بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة بدأت دارة الدكتور سلطان القاسمي للدراسات الخليجية باستخراج الكتب والخرائط التي أمر سموه بإرسالها إلى جمهورية مصر العربية وهي الكتب والمخطوطات الأصلية التي طالها الحريق في تلك الأحداث المؤسفة ومنها كتاب (وصف مصر) والمجلة الدورية التي ظهرت عام 1860 والطبعات الفرنسية لبعض الكتب وخرائط الأمير يوسف كمال النادرة. هذا وكان صاحب السمو حاكم الشارقة قد أبدى أسفه الشديد على حريق المجمع العلمي بجمهورية مصر العربية أحد الثروات العالمية التراثية الهامة، ليس فقط لمصر وإنما للأمة العربية، متعهداً سموه بترميم المجمع العلمي على نفقته الخاصة حباً وعرفاناً لهذا البلد الشقيق الذي طالما قام بدور حيوي في التعليم والتنوير لأشقائه العرب ولم يبخل بما لديه من إمكانيات تعليمية حتى في الفترات الصعبة. وكما تكفل سموه بإعادة ترميم وبناء المجمع العلمي المصري كاملاً، أعلن سموه عن تبرعه بنسخ نادرة من المخطوطات لدار الوثائق المصرية، مؤكداً سموه على "أن هذا المبنى وغيره من مباني المصريين ذات التراث وذات القيمة العلمية لابد من المحافظة عليها". هذا ويعد المجمع العلمي في مصر واحداً من أهم الصروح العلمية والثقافية على مستوى العالم حيث يضم العديد من المخطوطات والكتب والخرائط النادرة التي تعد خرائط الأمير يوسف كمال الذي ولد عام 1882 ميلادية واحدة من أهمها، حيث كان الأمير يوسف كمال حفيد محمد على وهو أمير من الأسرة العلوية، رحالة جغرافي مصري وكان مغرماً بأحداث التاريخ وجغرافية البلاد فقدم الكثير من أجل الثقافة خاصةً مجموعة المقتنيات التي ساهم بها للمتحف الإسلامي وهى عبارة عن آثار وقفية من الثريات ومنابر المساجد والسيوف والمشغولات الذهبية والمصاحف والدروع التي قدمها تباعاً من أوائل القرن الماضي وحتى عام 1927م . وقد حرص الأمير يوسف كمال على تسجيل كل قطعة مع وصف تفصيلي لكل منها وذكر منشأها وتاريخ صنعها حيث تم الاحتفاظ بتلك المخطوطات في المجمع العلمي بمصر وأهمها الأطلس الذي دونه بذاته ويضم خرائط قديمة نادرة لقارة إفريقيا عامة ومصر خاصة، وغيرها من بلاد العالم مع التعليق عليها. هذا وكان صاحب السمو حاكم الشارقة قد أكد على أن هذه الوثائق والكتب الموجودة في مكتبته الخاصة هي هدية للمجمع حيث قال" الدوريات موجودة ولله الحمد، والنسخ التي احترقت من الطبعات الفرنسية معظمها موجودة لدي ويمكن إكمالها ومن أهمها كتاب وصف مصر"، ويعد هذا الكتاب من النسخ الأصلية القليلة والنادرة وأحد المعالم العظيمة القابعة في مخازن المجمع العلمي بالقاهرة ربما لأكثر من مائتي عام وقد تم تأليفه حين أمر نابليون بونابرت علماء حملته بالتجول في مصر من أقصاها إلى أقصاها وتدوين كل ما يرونه في مؤلف كبير هو "وصف مصر". وكان نابليون قد أطلق العنان لعلمائه كي يكتبوا عن مصر، وكان منهم علماء الطب والهندسة والبناء والآثار والجغرافيا والاجتماع واللغة والتاريخ والتصوير وحتى الشعر والموسيقى واللغات، وساعدهم ما عثروا عليه في دور القاهرة وغيرها من المدن المصرية من وثائق وبرديات نجحوا في فك طلاسمها، ففتحت أمامهم مزيدا من الأسرار عن تاريخ هذا البلد العربي الكبير، ولم يكن ثمة عنوان لما كتبوه أدق من العنوان البسيط "وصف مصر"، وحتى عندما هزم نابليون في أبي قير كان حريصا على أن يحمل معه إلى فرنسا "مسودات" الكتاب الكبير، وفي باريس جمع وزير الداخلية الفرنسي آنذاك، جان انطوان شبتال علماء الحملة لنشر كافة المواد العلمية والأدبية التي كتبوها ورسوها أثناء تواجدهم بمصر، وشكلت لجنة من ثمانية أعضاء تولت جمع ونشر مواد الكتاب، وكانت عبارة عن 10 مجلدات للوحات، منها 74 لوحة بالألوان، وأطلس خرائط، و 9 مجلدات للدراسات المكتوبة، وجمعت تلك المجلدات في كتاب واحد يحمل اسم "وصف مصر". وسرعان ما أصبح الكتاب في نسخته الفرنسية واحداً من عيون الثقافة العالمية في وقته، وزاد من قيمته أن النسخ التي طبعت منه ظلت قليلة خاصة نسخ الطبعة الأولى التي ظهرت في باريس عام 1809، وكانت في عشرين جزءاً، ثم ظهرت طبعة ثانية عرفت باسم الطبعة الملكية وكانت في عام 1821، واضطلع كل من زهير الشايب وابنته مني زهير الشايب بترجمة الكتاب إلى العربية، وهي نفس الترجمة التي لا تزال معتمدة لجميع الطبعات العربية لكتاب وصف مصر. هذا و قد عكست مكرمة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة أثراً نادراً وكبيراً بين مختلف شرائح المجتمع المصري والعربي المؤمن بأهمية الثروة الثقافية المصرية التي كان يحتويها المجمع العلمي بمصر قبل وقوع كارثة الحريق التي تعرض لها مؤخراً. الكتب والخرائط التي أمر سموه بإرسالها إلى جمهورية مصر العربية