خمسة و ستون عامًا على حادثة البارجة ألتالينا التي كانت رمانة الميزان و نقطة الفصل في إستقرار الدولة العبرية التي أعلن عنها في 15 مايو العام 1948 و ما إن أعلن عنها فإذ بأول إختبار يواجهها عن طريق البارجة ألتالينا التي كادت أن تشعل حربًا أهلية بين زعماء بني صهيون مهددة حلم طال إنتظاره ألفا سنة عقب الخروج الكبير. تبدأ القصة بقرار أبو إسرائيل ديفيد بن جوريون بحل كل المنظمات القتالية السرية التي سعت طوال عقود مديدة لتأسيس الدولة و دمجها في بوتقة واحدة عنوانًا للدولة الوليدة ممثلة في جيش الدفاع الإسرائيلي و كانت تلك المنظمات السرية هي منظمة الهاجاناه أو الدفاع و منظمة إتسل (أرجون تسيفاي ليومي) أو المنظمة العسكرية الوطنية و منظمة ليحي بن شتيرن أو المقاتلين من أجل إسرائيل. إنضمت منظمة الهاجاناه و منظمة ليحي إلى الجيش الأم و لكن رفضت منظمة إيتسل و ذلك من خلال إعتراض الزعيم الإسرائيلي الفاشي مناحيم بيجين. كانت هناك عداوة قوية و ملموسة بين بيجين و بن جوريون و كلاهما يمتلك نظريته الخاصة لقيام إسرائيل فكان بن جوريون يميل لسياسة المهادنة و التفاوض أما بيجين فكان يميل للعنف و المواجهة و التصادم فإذ بكلتا المدرستين تتصادمان عند نقطة العراك بالبارجة ألتالينا و التي كانت تحمل شحنة أسلحة لمنظمة إيتسل قادمة من أوروبا و عند وصولها طلب بن جوريون من بيجين زعيم إيتسل أن يسلم العتاد العسكري إلى الحكومة. رفض بيجين طلب بن جوريون و أقترح بتقسيم العتاد بين منظمته و الحكومة و رد بن جوريون على إقتراح بيجين بتوجيه إنذار للمنظمة لتسليم الشحنة و أصر بيجين على موقفه مما جعل بن جوريون يقرر قصف السفينة ألتالينا و نفذ أمر القصف ملازم ثاني يتسحق رابين يوم 21 يونيه من العام 1948 و أسفر عن إنفجارها مقتل ستة عشر من ركابها و إصابة بضعة عشرات بجروح. (فيديو نادر عن حادثة البارجة ألتالينا) كان هدف بن جوريون توحيد الصفوف القتالية في الدولة العبرية حتى لا تندثر الدولة الوليدة التي لهثوا وراء بزوغها ألفي سنة و كان هدف بيجين تطوير منظمته التي فعلت الكثير و الكثير لإقامة الدولة و من أشهر المعارك التي خاضتها إيتسل مذبحة دير ياسين نقطة البداية لكتابة اسم إسرائيل في العام 1948 و هنا كانت المسألة بإقتراب دخول إسرائيل على حرب أهلية تكاد أن تودي بهذا المخاض العسير و قامت مناوشات خفيفة بين جيش الدفاع الإسرائيلي و إيتسل على خلفية الثأر و القصاص لمن ماتوا على البارجة و التي كان على متنها بيجين و كاد أن يفقد حياته لولا سرعته الفائقة في القفز في اليم كترتيب قدري لبقائه في تلك الأزمة. ظلت المقاومة المسلحة قائمة بين الطرفين بشكل محدود إلا أن جاء بيجين ليهديء الموقف و يبرد المشاعر الملتهبة خشية وقوع حربًا أهلية في ظل حرب إسرائيل مع البلاد العربية لأن الموقف يقر بتوحيد الصفوف لا بإنقسامها و في هذه اللحظة قرر بيجين حل منظمة إيتسل و الإندماج بجيش الدفاع الإسرائيلي نهائيًا ليُجنب إسرائيل شبح الإجهاض.