خصصت مجلة (الكواكب) في عددها الأسبوعي اليوم الثلاثاء 30/10/2012 عدد تذكاري عن الفنان الكبير محمد فوزي الملقب ب(شحات الغرام) بمناسبة مرور ستةً و أربعين عامًا على رحيله متناولاً موضوعات متنوعة عن الفنان من خلال حوارات أبناء جيله كالفنانة مديحة يسري التي كون معها ثنائيًا ناجحًا في السينما المصرية و كانت زوجته لأعوام ، و الفنانة صباح الملقبة ب(الشحرورة) و التي كونت مع فوزي ثنائي غنائي تمثيلي ناجح ، و الفنانة مريم فخر الدين التي جمع بينها و بين فوزي صداقة حميمة و كانت من ضمن المشاركين معه في مشروع قطار الرحمة و هي فكرة ولدت من رحم ثورة يوليو لتقديم الإعانة للفقراء و المحتاجين بمصر بوجهيها القبلي و البحري و كان معهما الفنانين محمود ذو الفقار و شكري سرحان و ثريا حلمي و مديحة يسري و ماجدة و شادية و فاتن حمامة. تناول العدد أيضا أسرار جديدة في حياة فوزي و سر الجفاء بينه و بين جمال عبد الناصر لقرب محمد فوزي من اللواء محمد نجيب مما أدى إلى تأثر محمد فوزي في عهد عبد الناصر و مروره بركود سينمائي في أواخر الخمسينات حيث لم يقدم من بعد فيلمه (معجزة السماء) عام 1956 أية أفلام سوى فيلمين في عام 1959 هما (كل دقة في قلبي) و (ليلى بنت الشاطيء) و تناول العدد أول رسالة دكتوراة عن محمد فوزي يقوم بالإعداد لها المطرب أحمد إبراهيم للحصول على درجة الدكتوراة في النصف الثاني من عام 2013 و مقالة للإعلامي الكبير فهمي عمر عن محمد فوزي بعنوان (فوزي .. أشتقتك يا فوزي) و قدمت المجلة في صفحاتها قصيدة نادرة للفنان عبد السلام النابلسي بعنوان (محمد فوزي) يدعو له بالشفاء العاجل و مقالة للدكتورة رانيا يحيى بعنوان (موسيقى أفلام محمد فوزي .. عبقرية بلاحدود) مع عرض أخلاقه الدمثة بتقديمه للملحن الشاب بليغ حمدي لكوكب الشرق أم كلثوم كفاتحة خير لبليغ ليكون من فرسان التلحين لأم كلثوم بالإضافة إلى علاقته بشقيقته الفنانة هدى سلطان و الرسائل الخاصة بينهما. و لد محمد فوزي حبس عبد العال الحو يوم 28 أغسطس 1918 في قرية أبو جندي التابعة لمدينة طنطا و هو الإبن الواحد و عشرون من أصل خمسة و عشرين ولدًا و بنتًا من بينهم الفنانة هدى سلطان و الفنانة هند علام التي ماتت في عمر صغير ، كان والده قارئًا معروفًا للقرآن الكريم بالقرية بجانب عمله بالزراعة ، أجتذب الغناء الطفل محمد فوزي بأجواء طنطا الدينية من خلال مولد السيد أحمد البدوي من خلال الغناء الديني مع حفظه ما تيسر من القرآن و أشتهر بين أقرانه بالمدرسة بعذوبة صوته و هو في مدرسة طنطا الإبتدائية متأثرًا بمحمد عبد الوهاب و أم كلثوم ، تعلم فوزي الموسيقى و الغناء على يد أحد رجال المطافيء يدعى محمد الخربتلي و هو من أصحاب والده و كان يأخذه معه للغناء في الأفراح و الموالد. ألتحق بعد الإعدادية بمعهد فؤاد الأول للموسيقى العربية الذي لم يكمل فيه الدراسة حيث ألتحق بالعمل في ملهى الشقيقتين (رتيبة و إنصاف رشدي) و هما شقيقتا الفنانة الكبيرة فاطمة رشدي ثم ألتحق بالعمل في صالة (بديعة مصابني) حيث أعتبرت تلك الصالة بمثابة معهد فني قائم بذاته حيث عمل مع(فريد الأطرش – محمد عبد المطلب – تحية كاريوكا – أنور منسي – محمود الشريف – إبراهيم حمودة) مشتركًا معهم في عرض تابلوهات إستعراضية ناجحة. تقدم فوزي لإمتحانات الإذاعة كمطرب و ملحن و هو في العشرين من عمره فنجح كملحن و فشل كمطرب و أخذ يلحن بعض السهرات الإذاعية و التمثيليات التي كانت تُبث بالراديو و هنا شعر فوزي أن الغناء يطارده في كل مكان فقرر تعويض الإخفاق الإذاعي بإعادة أعمال سيد درويش لينطلق من خلالها بألحانه في أفق الموسيقى العربية فتعاقدت معه الفرقة المصرية للتمثيل و الموسيقى كممثل بديل لإبراهيم حمودة في عرض أوبريت (شهرزاد) لكنه أخفق في هذه التجربة و هو نفس الإخفاق لعبد الوهاب حينما مثل (شهرزاد) في فرقة سيد درويش عام 1922 ، كاد فوزي أن يصاب بالإحباط بسبب لذوعة الجمهور له حتى جاء طوق النجاة مُمثلاً في الفنانة فاطمة رشدي التي مثلت له السهرات و التمثيليات الإذاعية لتجعله ملحنًا و ممثلاُ و مغنيًا بفرقتها كمفتاح سحري يساهم في اكتشافه سينمائيًا من خلال الفنان يوسف وهبي الذي أعطى له دورًا ثانويًا في فيلم (سيف الجلاد) عام 1944 حيث غنى أغنيتين من تلحينه مع المطربة عقيلة راتب ليكون هذا الفيلم تأشيرة البطولة المطلقة لفوزي في فيلم (أصحاب السعادة) لمخرجه محمد كريم لتتوالى الأعمال السينمائية لفوزي و ليؤسس شركة (أفلام محمد فوزي) عام 1947 للإنتاج السينمائي متربعًا على عرش السينما الإستعراضية في الأربعينات و الخمسينات و مكتشفًا وجوهًا جديدة كشادية و نازك و غيرهن من المطربات. من أفلامه (ثورة المدينة – ورد الغرام – المجنونة – صاحبة الملاليم – بنات حواء – دايمًا معاك – قبلني يا أبي – فاعل خير – حب و جنون – إبن للإيجار – مجد و دموع – الروح و الجسد) و له فيلمان ملونان عامي 1951 هما (نهاية قصة و الحب في خطر) و كون ثنائيات فنية و غنائية ناجحة مع مديحة يسري و شادية و ليلى مراد و فايزة أحمد و نازك التي تحمس لها و قدمها في فيلم (كل دقة في قلبي). ما يضاف إلى فوزي في رصيده الفني إبتكاره لفن الفرانكو آراب و الذي تجسد في أغنيتي (يا مصطفى يا مصطفى و فطومة) و تم غنائهما من خلال المطرب أورلاندو شقيق دليلة و غنت دليلة أيضًا تلك الأغنيتين و غنى يا مصطفى يا مصطفى المطرب بوب عزام و كانت تلك الأغنية حصلت على أعلى المراتب في ترتيب الأغنيات العالمية في الستينات مما يؤكد على عالمية فوزي. أسس فوزي عام 1958 شركة (مصرفون ) للإسطوانات حيث جسد معنى كفاءة الصناعة الوطنية في تصنيع الإسطوانات التي كانت محتكرة من قِبل الشركات الأجنبية ليضرب المثل في تأميم صناعة الإسطوانات حيث كانت الإسطوانات الأجنبية تباع ب90 قرش و مصنعه كان يبيع الإسطوانة ب35 قرش ليكون له الريادة في أن يكون أول مصري يؤسس شركة للإسطوانات و يتعاقد مع كبار المطربين في إنتاج أسطواناتهم ك(أم كلثوم – نجاة – محمد عبد الوهاب – فريد الأطرش – فايزة أحمد – وردة) . جاءت قرارات التأميم و التي طالت شركة (مصرفون) عام 1961 لتكون تابعة للدولة و يعين فوزي مديرًا و مستشارًا فنيًا لها و ليكون مكتبه مكان كافيتريا الشركة مع تخصيص مبلغ شهري 100 جنيه مما أصاب فوزي بالإحباط و ألزمه الفراش مصارعًا المرض متنقلاً بين مستشفيات لندن و ألمانيا و مصر وسط حيرة الأطباء من حالته المرضية و التي أوصلت وزنه ل40 كيلو إلى أن أكتشف بأنه مرض (سرطان العظام) حتى وافته المنية بألمانيا يوم 20 أكتوبر 1966 ليعود للوطن وسط استقبال شعبي حافل لنعشه في جنازة شعبية مهيبة حيث ودع الشعب أول من غنى للمسحراتي في رمضان و أول من غنى للأطفال ك(ذهب الليل – كان و إن – ماما زمانها جاية) و ملحن النشيد الوطني الجزائري للشاعر الجزائري مفدي زكريا و صاحب الوطنيات (بلدي أحببتك يا بلدي – أحبها و أعزها) و الأغاني الدينية (قف بالخشوع و ناد ربك يا هو– رب سبحانك – بشراك يا صايم). تزوج فوزي ثلاث مرات المرة الأولى من السيدة هداية و أنجب منها (نبيل – سمير – منير) و تزوج من الفنانة مديحة يسري و أنجب منها (عمرو) و تزوج للمرة الثالثة من الفنانة كريمة المعروفة ب(فاتنة المعادي) و التي لازمته حتى الوفاة .
