الحلم العربي .. حلم سعت إليه أجيال وراء أجيال لتحقيقه في السياسة والاقتصاد وأخيرا في أسواق المال،كان من السهل تحقيقه فهو ليس مستحيلا ما دام تحقيقه مباحا، لكنه كان يواجه عقبات كثيرة تؤدي دائما الى الفشل . والبورصة العربية الموحدة حلم من الاحلام العربية المتوالية، يطمح رجال أسواق المال إليه ،حيث كانت هناك فكرة سابقة في 2007 ولكنها فشلت .. والآن الكثير من مسئولي ومتعاملي بورصات المنطقة يحلمون بتكوين كيان موحد للبورصات العربية، لتعزيز استثمارات الاسواق العربية عبر التداولات المتبادلة. والفكرة رغم جداوها الاستثمارية في المنطقة إلا إنها لم تجد اهتماما بالقدر الكافي لتفعيلها سواء من المسئولين الماليين أو قيادات الدول العربية وانصب اهتمامهم على الشأن الداخلي فقط بعد الأحداث غير المستقرة التي تعرضت لها عدد من دول المنطقة فيما عرف بثورات الربيع العربي . ومع تجدد الآمال نحو تنفيذ هذا المشروع في الفترة الحالية بعد اعلان منتدى القطاع الخاص العربي بالرياض الإعلان عن تأسيس مشروع البورصة العربية المشتركة كأول سوق رأسمال عربية بحجم استثمارات متوقعة تبلغ نحو ثلاثة تريليونات دولار، لإقامة بورصة سوق مال عربية مشتركة بمواصفات عالمية، وتوفير جانب يضم مشاريع نوعية. وهذا الاعلان دون تناول جوانب تنفيذ الافكرة الاساسية على أرض الواقع،اثار العديد من تخوفات الخبراء . أكد عدد من خبراء سوق المال أن طرح اية قضايا ومشاريع اقتصادية دون تناول جوانب ومحاور تنفيذها على أرض الواقع تعتبر مقترحات بلا جدوى اقتصادية، مؤكدين أن تحقيق الجوانب المرجوة والأهداف الرئيسية من أية مقترحات لابد أن تتناول أبرز متطلباتها بصورة مبسطة مع وضع وسائل تحقيقها وتوفيرها قبل المضي والإعلان عنها . وأضاف الخبراء أن مشروع البورصة العربية المشتركة في صورتها الحالية دون جوانب تنفيذها يعتبر حلقة جديدة من مسلسل السقوط العربي في تدشين قضايا ومؤسسات عديمة الفائدة على غرار جامعة الدول العربية في الصعيد السياسي والتي ينعدم دورها بصورة واضحة في حل معوقات ومشاكل القضايا العربية،مضيفين أن حجم استثمارات المشروع والذي قدر بنحو ثلاثة تريليونات دولار يعتبر مجرد توقعات ليست اكثر . أكد هشام توفيق،رئيس مجلس ادار شركة عربية اون لاين للوساطة في الأوراق المالية أن الفكرة المطروحة لتأسيس مشروع بورصة عربية مشتركة تعتبر ساذجة تنعدم بها مؤشرات النجاح في حالة المضي في تطبيقها في ظل انعدام تناول جوانب تنفيذها وعدم وضع أطر واقعية لتأسيسها . وأضاف أن الفكرة تعتبر بمثابة حلم نبيل يراود من طرحوه، دون الالتفات إلى العديد من الاختلافات والمشاكل اللوجستية في البورصات والدول العربية بشكل عام والتي تتمثل في الشكل السياسي والاقتصادي الذي يختلف من دولة لأخرى بالاضافة إلى اختلاف القوانين الخاصة بأسواق المال فضلا عن طبيعة الآليات المطروحة في تلك الاسواق . وأوضح أنه على الرغم من وجود سوق اوروبية مشتركة و عملة موحدة تتعامل بها معظم الدول الاوروبية الا انه لا يوجد بورصة واحده جامعة لكل البورصات الاوروبية، بينما في المنطقة العربية لا توجد سوق مشتركة على الأقل حتى تساهم في تدعيم فكرة انشاء بورصة موحدة . وأشار الي ان هناك بعض المؤشرات التي يمكن تنميتها نحو تحقيق عملية التكامل بين البورصات، يتمثل ابرزها في تواجد بعض شركات الوساطة في الوطن العربي تقوم بدور شبكة للتواصل في أغلب البورصات العربية عن طريق تقديم خدمة التداول في البورصات الاجنبية،وتعتبر تنمية هذا المجال بمثابة الحل الأنسب نحو تحقيق التكامل بين اسواق المال العربية . واعتبر محمد الصهرجتي، العضو المنتدب لشركة سوليدير مشروع إنشاء بورصة عربية مشتركة فكرة جيدة في ظل احتياج الدول العربية لتفعيل مزيد من التعاون والتكامل الاقتصادي، ولكن تتطلب تلك الفكرة ضرورة اختيار عنصر التوقيت المناسب قبل الانخراط في تنفيذها لتحقيق العوائد الايجابية المنتظرة من ورائها . وتوقع أن يقدم المشروع قيمة مضافة لكل الدول العربية وبشكل خاص للاقتصاد المصري الذي تعرض لحالة معاناة كبيرة خلال الفترة الاخيرة نتيجة تسارع وتيرة الاحداث السياسية في حالة وضع اطر جوانب تنفيذها على الواقع الفعلي . واضاف أن الاوضاع السياسية خاصة بعد ثورات الربيع العربي لا يجب أن تقف عائقا أمام الأعمال الاقتصادية الهامة مثل انشاء البورصة المشتركة ، موضحا أنه من الواجب أن نولي الجانب الاقتصادي لدول المنطقة اولوية كبيرة والمضي نحو تبني مثل تلك الأفكار الداعمة لاقتصاديات شريحة كبيرة من الاسواق . وفيما يخص شكل التداول في البورصة العربية الموحدة،أشار إلى ضرورة العمل والتنسيق فيما بين أنظمة التداول وتفعيل الآليات المتشابهة والعمل على وضع قانون مالي موحد لهذه البورصة المشتركة تحكم طبيعة عملها وطرق القيد بها، متوقعا ان يغلب على البورصة المشتركة طابع المعاملات الاسلامية في ظل تنامي هذا الاتجاه بصورة واضحة الفترة الأخيرة . وأوضح أن الفترة الماضية شهدت سعي بعض الاسواق نحو تفعيل بورصات ثنائية الجهات ولكنها لم ترتق الى بورصة مجمعة للبورصات العربية ولم يكن هناك مجهود واضح على ارض الواقع . واتفق معه محمد ماهر، العضو المنتدب لشركة برايم القابضة للاستثمارات المالية على أن الفكرة تعد فكرة واعدة ومجدية لاقتصاديات الدول العربية لكنها ستواجه عددا من المعوقات أبرزها تذبذب العملات العربية أمام الدولار مما يمثل خطورة على أسعار الأسهم اذا تم الاتفاق على التداول بالدولار. وأكد أهمية قيام البورصات الخمس الكبار الممثلة في مصر و قطر والكويت والبحرين والسعودية بدراسة الفكرة و بلورتها وتوفير البنية الاساسية والتقنيات اللازمة لإنجاح المشروع و ضمان عدم تكرار فشله في 2007 . اضاف ان تلك الفكرة ليست جديدة حيث تواجد مشروع مماثل لتلك الفكرة في مصر منذ 6 سنوات لكنه تعرض للفشل نتيجة عدم التخطيط الجيد والاوضاع السياسية التي كانت قائمة حينها . واستبعد أن تتسم تعاملات البورصة المشتركة في حالة إتمامها بالطابع الإسلامي في ظل اختلاف الرخص المالية التي تتعامل بها كل بورصة والطبيعة الاجتماعية والسياسية ايضاً . وأضاف أن هذا المشروع سيكون له قيمة مضافة على الاقتصاد المصري عن طريق إتاحة الفرصة لأسهم الشركات بالتداول في السوق المصرية مما يؤدي الى تنشيط حركة التداولات بصورة كبيرة .