تواجه الحكومة الحالية برئاسة المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، ممثلة فى وزارة الاستثمار، التى تم ضمها إلى التجارة والصناعة، مأزقًا بسبب تعديلات قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، وذلك بعد انتقادات لاذعة من خبراء اقتصاديين، لعدم التعامل بشفافية مع التعديلات، وعدم الوصول إلى اتفاق مجتمعى بشأنها. وقد أثارت إحدى المواد المقترحة فى تعديلات القانون جدلاً واسعًا، والخاصة بتقييد حق الطعن على العقود المبرمة بين الجهات الحكومية والمستثمرين، وقصر الحق فى الطعن عليها على طرفى العقد فقط، دون الحق لأى طرف ثالث بالطعن عليها مهما كانت مبرراته، علمًا بأن أكثر من 75% من تلك القضايا رفعتها أطراف أخرى بعيدة عن طرفي العقود. وأعلن منير فخري عبدالنور، وزير التجارة والصناعة والاستثمار، أن قانون ضمانات وحوافز الاستثمار لم يُرسل بعد إلى مجلس الوزراء، مشيرًا إلى أنه مازال قيد المراجعة، وفقًا للأهرام. وقال مسئولون، إن تعديلات قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 والتى أجراها وزير الاستثمار السابق أسامة صالح، كان يجب أن تطرح على الحوار المجتمعى حتى لا يتم تمرير أية مواد تضر بالمال العام. وقال يحيى حسين، المدير السابق لمركز إعداد القادة، ومنسق حملة لا لبيع مصر، إن فلسفة تلك التعديلات تهدف لتشجيع الاستثمار، ولكنها تفترض أن الحكومات القادمة ملائكية، على حد وصفه، مشيرًا إلى وجود اعتراضات على بند الطعون على التعاقدات جملة وتفصيلاً، وتحتاج إلى المراجعة أو الإلغاء. وتنص المادة المشار إليها على أن يكون الطعن على العقود المبرمة بين المستثمرين الخاضعين لأحكام قانونى الاستثمار وسوق رأس المال، وأجهزة الدولة والجهات التابعة لها بما فيها شركات قطاع الأعمال العام القابضة والتابعة، وشركات القطاع العام، لأطراف هذه العقود دون غيرهم، وتقضى المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعوى المرفوعة بالمخالفة لذلك فى أية حالة. وأشار حسين إلى أن ذلك التعديل يغل يد القضاء عن قبول الطعون من المواطنين ضد أية دعاوى تتعلق بالفساد أو إهدار المال العام مع أنه الأصل فى تلك الدعاوى. وبتفعيل هذا النص، سيتم إغلاق الباب الذى كانت تنفذ منه دعاوى بطلان عمليات الخصخصة وبيع أراضى الدولة وشركات القطاع العام التى صدرت أحكام قضائية نهائية من محاكم مجلس الدولة ببطلان عقود تخصيص أراضى مدينتى وبالم هيلز وبيع مؤسسات عمر أفندى وطنطا للكتان والنيل لحليج الأقطان وشبين الكوم للغزل والنسيج والنصر للمراجل البخارية. وقال حمدى الفخرانى، عضو مجلس الشعب السابق، إن تمرير تعديلات قانون حوافز الاستثمار بهذا الشكل، يدل على أنه لم تحدث فى مصر ثورة، وأن الأمور تسير من سيئ لأسوأ، ولن يستطع المواطن أن يشارك فى محاسبة المسئول عن إهدار المال العام. ونوه إلى أن عددًا كبيرًا من العقود الذي صدرت أحكام بفسخها مثل الشركات التي تم بيعها إلى مستثمرين كانت بدعوات من أطراف ثالثة، وبالتالى فإنه مع إغلاق ذلك الباب فلا مجال لكشف قضايا إهدار المال فى بيع الشركات وتخصيص الأراضى. وكان القضاء الإداري في مصر قد أصدر أحكامًا منذ ثورة يناير، التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك في مطلع عام 2011 تلزم الحكومة بفسخ صفقات وقعتها حكومة مبارك، بزعم أنها بيعت بأثمان بخسة ضمن الممارسات الاقتصادية الفاسدة خلال حكم مبارك. وتساءل الفخرانى: "لما العجلة فى إقرار تلك التشريعات فى ظل عدم وجود برلمان؟ يجب التأنى وعدم التسرع فى إقرار قوانين تجعل من ممتلكات البلاد فريسة لرجال الأعمال والمستثمرين الأجانب تحت مسمى تشجيع الاستثمار، وكفانا ما حدث من برنامج الخصخصة". وبلغت حصيلة الحكومة من بيع شركات الخصخصة نحو 53 مليارًا و644 مليون جنيه، وذلك من بيعها ل282 مصنعًا وشركة، بدءًا من عام 1993 حتى نهاية يناير 2013 وعلى مدار 20 عامًا. وقال الدكتور حسن فهمى، رئيس الهيئة العامة للاستثمار، إن التعديلات على قانون حوافز الاستثمار لم تدخل حيز التنفيذ بعد، حيث إنها تنتظر قرارًا جمهوريًا، مشيرًا إلى أن مناخ الاستثمار يتطلب بيئة تشريعية تعمل على جذب المزيد من الاستثمارات وزيادة الثقة لدى المستثمرين. ووضعت الأحكام عددًا من الشركات الأجنبية العاملة في مصر في مأزق قانوني وعرضت الحكومة لمخاطر التحكيم الدولي المكلف، الأمر الذي قد يؤدي لعزوف المستثمرين الذين تحتاج إليهم البلاد بشدة ويزيد من تعقد مناخ الأعمال الصعب بالفعل. وأضاف أن التعديلات على القانون ضرورية، بهدف إيجاد آلية جديدة للحد من لجوء المستثمرين للتحكيم الدولي، حال وجود شبهة فساد بعقود الاستثمار. ونوه إلى أن تلك التعديلات قابلة للتعديل والمراجعة، لكنها ضرورية، وذلك دون الإخلال بنفاذ الأحكام القضائية وبما يحفظ المال العام للدولة واستقرار النشاط الاقتصادي.