رصدنا خلال الثلاث تقارير الأولى من هذا الملف، اللطمات القوية التي تعرض لها القضاء المصري عقب الثورة، والتي بدأت بتهديدات أهالي شهداء ومصابي الثورة باللجوء للمحكمة الجنائية الدولية، ثم القضية التي لم يسدل ستار المناقشات فيها بعد، والخاصة بقضية تمويل منظمات المجتمع المدني، وأخيرًا اشتراطات الجانب الأسباني لتسليم رجل الأعمال حسين سالم. وعقب تلك الضربات القوية، والتي زعزعت ثقة الشارع في القضاء المصري، تأججت المطالب "القديمة" بشأن ضرورة إجراء تعديلات على الإعلان الدستوري، الذي تم إقراراه مارس الماضي بعد استفتاء شعبي عليه، تتعلق بالمادة (28) التي تعطي للجنة العليا للإنتخابات الرئاسية الحصانة الكاملة. أكد شباب الثورة أن ما ظهر خلال الفترة الأخيرة من عدم استقلالية القضاء المصري، وتدخل الحكومة فيه، يعطي دلالة واضحة على أهمية تعديل المادة الخاصة بحصانة اللجنة العليا للإنتخابات، المكونة من قضاة في الأساس، متسائيلن : كيف نثق في قضاء بلا استقلالية وكيف نأمن على الانتخابات الرئاسية في ظل وجود تدخلات من الحكومة والمجلس العسكري في عمل القضاء؟. ثار الجدل مجددًا بمصر حول المادة (28) من الإعلان الدستوري، خاصة أنها تعطي صلاحيات للجنة العليا للإنتخابات الرئاسية (المكونة من قضاة)، وتجعل من قرارات تلك اللجنة نافذة لا رقيب عليها ولا محاسب، بما جعل القوى السياسية –تزامنًا مع اقتراب فتح باب الترشح للانتخابات في 10 مارس المقبل وتزعزع ثقة القضاء- تبدي تخوفها من هذه المادة، التي تنذر بإمكانية عدم شرعية تلك الانتخابات. تنص المادة على أنه " تتولى لجنة قضائية عليا تسمى (لجنة الانتخابات الرئاسية) الإشراف على إنتخابات رئيس الجمهورية بدءاً من الإعلان عن فتح باب الترشيح وحتى إعلان نتيجة الانتخاب.. وتُشكل اللجنة من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً ، وعضوية كل من رئيس محكمة إستئناف القاهرة ، وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا ، وأقدم نواب رئيس محكمة النقض ، وأقدم نواب رئيس مجلس الدولة.. وتكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها ، غير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء ، كما تفصل اللجنة فى اختصاصها ، و يحدد القانون الاختصاصات الأخرى للجنة.. وتُشكل لجنة الانتخابات الرئاسية اللجان التى تتولى الإشراف على الاقتراع والفرز على النحو المبين فى المادة 39 .. ويُعرض مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستور.. وتُصدر المحكمة الدستورية العليا قرارها فى هذا الشأن خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ عرض الأمر عليها، فإذا قررت المحكمة عدم دستورية نص أو أكثر وجب إعمال مقتضى قرارها عند إصدار القانون، وفى جميع الأحوال يكون قرار المحكمة ملزماً للكافة ولجميع سلطات الدولة، ويُنشر فى الجريدة الرسمية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره". تطالب القوى السياسية بمصر بضرورة السماح بالطعن على قرارات تلك اللجنة، وألا تكون قراراتها نافذة بهذه الصورة، خاصة أن حصانة اللجنة أمر غير متبع سوى بالدول الديكتاتورية غير الديمقراطية، بما يتنافى مع مبادئ ثورة 25 يناير التي قامت في المقام الأول بهدف بث الديمقراطية في مصر.. كما أن حالة عدم الثقة الحالية في القضاء المصري تزامن معها أيضًا عدم ثقة في تلك اللجنة المكونة من قضاة. قال شادي الغزالي حرب، نائب رئيس حزب الوعي، إن المادة 28 من الإعلان الدستوري قد تهدد إجراء تلك الانتخابات، مادامت على شكلها الحالي، خاصة أن تلك المادة تعطي الحصانة المطلقة للجنة العليا للإنتخابات، وهو الأمر الذي من شانه إثارة نوع من البلبلة حول أداء تلك اللجنة، ونتائج الانتخابات نفسها، بما يجعلها انتخابات غير نزيهة أو مشكوك فيها. وكانت اللجنة التشريعية بمجلس الشعب قد رفضت مناقشة تلك المادة، خاصة أن تعديلها يحتاج أن يقدم المجلس العسكري بإجراء إعلان دستوري جديد.. الامر الذي دفع بعض أعضاء اللجنة ومنعم ممدوح إسماعيل، باتهام الأغلبية البرلمانية بالتواطئ مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وعدم العمل لخدمة الشارع المصري، وهو الامر الذي احدث نوع من "البلبلة" داخل اللجنة. اقرأ أيضًا.. القضاء المصري يتعرض لعدة ضربات موجعة عقب الثورة (1 من 4) القضاء المصري يتعرض لعدة ضربات موجعة عقب الثورة (2 من 4) القضاء المصري يتعرض لعدة ضربات موجعة عقب الثورة (3 من 4)