قبيل ساعات من القمة التي ستنعقد في القاهرة بين الرئيس السيسي ونظيره السوداني عمر البشير، والتي وصفها الخبراء بلقاء "كسر الثلج"، توجهت الأنظار إلى اجتماعات اللجنة الوطنية لسد النهضة والتي تجرى حاليا في القاهرة بين وزراء مياه مصر وإثيوبيا والسودان. وتدهورت العلاقات بين القاهرةوالخرطوم، عقب سقوط حكم الإخوان في يوليو 2013، والذي وصفه المراقبون بأنه "ضربة" لنظام البشير في السودان. ومن المقرر أن تشمل المباحثات التي ستتم خلال اللقاء الذي سيجمع بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي، وعمر البشير بالقاهرة، ملف سد النهضة الإثيوبي، وما توصلت إلي اجتماعات اللجنة الوطنية المشكلة من 12 خبيرا من الدول الثلاث "مصر إثيوبيا السودان". ويرى مراقبون أن السودان أعلن تأييده للسد بشكل مطلق ويطلب من مصر أن توافق أيضا، على الرغم من أن الجانب الإثيوبي يفاوض السودانيين بالآثار الجانبية للسد وليس بالسد نفسه، لأن إثيوبيا لم تبن سدها من أجل أن تفيد مصر والسودان ولكنها تبنيه لصالحها الوطني فقط، وأن كل السدود تمنع الفيضانات وتمنع الإطماء ولكنها لم تسع إليه لكي تفيد السودان. يقول الدكتور نادر نور الدين، خبير المياه وأستاذ التربة بزراعة القاهرة، إنه لم يكن للسودان أن يعلن عن توقيع اتفاقية دفاع مشترك مع إثيوبيا للدفاع عن حدود البلدين ولا أن يعلن أيضا عن تكوين قوة عسكرية مشتركة بقيادة موحدة بين السودان وإثيوبيا للدفاع عن سد النهضة، متسائلا "دفاع ضد من؟؟!!". ويشير نور الدين إلى أن السودان يعلن بذلك "أنه حان الوقت للرجوع إلى الأصول الإفريقية وليس العربية!!"، وهو ما لم يكن متوقعا من دولة عربية إسلامية أن تتخلي عن شريكة نضالها عبر التاريخ، متناسية ما قدمه مهدنسو الري المصريين وخبراء الزراعة في إدخال القطن والتبع وإقامة مشروع الجزيرة وتوكر وغيرها من المشروعات السودانية ولا إقامة خزان الروصيرس. ويشدد أستاذ التربة، أنه على الجانب السوداني أن يتفهم أن إثيوبيا بنت استراتجيتها على حدوث انشقاق بين مصر والسودان، وأنها نجحت في ذلك؛ لأن السودان كان لديه استعداد لذلك، وعلى السودان أن يعي أن المصالح فقط لا تتحكم في العلاقات بين مصر والسودان وإثيوبيا، ولكن التاريخ والأصول العربية والإسلامية والمسيحية والنضال المشترك وأن من يتخلى عن مصر حاليا سيطلب دعمها مستقبلا ولن يجدها. ويرى مراقبون أن الأسباب التي دعت السودان للترحيب بمشروع سد النهضة الإثيوبي، أنها من وجهة نظرها ستجني مكاسب كبيرة من قيام السد على رأسها الاستفادة من الطاقة الكهربائية المولدة وانسياب مياه النيل بطريقة منتظمة دون حدوث فيضانات مؤثرة، فضلاً عن التمتع بنصيبها كاملاً في اتفاقية 1959م، الأمر الذي يتيح زراعة أكبر قدر من المساحات غير المستغلة والبالغة مائتي مليون فدان. وأكد الدكتور محمد نصر علام وزير الري الأسبق، أن هناك دلائل واضحة في تغير موقف السودان إلى تأييد الموقف الإثيوبي ودعمه في التفاوض الثلاثي، مما يزيد الأمر صعوبة، ولذلك يجب تحقيق توافق مصري سوداني حول بديل هندسي آخر للسد وتحقيق الأهداف والمكاسب السودانية. وكان الرئيس عمر البشير قد صرح في أوقات سابقة أن "في سد النهضة الخير كل الخير لكل من أثيوبيا والسودان ومصر". ويرى مراقبون أن على السودان، أن يعي بالمخاوف المصرية من بناء سد النهضة بهذه المواصفات، فضلا عن نية إثيوبيا بناء سدود أخرى من بينها كارادوبي وماندايا وبيكوأبو، والذي سيؤثر على حصة مصر من مياه النيل. وقد انتهت أمس الجمعة، فعاليات الجلسة الثانية لاجتماعات اللجنة الوطنية المعنية بملف سد النهضة الإثيوبي، والتي بدأت اللجنة في مخاطبة المكاتب الاستشارية السبعة التي وافقت على تلقي عروض منها، للقيام بإعداد الدراستين التكميليتين التي أوصت بهما لجنة الخبراء الدولية. كما وافقت اللجنة الوطنية الثلاثية، على اختيار مكتب محاماة بريطاني دولي يقوم نيابة عن الدول الثلاثة التعاقد مع المكتب الاستشاري الدولي، والقيام بالإجراءات المالية والإدارية. واتفق الوزراء على عقد الجولة الثالثة للجنة الوطنية في الخرطوم نهاية نوفمبر، لمتابعة اختيار المكتب الاستشاري.