توفي المفكر المصري الكبير الدكتور ميلاد حنا عن عمر ناهز الثامنة والثمانين .جاءت الوفاة بعد أزمة صحية ألمت به في مستشفى السلام الليلة الماضية، وستشيع الجنازة من البطريركية المرقسية بالعباسية بعد غد الخميس. وقد ولد حنا في القاهرة عام 1924، وحصل على بكالوريوس الهندسة المدنية جامعة القاهرة عام 1945، ونال درجة دكتوراه في هندسة الإنشاءات جامعة سانت أندرو في أسكتلندا عام 1950، وعين معيدا بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية (1945-1947). وعمل مساعد مدير أعمال مصلحة الطرق والكباري والمشرف على إنشاء كوبري سوهاج أخميم على النيل (1951-1953)، ثم عمل مدرسا وأستاذا مساعدا وأستاذ الإنشاءات بكلية الهندسة بجامعة عين شمس. وأخيرا أستاذا متفرغا بهندسة عين شمس عام 1984. وكان الدكتور حنا عضوا في عدد من بعض الهيئات العلمية والثقافية منها الجمعية الدولية لمهندسي الكباري والإنشاءات بزيوريخ في سويسرا، والجمعية الدولية لمهندسي المنشآت القشرية بمدريد في أسبانيا، ومعهد الخرسانة بنيويورك في أمريكا، والمجلس الأعلى للثقافة في مصر. وعمل الدكتور حنا رئيسا للجنة الإسكان بمجلس الشعب 1984 - 1987، وعضو المجلس الأعلى للثقافة، ورئيسا للجنة الثقافة العلمية بالمجلس. كما كان كاتبا متفرغا بجريدة الأهرام. وللفقيد العديد من المؤلفات العلمية منها "أريد مسكنا ، نعم أقباط لكن مصريون، دراسات وأوراق عمل حول قضايا الإسكان في مصر صادر عن مجلس الشعب عام 1985 ، وذكريات سبتمبرية، والأعمدة السبعة للشخصية المصرية ، وحاجة الإنسان العربي للاسكان، وصراع الحضارات والبديل الإنساني، ساسة ورهبان وراء القضبان ، وقبول الآخر".
ونال الفقيد مجموعة جوائز دولية ومنها: جائزة فخر مصر من جمعية المراسلين والصحفيين الأجانب بمصر، عام 1998، ووسام "النجم القطبي الذي لا يخبو" بدرجة كوماندوز من ملك السويد، عام 1998، وجائزة سيمون بوليفار الدولية من اليونسكو عام 1998، وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة عام 1999.
وارتبط حنا بالشأن السوداني وأبدى اهتماما دائماً بقضايا النيل ومشكلاته واهتم بمسألة الأمن المائي، كما أعطى الفقيد اهتماما كبيرا لقضية الوحدة الوطنية والاندماج الإنساني العريق بين المسلمين والأقباط في مصر وتأزمت العلاقة بينه وبين الكنيسة في عهد البابا الراحل شنودة الثالث في بعض الأوقات، نتيجة أرائه فيما يتعلق بقضية الزواج الثاني للأقباط وقد بدأ "حنا"، حياته مناضلا يساريا يتبنى الفكر الاشتراكي ويرتبط به، وعمل أستاذا فى كلية الهندسة بجامعة عين شمس، حيث تخرج على يديه الآلاف من أبناء مصر والعالم العربى وأفريقيا. وتم اعتقاله فى سبتمبر عام 1981 مع كل رموز وطنية من كافة الأطياف السياسية، وخرج " حنا" من محنة الحبس المفاجئ مختلفًا بعض الشىء، فلقد زاد اهتمامه بقضية الوحدة الوطنية على حساب اهتماماته اليسارية كما أصبح أكثر ارتباطًا بالكنيسة القبطية وهو واحد من "الأراخنة" المعدودين لها.