اكد د.عبدالمنعم المشاط، استاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، إن أهداف السياسة الخارجية المصرية لم تتغير كثيرًا عما سبق، وإن كانت لغة الخطاب الجماهيري تعدلت قليلاً، بما يوحي باهتمام الوزارة بالمواطنين المصريين في الخارج، وهي لا تعدو أن تكون وظيفة خدمية. وتابع قائلا : ما زال الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط يحتل أولوية في صنع السياسة الخارجية؛ فهي سياسة رتيبة في صنعها وتنفيذها، واستمرار العلاقات الوثيقة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا على الرغم مما شابها أخيرًا من توتر شبه مصطنع، والحديث المتكرر عن أهمية التحول شرقًا إلى الصين وروسيا واليابان، والذي لم يتحول إلى أفعال سياسية أو اقتصادية. وأشار المشاط في الورقة البحثية التي قدمها على هامش مؤتمر "مستقبل مصر"، الذي تنظمه كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، خلال الفترة من 31 مارس حتى 1 إبريل، إلى أن عملية صنع السياسة الخارجية لا تزال محصورة في المجلس الأعلى للقوات المسلحة، كما كانت محصورة من قبل في يد الرئيس السابق، وهو مجلس بطبيعة مهنته الرئيسية محافظ ويستهدف استمرار الاستقرار الإقليمي كهدف أقصى للدولة المصرية، ومن ثم؛ لم يتم اتخاذ أية قرارات قد تشير إلى تغير كيفي في صنع قرارات السياسة الخارجية، هذا فضلاً عن العزوف الواضح عن التقدم بأية مبادرات إقليمية أو دولية تعكس المكانة الجديدة للدولة المصرية. قضية المنظمات الأمريكية وأوضح أن تحليل السياسة الخارجية المصرية حاليًا يشير إلى عدم القدرة على إدارة التوتر أو الأزمة حتى مع الدول الصديقة؛ فقد أثبتت أزمة التمويل الأجنبي ومنظمات المجتمع المدني الأجنبية التي تعمل في مصر (الأمريكية والأوروبية)، عدم فهم بإدارة الصراعات أو حلها؛ فاعتراض مصر على اقتطاع 150 مليون دولار من المعونة الأمريكية لتمويل منظمات أمريكية ومصرية دون تشاور مع الحكومة المصرية أو موافقتها دفع الحكومة المصرية إلى اتخاذ إجراءات عقابية صراعية ضد منظمات غير حكومية أمريكية وضد مواطنين أمريكيين (بالإضافة إلى مواطنين ألمان)، انتهت إلى رضوخ الدولة المصرية للضغوط الأمريكية بتغيير توصيف المخالفات وسفر المتهمين على طائرة حكومية رسمية دون محاكمة، وعلى الرغم من أن وزارة الخارجية لم تكن طرفًا مباشرًا في إثارة الأزمة إلا أنها لم تلعب أي دور في محاولة حلها. ويبدو أن غياب التغير الكيفي في توجهات وإدارة السياسة الخارجية المصرية حتى الآن تعود إلى الفكرة الأولية في علم السياسة، والتي تفرق بين النظام من ناحية وطريقة الحكم من ناحية أخرى؛ ففي الوقت الذي تغير فيه رأس النظام السابق وبعض رموزه إلا أن التغيير لم يلحق بعملية صنع القرار وبنمط إدارة الدولة، من ثم؛ لا تزال السياسة الخارجية المصرية في صنعها وتنفيذها حبيسة الصندوق الأسود الذي وضعها فيه النظام السابق. السياسة الخارجية بعد الثورة وحول الانعكاس الحقيقي للسياسة الخارجية المصرية لروح الثورة المصرية عليها بعد اكتمال بناء المؤسسات بانتخاب رئيس جديد للبلاد والتحول إلى الحكم المدني؟"، نوه المشاط أن عملية صنع وإدارة السياسة الخارجية المصرية سوف تخضع لتغيير جذري يستهدف الإعلاء من المكانة الدولية والإقليمية لمصر من ناحية، وتفعيل دورها في توفير سبل حماية الأمن القومي والارتقاء بجودة حياة المصريين من ناحية أخرى، بيد أن ذلك مشروط بعدة عوامل، أبرزها حتمية إنشاء مجلس الأمن القومي يضم فى عضويته وزير الخارجية لتقديم النصح فيما يتصل بالعلاقات الخارجية خصوصًا فى مرحلة الأزمات، فضلا عن التحول فى عملية صنع السياسة الخارجية من رئيس الدولة منفردًا إلى المؤسسات ذات الصلة وعل رأسها وزارة الخارجية، ويرتبط بذلك تمكين إدارة التخطيط وإدارة الأزمات بالوزارة من القيام بدور أكثر إيجابية، و إعادة هيكلة التمثيل الدبلوماسي الخارجي فى مصر لكي يعكس مصر الجديدة بما يعنيه ذلك من إعادة توزيع الاختصاصات ودمج المكاتب الفنية وإزالة النافق منها كالمكاتب الزراعية والصحية والإعلامية ومثيلاتها، بالإضافة لإعادة فتح قنوات الاتصال بين المراكز البحثية ومراكز الدراسات من ناحية ووزارة الخارجية من ناحية أخرى، مع تنشيط الدبلوماسية الشعبية ودبلوماسية الأبواب الخلفية .