بات مؤكدا ان حكومة حازم الببلاوي في مصر لن تضمّ أي عنصر من حركة الاخوان المسلمين والتيار الاسلامي عموما، فهي مزيج من جبهة الانقاذ وبعض وجوه حقبة حسني مبارك، وبعض الشخصيات التكنوقراطية. صبري عبد الحفيظ من القاهرة: باتت الحكومة المؤقتة في مصر شبه مكتملة، والتقى حازم الببلاوي، رئيس الوزراء المكلف بغالبية المرشحين للحقائب الوزارية، وبات في حكم المؤكد أنها لن تضم أية شخصية من جماعة الإخوان المسلمين، أو التيارات الإسلامية، وأنها ستضم وجوهاً من جبهة الإنقاذ، الفصيل الرئيسي للمعارضة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، إضافة إلى بعض الوجوه من نظام حسني مبارك، الذين يصفون ب"الفلول"، فضلاً على شخصيات تكنوقراطية. كما تضم أربع سيدات، ولم تضم سوى قبطي واحد هو منير فخري عبد النور، وزير الإستثمار. وسوف يحتفظ الفريق أول عبد الفتاح السيسي بمنصبه وزيراً للدفاع. ومن المتوقع أن تؤدي الوزارة الجديدة اليمين القانونية، أمام رئيس الجمهورية المؤقت، اليوم الثلاثاء أو الأربعاء على أقصى تقدير. الببلاوي معارض الإخوان وفقاً للتشكيل شبه النهائي للحكومة، فإن الدكتور حازم الببلاوي، الذي شغل منصب وزير المالية ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية في عهد حكومة عصام شرف، في العام 2011، سوف يكون رئيساً للوزراء، وهو واحد من منتقدي الرئيس "المعزول" محمد مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين، لكنه لم يكن منضوياً تحت لواء حزب معارض. ولعل من أشد انتقاداته للإخوان، جاءت في مقال له بعنوان "لماذا يؤيد الأمريكيون حكم الإخوان؟"، نشرته جريدة الشروق اليومية بتاريخ 8 مايو/ آيار من العام الجاري، قال فيه: "لماذا يريد الأمريكيون حكم الإخوان فى مصر الآن، وبشرط ان تكون لهم قاعدة شعبية معقولة؟ هذا هو السؤال. وقد طرحت هذا السؤال على نفسى، بعد ان تأكدت من خلال العديد من المؤشرات ان مقولة دعم الأمريكيين للإخوان لها ما يسندها. فلماذا إذن هذا الدعم الآن؟"، وأجاب على السؤال بالقول، أن سبب تفضيل أميركا لحكم الإخوان ذي الاتجاهات الإسلامية، هو منح إسرائيل المشروعية الشعبية، أو ما وصفها ب"بيجين". وقال: "لابد من «بيجين» جديد لمصر وللأمة العربية يؤكد لأبناء الأمة ان وجود إسرائيل ليس واقعا فحسب بل انه شرعى أيضا"، وأضاف: "لقد كانت الاتجاهات الإسلامية هى الأشد اصرارا ومقاومة للوجود الإسرائيلى، ورأت فى كل ما تحقق على أرض الواقع من اتفاقات أو معاهدات هو إخلال بالواجب الشرعى للمسلم. ولذلك فإن مشروعية إسرائيل تتطلب أيضا قبول هذه الاتجاهات الإسلامية لوجود إسرائيل ومشروعيتها". وتابع: "جاء الدكتور مرسى إلى كرسى الرئاسة بأصوات الأغلبية من الناخبين المصريين، وأعلن التزامه بجميع المعاهدات، وان السلام مع إسرائيل ليس محل مناقشة. واستمرت العلاقات بين البلدين تسير فى طريقها المعتاد، ولم تقم أزمة واحدة مع إسرائيل، وعندما قتل أحد الجنود المصريين على الحدود قبل اعتذارهم، وتم تفهم الظروف التى أدت إلى ذلك. وأرسل رئيس الدولة وفقا للاعراف الدبلوماسية رسالة إلى «صديقه العزيز» شمعون بيريز، وقامت مصر بالوساطة بين حماس وإسرائيل، وتعهدت حماس لأول مرة بعدم اطلاق صواريخ من غزة على إسرائيل. ورغم ان الرئيس فى مواقفه السابقة كان يرى فى اليهود، «ابناء القرة والخنازير»، فإنه يتعامل معهم الآن وفقا للأعراف الدولية واتفاقية السلام باعتبارهم دولة مجاورة". وزراء جبهة الإنقاذ تضم الحكومة الجديدة وجوهاً بارزة في جبهة الإنقاذ الوطني، الفصيل المعارض الرئيسي لنظام حكم محمد مرسي، فضلاً على زياد أحمد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء للشؤون الإقتصادية، وهو قيادي بالجبهة، ورفض منصب رئيس الحكومة. أحمد البرعي، وزيراً للتضامن الإجتماعي، وهو المتحدث باسم جبهة الإنقاذ السابق، ووزير القوى العاملة والهجرة في عهد حكومة الدكتور عصام شرف. كمال أبو عيطة، وزيراً للقوى العاملة والهجرة، وهو قيادي يساري، وقيادي بجبهة الإنقاذ، ورئيس إتحاد نقابات العمال المستقل، ومناضل من أجل الدفاع عن حقوق العمال، وخاض الكثير من المعارك مع نظام حكم الرئيس "المخلوع" حسني مبارك، مدافعاً عن حقوق العمال، ومنها قيادته لاعتصام موظفي الضرائب العقارية الشهير لمدة أكثر من ثلاثة أسابيع، أمام مقر الحكومة في العام 2008. منير فخري عبد النور، وزيراً للاستثمار، وهو قيادي ليبرالي، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، وقيادي في جبهة الإنقاذ، شغل منصب وزير السياحة في حكومة الدكتور كمال الجنزوري، ورفض الاستمرار في منصبه، عندما تولي الرئيس محمد مرسي الحكم. حسام عيسي، وزيراً للتعليم العالي، وهو أكاديمي يعمل أستاذا بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، ومن الوجوه الثورية، وقيادي في جبهة الإنقاذ، ورشحه الثوار أكثر من مرة لقيادة الحكومة الإنتقالية بعد رحيل عصام شرف في الأول من ديسمبر/ كانون الأول من العام 2011. إيناس عبد الدايم، وزيرة للثقافة، وشغلت منصب رئيس دار الأوبرا، حتى أطاح بها علاء عبد العزيز وزير الثقافة السابق، فانتقلت إلى صفوف المعارضة ضد الإخوان والرئيس محمد مرسي، وقادت اعتصاما لعزل الوزير من منصبه، لم ينته إلا بسقوط حكم الإخوان، وعزل مرسي في 3 يوليو/ تموز الجاري. عمرو الشوبكي، وزيراً للشباب، وهو باحث في الشؤون السياسية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستيراتيجية، وقيادي بجبهة الإنقاذ، ومعروف بموافقة المعارضة لنظام حكم الإخوان، وله مقالات ولقاءات تليفزيونية هاجم فيها الجماعة والرئيس "المعزول" محمد مرسي، بضراوة. وزراء عصر مبارك تضم الحكومة الجديدة وجوهاً بارزة في نظام حكم حسني مبارك، الذي أسقطته ثورة 25 يناير، الذين يوصفون ب"الفلول"، وهم: درية شرف الدين، وزيرة للإعلام، وهي إعلامية مصرية، عملت مذيعة بالتليفزيون، وشغلت عدة مناصب قيادية به، آخرها رئيس قطاع القنوات المتخصصة، كما شغلت منصب الأمين العام المساعد للمجلس القومي للمرأة في عهد مبارك. ويلقى ترشيحها للمنصب معارضة شديدة من قبل العاملين في وزارة الإعلام، الذين دشنوا حركة مناهضة لها أسموها "تمرد ماسبيرو". وقال محمد معروف، مخرج بالتلفزيون، وعضو الحركة ل"إيلاف"، إن درية شرف الدين، كانت قيادية بارزة في الحزب الوطني المنحل، مشيرة إلى أنها تقلت أرفع المناصب في عهد نظام مبارك، ومنها منصب الأمين العام المساعد للمجلس القومي للمرأة، وأضاف أن المناصب القيادية في هذا المجلس الذي كان يعرف ب"مجلس الهوانم"، كان التعيين فيها يتم من قبل سوزان مبارك شخصياً. ولفت إلى أن شرف الدين لم تحقق نجاحات في إدارة قطاع القنوات المتخصصة داخل ماسبيرو، ولم تحقق نجاحا في قناة المحور، عندما تولت إدارتها، وفشلت برامجها في عدة قنوات خاصة، وتم إلغائها. وأشار إلى أن هناك حملة توقيعات ضد توليها وزارة الإعلام، وترشيح اللواء طارق المهدي محافظ البحر الأحمر، وعضو المجلس العسكري، وزيراً للإعلام. ونبه إلى أنه حقق نجاحات لماسبيرو في فترة قصيرة جداً. أحمد درويش، وزيراً للتنمية الإدارية، وهي الحقيبة نفسها التي كان يشغلها في عهد الرئيس "المخلوع" حسني مبارك، ويلقى ترشيحه معارضة أيضاً، ورفض نادي النيابة الإدارية بالإسكندرية، ترشيحه للمنصب، وقال النادي في بيان له، "إن أحمد درويش، كان يشغل الوزارة في عهد مبارك، وعكس أداؤه السابق عدم القدرة والخبرة، خاصة في مشروعه لقانون الوظيفة العامة، الذي وضعه بديلا لقانون العاملين المدنيين بالدولة، فسلط سيوف دكتاتورية عهده على الموظف المتهم بأي مخالفة، بأن يوقف عن العمل فور إحالته للتحقيق، وهو ما يخالف مبدأ براءة المتهم حتى تثبت إدانته". عادل لبيب، وزير التنمية المحلية، وهو لواء سابق بجهاز أمن الدولة، وعمل محافظاً لقنا والبحيرة والإسكندرية في عهد حسني مبارك، ثم عاد محافظاً لقنا في عهد الرئيس "المعزول" محمد مرسي، إلا أن البعض مازال ينظر إليه بإعتباره جزء من نظام مبارك. وزراء عهد مرسي قررت بعض الوجوه الوزارية من عهد مرسي، الإستمرار في مناصبها، وهم وزراء تكنوقراط، ليست لديهم إنتماءات سياسية، وهم: عاطف حلمى، وزيراً للاتصالات، أحمد إمام وزيراً للكهرباء، رضا حافظ، وزيراً للانتاج الحربي، هشام زعزوع، وزيراً للسياحة. وزراء تكنوقراط تشمل الحكومة المؤقتة، عدداً من الوزراء التكنوقراط، ومنهم: نبيل فهمي، وزيراً للخارجية، بثينة كشك، وزيرة للتربية والتعليم، محمد عبدالمطلب وزيراً للري، أسامة عقيل وزيراً للنقل، رأفت النبراوي وزيراً للآثار، أحمد جلال، وزيراً للمالية، محمد فريد أبو حديد، وزيراً للزراعة، شغل المنصب نفسه في عهد حكومة عصام شرف. محمد أبو شادى، وزيراً للتموين، وكان يشغل منصب رئيس مباحث التموين، ليلى راشد، وزيرة للبيئة، أشرف العربي وزيراً للتخطيط، محمد مختار جمعة، وزيرا للأوقاف، مها الرباط وزيرة للصحة. بدون إسلاميين خلت الحكومة المؤقتة برئاسة حازم الببلاوي، من التيار الإسلامي، بعد أن رفض حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان، الإشتراك في الحكومة. قال جمال قرني، القيادي بحزب الحرية والعدالة، ل"إيلاف" إن الإخوان رفضوا الإشتراك في الحكومة، لأنها باطلة، مشيراً إلى أن الجماعة لا تعترف بالانقلاب العسكري على الشرعية وعزل الرئيس محمد مرسي. ولفت إلى أن ما بني على باطل فهو باطل، موضحاً أن الرئيس المؤقت باطل، والحكومة التي يسعى من وصفهم ب"الإنقلابيين"، لتشكليها باطلة، وأضاف أن أنصار مرسي مستمرون في الاعتصام والاحتجاجات السلمية إلى حين عودته للحكم، وعندها سيكون لكل حادث حديث، على حد قوله.