مواقف بعينها ومحاولة إعادة كتابتها مع تغيير بسيط لتتحول القصة. كان عاما فيه نهايات مختلفة تغير الأقدار. كان عام الزيارات فى ذاكرتى مع محاولتى أن أتخيل نفسى أعيش فى أماكن قديمة وجديدة. ربما هى نهاية (...)
حاولت ألا أتدخل فى حديث بين ابنى وصديقه حين رافقتهما فى مشوار أخيرا. امتنعت عن حشر نفسى فى القصص وقررت أن أختفى فى كرسى القيادة وأنصت إلى النقاش دون أن أقحم رأيى فيما كانا يقولانه. بعد أن وصلت وابنى إلى البيت سألته عن بلد صديقه إذ كان الحديث باللغة (...)
أحب التقاطعات، أحب اكتشاف أصدقاء مشتركين بينى وبين أشخاص ظننت فى بادئ الأمر أن لا شىء يربطنى بهم. أحب قصص الجدات العابرة لحدود بلاد المشرق وما بعدها، الجدة الدمشقية فى نابلس فقد تزوجت تاجرا كان يتردد على محل والدها فى سوق عتيق وحافظت على لهجتها (...)
أستيقظ «قبل الضوء» كما نقول فى بلاد الشام. فى البيت الذى نعيش فيه واجهتان، شرقية وغربية. هناك ساعة سحرية ينقسم فيها البيت إلى جهة طلع فيها النهار وأخرى ما زال الليل يغطيها. ألعب مع الضوء كقطة تلاحق كرة من الصوف فأمشى من مكان إلى آخر حافية القدمين (...)
أشياء بسيطة، كلمات قليلة، لمسة أو سلام أتلقاه فى صباح بارد، قد تغير من يومى أو تلونه بعد بداية رمادية باهتة. فى لحظات التأمل، خصوصا بعد أحداث مغيرة لمجرى الحياة، أمر بمجهر فوق التفاصيل فتتصدر السياق. صوت طفلتى فى الصباح يذكرنى بأشعة الشمس المبكرة، (...)
فتحت العلبة المستطيلة التى كتب على غطائها اسم محل حلويات واستنشقت ملء قلبى من سنوات عشتها فى دمشق. لم أعرف إن كان فعلا هناك رائحة خرجت من العلبة أم أن رؤيتى لمحتواها أثارت فى ذاكرتى رائحة خليط سكرى صعب على أن أحدد مكوناتها. حركت محتوى العلبة فظهرت (...)
أضعت سلسلة ذهبية فى أول يوم من عيد الفطر حين كنت فى أعوامى الأولى. باتت القصة أن تمارا فقدت عقدها يوم وفاة عبدالحليم حافظ. لا أعرف مدى دقة التاريخ لكن عدت إلى منزل جدى وجدتى بعد أن أقنعنى شخص فى الشارع أن عقدى على وشك أن يقع وأنه سيحكم إغلاقه حول (...)
أعدت فى الشهور الماضية تحديد علاقتى مع الوقت. صار عندى علاقة شبه جسدية مع الدقائق فأشعر بستين نقرة فى عقلى طوال النهار على مر الزمن. يستخدم عازفو البيانو جهازا منظما للإيقاع يربطون حركة أصابعهم على البيانو بدقاته. هناك جهاز ينظم دقات القلب لأشخاص (...)
فى السنة الأولى للجائحة، حين فرضت قيود كثيرة على سكان الأردن حيث أعيش، وتعطلت حركتهم للحد من انتشار الوباء، راقبت مجىء طفل رضيع حديث الولادة إلى بيت أمام شباكى. انتقل أهله للعيش أمام بيتى وكانوا يمضون معظم وقتهم على شرفة صغيرة كانت تتيح لهم فرصة (...)
أتخيل أن الحياة أرجوحة، مقعد معلق من طرفيه بحبلين، يتحرك الكرسى إلى الأمام وإلى الخلف بقوة دفع من يجلس عليه. إن كان للجالس عزم فسوف يدفع بنفسه بقوة نحو السماء، ولكن القوة ذاتها ستعيده إلى الأرض وقد يقع من أثر العزم.
• • •
حياة معلقة بحبلين مصممة (...)
يزدحم أحيانا العقل بأفكار لا رابط بينها، فيقفز مثلا من تفصيل فى العمل يأخذ بعدا مضاعفا إلى التساؤل إن كنت أغلقت الباب فى البيت بشكل محكم، ثم أتذكر كلمات من أغنية فأبحث عن اللحن، وأعود إلى موضوع ناقشته مع أخى ولم يأخذ حقه من الوقت. أقرر ما سأطبخه (...)
هناك مغارة عميقة داخل كل شخص، فى جراتها قصص بدل الجواهر، القصص جواهر أصلا. ألوان وأشكال وأحجام تتلألأ حتى فى الظلام. هناك على الأقل جرة أو اثنتان عن سنوات الطفولة، تتداخل فيها صوت الجدة وتهجئة الأحرف الأولى، ثم وجه أول معلمة فى روضة الأطفال، تلك (...)
]تخيلوا معى مساحة ضيقة جدا تسحب أفراد البيت جميعهم كالمغناطيس. تخيلوا بلاطة يقف عليها عدة أفراد يقوم كل منهم بمهام الصباح. متر مربع تنطلق منه طاقة العائلة مجتمعة. الآن وسعوا العدسة لتشمل المطبخ كله ثم اسألوا من فى الصورة لماذا اختاروا أن يتكدسوا (...)