ولماذا لا يكون الشاطر هو المرشح التوافقى بين الإخوان والعسكرى فى الداخل، والصيغة المرضية للدوائر الخارجية فى الوقت ذاته؟ ثمة أشياء تستدعى التوقف والتفكير جرت خلال الفترة الماضية نبهتنى لها سطور من الصديق العزيز الدكتور يحيى القزاز عضو حركة 9 مارس وواحد من «أصحاب الهم والدم» أولها أن الشاطر لم يكن يوما بعيدا عن التفاهمات مع أعضاء المجلس العسكرى، وفى الأذهان قرار العفو المباغت من المشير فى ذروة ما بدا أنه تصعيد مخيف فى علاقات الطرفين. وهذه مسألة جديرة بالتوقف إذ إن قرار العفو صدر بليل قبل أسبوعين، بالطريقة ذاتها التى أبدى فيه البرلمان عدم ممانعة حقيقية لقانون العفو عن رموز نظام مبارك المعروف رسميا بالتصالح مقابل رد أموال، وبعدها جاء قرار العفو عن أيمن نور والسماح له بالترشح، بحيث لا يكون هناك حديث عن محاباة أو تفاهمات أو صفقات فى الخفاء. إن المجلس العسكرى وعلى عكس ما يظهر يعتبر جماعة الإخوان طرفا مباشرا فى العملية السياسية، ويعتد بها ربما قبل حزب الحرية والعدالة جناحها السياسى المعلن بدليل أن الشاطر نائب المرشد كان حاضرا فى لقاءات جمعته وبعض أعضاء المجلس العسكرى مع الإدارة الأمريكية قبل شهرين، فضلا عن مباحثات الشاطر وهو نائب مرشد جماعة مفترض أنه ليس مخولا لها الانخراط فى السياسة مع دبلوماسيين غربيين، كان آخرها مع وفد الكونجرس الأمريكى فى زيارته الأخيرة للقاهرة على خلفية أزمة التمويل المفبركة. ولعل مقال الشاطر فى «الجارديان» البريطانية قبل أسابيع تحت عنوان «لا تقلقوا منا» كان بمثابة تقديم أوراق اعتماده لدوائر القلق والريب فى الغرب. ومن الواضح أن الإعلان عن ترشح الشاطر بهذا الإخراج الدرامى المثير يراد منه أن تصل رسالة غير صادقة للأسف بأن الطرفين على حافة الصدام، وأنهما على طرفى نقيض، أو متصارعان، بل إن هناك من يرى فى هذا القرار خطوة انتحارية من الجماعة التى أقسمت غير مرة وعلى لسان الشاطر شخصيا بأنها لن ترشح أحدا منها للانتخابات الرئاسية، لكن التفكير فى الموقف الراهن بهدوء يقول إنه من السذاجة أن يتصور أحد أن يعفى العسكرى الشاطر من الأحكام الصادرة ضده لكى يترشح للرئاسة ضد إرادته ورغبته بعدها. إن هناك نتيجتين محتملتين لترشح الشاطر: إما أنه سيكون المرشح التوافقى بين المجلس والجماعة، فى ظل تطمينات مشتركة للغرب، وبالتالى سيأخذ طريقه إلى مقعد الرئاسة.. أو أن دخوله المعادلة سيسهم فى تفتيت المفتت أصلا بين المتصارعين الإسلاميين على المنصب، ما يفتح الطريق واسعا أمام مرشح يريده المجلس العسكرى، سواء من الذين ظهروا على خشبة المسرح أو لم يظهروا بعد. ويجب ألا نغفل أبدا أن السفيرة الأمريكية فى القاهرة آن باترسون ليست بعيدة عن ترتيبات المشهد، وهى القادمة رأسا من باكستان صاحبة النموذج الأبرز فى أنظمة الحكم التوافقية بين العسكر والإسلاميين. المصدر الشروق