تفوق للجانرز.. تاريخ مواجهات اليونايتد وأرسنال في الدوري الإنجليزي    "قلبه كان حاسس".. منشور غريب من تيمور تيمور قبل وفاته    إلزام المؤسسات التعليمية بقبول 5% من ذوى الإعاقة في المنظومة.. اعرف التفاصيل    البورصة المصرية تربح 14.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي السفير الياباني والممثل الرئيسي لهيئة التعاون الدولي اليابانية «جايكا»    مصر تجدد رفضها تهجير الفلسطينيين وتدعو الدول لعدم المشاركة في الجريمة النكراء    وكيل الأزهر ووزير الثقافة.. غدًا تكريم الفائزين في مسابقة (ثقافة بلادي 2)    طقس يوم الاثنين .. حار نهارا ونشاط رياح يلطف الأجواء والعظمى بالقاهرة 35 درجة    حماة الوطن: بدأنا استعدادات مبكرة لخوض انتخابات النواب..وانتقاء دقيق للمرشحين    شرم الشيخ للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" في دورته 10    مرصد الأزهر: تعليم المرأة في الإسلام فريضة شرعية والجماعات المتطرفة تحرمه بقراءات مغلوطة    الأمم المتحدة: مقتل 1760 من الباحثين عن المساعدات    إنفانتينو عن واقعة ليفربول وبورنموث: لا مكان للعنصرية في كرة القدم    المجلس الوطني الفلسطيني: إدخال الخيام في غزة «مؤامرة ومقدمة للتهجير»    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    على خطى بالمر.. هل يندم مانشستر سيتي وجوارديولا على رحيل جيمس ماكاتي؟    أزمة الراتب.. سر توقف صفقة انتقال سانشو لصفوف روما    رئيس هيئة قناة السويس يوجه بصرف مليون جنيه دعما عاجلا لنادى الإسماعيلى    مصر تحصد ذهبية التتابع المختلط بختام بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة    الداخلية تكشف ملابسات تداول منشور تضمن مشاجرة بين شخصين خلافا على انتظار سيارتيهما بمطروح    عاجل| قرار وزاري جديد بشأن عدادات المياه المنزلي والتجاري    أمن قنا يكثف جهوده لضبط مطلقي النيران داخل سوق أبودياب    شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين    نقيب السكة الحديد: 1000 جنيه حافز للعاملين بالهيئة ومترو الأنفاق بمناسبة المولد النبي    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    انطلاق العرض المسرحي «هاملت» على مسرح 23 يوليو بالمحلة    25 باحثا يتناولون تجربة نادي حافظ الشعرية بالدراسة والتحليل في مؤتمر أدبي بالفيوم    أحمد سعد يغني مع شقيقة عمرو «أخويا» في حفله بمهرجان مراسي «ليالي مراسي»    رئيسة القومي للمرأة تهنئ المستشار محمد الشناوي بتوليه رئاسة هيئة النيابة الإدارية    136 مجلسا فقهيا لمناقشة خطورة سرقة الكهرباء بمطروح    «الرعاية الصحية» تطلق مبادرة NILE وتنجح في أول تغيير لصمام أورطي بالقسطرة بالسويس    «يوم أو 2».. هل الشعور بألم العضلات بعد التمرين دليل على شيء مفرح؟    مدير تعليم القليوبية يكرم أوائل الدبلومات الفنية على مستوى الجمهورية    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل إطلاق نار مع الشرطة بأسيوط    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    الأونروا :هناك مليون امرأة وفتاة يواجهن التجويع الجماعي إلى جانب العنف والانتهاكات المستمرة في غزة    وزير الصناعة والنقل يتفقد معهد التبين للدراسات المعدنية التابع لوزارة الصناعة    930 ألف خدمة طبية بمبادرة 100 يوم صحة في بني سويف    الصحة: 30 مليون خدمة طبية للمواطنين خلال النصف الأول من 2025    مركز تميز إكلينيكي لجراحات القلب.. "السبكي" يطلق مبادرة لاستعادة "العقول المهاجرة"    صحفي فلسطيني: أم أنس الشريف تمر بحالة صحية عصيبة منذ استشهاد ابنها    يسري جبر: الثبات في طريق الله يكون بالحب والمواظبة والاستعانة بالله    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    إصلاح الإعلام    ما الذى فقدناه برحيل «صنع الله»؟!    7 بطاركة واجهوا بطش الرومان وقادوا الكنيسة المصرية ضد تيار الوثنية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    "يغنيان".. 5 صور لإمام عاشور ومروان عطية في السيارة    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    «ميلعبش أساسي».. خالد الغندور يهاجم نجم الزمالك    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    هيئة الأركان الإيرانية تحذر الولايات المتحدة وإسرائيل: أي مغامرة جديدة ستقابل برد أعنف وأشد    نتنياهو: لا اتفاق مع حماس دون إطلاق الأسرى دفعة واحدة ووقف الحرب بشروطنا    راحة للاعبي الزمالك بعد التعادل مع المقاولون واستئناف التدريبات الاثنين    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    أخبار 24 ساعة.. إطلاق البرنامج المجانى لتدريب وتأهيل سائقى الشاحنات والأتوبيسات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ونيستون تشرشل .. التلميذ الفاشل حديث العالم الآن

قام البنك البريطاني بعمل شيئًا مهمًا كأداة مساعدة للتأريخ بجانب الأدوات الأخرى حتى يتم التأريخ في العالم بشكل منوع لتتعرف الأجيال القادمة تاريخ الأمم أية كانت جنسية هذا التاريخ و تأتي خطوة البنك البريطاني في تأريخه هذا من خلال وضع صورة السياسي و الزعيم و الخطيب المفوه الكبير ذو الشخصية المحيرة في مكنوناتها التي تشكلت حسب السياسة ما بين الحربين العالميتين رئيس الوزراء البريطاني (ونيستون تشرشل) الذي وضعت صورته على عملة الجنيه الإسترليني فئة (خمسة جنيه إسترليني) لتضعنا تلك الفئة الورقية في تساؤل و إيضاح عبر الإسترجاع (لماذا ونيستون تشرشل الآن؟!).
ولد (ونيستون تشرشل) يوم 30 نوفمبر من عام 1874 في قصر بلابنهام الشهير القريب من أكسفورد مقر حكام مقاطعة (مارلبورو) ، نشأ (تشرشل) في جو متنوع يحمل عبق الحروب و السياسة و الإنتصارات حيث جذوره تعمل بالسياسة منذ القرن الثامن عشر ليتسلم تشرشل فيما بعد راية العمل السياسي و تختاره الأقدار ليجعل اسم عائلة (تشرشل) ملء السمع و الأبصار ، كان تشرشل محبًا للقراءة و نمت أمه تلك الموهبة في قلبه لنجد أن هذا الإعداد كان من تدابير الأقدار ليكسب العالم بعد ذلك رسامًا و كاتبًا و أديبًا و خطيبًا مفوهًا لازالت خطبه و أقواله المأثورة مضرب الأمثال و الحكم في مواقف الحياة المتلاطمة كأمواج البحر.
(تشرشل و نظرات التحدي التي عرف بها منذ شبابه)
ما أغرب الحياة حينما يتم الحكم على البشر حسب الظاهر دون الغوص في عمق النفس البشرية لنرى مكنوناتها المدفونة في دواخل الإنسان و في حاجة من ينقب عنها كالبترول و أجهزة التنقيب لدواخل الإنسان تأتي من تجارب الحياة حتى يكتشف الإنسان دواخله عبر شخصيته و بنفسه ليقيم نفسه ماذا يجيد و في ماذا يصلح و هنا كان الحكم على (تشرشل) في حياته الدراسية بأنه فاشل لن يفلح في الحياة و سيكون في صفحات النسيان و المجهول لضعفه الدراسي و لتلعثمه في الكلام و لعدم قدرته على التفنن في الحوار و الكلام في الحياة العادية و تأكد فشله في المرحلة الثانوية حيث لم يستطع الإنتقال إلى صفوفها العليا إلى جانب إستخدامه للعامية الإنجليزية دون الأخذ في الإعتبار لأدبيات الكلاسيكية الإنجليزية في قواعدها الخاصة.
كل هذه المعطيات تعطي لنا من الوهلة الأولى التنبؤ بمخرجات مخيبة للآمال لشاب كتب عليه بأمر الحتمية النسيان و لكن ما قاله (تشرشل) و هو السياسي الناجح ينطبق على حياته بين براثن الفشل حينما سُئل:
(ماذا يعني لك النجاح؟)
فرد قائلاً:
النجاح هو الإنتقال من فشل إلى فشل دون أن نفقد الثقة في ذواتنا و قدراتنا.
هذا ما طبقه تشرشل في شبابه حينما كان يبحث عن ذاته التائهة بين التقاليد الإنجليزية العتيقة المتجمدة المضادة للتجديد و ذلك بإلتحاقه بالمدرسة الحربية الملكية بعد فشله في المدرسة الثانوية ليعطي لنا درسًا هامًا أن لا مكان للفشل ما دام الإنسان يسعى و يحاول و يعافر للوصول إلى النجاح و تخرج تشرشل من المدرسة الحربية الملكية عام 1894 و هو في العشرين من عمره و عالج مسألة تلعثمه في الكلام و الخوف من مواجهة الناس بتدريب نفسه على القراءة بصوت عالٍ لصفحة ثم إثنان ثم كتاب كامل ليكسب ثقة المواجهة و المجابهة و التفنن في مقولات مأثورة في ذاكرة الحكم و الأمثال.
شارك تشرشل في أول مهامه العسكرية مع الجيش الإسباني في محاربته للإستقلاليين الكوبيين بقيادة (رسول الحرب الكوبية الإستقلالية) (خوسيه مارتي) الذي مات في أحد المعارك أثناء تلك الحرب عام 1895 و تشبع تشرشل بجو يحمل عبق المغامرة الحربية و السليقة العسكرية و النفحة الأدبية في تلك الحرب التي قادها الفيلسوف و الشاعر و الكاتب و السياسي الديمقراطي الجمهوري (خوسيه مارتي).
إنتقل تشرشل بعد ذلك من بلاد أمريكا اللاتينية بتنوعها الثقافي إلى الهند ذات سحر الشرق و إستفهامات الثراء الأسيوي وذلك ليخدم في الجيش البريطاني الذي كان مستعمرًا الهند و قضى بالهند مدة طويلة و أعتبر التجربة الهندية في حياته بمثابة مدرسة تربوية و تثقيفية ذاتية حيث قضى معظم وقته في القراءة من خلال صناديق الكتب التي كانت ترسلها له أمه لينهل من بحر المعرفة و يتأثر بكتاب عظام ساهموا في تشكيل عقلية عسكرية ليست بالقحة بل مرنة و مثقفة ليكون أصدقائه في الهند (ليو تولستوي – شارلز داروين – فيكتور هوجو – وليم شكسبير) بمثابة الدليل السحري لمهام الحياة الصعبة بل و المستحيلة.
تتوالى أمواج الحياة في تنقل مصائرنا من موج إلى موج لينتقل ونيستون تشرشل من الهند إلى السودان حيث شارك في حرب (الخرطوم) في أواخر تسعينات القرن التاسع عشر ضد الأسرة المهدية التي أرادت تحرير السودان من الإستعمار البريطاني و بعد ذلك إنتقل من السودان إلى جنوب أفريقيا حيث موطيء كل من يعرف طعم العنصرية و مكمن الجهاد لكل من يريد التحرر منها و هناك عمل (تشرشل) بجانب جنديته مراسلاً حربيًا لمجلة (مورنينج بوست) حيث كان ينقل أخبار القتال الدائر في جنوب أفريقيا في الحرب التي عُرفت ب(حرب البوير) عام 1899 و أثناء تلك الحرب تعرض للإعتقال على يد الجنود الأفارقة من خلال قبائل (الزولو) الشهيرة في جنوب أفريقيا و من خلال قوات (البوير) الأفارقة المنحدرين من أصول هندية و لكنه تمكن من الفرار و عاد للجندية مرة أخرى و في عام 1899 قام تشرشل بإصدار أول مؤلفاته (حرب النهر) و التي أرخت لحرب العائلة المهدية بالسودان حيث كان أول من تطرق بالتأريخ لتلك الحرب و ليولد تشرشل الكاتب الذي خدم فيما بعد تشرشل السياسي.
كانت تلك المرحلة الأولى في حياة تشرشل هي المرحلة العسكرية التي أثقلته بالكثير و الكثير ليأتي عام 1900 لينتقل من المرحلة العسكرية إلى المرحلة السياسية بإنضمامه إلى حزب (المحافظين) الإنجليزي لينتخب عضوًا في مجلس العموم و لكن لم يستمر (تشرشل) في هذا الحزب لينتقل إلى حزب (الأحرار) عام 1904 لنشوب خلافات بينه و بين أعضاء حزب (المحافظين) و دخل (تشرشل) البرلمان من خلال حزب (الأحرار) حيث مول من أمواله الشخصية حملته الإنتخابية من خلال المال الذي جمعه من المحاضرات التي ألقاها بالولايات المتحدة الأمريكية حيث جذور أمه و التي روى فيها قصة دخوله المعتقل و هروبه منه أثناء حرب البوير التي حملت في طياتها نفحات الثقافة و الإثارة.
في عام 1908 ابتسم الحظ للتلميذ الفاشل بإختياره وزيرًا للتجارة ثم وزيرًا للداخلية عام 1910 ثم وزيرًا للبحرية عام 1911 و في عام 1914 إندلعت الحرب العالمية الأولى و كان تشرشل وراء حملة الحلفاء على الدردنيل لعزل تركيا عن أوروبا حينما كانت الخلافة العثمانية في بداية نهايتها و فشلت تلك الحملة التي كان صاحب رؤيتها و تنفيذها تشرشل لوجود مقاتلاً كالذئب الأغر و هو (مصطفى كمال أتاتورك) الذي أصبح فيما بعد أبو الأتراك بتأسيسه للجمهورية العلمانية التركية مكان الخلافة العثمانية و بسبب فشل تلك الحملة تقدم (تشرشل) بالإستقالة عام 1915 و شعر من خلالها بنهاية حياته السياسية خاصةً بعد رفض حزب المحافظين إستمراره قائدًا للقوات البحرية و هنا إنصرف تشرشل لهواية القراءة و الكتابة و تعلم الرسم أيضًا حتى لا يستسلم للفشل الذي حاول أن يقتلعه من إرادته دون جدوى.
(ونيستون تشرشل و أقواله المأثورة التي أشتهر بها)
في عام 1916 عاد تشرشل للعسكرية مرة أخرى و الحرب العالمية الأولى تقترب على سمفونية الختام ليأتي عام 1917 و تشرشل يتولى منصب (وزير الإمدادات الحربية) حتى عام 1919 و أثناء هذان العامان كان لتشرشل دور كبير في إقناع وزير الخارجية البريطاني ثم رئيس الوزراء (آرثر بلفور) في تقديم وعده الشهير عام 1917 في نوفمبر لليهود بجعل فلسطين وطنًا لهم و كان تشرشل من أكثر المناصرين لقضية اليهود و بحثهم عن دولة حيث جاء عام 1920 ليكون نقطة التحول في تاريخ اليهود بمساعدة العالم الألماني (ألبرت أينشتاين) عام 1920 بجمع أكبر كم من التبرعات التي جاوزت المليون جنيه إسترليني لتأسيس الجامعة العبرية و التي حضر وضع أسسها هو و أينشتاين في نفس العام و كان وقتها تشرشل وزيرًا للدولة حيث تولى هذا المنصب من عام 1919 حتى عام 1921.
(تشرشل علامة تجارية لأفخر أنواع السيجار)
كان لتشرشل دورًا كبيرً في تطوير القوات الجوية أثناء الحرب العالمية الأولى و بعدها ليعوض إخفاق وزارة الحربية عام 1915 و يمتن له اليهود عام 1925 بعد تأسيس و افتتاح الجامعة العبرية بالقدس على الرغم من مروره بفترة إضطراب سياسي عام 1922 بعد توليه وزارة المستعمرات لحكومة الإنتداب البريطاني بفلسطين و الذي أصدر من خلالها (الكتاب الأبيض) عام 1922 الذي ينص على أن فلسطين سيخصص منها جزء لليهود على ألا يؤثر ذلك على الثقافة العربية و التراث العربي للعرب مما يؤدي إلى الفكرة التي تم الإستعانة بها فيما بعد عام 1947 بقرار الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين بين العرب و اليهود الذي رفضه العرب و قامت حرب فلسطين عام 1948.
سقط (تشرشل) في الإنتخابات البرلمانية و إبتعد عن السياسة و لو بشكل مؤقت و أخذ ينتقل بين حزب المحافظين و حزب الأحرار مع توليه بعض المناصب الوزارية لكنه شعر بأن صلاحياته أخذت تتقلص مما أدى إلى إبتعاده عن السياسة لمدة عشر سنوات من عام 1929 و حتى عام 1939 و مارس من خلال تلك السنوات العشرالعجاف الرسم و الكتابة و القراءة و كان يستشار بآرائه السياسية خاصة حول سياسة المستعمرات البريطانية بالهند و مدى معارضته الشديدة عام 1932 لسياسة غاندي (المقاومة السلمية) التي تسببت في خسائر اقتصادية كبيرة لبريطانيا إلى جانب تشجيعه لأساليب بريطانيا القمعية بكينيا التي إستعمرتها أعوامًا مديدة خاصةً ما كان يمارس ضد منظمة (ماو ماو) الكينية التي كانت تنتهج أساليب القتل و السطو و سبي النساء الإنجليزيات من أجل تحرير كينيا.
ظل (تشرشل) بعيدًا عن السياسة و أصبح منعزلاً يكتب أعماله التاريخية و الفكرية حتى لا ينضب العقل عن التفكير و لا يصدأ عن الإبتكار حتى جاءت الحرب العالمية الثانية عام 1939 التي أشتعلت من خلال (ليبسنج) القرية الألمانية و يفشل رئيس الوزراء البريطاني (تشمبرلن) في تجنيب بريطانيا الدخول في الحرب العالمية الثانية خاصةً بعد دخولها لتلك الحرب هي و فرنسا جراء هجوم هتلر على بولندا و هنا شعر الإنجليز أن تشمبرلن ليس رجل تلك المرحلة و أن لكل مرحلة رجالها و جاءت تلك المرحلة لتعيد (ونيستون تشرشل) لعالم السياسة و الحرب ليتولى عام 1940 وزارته التي أعلن عنها بأنها وزارة حربية ليخرج من شرفة مكتبه عقب توليه المسئولية على الشعب البريطاني مستخدمًا براعته الخطابية قائلاً لهم:
ليس لدي ما أقدمه لكم سوى العرق و الكفاح و الدماء و الدموع.
كان لتشرشل دورًا كبيرًا في إحتضان المقاومة الفرنسية لشارل ديجول باسم حكومة (فرنسا الحرة) لمقاومة النازية الألمانية التي أحتلت فرنسا و كانت حكومة فيشي برئاسة (فيليب باتان) تحت إمرة الحكم النازي الألماني لفرنسا و جعل إذاعة البي بي سي في خدمة خطب (ديجول) التي كان يرسلها للشعب الفرنسي و للجاليات الفرنسية والمستعمرات الفرنسية في بقاع مختلفة إلى جانب أنه أستخدم اللكنة الإنجليزية الأمريكية لمعرفته للمزاج الأمريكي لإقناع (فرانكلين روزفلت) الرئيس الأمريكي رقم 32 في أن يدخل الحرب العالمية الثانية إلى جانب نجاحه بأن تمد أمريكا لأوروبا السلاح و العتاد مع تكوينه لجبهة الحلفاء (المملكة المتحدةفرنسا – أمريكا – الاتحاد السوفيتي) و كانت هناك مؤتمرات ما بين طهران و يالطا لمناقشة كيف يتم النصر ضد قوات المحور ليرسل فرقتين عام 1942 من الجيش البريطاني لمحاربة الألمان في العلمين و تنتصر الجيوش البريطانية بقيادة الجنرال (منتجومري) و يجهض تشرشل محاولة ألمانيا لإحتلالها بريطانيا بعد تعرض بريطانيا لأكثر من هجمة جوية من الجوية النازية و يتأكد النصر عام 1945 بعد هزيمة هتلر النهائية و التي أتت من اللعنة السوفيتية التي أصابت بروسيتها من قبل (نابليون) و تنتصر أمريكا بقنابلها الذرية على اليابان في عهد الرئيس رقم 33 (هاري ترومان) و كان لتشرشل محاولات لوقف المد الشيوعي لأوروبا و التي أجهضها له (ترومان) حتى يوجد (الحرب الباردة) التي بدأت من عام 1949 بعد دخول (الاتحاد السوفيتي) لحزمة الدول النووية و الذرية لتظل أمريكا قوة كبرى في العالم.
في عام 1945 شعر تشرشل بالنصر و المرارة في نفس الوقت فشعوره بالمرارة أتى من فشله في إيقاف المد الشيوعي لأوروبا و هنا سقط تشرشل في انتخابات البرلمان البريطاني و تولى السلطة حزب العمال بقيادة (كليمينت إتلي) و حينما سُئل الشعب البريطاني:
لماذا لم تختاروا تشرشل؟
فكان الرد:
لقد أتى لنا بالنصر من الحرب و إتلي سيأتي لنا بالسلام.
زاول بعد الإعتزال الرسم و الكتابة و القراءة و هي دائمًا طوق النجاة لعقله الذكي الذي لا يعرف الراحة و لا الإستسلام و جاء عام 1951 ليتولى (تشرشل) رئاسة الوزراء و يقتنصها من (إتلي) و يشارك في تتويج الملكة (إليزابيث) ملكة بريطانيا و هي على العرش البريطاني عام 1952 بصفته يحمل لقب (فارس) و يأتي عام 1953 ليحمل له مكافأة هامة لكونه أديب بفوزه بجائزة نوبل للآداب عن مجمل أعماله التاريخية و الفكرية و خاصة مؤلفه عن (الحرب العالمية الثانية) ذو الأجزاء الست و الذي كتبه من عام 1948 و حتى عام 1953.
في عام 1955 فشل (ونيستون تشرشل) في حل أزمات بريطانيا الاقتصادية فكان تشرشل ناجحًا في السياسة فاشلاً في الاقتصاد خاصةً و أنه ذو نظرية طبقية أرستقراطية جعلته لا ينظر لعموم الشعب ليكون الإخفاق حليفه لكن هذه المرة يستقيل حتى لا يقع في فخ سقوط الإنتخابات عام 1955 ليراقب عن كثب ما يدور حول العالم خاصةً بعد الحرب الباردة التي دارت عجلاتها بين أمريكا و الاتحاد السوفيتي و يحضر جلسات مجلس العموم البريطاني حتى عام 1964 و يدلي بدلوه حول ما يحدث في كينيا بعد تفاقم الأزمة بين ماو ماو و الجيش البريطاني و يظل تشرشل يعطي لبريطانيا إلى أن وافته المنية عام 1965 في 24 يناير عن عمر يناهز التسعين و تتسم جنازته بالرسمية و الشعبية و كان المذيع الذي أذاع الجنازة هو الفنان البريطاني الشهير (لورانس أوليفيه) الذي أضفى على الجنازة جوًا من الرصانة و العفوية.
إن تشرشل بإحياءه على العملة البريطانية يجعلنا نعرف الإجابة التي قالها شوقي في قصيدته:
الناس صنفان موتى في حياتهمو و أناس في بطمن الأرض أحياء
تلك الخطوة حولت تشرشل من ماركة تجارية إلى ماركة اقتصادية و سياسية حيث كان تشرشل علامة تجارية لأنواع السيجار الفاخر نظرًا لتدخينه للسيجار و جاءت صورته على العملة الورقية كحالة تنبؤية بإقتراب العالم على حربًا عالمية ثالثة.
جنازة الزعيم و السياسي الكبير ونيستون تشرشل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.