في الوقت الذي امتنعت فيه الأوساط والشخصيات الرسمية في إسرائيل عن التعليق وتوجيه الانتقادات لزيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى لبنان، وفضلت التزام الصمت، لم تستطع الصحف العبرية التزام النهج ذاته، وراحت تعبر عن مدى القلق الذي قد تخلفه زيارة نجاد في الشارع الإسرائيلي وتداعياتها على المستويين الرسمي والشعبي، فتحت عناوين: "أحمدي نجاد على بعد كيلومتر واحد".. "أحمدي نجاد قريب كما لم يكن يوما من قبل".. "أحمدي نجاد احتل بيروت".. "نجاد.. ملك بيروت".. "لبنان يستقبل رئيس إيران بالأرز والورود"، هذه بعض عناوين الصحف العبرية عبرت من خلالها عن مدى حالة التوتر في الشارع الإسرائيلي، إلى الحد الذي دفع جيش الاحتلال إلى رفع حالة الاستعداد للدرجة القصوى في صفوفه، تحسبا لأية توترات قد تسفر عنها زيارة نجاد، خاصة خطابه في بلدة بيت جبيل التي تقع على بعد أربعة كيلومترات فقط من حدود الدولة العبرية الشمالية. نجاد.. رئيس بيروت صحيفة "إسرائيل اليوم"، المحسوبة على التيار الديني المتطرف في إسرائيل، تنقل عن مصادر في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قولها إن "نجاد يتصرف في لبنان كمن يتصرف في دولته"، وأن رسالته إلى اللبنانيين مفادها أنَّ "طهران على بعد فرسخ من تل أبيب وتهدِّدها، وكل ذلك بفضل لبنان، إلا أنَّ الجميع يدرك أن إيران نبتة غريبة ومثيرة للمشاكل في المنطقة"، وأضافت أن الزيارة "تجسِّد اكتمال عملية تحوُّل لبنان دولة محمية لإيران". الإسرائيليون سبقوا نجاد إلى لبنان وكان وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قد قال عشية زيارة نجاد إلى لبنان إن "زيارة نجاد تعكس الاعتماد المتزايد لحزب الله على إيران"، وأن لبنان يتحول الآن إلى أداة بيد آخرين"، في إشارة منه إلى الجمهورية الإسلامية. العدو اللدود قريب جدا الخبير الإسرائيلي في الشؤون الإيرانية في الجامعة العبرية "دافيد سيان" رأى من ناحيته، في مقال مطوَّل نشرته صحيفة "ها آرتس" الإسرائيلية، أنه لا ينبغي على إسرائيل أن تخشى الزيارة، إنما عليها أن تنبّه الرأي العام الدولي إلى انعكاساتها الخطيرة على لبنان، وأن تتوجَّه إلى اللبنانيين لتحذيرهم من أن تعزيز العلاقة بين إيران وحزب الله ليس في مصلحتهم، خصوصًا بعد أن قرَّرت دمشق نقل تاج حماية لبنان من يديها إلى إيران ومنحتها حصرية السيطرة على هذا البلد". وتابع الخبير الإسرائيلي قائلاً: إنه بات من السهل على الإسرائيليين رؤية "العدو اللدود" للدولة العبرية عن كثب، فقد أصبحت المنطقة الحدودية، التي تشكل معقلاً رئيسًا لحزب الله، خط جبهة في حرب "تجري بالواسطة بين إسرائيل وإيران". اغتيال نجاد.. "يجب ألا يعود نجاد إلى طهران حيا".. بهذا العنوان المثير نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أوسع الصحف العبرية انتشارًا في تل أبيب، عن عضو الكنيسيت المتطرف "آريه اللداد" النائب عن كتلة "الاتحاد الوطني المتشدد" دعوته إلى "ضرورة استغلال إسرائيل الفرصة السانحة بالقيام باغتيال الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، وعدم إعادته حيًّا إلى إيران". وأضاف "اللداد" وفقًا لصحيفة "يديعوت أحرونوت" "أنه يجب ألا يعود نجاد حيًّا إلى بلاده، ويجب أن يكون هدفًا للجيش الإسرائيلي"، وأن زيارة نجاد "تشكِّل فرصة لقتله لأنه يواصل هجومه على إسرائيل من على المنابر الدولية". وكشفت الصحيفة ذاتها عن مصادر عسكرية واستخباراتية تأكيدها أنَّ هناك حالةً من الاستنفار في صفوف الجيش، وأن طائرة دون طيار تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي تحلِّق فوق الأراضي اللبنانية منذ بدء زيارة الرئيس الإيراني إلى لبنان، لأهداف استخباراتية بحتة، مؤكدةً أنَّ الجيش الإسرائيلي على أتم الجاهزية لكل التطوُّرات والمستجدَّات، وهو مُستعد للتعامل مع كل ما قد تسفر عنه الزيارة من توتُّرات. إسرائيل حاولت التشويش على زيارة نجاد دون جدوى وشدَّدت الصحيفة على أنَّ زيارة الرئيس الإيراني قد أسفرت عن حالة من عدم الاستقرار والتوتر خاصة بين السكان الإسرائيليين على الحدود الشمالية. ونقلت الصحيفة عن السكان قولهم على الرغم من الهدوء الذي يسود المنطقة، إلا أنَّ تلك الحدود تشكِّل الخط الأمامي لعناصر حزب الله بمساعدة إيران وما تقدِّمه من وسائل قتالية وأسلحة متطوِّرة، لتدمير إسرائيل وشعبها. ترسانة حزب الله العسكرية ومن جانبها نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي "جالتس" عن نائب وزير الدفاع الإسرائيلي "متان فلنائي" قوله إن زيارة أحمدي نجاد إلى لبنان تهدف بالأساس إلى تفقُّد ترسانة السلاح التي موَّلها لدى حزب الله, مؤكدًا أن نجَّاد نجح في بناء منظومة صاروخية من أكبر المنظومات في العالم داخل لبنان، معتبرًا أن الزيارة بمثابة "الاستعدادات للمواجهة المقبلة مع الدولة العبرية". وقائع زيارة نجاد لبنت جبيل وأضاف نائب وزير الدفاع، خلال تصريحات صحفية لإذاعة الجيش أن نجاد "أتى لتفقُّد الأموال التي استثمرها في لبنان، إذ أنفقت إيران مليارات الدولارات لإعمار لبنان في أعقاب حرب صيف 2006"، مشددًا على أنَّ "زيارة نجاد رسالة إلى الإسرائيليين مفادها أن إيران هنا على الحدود، وليست بعيدًا عنكم".