أوضح طارق فهيم، أمين عام حزب النور السلفي، إن حزبه رفض الحصول على أية تمويلات أجنبية، على الرغم من كونها متاحة من عدد من الدول الخليجية وبعض الدول الأخرى، درءًا للشبهات، مؤكدًا أن روؤس أموال الحزب هي في الأساس نابعة من كوادره البشرية القادرة عل وضع استراتيجيات عامة للنهضة الاقتصادية في مصر.. كاشفًا في الوقت ذاته عن عروض أمريكية وماليزية تلقاها الحزب للمساهمة في التأسيس لإقتصاد قوي في مصر. قال، في حواره مع "أموال الغد" : لو كان لدينا تمويلات من المملكة العربية السعودية لم نكن في مثل هذا الوضع الآن، فالحزب مديون لأكثر من جهة، أبرزها مديونية جريدتي النور والفتح، التابعتين للحزب، لمؤسسة الأهرام، فضلا عن مديونيته لبعض المشايخ.. ونستطيع بالفعل أن نحصل على تمويلات كبيرة من الداخل والخارج، مثلما يفعل الكثيرون، فالتمويل مُتاح بالفعل، وعرض علينا الأمر، لكننا نرفضه كلية لدرء الشبهات.. وإلى نص الحوار : في بداية ظهور السلفيين على الساحة السياسية، أبدى الجميع تخوفهم، لكن مع مرور الوقت تغيّرت الصورة، كيف ترى وضع حزب النور الآن داخل الشارع المصري عقب حملات تشوية مُتعمدة من قبل؟ لم يخش الناس في البداية، عقب الثورة، من حزب النور، لكن الإعلام أسهم في جعل السلفيين "بُعبع" يقف أمام شهوات المصريين وليس "مصالحهم"، لكن الشعب المصري ذكي جدًا، واستطاع أن يُحلل الموقف جيدًا، فكان لديه العديد من "التساؤلات"، والتي أجبنا عنها جميعها في بداية المرحلة، وأسهم هذا الحوار في تغير تلك الصورة الذهنية السلبية التي بثها الاعلام عنا.. اعتمدنا على الحوار في كل شئ، حتى الصحف التي كانت تشن حربًا كبيرة علينا، وكانت تعد الأكثر عداءًا للسلفيين وحزب النور جلسنا وتحاورنا معهم، وعرضنا استراتيجياتنا ووجهات نظرنا بشأن كافة الأمور، وكانت النتيجة أن بدأت نبرة الهجوم تقل كثيرًا، خاصة أننا نؤكد دومًا أن الحزب لديه ثواب لن يتنازل عنها، لكن في الوقت ذاته هناك العديد من المتغيرات التي تتغير مع الزمان والمكان والأشخاص، فالفتاوى تتغير والثوابت لا تتغير مطلقًا. وما طبيعة الحوار بينكم وبين جماعة الإخوان المسلمين، باعتبارها الفصيل الأكبر على الساحة السياسية الآن، خاصة أن جدلا موسعًا قد أثير حول صفقات أبرمت بينكما؟ نؤمن جدًا أن جماعة الإخوان المسلمين أحد فصائل التيار الإسلامي التي واجهت ضغوطا كثيرة خلال المرحلة السابقة، وتم التضييق عليها لأبعد الحدود، حتى خلال المرحلة الحالية، فإن هناك اتهامات لها بأنها تريد أن تستأثر بالساحة السياسية، وأن تكون "حزب وطني جديد".. والتعاون الدائر بيننا وبين الجماعة ليس صفقة كما يقول البعض، لكنه نوع من أنواع التنسيق فيما بيننا، وهو التنسيق الذي حدث أيضًا مع عدد من الأحزاب والقوى السياسية الأخرى ذات التواجد على الساحة السياسية، بما يصب في الأخير في صالح الوطن. هل سار السلفيون في ذيل الجماعة في بداية المرحلة الانتقالية، خاصة في استفتاء مارس، خاصة أن التيار السلفي لم يكن جاهزا لخوض الحياة السياسية وقتها، مقارنة بالإخوان التي كانت تعمل بالسياسة من قبل؟ على العكس تمامًا، إن وجودنا بالساحة السياسية كان قبل الإخوان نفسها، فالشيخ حسن البنا نفسه، مؤسس الجماعة تربى على يد الشيخ رشيد رضا ومحب الدين الخطيب وهما مؤسسين الدعوة السلفة في مصر في الأساس، كما أن البنا قد وصف الجماعة على أنها "جماعة دعوة سلفية"، بما يعني أنه تأثر بأفكارهم، لكنه سلك طريقًا استراتيجيًا وحده، وبدأ يعمل فيه حتى شكّل الإخوان المسلمين، بهيكلها التنظيمي.. وفي بدايات السبعينات تولدت الجماعة الإسلامية من داخل الإخوان المسلمين، وكان القائمين عليها هم السلفيين الحاليين، وأبرزهم الشيخ أبوزيد محمد، رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفية، والشيخ محمد إسماعيل المقدم، الأب الروحي للسلفيين، و محمد حسين، ووجدي غنيم، والجيل التاني إبراهيم الزعفراني، وياسر التهامي، وأحمد حطيبة، وغيرهم، كونوا الجماعة الإسلامية التي كان شعارها هو شعار الإخوان الحالي (السيفين والكتاب). التعاون مع الاخوان المسلمين في استفتاء مارس كان "تنسيق" ولو لم نكن ننسق فيما بيننا سوف نكون مخطئين بصورة كبيرة. وما الفرق بين رؤيتكم السياسية ورؤية الإخوان؟ الإخوان المسلمين يعملون بقاعدة أن التغيير يبدأ من الاعلى للأسفل، إلا أننا نعمل بقاعدة أن التغيير يأتي من قاع الهرم وليس من قمته، وهو ما حدث بالفعل خلال ثورة 25 يناير، والتي لم تكن بلا قائد، وهب من هم في قاع الهرم في ثورة ضد من هم في قمته، للمطالبة بالتغيير، ولذا شارك فيها كثير من السلفيين، بل كان السلفيون أنفسهم أول من قاموا بعمل لجان شعبية. ننتقل للملف الإقتصادي، تتمتع جماعة الإخوان المسلمين بأذرع إقتصادية هائلة، يترأسها المهندس خيرت الشاطر وحسن مالك، فأين رجال الأعمال والاقتصاد السلفيين؟ للأسف الشديد، فإن أنصار الدعوة السلفة قد واجهوا جملة من حملات التضييق عليهم خلال المرحلة الأخيرة، فكان النظام السابق يتعمد إقصائهم دومًا، وفي كل بادرة، فكان لا يمكن أن يتقدم لوظيفة حكومية شخص ملتح إلا بعد أن يتم الكشف عنه في أمن الدولة، ولم يكن مسموح وقتها لأي شخص له "مظهر إسلامي" بأن يكون له أي شأن إقتصادي، ولك فيما حدث للريان وأشرف السعد آية، على الرغم من وجود أخطاء لهما، لكن السعد على سبيل المثال قد أسهم في توفير فرص عمل كثيرة وكان سيحقق طفرة في الاقتصاد المصري بمشروعاته.. ولذلك كله لم يكن للسلفين ذراع إقتصادية أو مليارات الجنيهات، واعتمدنا في الأساس على الصناعات الصغيرة والمتوسطة، والتجارة، والمقاولات. وما مصادر تمويل حزب النور؟ ليس لدينا روؤس اموال ضخمة بالمليارات، لكن روؤس أموالنا هي الكوادر البشرية التي تستطيع أن تضع الرؤى والخطط لنهضة البلد الاقتصادية بشكل عام.. كما أن لدينا مجموعة من السلفيين الذين يعملون في مجالات المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لكن أسمائهم غير معروفهم، خاصة أن أنشطتهم ليست بالمليارات كما أشرت. والدليل على أن الكوادر البشرية هم أهم روؤس أموال حزب النور، فإن أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف التجارية، عندما وضع بمشاركة أعضاء الغرف الدستور الإفتصادي، جاء لحزب النور كي يعرض عليه هذا الدستور، ويعرف موقفه بشأنه، فقام أعضاء الحزب بالتعليق عليه، وتحديد مواد الخلاف التي لا تتفق مع رؤية الحزب واستراتيجيته. لكن هناك اتهامات للحزب بتلقي دعم من المملكة العربية السعودية.. لو كان لدينا تمويلات من المملكة العربية السعودية لم نكن في مثل هذا الوضع الآن، الحزب مديون لأكثر من جهة، أبرزها مديونية جريدتي النور والفتح، التابعتين للحزب، لمؤسسة الأهرام، فضلا عن مديونيته لبعض المشايخ. نستطيع بالفعل أن نحصل على تمويلات كبيرة من الداخل والخارج، مثلما يفعل الكثيرون، فالتمويل مُتاح بالفعل، وعرض علينا الأمر، لكننا نرفضه كلية لدرء الشبهات. وما طبيعة العلاقة بين الحزب ورجال الأعمال بالداخل والخارج؟ تلقينا أكثر من خطاب من مجموعة من رجال الإقتصاد، أبرزه من الولاياتالمتحدةالأمريكية وماليزيا، يريدون المشاركة معنا في التأسيس لإقتصاد قوي، ووضع أفكارهم على مائدة الحزب لمناقشتها، والاستفادة من خبراتهم الطويلة في هذا الشأن، فعلى سبيل المثال تلقينا خطاب من محمودعاصم، ويعمل بوال ستريت بأمريكا يعرض رؤيته الاقتصادية، كما تلقينا خطاب من أحد الذين ساعدوا مهاتير محمد في وضع برنامجه الاقتصادي، للاستفادة منهم.. كما أن المستثمرين بالداخل والخارج يؤكدون أنهم سوف يدخلون السوق المصرية بغزارة لكن في إنتظار استقرار الأمور بشكل عام.. وبشكل عام، فإن أحباب الدعوة السلفية في مصر وخارجها كثر، والجميع يريد أن يعرض وجهة نظرهم وإسمهاماته في تطوير الاقتصاد المصري. إذا فتحنا باب التبرعات والتمويل سوف ياتي إلينا أموال من الخليج ومن كل دول العالم، لكننا نرفض بشدة ذلك الأمر.. ومن المضحك أننا أثناء الانتخابات البرلمانية أشيع عنا أننا نطلب من المرشح على قوائمنا 300 ألف جنيه للمقعد الاول، و200 ألف من الثاني، و100 ألف من الثالث. أشرت أن هناك قوى أخرى تحصل على تمويل خارجي.. من تقصد تحديدًا؟ التمويل الخارجي متاح بالفعل لقوى أخرى، فعلى سبيل المثال حركة شباب 6 إبريل، التي كانت تعمل قبل الثورة على مرأى ومسمع من أمن الدولة، وكانت تعرف كل خطواتها، وتلقت تدريبات في صربيا، لإحداث حالة من الفوضى في مصر، لخدمة مصالح وأجندات معينة. كيف ذلك وأنها أسهمت في إحداث ثوة تصحيحية وليست تخريبية للأوضاع في مصر؟ حركة شباب 6 إبريل هي أكثر الفصائل التي قفزت على الثورة، والأكثر استفادة منها على الإطلاق، خاصة أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة "عمل ليهم ألف حساب"، فضلا عن كافة القوى السياسية الأخرى، لو كانوا يريدون مصلحة مصر بالفعل لجلسوا معنا على دائرة مفاوضات واحدة، وتناقشنا بما يأتي في صالح الوطن بشكل عام، لكنهم يعملون على إثارة الغبار على باقي الفصائل الأخرى علّه يظهرها ويقوي من وضعها في الشارع. عندما تواجه الحركة مثل هذه الاتهامات تقول "أين كان السلفيون أثناء الثورة".. ما ردك؟ كان السلفيون يتعرضون لحملات قوية ضدهم كما أشرت مسبقًا، فعلى سبيل المثال، قبيل الثورة بأسابيع قليلة وفي 31 ديسمبر وقع حاد كنيسة القديسين بالاسكندرية، وكان المقصود منه القضاء على السلفيين جميعهم، وحدث ما حدث لسيد بلال، فضلا عن موجة الاعتقالات في صفوف السلفيين. كان لدينا أيدلوجية خاصة بشأن الثورة، فهي مرتبطة في الأساس بالمصلحة والمفسدة، ولم نكن نقوم بالثورة لأنها آنذاك كانت مفسدة، خاصة أنها لم تقم بشئ، لأن الأعداد كانت قليلة وليست ثورة وطنية يشارك فيها جموع الشعب المصري بصفة عامة. ألا ترى أن وقوف التيار الإسلامي في زاوية وكافة القوى السياسية والشارع في زاوية أخرى يهدد مكتسبات الثورة؟ هذه من المغالطات الكبيرة التي تثار داخل التيارات السياسية المختلفة، فالشارع ليس في زاوية والقوى الإسلامية جميعها في زاوية، لكن غالبية الشارع المصري مع التيار الإسلامي، والدليل على ذلك حصولنا على أغلبية بالانتخابات البرلمانية، فضلا عن نجاحنا في التصويت ب "نعم" على الاعلان الدستوري. لكنكم أدرتم العملية الانتخابية واستفتاء مارس بخطاب ديني وليس سياسي.. ما تعليقك؟ ولماذا لم تدرها باقي التيارات السياسية الاخرى بأي خطاب آخر؟ أو لماذا لم تستخدم نفس الخطاب وتقنع الناس بان التصويت ب "لا" على الاستفتاء مرضاة لله؟.. الناس في مصر لديها ثقة كبيرة في التيار الإسلامي بشكل عام.