الآن، وعبر هذه السيرة الطويلة أخرج عليكم أنا من بين أسطرها المخطوطة بدمائى.. آتيكم من عالمى الذى لا يشعره إلا من آنسوه من مفارقى الحياة أمثالى آتيكم سعيداً من ضيق عالمى الهلامى إلى متسعكم لأحكى لكم قصة اللحظات الأخيرة التى قضيتها بين يدى فى محاكمتى، (...)
استيقظتُ لأجدها كالعادة قد انفلتت؛ ولكن صوتها ظل يتردد فى أذنى، وأنا بين اليقظة والإغفاء، صوتها العفى النضر: «قم يا كسول؛ لتُخرِج الأبقار للمرعى، قم، فالشمس ملأت الدنيا نوراً».
فقد كانت تستيقظ مع نسمة السحر الأولى، تتوضأ وتصلى ما قدَّر الله لها من (...)
الليل أضنته الهموم.. فبات يحلم بالصباح.. والصبح أعياه البكاء.. فظل يرتقب المساء.. فى الصمت.. فى الركض.. فى حركة الأشياء.. برجاء.. منحة وعطاء.. ولحظة سكون.. وارتياح.. برجاء.. أن يأتى صباح.. فى أمسه فى ليله.. كان الصباح قد استراح.. فى النور قد بان.. (...)
مدينة الضباب.. سكانها الكلاب.. أناسها العبيد.. وعبيدها البشر.. طقوسها الأحزان.. ومواكب الركبان.. تمتطى الهوان.. تمضى للامتهان.. فى رحلات الخطر.. القول همهمة.. والصمت غمغمة.. والحركة صادمة.. بمدينة الضباب الموت ينهمر.. والناس تندثر.. تغدو مع الرياح.. (...)