قام الإسلاميون الحاكمون في تونس ليلة السبت الأحد بجمع حشود غفيرة من أجل الدفاع عن شرعيتهم بعد عشرة أيام على اندلاع أزمة سياسية زاد في حدتها هجمات نسبت إلى إسلاميين متطرفين. وفي الوقت نفسه يبدو أن قوات الأمن التي طالما اتهمت بغض النظر عن المجموعات الإسلامية المسلحة، تضاعف عملياتها ضد "الإرهابيين" خصوصا منذ حادثي اغتيال النائب محمد البراهمي في 25 يوليو، والكمين الدامي الذي قتل فيه ثمانية جنود في جبل الشعانبي عند الحدود الجزائرية. وتجري حاليا في جبل الشعانبي، غرب البلاد عند الحدود مع الجزائر، عملية عسكرية واسعة النطاق للقضاء على مجموعة مسلحة قيل إنها تنتمي الى تنظيم القاعدة، وقتل في تلك المنطقة ثمانية جنود في 29 يوليو. وردا على الذين يطالبون باستقالة الحكومة وحل المجلس الوطني التأسيسي، حشد إسلاميو النهضة عشرات الآلاف من الأنصار (200 ألف حسب الحزب) دفاعا عن شرعية حكمهم في تظاهرة أطلقوا عليها شعار "مليونية نصرة الشرعية". ومقابل تلك التظاهرة الضخمة لم تتوصل المعارضة سوى إلى تعبئة بضعة آلاف في سابع ليلة من الاحتجاجات. وفي إشارة إلى عزل الرئيس المصري محمد مرسي في الثالث من يوليو قال راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة إن التظاهرة أحبطت محاولة "استيراد انقلاب". لكن المعارضة التي تنظم احتجاجات منذ مقتل البراهمي، أكدت أنها لن تتوقف عن التظاهر. واتهم النائب سمير الطيب، حركة النهضة بأنه استعملت أموال الدولة لنقل الاف المتظاهرين في حافلات من مختلف أنحاء البلاد مفسرا ضخامة التظاهرة التي جرت ليلا بعد الإفطار. ودعت المعارضة الى تظاهرة كبيرة الثلاثاء للمطالبة باستقالة الحكومة وحل المجلس الوطني التأسيسي المتعثرة اعماله لقلة الاجماع حول الدستور الجديد. ودعي في اليوم نفسه إلى عقد جلسة عامة لمناقشة الوضع الأمني في اجتماع اعتبره ستون نائبا يقاطعون المجلس، غير قانوني. وفي تصريح لفرانس برس قالت النائبة كريمة السويد أن "مكتب المجلس الوطني التأسيسي هو الوحيد الذي يحق له استدعاء جلسة عامة لكن هناك خمسة من أعضائه العشرة، بمن فيهم انا، نقاطع اعمال المجلس، وبالتالي لم يكتمل النصاب، انها جلسة غير قانونية، أنه انتهاك جديد للقانون". وفي هذا السياق ابدت بعض الصحف التونسية حزما تجاه المعسكرين العاجزين عن التوصل الى تسوية لاستقرار البلاد وتلبية مطالب الشعب الذي نفذ صبره من الفقر الذي كان مفجر ثورة 2011. واعتبرت صحيفة "لابرس" أن السلطات تدافع عن نفسها في"مهرجانات قطعان الأنصار والتصريحات الملتهبة غير الدقيقة". وأشارت الصحيفة إلى أن السلطات "تملكها الهوس مما جرى في مصر، حتى فقدت القدرة على التمييز السياسي". لكن الحكم على المعارضة أيضا قاس إذ اعتبرت أن "أنظمتها وبرنامج عملها وهيئات قيادتها واستحقاقاتها للخروج من الأزمة ما زالت مجهولة أو غامضة وغير واضحة". وعلى الصعيد الأمني تقوم القوات التونسية بعمليات في مختلف أنحاء البلاد ضد المسلحين المتطرفين وما يعرف باسم "التيار الجهادي" الذي يهدد تناميه بزعزعة استقرار تونس منذ الثورة. وواصل الجيش عملياته "الجوية والبرية" التي بدأها مساء الخميس في جبل الشعانبي الأحد من أجل "القضاء" على مجموعة مسلحة اتهمت بقتل ثمانية جنود الاثنين وترفض السلطات الإدلاء بأي تصريح حول تلك العمليات. وفي الأثناء أعلنت وزارة الداخلية التونسية مقتل مشتبه بتورطه في "الإرهاب" واعتقال أربعة آخرين خلال عملية نفذت اليوم الأحد قرب العاصمة تونس. وأوضحت الوزارة في بيان مقتضب أن "بعد تبادل كثيف لإطلاق النار تمكنت فجر الأحد وحدات أمنية مختصة، من القضاء على أحد عناصر مجموعة إرهابية وإصابة آخر مع إيقاف البقية وعددهم أربعة". وأضافت أن "الوحدات الأمنية تمكنت من مداهمة أحد المنازل لعناصر إرهابية خطيرة بجهة الوردية" بضواحي تونس العاصمة. وأعلنت الشرطة أيضا أنها أحبطت ليل السبت اليوم الأحد محاولة اغتيال سياسي استهدفت شخصية لم تكشف هويتها في سوسة واعتقلت "إرهابيين خطيرين" وضبطت أسلحة بينما تمكن ثالث من الفرار. وأفاد مصدر في الجمارك فرانس برس عن اعتقال مهربي أسلحة تونسيين بعد تبادل إطلاق النار في جنوب البلاد قرب بن قردان عند حدود ليبيا وضبط حمولتهم وجرح أحد عناصرهم.